تعليق على تفسير سورة البقرة (46)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

"بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الإمام ابن كثير -رحمه الله تعالى-:

ثم قال البخاري: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا إبراهيم بن نافع عن كثير بن كثير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: لما كان بين إبراهيم وأهله ما كان خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعهم شنَّة فيها ماء، فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة فيدر لبنها على صبيها، حتى قدم مكة فوضعهما تحت دوحة، ثم رجع إبراهيم إلى أهله، فأتبعته أم إسماعيل.."

فاتبعته.

أحسن الله إليك.

"فاتبعته أم إسماعيل حتى لما بلغوا كَداء نادته من ورائه: يا إبراهيم إلى مَن تتركنا؟! قال: إلى الله -عز وجل-، قالت: رضيت بالله، قال: فرجعت فجعلت تشرب من الشنة ويدر لبنها على صبيها، حتى لما فني الماء قالت: لو ذهبت فنظرت، لعلي أحس أحدًا، قال: فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت هل تَحُس أحدًا؟ فلم تحس أحدًا، فلما.."

تُحِس تُحِس.

أحسن الله إليك.

"فلم تَحُس.."

تُحِس تُحِس..

أحسن الله إليك.

"فلم تُحِس أحدًا، فلما بلغت الوادي سعت حتى أتت المروة ففعلت ذلك أشواطًا حتى أتمت سبعًا ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل، تعني الصبي، فذهبت فنظرت فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت، فلم تقرها نفسها فقالت: لو ذهبت فنظرت، لعلي أحس أحدًا، قال: فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت فلم تحس أحدًا حتى.."

هل هل.. هل تُحِس فنظرت هل تُحِس أحدًا.. عندك؟

عندي فلم.

طالب: ..........

لعلي أحس أحدًا.. فذهبت فصعدت الصفا فنظرت ونظرت فلم.. فلم..

الصواب فلم يا شيخ؟ الصواب فلم؟

فلم نعم عندكم.

طالب: ..........

لا، ما جاءت بعد .. حتى أتمت سبعًا..

"حتى أتمت سبعًا ثم قالت: لو.."

المعلِّق عندنا يقول في الأزهرية: فلم تحس أحدًا، كما عندكم.

"حتى أتمت سبعًا ثم قالت: لو ذهبت فنظرت ما فعل، فإذا هي بصوت فقالت: أغث إن كان عندك خير، فإذا جبريل -عليه السلام- قال: فقال بعَقِبِه هكذا، فغمز عقبه على الأرض قال: فانبثق الماء، فدهشت أم إسماعيل فجعلت تحفر قال: فقال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: «لو تركته لكان الماء ظاهرًا» قال: فجعلت تشرب من الماء ويدر لبنها على صبيها، قال: فمر ناس من جرهم ببطن الوادي، فإذا هم بطير كأنهم أنكروا ذلك وقالوا: ما يكون الطير إلا على ماء، فبعثوا رسولهم، فنظر فإذا هو بالماء، فأتاهم فأخبرهم، فأتوا إليها فقالوا: يا أم إسماعيل، أتأذنين لنا أن نكون معكِ أو نسكن معكِ.."

أو..

أو نسكن معكِ..

ونسكن.. ونسكن معكِ..

"أتأذنين لنا أن نكون معكِ ونسكن معكِ؟ فبلغ ابنها ونكح منهم امرأة، قال: ثم إنه بدا لإبراهيم -صلى الله عليه وسلم- فقال لأهله: إني مطَّلِع تركتي، قال: فجاء فسلَّم فقال: أين إسماعيل؟ قالت امرأته: ذهب يصيد، قال: قولي له إذا جاء: غيِّر عتبة بابك، فلما أخبرته قال: أنتَ ذاك.."

أنتِ.

أحسن الله إليك.

"قال: أنتِ ذاك فاذهبي إلى أهلك، قال: ثم إنه بدا لإبراهيم فقال لأهله: إني مطَّلِع تركتي، قال: فجاء فقال: أين إسماعيل؟ فقالت امرأته: ذهب يصيد، فقالت: ألا تنزل فتطعم وتشرب؟ فقال: ما طعامكم؟ وما شرابكم؟ قالت: طعامنا اللحم، وشرابنا الماء، قال: اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم، قال: فقال أبو القاسم -صلى الله عليه وسلم-: «بركة بدعوة إبراهيم» قال: ثم إنه بدا لإبراهيم -صلى الله عليه وسلم- فقال لأهله: إني مطَّلِع تركتي، فجاء فوافق إسماعيل من وراء زمزم يصلح نبلاً له، فقال: يا إسماعيل، إن ربك -عز وجل- أمرني أن أبني له بيتًا، فقال: أطع ربك -عز وجل- قال: إنه قد أمرني أن تعينني عليه، فقال: إذًا أفعل- أو كما قال- قال: فقاما فجعل إبراهيم يبني وإسماعيل يناوله الحجارة ويقولان: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [سورة البقرة:127] قال: حتى ارتفع البناء وضعف الشيخ عن نقل الحجارة، فقام على حجر المقام، فجعل يناوله الحجارة ويقولان: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [سورة البقرة:127] هكذا رواه من هذين الوجهين في كتاب الأنبياء."

