شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (29)

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:

أَقْسَامُ التَّحَمُّلِ، وأوَّلُهَا: سَمَاعُ لَفْظِ الشَّيْخِ

أَعْلَى وُجُوْهِ الأَخْذِ عِنْدَ الْمُعْظَمِ
كتَابًا أو حِفْظًَا وَقُلْ: (حَدَّثَنَا)
وَقَدَّمَ (الْخَطِيْبُ) أَنْ يَقُوْلاَ:
وَبَعْدَهَا (حَدَّثَنَا) (حَدَّثَنِي)
وَهْوَ كَثْيِرٌ وَ(يَزِيْدُ) اسْتَعْمَلَهْ
مِنْ لَفْظِ شَيْخِهِ وَبَعْدَهُ تَلاَ:
وَقَوْلُهُ: (قَالَ لَناَ) وَنَحْوُهَا
الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا مُذَاكَرَهْ
وَهْيَ عَلى السَّمَاعِ إِنْ يُدْرَ اللُّقِيْ
أنْ لاَ يَقُوْلَ ذَا بِغَيْرِ مَا سَمِعْ
عُمُوْمُهُ عِنْدَ الْخَطيْبِ وَقُصِرْ

 

وَهْيَ ثَمِانٍ: لَفْظُ شَيْخٍ فَاعْلَمِ
(سَمِعْتُ) أَوْ (أَخْبَرَنَا) (أَنْبَأَنَا)
(سَمِعْتُ) إِذْ لاَ يَقْبَلُ التَّأْوِيْلاَ
وَبَعْدَ ذَا (أَخْبَرَنَا) (أَخْبَرَنِي)
وَغَيْرُ وَاحِدٍ لِمَا قَدْ حَمَلَهْ
(أَنْبَأَنَا) (نَبَّأَنَا) وَقَلَّلاَ
كَقُوْلِهِ: (حَدَّثَنَا) لَكِنَّهَا
وَدُوُنَهَا (قَالَ) بِلاَ مُجَارَرَهْ
لاَ سِيَّمَا مَنْ عَرَفُوْهُ فِي الْمُضِيْ
مِنْهُ (كَحَجَّاجٍ) وَلَكِنْ يَمْتَنِعْ
ذَاكَ عَلى الَّذِي بِذَا الوَصْفِ اشْتُهِرْ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،

أما بعد:

فلما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- متى يصح تحمل الحديث؟ يعني الوقت الذي يتحمل فيه الحديث، ذكر -رحمه الله تعالى- الطرق، وأقسام التحمل، كيفيات الطرق التي يتحمل بها الحديث؛ لأن للتحديث طرفان تحمل وأداء، وذكرنا هذا في درس الأمس، تحمل أخذ الحديث عن الشيوخ، والأداء تبليغ الأحاديث للطلاب، قال -رحمه الله تعالى-: أقسام التحمل، وأولها سماع لفظ الشيخ، أول الأقسام وأقواها وأعلاها سماع لفظ الشيخ، وهو الأصل في الرواية، الأصل أن الشيخ يحدث والطالب يستمع ويحفظ أو يكتب، الشيخ يحدث إما من حفظه أو من كتابه، والطالب يستمع، إما يحفظ بمجرد الاستماع أو يكتب ثم يحفظ، هذا هو الأول وهو الأصل في الرواية، وهذا الغالب من حاله -عليه الصلاة والسلام- أنه يتكلم بالأحاديث، ينطق بها، والصحابة يتلقون عنه، وهذه طريقة معروفة في التحديث والتعليم، وهي أشهر هذه الطرق، وأولاها وأعلاها، وأما الطرق الأخرى فيأتي الكلام عنها في مواضعها.

قال -رحمه الله تعالى-:

أعلى وجوه الأخذ عند المعظم
ج

 

وهي ثمان.........................
ج

"وهي ثمانٍ" هذه جملة اعتراضية، أعلى وجوه الأخذ عند المعظمِ لفظ شيخ فاعلمِ، أما "وهي ثمان" فهي معترضة بين جزئي الجملة، أعلى وجوه الأخذ لفظ الشيخ، يعني سماع لفظ الشيخ، وجوه الأخذ وأقسام التحمل أعلاها عند المعظم يعني عند جمهور، بل عند جماهير أهل العلم السماع من لفظ الشيخ "فاعلمِ" يعني فادرِ هذا الأمر "وهي ثمان" يعني مبتدأ وخبر، ثمانٍ هي مبتدأ، وثمانٍ خبر، لماذا جرت ونونت؟ أصلها ثماني بالياء منقوص، والمنقوص في حال الرفع تبقى ياؤه وإلا تحذف؟ في حال الرفع والجر تحذف الياء، ويبقى ما يدل عليها وهو الكسر، وينون في مثل هذا؛ لأنه لا يوجد ما يمنعها من الصرف، وهي ثمانٍ كما تقول: هذا قاضٍ، ومررت بقاضٍ.

أعلى وجوه الأخذ عند المعظمِ
 
ج

 

وهي ثمانٍ لفظ شيخ فاعلمِ
ج

عند  المعظم عند جماهير أهل العلم، عند عامة أهل العلم أن السماع من لفظ الشيخ أعلى وجوه التحمل "كتابًا أو حفظًا" يعني سواء كان الشيخ يقرأ من كتابه، أو من حفظه؛ لأن الحفظ المشترط لصحة الرواية المعبر عنه بالضبط ينقسم إلى ضبط صدر وضبط كتاب، ولا شك أن الناس يتفاوتون في الحفظ، من تسعفه الحافظة ويستغني بها عن الكتاب هذا الأصل وهو الأفضل، لكن إذا كانت الحافظة لا تسعف لا بد من أن يعتمد على كتابه لئلا يعتمد على حفظه الضعيف فيكثر خطؤه، ويكثر وهمه، فالذي لا تسعفه حافظته في حفظ ما يسمع لا بد أن يكتب، ومنع بعض أهل التشديد من ضبط الكتاب، والرواية من الكتاب، لكنه قول لا يلتفت إليه، بل إن بعض أهل العلم رجح ضبط الكتاب على ضبط الحفظ؛ لأن الحفظ خوان.

