القارئ لأعمال الشيخ أحمد شاكر –رحمه الله- كلها يلمس منه التساهل في التصحيح وتوثيق الرواة، فقد وثّق من الرواة في (جامع الترمذي) ما يزيد على ثلاثين راويًا الجمهورُ على تضعيفهم.
وناقش -رحمه الله- مسألة تصحيح الترمذي، وهل هو معتبر أو ليس بمعتبر؟ وقد نص جمع من الأئمة كالذهبي وغيره أن الترمذي متساهل في التصحيح. لكن الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- يرى أن تصحيح الترمذي معتبر، نعم، هو معتبر بالنسبة للشيخ أحمد شاكر؛ لأن الشيخ أحمد شاكر –رحمه الله- أكثر تساهلًا من الترمذي، فإذا قال الترمذي: (هذا حديث حسن صحيح)، يحتمل أن يكون المراد حسن صحيح بطريقه هذا، أو بمجموع طرقه ومتابعاته وشواهده، لكن الشيخ أحمد شاكر يذهب إلى أبعد من ذلك، فيرى أن تصحيح الترمذي معتبر ومعتمد، وأن تصحيحه توثيقٌ لرجاله. ومن الأمثلة في أحكام الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله تعالى- توثيقه لابن لهيعة في صفحة 16 و61 في تعليقه على (جامع الترمذي)، ووثّق أيضًا الإفريقي عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، ووثّق ابن إسحاق، ووثّق بقية بن الوليد بإطلاق، ووثّق الحجاج بن أرطأة، ووثّق علي بن جدعان، ووثّق عبد الله بن عمر العمري -المُكبَّر-، ووثّق أيضًا يزيد بن أبي زياد، وجوّاب التيمي، وإسماعيل بن عياش، وحماد بن الجعد، ورجّح رواية الحسن عن سمرة وغير ذلك، في كلامٍ يصعب حصره بالنسبة لتعليقات الشيخ على (جامع الترمذي)، وتوسعه –رحمه الله- في تعليقه على (المسند) قريبًا من هذا، فمثلًا الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- يقول: (عبد الله بن عمر -يعني العمري- ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه في الحديث) والمحقق الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- رجح أنه ثقة، ومعروف أن الجمهور على تضعيف المُكبَّر دون المُصغَّر وهو عبيد الله.
وكتاب الشيخ أحمد شاكر في تعليقاته على (جامع الترمذي) لو قُدر تمامه، وخرج كاملًا لكان من أنفع الكتب وأنفع الخدمات لـ(جامع سواء المطبوعة أو المخطوطة منذ زمن بعيد فيها تفاوت كبير، لا سيما في أحكام الترمذي على الأحاديث، والشيخ أحمد شاكر جمع نسخ جيدة للكتاب، وقارن بينها ووازن وذكر فروق النسخ، واعتنى بالكتاب عناية فائقة، وشرع في إتمامه محمد فؤاد عبد الباقي، فحقق الجزء الثالث، وإبراهيم عطوة عوض طبع الجزء الرابع والخامس لكن من غير كبير عناية أو خدمة للكتاب.