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.

أما بعد،

فقد تقدم الحديث بطوله نقلاً عن صحيح البخاري بإسناده، والقصة بطولها أعادها الحافظ ابن كثير -رحمه الله- على عادته في التكرار، تكرار الأحاديث والآثار، ولذا صار فيه مجال لمن أراد أن يختصر، وكثرت مختصراته، وحذفوا منه مثل هذا التكرار الذي قد لا يطيقه طلاب العلم من أهل عصرنا، عصر السرعة وعصر العجلة وعصر التقنيات، يقول بعضهم: لماذا تشتري؟ ماذا تريد من ابن كثير وهو بجيبك؟ واختصروا وحذفوا وهذَّبوا، وبعضهم اختصر اختصارًا مخلاًّ، وبعضهم اختصر اختصارًا لا بأس به، مع أن التكرار، تكرار المتون والأسانيد فوائدها كبيرة عند أهل الحديث وأهل العلم المحقِّقين، ولذلك ما يملون من تكرار الأسانيد، ولا يملون من تكرار الروايات، ولا.. وفي كلٍّ فائدة.

 والبخاري -رحمة الله عليه- قد يكرر الحديث الواحد في عشرين موضعًا، في عشرين موضعًا وما قالوا: إن هذا عبث أو ضياع وقت أو شيء، في كل موضع فائدة، إما متنية وإما إسنادية، ولم يكرر حديثًا واحدًا بسنده ومتنه في موضعين يعني من غير تغيير إلا في نحو عشرين موضعًا، في أكثر من سبعة آلاف موضع ما فيه إلا عشرون موضعًا هي التي كررها بسند الحديث ومتنه.

يقول -رحمه الله تعالى-: حدثنا عبد الله بن محمد -هو المسندي الجعفي- قال: حدثنا أبو عامر -هو العقدي عبد الملك بن عمرو- قال: حدثنا إبراهيم بن نافع عن كثير بن كثير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما كان بين إبراهيم -صلى الله عليه وسلم- وبين أهله ما كان خرج إسماعيل إلى آخر القصة.

 ابن عباس كان يروي القصة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا هو الأصل أن الصحابي في أمور المغيبات التي لم يشهدها لا بد أن يسندها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو لما يتلقاه من أهل الكتاب، لكن مادامت الرواية والقصة بطولها في صحيح البخاري فما يُظَن بها أنها إسرائيلية، بل هي متلقاة من مشكاة النبوة، وعلى كل حال القصة مع السابقة مع السياق السابق متقاربة جدًّا، ما فيها فروق، ثم بعد ذلك قال: والعجب..

"والعجب أن الحافظ أبا عبد الله الحاكم رواه في كتابه المستدرك عن أبي العباس الأصم عن محمد بن سنان القزاز عن أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عن إبراهيم بن نافع به وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، كذا قال وقد رواه.."

الأصل في مستدرك الحاكم أنه يخرِّج أحاديث ليست في الصحيحين؛ لأنه مستدرك على الصحيحين، فالأصل في أحاديثه أنها ليست في الصحيحين، ولذا يقول في مقدمته: وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث احتج بمثلها الشيخان، احتج بمثلها الشيخان، هو لا يخرِّجها بعينها إلا من باب السهو والغفلة، ومنها هذا الموضع ومواضع كثيرة خرَّج أحاديث هي في الصحيحين وهو يقول: مستدرك على الصحيحين، وأنا أستعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات احتج بمثلها الشيخان، ولذلك قال: المستدرك على الصحيحين، والأصل لو طبَّق هذا الشرط لكانت جميع أحاديثه صحيحة مادام احتجوا بمثلها، والمراد بمثلها يعني بمثل رواتها، والمثلية أعم من أن تكون برواتهم أنفسهم أو بغيرهم ممن يكون بمنزلتهم وعلى مستواهم في التوثيق، لكن الحاكم قال هذا الكلام، وأخل في مواضع كثيرة جدًّا من مستدركه سواء كان في المتون أو في الأسانيد، وأخرج أحاديث ضعيفة، بل فيه بعض الموضوعات.

طالب: ..........

خفيف، يعني التشيع الذي مقتضاه تفضيل علي على عثمان تشيع مقبول عند أهل السنة، يعني ما هو بغالٍ.