وعلى كل حال من نعم الله -جل وعلا- على عباده وجود هذه الكتابة، الله -جل وعلا- كما تقدم في درس الأمس -درس الميمية- علّم بالقلم، فالقلم منة من الله -جل وعلا- من أجل ضبط العلم، فلولا القلم لما أدرك من لا تسعفه حافظته من العلم شيئًا، فإذا عاناه بالكتابة وضبط كتابه وحفظه، ولم يخرجه من يده إلا إلى ثقة ثم روى عنه هذا من أقوى وجوه الأداء، وأما القول بأنه لا يعول إلا على الحفظ فإنه قول وصف بالتشديد، ولم يلتفت إليه أهل العلم، ثم بعد ذلك أجمعوا على الرواية من الكتاب، نعم الحفظ إذا كان يسعف فلا يعدل عنه، ولا ينبغي لطالب علم تسعفه حافظته أن يعتمد على الكتاب ويقول: أضبط، لا، يعتمد على حفظه هذا هو الأصل، ولا شك أن العلم ما حواه الصدر، الذي تجده متى طلبته، أما ما في الكتاب لو أعرت الكتاب ما استفدت، أو لو تلف الكتاب مثلًا ضاع علمك، لكن وجود الكتب من نعم الله -جل وعلا- لا سيما على أولئك الذين لا تسعفهم الحافظة، وليس بعيب أن يحدث الشيخ من كتابه أبدًا، فكبار الأئمة الحفاظ الكبار يحدثون من كتبهم؛ لأن ضبط الكتاب أحفظ وأضبط "كتابًا أو حفظًا" سيان، وقل إذا تحملت الحديث بطريق السماع من لفظ الشيخ "قل: حدثنا" يعني كيف تؤدي صيغة الأداء إذا تحملت بطريق السماع؟

..........................قل: حدثنا
ج

 

سمعت أو أخبرنا أنبأنا
 

حدثنا، صحيح حدثك الشيخ، سواء كان بمفردك أو معك أحد، لكن إذا كان معك أحد تقول: حدثنا، تقول: سمعنا، وإذا كنت بمفردك تقول: حدثني، وتقول: سمعت، كما تقول: أخبرنا، وتقول: أنبأنا ونبأنا، كلها تدل على أنك سمعت من لفظ الشيخ، هذا الأصل في أن هذه العبارات كلها تؤدي المطلوب، صيغ تؤدي المطلوب، تقول: حدثنا، صحيح حدثك، وأيضًا سمعت من لفظه، وأيضًا هو أخبرك؛ لأن الإخبار والتحديث {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة] كما أن الإنباء والإخبار والتحديث معانيها واحد {عَمَّ يَتَسَاءلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [(1-2) سورة النبأ] يعني الخبر العظيم {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة] {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [(14) سورة فاطر] المقصود أنها ألفاظ معانيها واحدة، وإن كان بينها فروق دقيقة، لكنها تؤدي الغرض بأي صيغة من هذه الصيغ المذكورة، هذا من حيث اللغة، أما بالنسبة للاصطلاح فكثير من أهل العلم من يفرق بين هذه الصيغ، منهم الإمام البخاري -رحمه الله- لا يفرق بين أخبرنا وحدثنا، ومنهم من يفرق، فيجعل حدثنا لمن تحمل بطريق السماع من لفظ الشيخ، وأخبرنا لمن تحمل بطريق العرض، الطريق الثاني من طرق التحمل، على ما سيأتي، وهذا مجرد اصطلاح، وإلا فالإخبار بمعنى التحديث، وإن كان هناك فرق دقيق بينهما بأن التحديث أخص من الإخبار؛ لأن من قال لعبيده: من حدثني بكذا فهو حر، ومن قال لعبيده: من أخبرني بكذا فهو حر، من حدثه لا بد أن يكون مشافهة، ومن أخبره إما أن يكون مشافهة أو يكون بكتابة، أو بإشارة مفهمه؛ لأن الخبر يحصل بهذه، هذه فروق دقيقة، لكنها من حيث المؤدى يصح أن يؤدى بها، أو يؤدي بها من سمع من لفظ الشيخ كلها إلا أن الاصطلاح غاير ومايز بين هذه عند بعض العلماء دون بعض، وعرفنا أن إمام الصنعة الإمام البخاري لا يفرق بين التحديث والإخبار، لا يفرق، وسواء قال: حدثنا أو أخبرنا لا فرق، نعم، بينما الإمام مسلم يفرق بينهما بدقة، وتجده يقول: حدثنا فلان وفلان وفلان، قال فلان: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا، ومن أهل العلم من لا يحدث إلا بصيغة الإخبار، على ما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-.

وقدم الخطيب أن يقولا
 
ج

 

سمعت إذ لا يقبل التأويلا
ج

ج

يقول: سمعت هذا الذي يبين بدقة أنه سمع من لفظ الشيخ، نعم هو أخبره، الشيخ أخبره وحدثه، لكن سمعت أدق؛ لأنها لا تقتضي ما يقتضيه حدثني أو أخبرني، يقول: سمعت، السماع غير الاستماع، فيسمع ولو لم يقصد بالإسماع، ولم يقصد بالتحديث، لكن حدثني أو أخبرني يدل على أن الشيخ قصده بالتحديث أو بالإخبار؛ ولذا يقولون: الإفراد أقوى من الجمع؛ لأنه إذا أفرد يكون مقصودًا بالتحديث، ومقصودًا بالإخبار بخلاف ما لو قال: حدثنا يكون مع غيره مع مجموعة من الناس حدثهم، ولو لم يقصد بعينه، وكذلك لو قال: أخبرنا، وعلى هذا الطالب الذي يروي عن الشيخ بطريق السماع، ثم يروي عنه بعد مدة طويلة، ينسى هل كان معه وقت التحديث أحد أو ليس معه أحد؟ هل الأَوْلى أن يقول: حدثنا أو يقول: حدثني؟ هل الأولى أن يقول: حدثنا؟ هو روى عن الشيخ بطريق السماع، يجزم بأنه سمع من لفظ الشيخ، فهل يقول: حدثنا أو يقول: حدثني؟ منهم من يقول: يقول: حدثني؛ لأن وجوده متيقن، وما زاد عليه مشكوك فيه، يعني ما يدري هل معه أحد أو لا، نعم؟ ومنهم من يقول بالعكس يقول: حدثنا؛ لأن قصد الشيخ له بالتحديث مشكوك فيه، احتمال يكون معه غيره، فلا يكون مقصودًا بالتحديث، والمسألة سهلة يعني، الخطب يسير يعني؛ لأنه إذا ضبط ما سمعه من الشيخ، وأداه على أي وجه كفى.