على كل حال طريقة الحاكم في المستدرك الأصل ألا يخرج حديثًا في الصحيحين، الأمر الثاني: أن يخرِّج أحاديث صحيحة على شرطهما كما قال، أو على شرط البخاري أو على شرط مسلم، مقتضى ذلك أن تكون أحاديثه صحيحة، لكن الواقع يشهد بخلاف ذلك، خرج أحاديث كثيرة ضعيفة، بل خرج بعض الموضوعات، يقول الحافظ العراقي:

وخذ زيادة الصحيح إذ تنص
 

 

 صحته أو من مصنف يخص
 

بجمعه نحو ابن حبان الزكي
 

 

وابن خزيمة وكالمستدرك
 

على تساهل وقال ما انفرد
 

 

به فذاك حسن ما لم يرد
 

بعلة والحق أن يحكم بما
 

 

يليق والبستي ................
 

يعني ابن حبان.

.........................
 

 

 ............... يداني الحاكما
 

في التساهل، لكن تساهل الحاكم ما وراه شيء، وتساهله يوقِع في حرج كبير من يثق به ويثق بكلامه، يغتر فيعمل بأحاديث ضعيفة بل موضوعة، والموضوع ليس بكثير، والضرر الحاصل من هذا التساهل قالوا: نظير الضرر الحاصل من موضوعات ابن الجوزي، يعني هما متقابلان، هذا أودع كتابه الذي اشترط فيه الصحة أحاديث موضوعة وضعيفة، وابن الجوزي أودع في كتابه الموضوعات أحاديث صحيحة، فهذا يجعل الطالب يعمل بأحاديث ليست صحيحة، وذاك يجعل الطالب يترك أحاديث صحيحة، فهما متقابلان، ولذا يقول الحافظ العراقي:

وأكثر الجامع إذ خرج
 

 

 لمطلق الضعف عنى أبا الفرج
 

يعني مطلق الضعف أدخله في الموضوعات، وزاد على ذلك فيها أحاديث حسنة، وفيها أحاديث صحيحة، فيه حديث من صحيح البخاري رواية حماد بن شاكر، وفيه أحاديث صحيحة في السنن موجودة وأودعها في الموضوعات.

يقول: والعجب أن أبا عبد الله الحاكم رواه في المستدرك عن أبي العباس الأصم شيخه عن محمد بن سنان القزاز عن أبي علي عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي عن إبراهيم بن نافع وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وعرفنا أن البخاري خرجه، كذا قال.

"وقد رواه البخاري كما ترى من حديث إبراهيم من حديث إبراهيمِ بن نافع.."

إبراهيمَ.. من حديث إبراهيمَ..

أحسن الله إليك.

"من حديث إبراهيمَ بن نافع، وكأن فيه اختصارًا، فإنه لم يذكر فيه شأن الذبح، وقد جاء في الصحيح أن قرني الكبش كانا معلَّقين بالكعبة، وقد جاء أن إبراهيم.."

لا شك أن قصة الذبح متقدمة على هذه القصة التي ذكرت في هذه الرواية، متقدمة؛ لأنه في المرة الأخيرة لما جاء المرة التي قبلها قد تزوج، وأمره أن يفارق زوجته، والثانية هناك في الذبح فلما بلغ معه السعي قبل ذلك بكثير، ولكن الرواة يبسطون في وقت ويختصرون في آخر، ينشط الراوي ويذكر القصة بكمالها، ويستعجل فيحذف بعضها، كما يفعله في الأسانيد، ينشط الراوي ويذكر جميع الرواة، وبعضهم يحذف من أوله فيعلق، وبعضهم يحذف من أثنائه، وبعضهم من آخره فيُرسِل، إلى غير ذلك.

"وقد جاء أن إبراهيم -عليه السلام- كان يزور أهله بمكة على البراق سريعًا ثم يعود إلى أهله بالبلاد المقدسة، والله أعلم. والحديث والله أعلم إنما فيه مرفوع أماكن صرَّح بها ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد ورد عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في هذا السياق ما يخالف بعض هذا، كما قال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا: حدثنا مؤمل قال: حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرِّب عن علي بن أبي طالب قال: لما أُمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر قال: فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس فكلمه قال: يا إبراهيم ابنِ على ظلي أو قال: على قدري ولا تزد ولا تنقص، فلما بنى خرج وخلَّف إسماعيل وهاجر فقالت هاجر: يا إبراهيم إلى من تكلنا؟! قال: إلى الله، قالت: انطلق فإنه لا يضيِّعنا، قال: فعطش إسماعيل عطشًا شديدًا قال: فصعدت هاجر إلى الصفا فنظرت.."

في هذه الرواية بعد البناء وقد كبر إسماعيل وشارك أباه -عليهما السلام- في بناء البيت، في الروايات الصحيحة في البخاري السابقة أن هذا الكلام وإسماعيل رضيع تشرب من الشنة وهي القربة البالية القديمة فيدر لبنها فترضعه، ولا شك أن ما في الصحيح أصح وأولى.

قال: فعطش إسماعيل عطشًا شديدًا قال: فصعدت هاجر إلى الصفا فنظرت فلم ترَ شيئًا، حتى أتت المروة فلم ترَ شيئًا، ثم رجعت إلى الصفا فنظرت فلم ترَ شيئًا حتى أتت المروة لم ترَ شيئًا، ثم رجعت إلى الصفا فنظرت فلم ترَ شيئًا، حتى فعلت ذلك سبع مرات فقالت: يا إسماعيل مت حيث لا أراك، فأتته وهو يفحص برجله من العطش، فناداها جبريل فقال لها: من أنتِ؟ قالت: أنا هاجر أم ولد إبراهيم، قال: فإلى مَن وكَلَكما؟ قالت: وكَلنا إلى الله، قال: وكَلكما إلى كافٍ، قال: ففحص الغلام الأرض بأصبعه فتبعت.."

نبعت..

"فنبعت زمزم، فجعلت تحبس الماء فقال: دعيه فإنه رواء، ففي هذا السياق أنه بنى البيت قبل أن يفارقهما، وقد يحتمل أنه كان محفوظًا.."

إن كان..

أحسن الله إليك.

"وقد يحتمل إن كان محفوظًا أن يكون أولاً وضع له محوَطًا وتحجيرًا، لا أنه بناه إلى أعلاه حتى كبر إسماعيل فبنياه معًا، كما قال الله تعالى، ثم قال ابن جرير: حدَّثنا هنَّاد بن السَّرِّي.."

السَّرِي..

عندنا السين بالشدة..

السين مشددة؛ لأن أل شمسية اللام شمسية فتشدد السين، عادي.

"قال: حدثنا هنَّاد بن السَّرِي قال: حدثنا أبو الأحوص عن سِمَاك عن خالد بن عرعرة أن رجلاً قام إلى علي -رضي الله عنه-.."

ماذا قال الله -جل وعلا- عن عيسى -عليه السلام-؟ في سورة مريم {تَحْتَكِ سَرِيّاً} [سورة مريم:24] سَرِيّ يعني سَيِّد.

"عن خالد بن عرعرة أن رجلاً قام إلى علي -رضي الله عنه- فقال: ألا تخبرني عن البيت أهو أول بيت وضع في الأرض؟ فقال: لا، ولكنه أول بيت وضع.."

لا يصلح الناس فوضى لا سَرَاة لهم
 

 

 ....... إذا جهالهم سادوا
 

الله المستعان.

"ولكنه أول بيت وضع فيه البركة مقام إبراهيم، ومن دخله كان آمنًا، وإن شئت أنبأتك كيف بني، إن الله أوحى إلى إبراهيم أن ابنِ لي بيتًا في الأرض، قال: فضاق إبراهيم بذلك ذرعًا، فأرسل الله السكينة، وهي ريح خجوج، ولها رأسان، فأتبع أحدهما صاحبه حتى انتهت إلى مكة، فتطوَّت إلى موضع البيت كطي الحجْفة.."

الحجَفة.

أحسن الله إليك.

"كطي الحجَفة، وأُمر إبراهيم أن يبني حيث تستقر السكينة، فبنى إبراهيم، وبقي الحِجْر، فذهب الغلام يبغي شيئًا فقال إبراهيم: ابغني حجرًا كما آمرك قال: فانطلق الغلام يلتمس له حجرًا فأتاه به، فوجده قد ركَّب الحجر الأسود في مكانه فقال: يا أبتِ من أتاك بهذا الحجر؟ فقال: أتاني به من لا يتَّكِل على بنائك، جاء به جبريل -عليه السلام- من السماء، فأتمَّاه.

 وقال ابن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المِقَرِّي..

ابن يزيدَ المقرئ.

المُقْرِئ.. أحسن الله إليك.

"قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيدَ المُقْرِئ.."

ابنِ ابنِ.. الثانية ابنِ وصف لمجرور.

"قال: حدثنا محمد بنُ عبد الله بنِ يزيدَ المُقْرِئ قال: حدثنا سفيان عن بشر بن عاصم عن سعيد بن المسيِّب عن كعب الأحبار قال: كان البيت غثاءة على الماء قبل أن يخلق الله الأرض بأربعين عامًا، ومنه دُحِيَت الأرض."

طالب: ..........

أين؟

طالب: ..........

الذي اشتهر على ألسنة الناس الفتح، وأُثر عنه أنه كان يقول: سيَّب الله من سيَّب أبي، فالذي ما يريد أن تصيبه الدعوة يقول: مسيِّب، إن صحت بعد.