وقدم الخطيب أن يقولا
ج

 

...................................
ج

وهذه ألف إطلاق وليست ألف تثنية.

...................................
ج

 

سمعت إذ لا يقبل التأويلا
ج

سمعت ما تقبل تأويل، بينما لو قال: حدثنا تقبل التأويل، كيف تقبل التأويل؟ نعم؟

طالب:.......

نعم هم ذكروا عن الحسن أنه قال: حدثنا أبو هريرة ولم يكن موجودًا وقت التحديث، وإنما حدث أهل المدينة أو أهل البصرة وهو فيها، لكن الغالب أهل المدينة على ما قيل، حدث أهل المدينة وهو موجود، هذا لا شك أنه تدليس شديد؛ لأنهم يذكرون أن المدرس إذا قال: حدثني، وإن كانت منزلة الحسن البصري تنبو وترتفع عن مثل هذا الاتهام أنه يكون حينئذٍ ولم يسمع منه، يكون كذابًا إذا قال: حدثنا، نعم؟ إذا قال: حدثنا وهو ما حدث كذاب؛ ولذلك كيف نعرف أن هذا الراوي مدلس إلا بهذا، أن يأتي بصيغة موهمة ويسقط من حدثه، لكن إذا أتى بصيغة صريحة وهذا تقدم في بحث التدليس، يعني أسقط مَن حدثه وجاء بصيغة صريحة هذا كذب، لكن منزلة الحسن البصري -رحمه الله- تنبو عن ذلك، وجاء ما يدل على مراده، المقصود "وبعدها" وبعد سمعت "حدثنا حدثني" حدثنا بالجمع إذا كان معه غيره، وحدثني إذا كان بمفرده، وعرفنا ما بين حدثنا وحدثني من أيهما أقوى، حدثني أقوى؛ لأنها تدل على أنه مقصود، وأما حدثنا فلا يلزم من ذلك أن يكون مقصودًا بالتحديث.

...................................
ج

 

وبعد ذا أخبرنا أخبرني
جج

لأن دائرة الإخبار أوسع من دائرة التحديث، أضيق الدوائر سمعت، هذه لا تقبل تأويلاً، كما قال الخطيب يليها حدثنا؛ لأنها لا تكون إلا بالمشافهة، حدثنا لا تكون إلا بالمشافهة، وإن استعملها الحسن فيما استعملها فيه، لكنها لا تكون إلا بالمشافهة بخلاف أخبرنا وأخبرني فإنها دائرتها أوسع؛ لأن الإخبار يكون بغير المشافهة، يكون بالكتابة، يكون بالإشارة المفهمة، على ما ذكرنا.

وهو كثير ويزيد استعمله
جج

 

...................................

يزيد بن هارون استعمله، استعمل أخبرنا وأخبرني.

...................................
ج

 

وغير واحد لما قد حمله
ج

حماد بن سلمة وابن المبارك وهشيم وعبد الرزاق كلهم يستعملون أخبرنا وأخبرني.

 

...................................
من لفظ شيخه.....................
ج

 

وغير واحد لما قد حمله
....................................
ج

يقولون: أخبرنا، وإسحاق بن راهويه لا يكاد يستعمل إلا الإخبار، سواء روى بطريق السماع أو بطريق العرض لا يكاد يقول إلا أخبرنا، وبه يفسر إذا كان مهملًا، يعني إسحاق قال: أخبرنا فلان، الذي يغلب على الظن أنه ابن راهويه "لما قد حمله *** من لفظ شيخه" يعني تحمله بطريق السماع "وبعده تلا" يعني بعد سمعت ثم حدثنا وحدثني، ثم أخبرنا وأخبرني.

..........................وبعده تلا
ججج

 

أنبأنا نبأنا وقُللا
 
ج

يعني هذا قليل، قليل استعمال أنبأنا ونبأنا، لا سيما في عصور الرواية المتأخرة في القرن الثالث، وما بعده؛ لأنه كثر استعمالها في الإجازة.

...................................
وقوله: قال لنا ونحوها
ججج

 

...............................وقُللا
كقوله حدثنا لكنها
 
ج

قال لنا يعني لو أن الشيخ حدث والطالب تلقى بطريق السماع، ثم بعد ذلك لما أراد الطالب الأداء قال: قال لنا فلان، أو قال فلان، هذه محمولة على السماع على ما تقدم في التعليق.

...........................أما الذي
عنعنة كخبر المعازفِ
ج 

 

لشيخه عزا بـ(قال) فكذي
لا تصغ لابن حزم المخالفِ
ج

هذه محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين عند أهل العلم في العنعنة، فإذا قال: قال لنا أو قال فلان، قال هشام بن عمار هذا متصل على قول ابن الصلاح والحافظ العراقي وجمع من أهل العلم؛ لما قال هشام بن عمار قالوا: هذا متصل؛ لأن هشام بن عمار من شيوخ البخاري، لقيه وحدث عنه بأحاديث خمسة أو ستة، قال: حدثنا هشام بن عمار، ولم يوصف البخاري بالتدليس على ما مضى في التعليق.

وقوله: قال لنا ونحوها
ججج

 

كقوله حدثنا......................
 