"قال سعيد: وحدثنا علي بن أبي طالب أن إبراهيم أقبل من أرض أرمينيَّة ومعه السكينة تدله على تبوُّء البيت كما تتبوَّأ العنكبوت بيتها، قال: فكشفت عن أحجار لا يطيق الحجر إلا ثلاثون رجلاً، قلت: يا أبا محمد، فإن الله يقول: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [سورة البقرة:127] قال: كان ذلك بعد، وقال السدي: إن الله -عز وجل- أمر إبراهيم أن يبني البيت هو وإسماعيل: ابنيا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود، فانطلق إبراهيم -عليه السلام- حتى أتى مكة فقام هو وإسماعيل وأخذا المعاوِل لا يدريان أين البيت، فبعث الله ريحا يقال لها: ريح الخجوج، لها جناحان ورأس في صورة حية، فكشفت لهما ما حول الكعبة عن أساس البيت الأوَّل، وأتبعاها بالمعاول يحفران، حتى وضعا الأساس. فذلك حين يقول تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [سورة البقرة:127].."

وإذ بوأنا، وإذ بوأنا..

عندنا كلا الآيتين.

لا، أنا عندي {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [سورة الحـج:26].

"فذلك حين يقول تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [سورة الحـج:26]، فلما بنيا.."

المناسب للسياق {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ} [سورة الحـج:26].

"فلما بنيا القواعد فبلغا مكان الركن قال إبراهيم لإسماعيل: يا بني اطلب لنا حجرًا حسنًا أضعه هاهنا قال: يا أبت إني كسلان لغِب قال: عليَّ بذلك."

اللغب هو التعب {وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [سورة ق:38] يعني من تعب.

"قال: علي بذلك، فانطلق فطلب له حجرًا.."

يطلب فانطلق يطلب..

فانطلق، أحسن الله إليك.

فانطلق يطلب له حجرًا.

يعني إبراهيم؟

لا، إسماعيل امتثالاً لأمر أبيه بعد أن اعتذر انطلق.

"قال: علي بذلك، فانطلق يطلب له حجرًا، فجاءه بحجر فلم يرضه فقال: ائتني بحجر أحسن من هذا، فانطلق يطلب له حجرًا، وجاءه جبريل بالحجر الأسود من الهند، وكان أبيض ياقوتة بيضاء مثل الثغامة.."

الثغامة شجر شديد البياض مثَّل به النبي -عليه الصلاة والسلام- شعر أبي قحافة لما جيء به شعره، أبيض كالثغامة.

"وكان آدم قد هبط به من الجنة فاسودَّ من خطايا الناس، فجاءه إسماعيل بحجر، فوجده عند الركن فقال.."

بعضهم يقول: إذا كانت الخطايا سودت الحجر فلم لم تبيضه الحسنات، يعني لم تبيضه الحسنات، إذا كان يقبل التسويد بالخطايا فينبغي أن يقبل البياض بالحسنات أجاب بعضهم، وإن كان هذا السؤال يعني ما.. أقول ليس له وجه، لكن أجاب بعضهم بأن البياض يقبل التسويد والسواد لا يقبل التبييض، يعني تكتب على سبورة بما لا جرم له، يعني الذي له جرم يبين، لكن السواد لا يقبل.. هذا كلام أبداه بعضهم، وإن كان هذا السؤال من أصله..

طالب: ..........

هذه أكثر بلا شك، الخطايا أكثر، لكن كما أن الشرك موجود فالتوحيد موجود، وكما أن المعاصي موجودة فالحسنات موجودة، وهكذا..

"فقال: يا أبه، من جاءك بهذا؟ قال: جاء به من هو أنشط منك، فبنيا وهما يدعوان الكلمات التي ابتلى إبراهيمَ ربه فقال.."

ابتلى إبراهيمَ ربُّه.

"فبنيا وهما يدعوان الكلمات التي ابتلى إبراهيمَ ربُّه فقال: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [سورة البقرة:127]، وفي هذا السياق ما يدل على أن قواعد البيت كانت مبنية قبل إبراهيم، وإنما هدي إبراهيم إليها وبُوِّئ لها، وقد ذهب إلى هذا ذاهبون، كما قال الإمام عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -رضي الله عنه- {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [سورة البقرة:127] قال: القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك، وقال عبد الرزاق أيضًا: أخبرنا هشام بن حسان عن سوَّار ختن عطاء."

ختن عطاء، ما معنى خَتَن؟

طالب: ..........

الختَن العديل؟

طالب: ..........

ما هنا جواب صامل.

طالب: ..........

ماذا عندك يا شيخ إبراهيم؟

طالب: زوج البنت يا شيخ؟

زوج البنت وزوج الأخت كله ختَن.

"عن عطاء بن أبي رباح قال: لما أُهبط آدم من الجنة كانت رجلاه في الأرض ورأسه في السماء يسمع كلام أهل السماء ودعاءهم يأنس إليهم، فهابته الملائكة حتى شكت إلى الله في دعائها وصلاتها، فخفضه الله تعالى إلى الأرض، فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش، حتى شكا ذلك إلى الله في دعائه وفي صلاته، فوجَّه إلى مكة فكان موضع قدمه قرية، فكان موضع قدمه قرية، وخَطْوُه مفازة، حتى انتهى إلى مكة، وأنزل الله ياقوتة من ياقوت الجنة فكان على موضع البيت الآن، فلم يزل يطوف به حتى أنزل الله الطوفان فرُفِعَت تلك الياقوتة، حتى بعث الله إبراهيم -عليه السلام- فبناه، وذلك قول الله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ} [سورة الحـج:26] وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج.."

فيه من أخبار بني إسرائيل فيما يتعلق بآدم ونزوله وسعة خطْوِه مما ذكره، وطوله رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، والله على كل شيء قدير، لكن الأحاديث الصحيحة تدل على أنه ستون ذراعًا.

وقال عبد الرزاق: أخبرنا ابن جريج عن عطاء قال: قال يا آدم: يا رب إني لا أسمع أصوات الملائكة، قال: بخطيئتك، ولكن اهبط إلى الأرض فابنِ لي بيتًا ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحفظ بيتي الذي في السماء، فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل؛ من حراء وطور زيتاء وطور سيناء وجبل لبنان والجودي، وكان ربَضُه من حراء، فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم-عليه السلام-. وهذا صحيح إلى عطاء، ولكن في بعضه نِكارة، والله أعلم."

نَكارة.

أحسن الله إليك.

"ولكن في بعضه نَكارة، والله أعلم، وقال.."

ولكن اهبط إلى الأرض فابنِ لي بيتًا ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي، إنهم وهم يحفُّون حافِّين من حول العرش، وأما البيت المعمور في السماء المحاذي للكعبة في الأرض هم ليسوا يحفون به، وإنما يدخلونه، يدخله في كل يوم سبعون ألف ملك، لا يرجعون آخر ما عليهم.

"وقال عبد الرزاق أيضًا: أخبرنا معمر عن قتادة قال: وضع الله البيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند، وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض، فكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعًا فنُقِص إلى ستين ذراعًا فحزن؛ إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم، فشكا ذلك إلى الله -عز وجل- فقال الله: يا آدم، إني قد أهبطت لك بيتًا تطوف به كما يطاف حول عرشي، وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي، فانطلق إليه آدم فخرج ومُدَّ له في خَطْوِه فكان بين كل خطوتين مفازة فلم تزل تلك المفازة بعد ذلك."

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

فلم تزل تلك المفاوز يعني المفازة السابقة، لكن إني قد أهبطت لك بيتًا، يعني هل البيت قد أُهبط من السماء؟

طالب: ..........

لكن الواقع من أحجار الأرض بُنِي من أحجار الأرض الحجر الأسود هو الذي أُنزِل من السماء ما عداه من أحجار الأرض أهبطت لك بيتًا تطوف به كما يُطاف حول العرش، هذا مروي عن قتادة عن تابعي، وفي الغالب أنه مما تُلقِّيَ من أهل الكتاب.

طالب: ..........

نعم، ماذا فيه؟

طالب: ..........

هذا إذا ثبت الخبر.

طالب: ..........

نعم إذا ثبت الخبر يُبحَث عن علته، وأما الخبر إذا لم يثبت فلا تتكلَّف اعتباره كما قاله ابن الجوزي.

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

فلا تتكلف اعتباره، يعني لا تبحث عن علته ولا معناه ولا.. خلاص اتركه.

"فأتى آدم البيت فطاف به ومَن بعده من الأنبياء، وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا يعقوب.."

شيخه محمد بن حميد الرازي، وفيه كلام لأهل العلم معروف.

"قال: حدثنا يعقوب القُمِّي عن حفص بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: وضع الله البيت على أركان الماء على أربعة أركان قبل أن تُخلَق الدنيا بألفي عام، ثم دُحِيَت الأرض من تحت البيت. وقال محمد بن إسحاق: حدثنا عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد وغيره من أهل العلم: إن الله لما بوَّأ إبراهيم مكان البيت خرج إليه من الشام، وخرج معه بإسماعيل وبأمه هاجر، وإسماعيل طفل صغير يرضع، وحَملوا فيما حدثني.."

حُملوا.

"وحُملوا فيما حدثني على البراق، ومعه جبريل يدله على موضع البيت ومعالم الحرم، وخرج معه جبريل، فكان لا يمر بقرية إلا قال: أبهذه أمرت يا جبريل؟ فيقول جبريل: امضه حتى قدم به مكة وهي.."

الهاء هذه يسمونها هاء السكت، الأصل امضِ، والهاء هاء السكت {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ} [سورة القارعة:10].

أحسن الله إليك.