ج

مثلها لا تقل عنها، يعني بالمجاررة قال لنا، لكنها

الغالب استعمالها مذاكره

 

...................................
ج

يعني في حال المذاكرة تستعمل قال لنا في حال المذاكرة، وصرح بهذا جمع من أهل العلم، وقالوا: إن البخاري إذا روى الحديث بصيغة قال لنا فإنه في الغالب إنما يريد ما رواه بطريق المذاكرة، يعني المذاكرة بين الشيوخ، يعني إذا قيل: ما تحفظ في باب كذا؟ قال: فيه حديث فلان أو فيه كذا أو فيه كذا للمذاكرة بينهم، لا على طريق التحديث والرواية، والرواية بطريق المذاكرة، والتحمل بطريق المذاكرة أقل من التحمل بطريق الرواية المقصودة.

نعود إلى مسألة السماع من لفظ الشيخ، السماع من لفظ الشيخ له مراتب، أعلاها الإملاء، كون الشيخ يملي إملاءً يحرر ما يريد سواء كان ما يزوره في حفظه أو في كتابه، ثم يمليه، وهذا أعلى ما في هذا النوع السماع من لفظ الشيخ، لماذا؟ لما يترتب عليه ويلزم منه من تحرز الشيخ والطالب، كل منهما مهتم لما هو بصدده، إذا كان الشيخ معه كتاب، ويقول: اكبتوا، ويملي حرفًا حرفًا، هذا لا شك أنه أكثر تحرزًا من كون الشيخ يلقي إلقاءً والطلاب يستمعون، في حال الإملاء لا شك أن الشيخ متحرز ومتحفظ ألا يخطئ في إملائه والطالب أيضًا متحفظ ومتيقظ؛ لئلا يخطئ في سماعه، هذا أعلى ما في هذا النوع السماع من لفظ الشيخ، ثم يليها مسألة قصد التحديث على طريق الإلقاء لا على طريق الإملاء، ثم بعد ذلك مسألة المذاكرة، المذاكرة بين الشيوخ ما في هذا الباب ما فيه حديث فلان، ما فيه كذا ثم يسرد الحديث، ويتلقاه من يسمع ويرويه بصيغة: قال لنا، الغالب استعمالها مذاكرة، والحافظ ابن حجر -رحمه الله تعالى- يرد من قال: إن البخاري لا يقول: قال، أو قال لنا إلا في حال المذاكرة، ويثبت أمثلة من الصحيح نفسه في أحاديث فيها قال، أو قال لنا، ويرويها بصيغة التحديث، بصيغة التحديث في نفس الصحيح أو في غيره من كتبه -من كتب البخاري-، أو العكس قد يكون الحديث قال لنا في التاريخ الكبير، ورواه في الصحيح بحدثنا، فليست خاصة بحال المذاكرة.

الْغَالِبُ اسْتِعْمَالُهَا مُذَاكَرَهْ

 

وَدُوُنَهَا (قَالَ) بِلاَ مُجَارَرَهْ
ج

بدون لنا، بدون جار ومجرور، قال: بدون مجاررة، بلا مجاررة، المجاررة إذا قال: قال لنا، وأخص منها إذا قال: قال لي، مثل حدثنا وحدثني، إذا قال: قال لي، أو قال لنا فهذه كما يقول الناظم -رحمه الله تعالى- الغالب استعمالها مذاكرة، ودونها دون لفظ قال لي، أو قال لنا قال بلا مجاررة، يعني بدون جار ومجرور، ولا شك أن هذا صيغة موهمة، لا يلزم منها الاتصال، لا يلزم منها بمجردها الاتصال كـ(عن) إلا بالشروط المعتبرة عند أهل العلم؛ لأنه لو قال واحد من الحاضرين: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يلزم من هذا الاتصال؟ لا يلزم، لو قال: قال الإمام أحمد، يلزم منه اتصال؟ لا يلزم منه اتصال، لو قال: قال شيخ الإسلام ابن تيمية يلزم؟ ما يلزم منه اتصال، ولا يعد كاذبًا؛ لأن الصيغة محتملة، وهي محمولة على الاتصال بالشرطين المعروفين في العنعنة عند أهل العلم.

...............................

 

وَدُوُنَهَا (قَالَ) بِلاَ مُجَارَرَهْ

فعندنا أعلاها سمعت وهذه لا تحتمل، ثم حدثني وحدثنا، ثم أخبرني وأخبرنا، ثم أنبانا ونبأنا، ثم قال لنا، وأخرها قال.

ولو روى بلفظ العنعنة عن فلان عن فلان هذه صيغة العنعنة، أو أن فلانًا المأنن أو المؤنأن، كلها محمولة على الاتصال إذا توافر الشرطان المعروفان عند أهل العلم، أن يثبت اللقاء بين الراوي ومن روى عنه على مذهب الإمام البخاري، أو تثبت المعاصرة مع إمكان اللقاء على ما قرره الإمام مسلم في صدر صحيحه، وأن لا يوصف الراوي بتدليس، أما إذا كان هناك مفاوز بين الراوي ومن روى عنه، بينهم طبقات من الرواة، أو عصور أو دهور فإن هذا تصح الرواية إلا أنها منقطة، إلا أنه لا يوصف بكذب إذا قال: قال رسول الله؛ لأنها صيغة لا يلزم منها الاتصال، ولذا يقول فيما تقدم:

وصححوا وصل معنعن سلم
ج

 

من دلسة راويه واللقاء علم
ج

يعني اللقاء ثبت كما هو مذهب الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-، وتقدم الكلام فيه؛ ولذا قال:

وهي على السماع إن يدرَ اللقي
ج

 

...................................
ج

وهي على السماع أي محمولة على السماع إن يدرى اللقي، يعني إن يعلم اللقي، وهذا كما هو معلوم مذهب الإمام البخاري، ويكتفي الإمام مسلم بالمعاصرة مع إمكان اللقي، ونقل على ذلك الإجماع في صدر صحيحه وشنع على من اشترط اللقاء ووصفه بالابتداع، وذكرنا هذا بالتفصيل في شرح مقدمة صحيح مسلم، وفيما تقدم من بحث العنعنة؛ لأن الحافظ العراقي بحثها هناك في العنعنة، فالعنعنة يحملها الإمام البخاري على الاتصال بالشرطين ثبوت اللقاء وألا يوصف أو أن يبرأ الراوي من وصمة التدليس، والإمام مسلم يكتفي بالمعاصرة مع إمكان اللقاء، وهذا سبق تفصيله، ووصف من اشترط اللقاء بأنه مبتدع، وأن القول مخترع، وشدد النكير، رأى أن من اشترط يريد إبطال السنن، وهو مبتدع في هذا، وهو مستفيض عند أهل العلم أنه هو قول الإمام البخاري، ولذا يستروح بعض المعاصرين أن الإمام البخاري لا يشترط اللقاء؛ لأنه ليس من المعقول أن يقول الإمام البخاري بهذا القول ومسلم يصف هذا القول بأنه مخترع، والقائل به مبتدع، لا يمكن، يعني هل يخفى عليه أن الإمام البخاري يشترط هذا؟ لو كان يشترطه يخفى على مسلم؟ ما يمكن يخفى؛ لأنه تلميذه، خريجه؛ ولذا يستروح وألف في هذا كتب الإجماع على الاكتفاء بالمعاصرة، وذكروا هذا قول الإمام البخاري وغيره من الأئمة، ونقلوا عليه الإجماع، كل هذا من تشديد الإمام مسلم على من يقول باشتراط اللقاء، وهو مستفيض عن الإمام البخاري، ولم ينكره أحد من أهل العلم، الإمام البخاري وعلي بن المديني يشترطون اللقاء، لكن من تشديد النكير من قبل الإمام مسلم على من يقول بهذا القول، وأنه قول مخترع مبتدع، قول لا يمكن أن يقول به الإمام البخاري ويخفى على مسلم، نقول: يقول به الإمام البخاري ويعلم مسلم أن البخاري يقول هذا الكلام، ولا يقصده بالرد، لا يقصد البخاري بالرد، ولا يشنع على البخاري، ولا على علي بن المديني، يشنع على مبتدع يريد أن يستغل احتياط البخاري في رد السنن، يريد هذا المبتدع أن يستغل احتياط البخاري وشدة تحري الإمام البخاري في رد السنة، ونظير ذلك أننا إذا رددنا على المعتزلة على أبي الحسين البصري أو على الجبائي، أو على غيرهما من أئمة المعتزلة إذا رددنا عليهم اشتراط العدد في الرواية فإننا لا نرد على عمر بن الخطاب حينما رد على أبي موسى حديث الاستئذان، هل نقول: إن عمر يشترط هذا القول؟ لا، لكنه يتحرى ويحتاط للرواية، كما أن البخاري يحتاط للرواية، ولا يريد بذلك رد السنن، إنما يريد التثبت للسنة، فإذا رددنا على المعتزلة فإننا لا يعني أننا نرد على عمر بن الخطاب، وإذا رددنا على مبتدع يريد أن يرد السنة مستغلًا احتياط البخاري أو احتياط عمر فإننا لا نرد على البخاري ولا نرد على عمر، إنما نريد الرد على من يستغل هذا الاحتياط في رد السنة، ويبقى أن المحتاط محتاط، يعني جلة على العين والرأس هؤلاء، نعم؟

طالب:...........

كيف؟

طالب:...........

لا قبله في مواضع كثيرة، الأصل قبوله عند عمر وغير عمر، يعني حفظ عنه أكثر من قصة في هذا الباب، صاحبه عمر يتناوب مع صاحبه جار له يتناوبون الدخول إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لتحمل الحديث، هذا في البخاري، فإذا سمع صاحبه من النبي -عليه الصلاة والسلام- حديثًا بلغه إلى عمر، هل يطلب ثانيًا معه؟ ما يطلب ثانيًا، لكن لما كانت المسألة عملية؛ استأذن ثلاثًا فانصرف، قال: ما الذي دعاك تنصرف؟ قال: الحديث، النبي -عليه الصلاة والسلام-، قال: أحضر شاهدًا يشهد لك؛ لأن مسألة الاستئذان مسألة ينبغي أن تكون مستفيضة بين الناس كلهم، لا يقتصر بمعرفتها واحد، فإذا احتاط الإنسان، الإنسان أحيانًا الأصل القبول يقبل عمر وغير عمر يقبلون خبر الواحد، يعني لما كان عمر القصة في الصحيح كنت أنا وجار لي من الأنصار نتناوب الدخول على النبي -عليه الصلاة والسلام- فيبلغني بما سمع، وأبلغه بما سمعت، هذا الأصل، لكن لما صنع أبو موسى هذا الصنيع وعتب عليه، لماذا رجع؟ قال: "إذا استأذن أحدكم فليستأذن ثلاثًا فإن أذن له وإلا فلينصرف" قال: لا بد أن تحضر لي من يشهد لك، وهذا كل أمر يشك فيه يتثبت فيه، وإلا فالأصل السلامة، ما يقال: إن عمر يرد خبر الواحد أبدًا.

وهي على السماع إن يدرَ اللقي
أن لا يقول ذا بغير ما سمع
ج

 

لا سيما من عرفوه في المضي
...................................

يعني إذا كانت من عادة الشخص ومن ديدنه أن لا يروي إلا بهذه الصيغة ولو تحمل بطريق السماع.

وهي على السماع إن يدرَ اللقي
ج

 

لا سيما من عرفوه في المضي

يعني في طريقته وجادته المتبعة في زمنه كله "لا يقول ذا لغير ما سمع" أما إذا كان يقول: قال في غير المسموع، يعني لا يقول: قال فلان وهو ما لقيه ولا عاصره، هذه ما تحمل على اللقاء أبدًا، يعني مثلما نقول في العصور المتأخرة: قال رسول الله، أو قال عمر، أو قال الإمام أحمد، أو قال الشافعي، أو قال أبو حنيفة، فقولنا لا يدل على اتصالها ولا على السماع،

...................................
ج

 

لا سيما من عرفوه في المضي

يعني ذكروا ذلك عنه.