"حتى قدم به مكة وهي إذ ذاك عضاه، وهي إذ ذاك عضاه سلم، وهي إذ ذاك عضاة سلم وسمر."

يعني شجر شجر سلم وسمر.

"وبها أناس يقال لهم: العماليق خارج مكة وما حولها، والبيت يومئذٍ ربوة حمراء مدرَّة فقال إبراهيم لجبريل.."

مُدِرَّة؟! كيف مُدِرَّة؟! «ما من شجر ولا مَدَر».

مَدِرَة، أحسن الله إليك، مَدِرَة؟

المَدَر ماذا واحده؟

طالب: ..........

ماذا؟

طالب: ..........

لا، المعنى ما يخالف لكن اللفظ «ما من شجر ولا مَدَر».

أذِّن.

"والبيت يومئذ ربوة حمراء مَدَرَة فقال إبراهيم لجبريل: أهاهنا أُمرت أن أضعهما؟ قال: نعم، فعمد بهما إلى موضع الحِجْر فأنزلهما فيه، وأمر هاجر أم إسماعيل أن تتخذ فيه عريشًا فقال: {رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} [سورة إبراهيم:37] إلى قوله: {لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} [سورة إبراهيم:37].

 وقال عبد الرزاق: أخبرنا هشام بن حسان قال: أخبرني حميد عن مجاهد قال: خلق الله موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئًا بألفي سنة، وأركانه في الأرض السابعة، وكذا قال: ليث بن أبي سُلَيم عن مجاهد: القواعد في الأرض السابعة. وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: أخبرنا عمرو بن رافع قال: أخبرنا عبد الوهاب بن معاوية عن عبد المؤمن بن خالد عن علباء بن أحمر أن ذا القرنين قدم مكة، فوجد إبراهيم وإسماعيل يبنيان قواعد البيت من خمسة أجبل، فقال: ما لكما ولأرضي؟ فقالا: نحن عبدان مأموران، أُمرنا ببناء هذه الكعبة قال: فهاتا.. فهاتا.."

بالبينة.
فهاتا بالبينة على ما تدعيان، فقامت خمسة أكبش فقلن: نحن نشهد أن إبراهيم وإسماعيل عبدان مأموران أُمرا ببناء هذه الكعبة، فقال: قد رضيت وسلَّمت ثم مضى.."

هذا الخبر كسابقه ضعيف، وهذه مصادرها ما يُذكَر ويُروى عن أهل الكتاب.

"وقال الأزرقي في تاريخ مكة: إن ذي القرنين طاف.."

عندك وقال إن.. وإن كان عندك مثلنا ذكر أن.

أحسن الله إليك.

"وذكر الأزرقي في تاريخ مكة أن ذي القرنين طاف مع إبراهيم -عليه السلام- بالبيت، وهذا يدل على ما تقدَّمَ زمانه.."

على تقدُّمِ..

أحسن الله إليك.

"وهذا يدل على تقدُّمِ زمانه، والله أعلم."

وهذا في رواية الأزرقي في أخبار مكة فيه أحاديث ضعيفة وأحاديث باطلة، وأخبار لا تثبت، ومنها هذا.

"وقال البخاري -رحمه الله تعالى-: قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ} [سورة البقرة:127] الآية

القواعد أساسه، واحدها قاعدة، والقواعد من النساء واحدتها قاعِد، حدثنا إسماعيل قال: حدثني.."

لأن القواعد من النساء ما تلتبس مثل ما يقال: حائض، ما يقال حائضة؛ لأنها لا تلتبس، ما فيه غير هذا النوع وهذا الجنس يُمكِن أن يوصف بهذا الوصف، فإذا قيل: القواعد من النساء فما يلتبس بالرجال.

"حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ألم تري أن قومكِ حين بنوا البيت اقتصروا عن قواعد إبراهيم» فقلت: يا رسول الله، ألا تردها على قواعد إبراهيم؟ قال: «لولا حِدْثانِ قومك بالكفر».."

حِدْثانُ أو حَدَثان يجوز هذا وهذا، لكنه مرفوع.

الحاء مكسورة حِدْثانِ.

يقال هذا وهذا، ما يخالف، لكنه مرفوع..

نعم مرفوع.

مبتدأ خبره موجود.

"«لولا حِدْثانُ قومكِ بالكفر» فقال عبد الله بن عمر: لئن كانت عائشة سمعت هذا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك استلام الركنين اللذَين يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم -عليه السلام-، وقد رواه في الحج عن القعنبي، وفي.."

مع أنه جاء عن ابن عباس أنه لا يرى أن في البيت شيئًا مهجورًا، يعني يمسح الأركان الأربعة معاوية.. معاوية، ولكن ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أولى بالاتباع، فيُقتصَر في المسح على الركن اليماني مع الركن الذي فيه الحجَر.

طالب: ..........

أنه يُمسَح، نعم يُستلَم.

طالب: ..........