طالب:........

يعني ذكروا عنه ذلك، ذكروا عنه، أو عرف بذلك.

أن لا يقول ذا بغير ما سمع
ج

 

...................................

أما من يقول ذلك لما سمع، يعني أنت تقول: قال الشيخ فلان وأنت سمعت منه، ألا تقول: قال فلان وأنت سمعت منه؟ وقال الشيخ فلان وأنت قرأت من كتبه، وتقول: قال شيخ الإسلام وأنت سمعته من شيخ بوسائط ومفاوز، وتقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبينك وبينه أكثر من عشرين نفسًا، هذا لا يحمل على السماع حينئذٍ.

أن لا يقول ذا بغير ما سمع
ج

 

منه كحجاج ......................

وهو ابن محمد الأعور "ولكن يمتنع *** عمومه عند الخطيب" يعني هذا ما يعمم على الناس كلهم، يعني كل من روى بصيغة (قال) تحمل على الاتصال "وقصر *** ذاك على الذي بذا الوصف اشتهر"

...................................

عمومه عند الخطيب وقصر
ج

ج

 

........................ولكن يمتنع
ذاك على الذي بذا الوصف اشتهر

اشتهر بهذا الوصف مثل الحجاج بن محمد الأعور، يروي بطريق السماع، يتحمل بطريق السماع، ويؤدي بصيغة (قال) وهو معروف عنه هذا، واشتهر عنه ذلك، عرّفه أهل العلم، وعرفوه بهذا، نعم.

الثَّاْنِي: القِرَاءَةُ عَلَى الشَّيْخِ

ثُمَّ الْقِرَاءَةُ الَّتِي نَعَتَهَا
مِنْ حِفْظٍ أو كِتَابٍ أو سَمِعْتَا
أولاَ وَلَكِنْ أَصْلُهُ يُمْسِكُهُ
قُلْتُ: كَذَا إنْ ثِقَةٌ مِمَّنْ سَمِعْ
وَأَجْمَعوُا أَخْذًَا بِهَا وَرَدُّوا
وَالْخُلْفُ فِيْهَا هَلْ تُساوي الأوَّلاَ
عَنْ (مَالِكٍ) وَصَحبْهِ وَمُعْظَمِ
مَعَ (البُخَارِي) هُمَا سِيَّانِ
قَدْ رَجَّحَا الْعَرْضَ وَعَكْسُهُ أَصَحّْ
ج

 

مُعْظَمُهُمْ عَرْضًا سَوَا قَرَأْتَهَا
والشَّيْخُ حَافِظٌ لمِاَ عَرَضْتَا
بِنَفْسِهِ أو ثِقَةٌ مُمْسِكُهُ
يَحْفَظُهُ مَعَ اسْتِماَعٍ فَاقْتَنِعْ
نَقْلَ الخِلاَفِ وَبِهِ مَا اعْتَدُّوا
أو دُوْنَهُ أو فَوْقَهُ؟ فَنُقِلاَ
(كُوْفَةَ) وَ(الحِجَازِ أَهْلِ الْحَرَمِ)
وَ(ابْنُ أبِي ذِئْبٍ) مَعَ (النُّعْمَانِ)
وَجُلُّ (أَهْلِ الشَّرْقِ) نَحْوَهُ جَنَحْ

يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: الثاني: يعني من طرق وأقسام التحمل: القراءة على الشيخ، الأول الشيخ يتكلم ويحدث والطالب يسمع ويحفظ، الثاني: العكس الطالب هو الذي يقرأ والشيخ يستمع، يعرض الطالب ما عنده على شيخه، فيقول: حدثك فلان عن فلان عن فلان والشيخ يستمع، وهل يشترط أن يقول: نعم؟ قال بعضهم: نعم، لا بد أن يقول: نعم؛ لأنه يسأل حدثك فلان عن فلان عن فلان، فلا بد أن يقول الشيخ: نعم، والجمهور على أنه لا يشترط ولا يلزم، إذا سكت معناه أنه حدثه، وهذه هي التي تسمى عند جمع من أهل العلم: العرض على الشيخ، يعني القراءة على الشيخ، تعرض ما عندك على الشيخ، وإن كان بعضهم يتجاوز في هذا اللفظ ويطلقه على عرض المناولة، وسيأتي الكلام فيها، لكن العرض إذا أطلق المراد به ما يعرضه الطالب على شيخه، والرواية بالعرض رواية معتبرة عند أهل العلم، وجد فيها خلاف قديم ثم انقرض، وثبت الإجماع على صحة الرواية بها، والأصل فيها حديث ضمام بن ثعلبة، وهو في الصحيح، ضمام سمع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبار ما سمعها منه، لكنه بلغه أشياء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم جاء إليه يعرض عليه هذه الأشياء، فتحملها عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بطريق العرض؛ ولذا قال الناظم -رحمه الله تعالى-:

ثُمَّ الْقِرَاءَةُ الَّتِي نَعَتَهَا

 

مُعْظَمُهُمْ عَرْضًا....................

يعني القراءة على الشيخ الطالب يقرأ والشيخ يستمع، يعرض ما عنده على شيخه سواء قرأ من كتاب أو من حفظه.

ثُمَّ الْقِرَاءَةُ الَّتِي نَعَتَهَا

 

مُعْظَمُهُمْ عَرْضًا سَوَا قَرَأْتَهَا

سوا بالقصر، وهي لغة في سواء، يعني سواء قرأتها

مِنْ حِفْظٍ أو كِتَابٍ أو سَمِعْتَا
ج

 

والشَّيْخُ حَافِظٌ لمِاَ عَرَضْتَا
ج
ج

يعني سواء قرأت على الشيخ من حفظك، أو من كتابك، أو سمعت من يقرأ على الشيخ، فسواء قرأت بنفسك من حفظك، أو من كتابك، أو سمعت من يقرأ على الشيخ، هذا كله عرض.

..........................أو سَمِعْتَا

 

والشَّيْخُ حَافِظٌ لمِاَ عَرَضْتَا
ج
ج

الشيخ حافظ لما عرضت، يعني أنت تقرأ والشيخ يستمع وهو حافظ لحديثه، فإذا أخطأت رد عليك "والشيخ حافظ لما عرضتا *** أو لا" أو لا يحفظ،... المسألة افترضت على وجوه من قبل الطالب سواء كان يحفظ أو من كتابه كذلك الشيخ، سواء كان يحفظ أو من كتابه؛ لأن الضبط قد يكون بضبط الصدر، وقد يكون بضبط الكتاب على ما تقدم.

"والشيخ حافظ لما عرضتا *** أو لا" أو لا يحفظ "ولكن أصله يمسكه" الكتاب ما عنده ضبط صدر، عنده ضبط كتاب، هل يتصور أن الشيخ لا ضبط صدرًا ولا ضبط كتابًا؟ يعني يمكن أن تأتي لشيخ لا يضبط ضبط صدر، ويقول: والله الكتاب ضاع، تبغي تروي عنه أحاديث، كيف تروي؟ هذا خلاص انتهت أحاديثه هذا لا يروى عنه، فإما أن يكون يحفظ ما يحدث به أو يعرض عليه، أو يكون مدون في كتابه مضبوطًا ومتقنًا، ويمسكه بيده "ولكن أصله يمسكه بنفسه" هذا الأصل "أو ثقة ممسكه" يعني قد يكون بيد شخص ثقة يجلس بجانبه، ويتولى الرد هذا الثقة من الكتاب، الشيخ لا يمكن يتولى الرد؛ لأنه لا يحفظ، فإذا رد هذا الثقة الممسك والشيخ حاضر وأقره على الرد صحت الرواية عن الشيخ؛ لأنه قد يقول قائل: ما الفائدة من وجود الشيخ؟ فصار لا يحفظ ولا يمسك الكتاب، وما الفائدة من وجوده؟ نقرأ على هذا الطالب ويكفي! نقول: لا الطالب لا يروي هذا الكتاب بحيث تروي عنه، ولو رواه فيرويه حينئذٍ عن صاحبه عن صاحب الكتاب، وتكون بقراءتك على هذا الطالب الممسك بالكتاب نزول، تكون روايتك نزول؛ لأن الأصل صاحب الكتاب، فأنت تروي عنه لا عن هذا الطالب الذي يمسك بالكتاب.

...................................
قُلْتُ: كَذَا إنْ ثِقَةٌ مِمَّنْ سَمِعْ
ج

 

.....................أو ثِقَةٌ مُمْسِكُهُ
يَحْفَظُهُ مَعَ اسْتِماَعٍ فَاقْتَنِعْ
ج

يعني إذا كان الشيخ لا يحفظ، والكتاب ما هو بموجود، وأنت تريد الرواية عن الشيخ بطريق العرض، بطريق السماع ممكن؟ لا، ما يمكن، لماذا؟ لأنه لا يحفظ والكتاب غير موجود، ما بقي إلا العرض، كيف تعرض وأنت لا تحفظ والشيخ لا يحفظ؟ عندك طالب بمثابة نسخة من الكتاب، يحفظ الكتاب بحروفه؛ ولذا يتندر بالحفاظ من حرم الحفظ، ويقول: ما الفائدة من الحفظ؟ الحفظ زيادة نسخة، فهذا الطالب الحافظ بمثابة نسخة، "كذا إن ثقة" لا بد أن يكون ثقة.

........................ مِمَّنْ سَمِعْ

 

يَحْفَظُهُ مَعَ اسْتِماَعٍ فَاقْتَنِعْ
ج

يعني سواء الشيخ يحفظ، أو يمسك بكتابه، أو يمسكه ثقة يكون بجواره، والثقة هذا يتابع القراءة، والشيخ يقر الرد، أو يكون هناك من يحفظ الكتاب بحروفه، يكون بجانب الشيخ بمثابة النسخة، طيب لو أن الشيخ سجل الكتاب على شريط، وصار الطلاب يعرضون محفوظهم أو ما يريدون روايته عن الشيخ على هذا الشريط، يكفي أن يعرضوا على الشريط أو لا بد من وجود الشيخ؟ لا بد من وجود الشيخ وإلا فأنت تروي هذا الكتاب عن الشيخ بواسطة، وأما حكم القراءة على الشيخ والتحمل بها فيأتي غدًا -إن شاء الله تعالى-.

 

أكثر من واحد يطلب ترجمة للشيخ حافظ -رحمه الله تعالى-، وهذه تحضر فيما بعد.

"
كيف ترفع جهالة الحال؟

جهالة الحال ترفع بالتعديل.

حكم صيام يوم السبت منفردًا في غير الفرض؟ وما حكم الحديث الوارد في النهي عن صيامه؟

يكرهه أهل العلم.

هل حديث تحريك السبابة في التشهد في الصلاة شاذ؟

التحريك محفوظ، لكنه عند لفظ الشهادة والدعاء.

هذا يقول: أقترح أن يطلب من الطلاب حفظ الأبيات، وتسميعها عند بداية كل درس؛ ليكون أدعى إلى الفهم والعمل؟

لا شك أن هذا مهم بالنسبة للتحصيل، لكن الإشكال في كيفية التنفيذ، وآلية التنفيذ.