لما بناه؟ للنظر فيه مجال لمن قال: إن العلة تحققت وصار الشاميان مثل اليمانيين قال: ما المانع من المسح؛ لأنها على قواعد إبراهيم، ومن قال: لم يمسحهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلا نمسحهما له ذلك.

"وقد رواه في الحج عن القعنبي، وفي أحاديث الأنبياء عن عبد الله بن يوسف، ومسلم عن يحيى بن يحيى، ومن حديث ابن وهب، والنسائي من حديث عبد الرحمن بن القاسم كلهم عن مالك به، ورواه مسلم أيضًا من حديث نافع قال: سمعت عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن أبي قحافة يحدث عن عبد الله بن عمر.."

سمعت..

"سمعت عبد الله.."

ابنَ.. ابنَ..

"سمعت عبد الله بنَ محمد بنِ أبي بكر بن أبي قحافة يحدث عن عبد الله بن عمر.."

طالب: ..........

كما مضى يحدث عبد الله في الرواية السابقة يحدث عبد الله.

أجل عن هذه زائدة..

نعم أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر أخبر عبد الله بن عمر في الرواية السابقة.

"يحدِّث عبد الله بن عمر عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- «لولا أن قومكِ حديثو عهد بجاهلية -أو قال: بكفر- لأنفقت كنز الكعبة في سبيل الله، ولجعلت بابها بالأرض، ولأدخلت فيها من الحِجْر» وقال البخاري: حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود قال: قال لي ابن الزبير: كانت عائشة تَسُرُّ.."

تُسِرُّ..

"كانت عائشة تُسِرُّ إليك حديثا كثيرًا، فما حدثتك في الكعبة؟ قال: قلت: قالت لي: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشة لولا قومك حديثٌ عهدهم» فقال ابن الزبير: بكفر «لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين؛ بابًا يدخل منه الناس، وبابًا يخرجون منه» ففعل ابن الزبير. انفرد بإخراجه البخاري فرواه هكذا في كتاب العلم من صحيحه، وقال مسلم في صحيحه: حدثنا يحيى بن يحيى.."

بناها عبد الله بن الزبير على قواعد إبراهيم وعلى ما تمناه النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن العلَّة التي امتنع من أجلها النبي -عليه الصلاة والسلام- هل هي موجودة أم انتفت؟

طالب: انتفت..

انتفت لكن ما الذي جعلهم يعيدونه إلى ما تركه عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى لا يكون ملعبة للخلفاء والأمراء لما قالوا لمالك قال: لا، لا يكون بيت الله ملعبة للأمراء والخلفاء، كل من جاء يجدد ويذكر اسمه ويكتب على الكعبة، واحد يهدم، وواحد يبني، وبهذه الطريقة تضيع هيبته بين الناس.

"وقال مسلم في صحيحه: حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة، ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشًا حين بنت البيت استقصرت، ولجعلت لها خلْفًا..»"

يعني بابًا خلْفيًّا يُخرَج منه.

"قال: وحدثنا أبو بكر أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا: حدثنا ابن نمير عن هشام بهذا الإسناد، انفرد به مسلم قال.."

يعني الاختلاف في صيغ الأداء إلى هذا الحد؟! يعني ما توافقنا ولا.. إلا في القليل النادر! كل ما عندنا حدثنا عندك أخبرنا، والعكس! ما الذي معك؟!

أولاد الشيخ.

حتى الطبعة التي مع الشيخ يقرأ بها طبعة ابن الجوزي فيها اختلاف كثير، لكن عند من لا يفرق بين حدثنا وأخبرنا كما هو قول الإمام البخاري الأمر سهل.

أحسن الله إليك.

"قال: وحدثني محمد بن حاتم قال: حدثني محمد بن مهدي قال: أخبرنا سليم.."

سُليم سُليم..

طالب: ..........

نعم محمد بن مهدي، ماذا عندك؟

طالب: ..........

نعم.

"قال: أخبرنا سُلَيْم بن حيان عن سعيد يعني ابنُ ميناء.."

يعني ابنَ..

"يعني ابنَ ميناء قال: سمعت عبد الله بن الزبير يقول: قال: سمعت عبد الله بنَ الزبير يقول: حدثتني خالتي، يعني عائشةَ -رضي الله عنها- قالت: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا عائشة لولا قومكِ حديثو عهد بشرك لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، ولجعلت لها بابَين بابًا شرقيًّا وبابًا غربيًّا، وزدت فيها ستة أذرع من الحجر، فإن قريشًا اقتصرتها حيث بنت الكعبة» انفرد به أيضًا."

لأن النفقة عندهم انتهت، النفقة قصَّرت فقصَّروا في بناء البيت.

كم بقي؟

طالب: ما بقي شيء، أحسن الله إليك.

اللهم صل وسلم...