هذا يسأل: يقول: من مات النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو لم يبلغ سن التمييز؟

مات النبي -عليه الصلاة والسلام- والراوي لم يبلغ سن التمييز، أو لم يميز، المقصود أنه لم يميز، أما إذا لم يبلغ سن التمييز الذي هو السبع عند أهل العلم، أو الخمس عند أهل الحديث، وقد ميز قبل ذلك هذا يختلف، يعني كونه ميز ولم يبلغ السن هذا شيء، وكونه لم يميز بالفعل هذا شيء آخر، ولعل قصد السائل أنه لم يميز، ثم روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- حديثًا فهل هو متصل أو منقطع؟ هذا مرسله صحابي، حقيقته أنه مرسل صحابي، يعني رواه عن صحابي آخر، واحتمال أن يكون رواه عن تابعي، لكن الصحابي إذا روى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يسمعه منه، إما لصغر سنه، أو لغيبته، أو لتأخر إسلامه، فإنه يسمى مرسل الصحابي، وتقدم الكلام فيه.
أما الذي أرسله الصحابي
جج فحكمه الوصل على الصوابِ
ج
في درس الأمس في باب متى يصح تحمل الحديث أو يستحب؟ ذكرنا أن السن الذي يبحث عند أهل العلم هو سن صحة التحمل، وسن استحباب التحمل، وفيهما الخلاف المعروف الذي ذكرناه في درس الأمس، والسن الثالث وقد ذكرناه في بداية الدرس، وهو متى يستحب أن يجلس للتحديث؟ والرابع متى يكف عن التحديث؟ أما الثالث: وهو متى يستحب أن يجلس التحديث؟ فليس في هذا سن محدد، إنما يجلس إذا تأهل لذلك، واحتيج لما عنده، يجلس إذا تأهل لذلك، وليحذر كل الحذر أن يجلس قبل التأهل، ويتصدى لتعليم ما لا يعرفه، وما لا يتقنه، وقد يقول قائل: إننا رأينا وسمعنا وجلسنا وحضرنا عند أناس جلسوا للتعليم في سن مبكرة، فهل معنى هذا أنهم بلغوا سن التأهل للتعليم؟ أو أن الحاجة داعية إلى جلوسهم؟ هذه مسالة حقيقة يعني في تحديدها من قبل الشخص نفسه صعوبة، كيف يدعي لنفسه أنه تأهل للتعليم، أما مسألة الحاجة فقد يرى أن غيره ممن هو أكفأ منه تأخر عن التعليم فيتصدى له، وهو مثاب ومأجور على هذا، لكن كيف يعرف الإنسان من نفسه أنه تأهل؟ ويشهد لنفسه بذلك أنه تأهل؟ لا بد من شهادة أهل العلم له بذلك، واستفاضة أمره، وأنه إذا جلس في مجالس أهل العلم لاموه لماذا لا تُعلم؟ وإذا انتقل إلى مجلس آخر كذلك، ولو لم يدرك هذا من نفسه؛ لأنه قد يعرف غيره عنه ما لا يعرفه عن نفسه من خلال المناقشة ومن خلال المحاورة، والإشكال في مثل هذه المسالة أن الناس على طرفي نقيض، منهم من يموت وهو من كبار أهل العلم ويرى أنه ليس بأهل للتعليم، وهذا موجود، يعني في الواقع موجود، ومنهم من يتصدى للتعليم قبل التأهل، ولو أن أهل العلم الذين حملوه وتأهلوا لنشره قاموا بما أوجب الله عليهم ما صار لمثل هذا مكان ولا مجال، ولا جُلس إليه، وكثير من أهل العلم حينما يناقشون لماذا لا تجلسون للطلاب؟ وقد يكونون في بلد ليس فيه أحد يعلم الناس، وناقشنا كثيرًا من القضاة وأهل العلم في بلدان ما فيها دروس، كثير منهم يتعذر بأنه يقول: ما يوجد طلاب، جلسنا للطلاب أول ما تعينا في هذا البلد، وجلس عندنا عشرة طلاب، ثم بعد ذلك جاء رمضان وانقطع الدرس، واستأنفنا بعد العيد ما حضر إلا نصفهم، ثم جاء الحج وانقطع الدرس ولما رجعنا ما حضر إلا اثنين أو واحد، نقول: هذا ليس بعذر، ما دام يوجد واحد الحمد لله يحمل عنك هذا العلم، ويعينك على الزيادة في التحصيل؛ لأن التعليم من أعظم وسائل التحصيل تحصيل العلم، وأدركنا من شيوخنا من لا يحضر عنده إلا واحد، واحد فقط، ثم بعد ذلك انتهت مرحلة المجاهدة ومغالبة النفس إلى أن أقبل أعيان الناس أقبلوا إليه، وصاروا يعدون بالمئات، أحيانًا يزيدون عن الألف، فالمسألة مسألة امتحان، فيبتلى الإنسان ويختبر هل يصبر ويعطي من نفسه أو لا؟ والعلة التي تعلل بها بعض الناس أن الطلاب واحد أو اثنين ما يسوون الجلوس هذا الكلام ليس بصحيح، يعني المفترض أن تستأجر من يقرأ عليك بالأجرة، فإذا يسر الله لك من يحمل عنك العلم بالمجان، وتتعاون أنت وإياه على تحصيل العلم، أنت أحق منه بالتحصيل، فاستفد وأفد، فإذا تأهل الإنسان ودعت الحاجة إلى جلوسه للتعليم يجلس ولا يتأخر.
أما متى يكف عن التحديث؟ فيكف إذا خشي الاختلاط، إذا بدأت عليه أمارات التغير والاختلاط فيجب عليه أن يكف، يكف عن التعليم، يكف عن الفتوى، يكف عن القضاء؛ لأنه إذا بدأت عليه علامة الاختلاط لا شك أنه يختلط عنده الحق بالباطل، فهذا السن الذي يمكن أن يبحث عند أهل العلم في هذه المواضع، في صحة التحمل، وعرفنا هذا بالأمس، ومتى يستحب الطالب كذلك، ومتى يجلس للتحديث يحدث الناس، مالك جلس للتحديث وهو صغير، ذلكم لأنه تأهل -رحمه الله-، والحاجة دعت إلى أن يجلس، وذلك مع وجود شيوخه وجلس وصار له من الحظوة عند الناس وعند طلاب العلم وشيوخه موجودون في المسجد نفسه، في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يجلس إليهم أحد، كل هذا لأن الله -جل وعلا- علم منه صدق النية، وبذل من نفسه، والذي يبذل يعان، والمسالة لا شك أن فيها مشقة، والخلاف ما تهواه النفس، لكن مع ذلك على الإنسان أن يبذل ويسعى في تصحيح النية، ثم بعد ذلك يوفق.

يقول: هل حديث العجن في الصلاة صحيح؟

ليس بصحيح.