تعليق على تفسير سورة البقرة (81)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

نعم.  

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

قال الإمام ابن كثيرٍ –رحمه الله تعالى-: "وَقَوْلُهُ: {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة:228] أي: من حبلٍ أو حيض، قاله ابن عباسٍ، وابن عمر، ومجاهد، والشعبي، والحكم بن عتيبة، والربيع بن أنس، والضحاك، وغير واحد.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

مخاطبة النساء بهذا الأمر، وتحريم الكتمان بما عندها من حبلٍ أو حيض؛ لأن هذا أمر لا يُعرف إلا من قِبل النساء، لا يُعرف إلا من قِبل المرأة نفسها، وكتمانها لذلك؛ لأنها تستفيد منه إما تعجيل العدة لمصلحةٍ تراها أو تأخير العدة، فإذا أخرت العدة لتطول مدة النفقة، أو عجَّلت العدة لرغبتها في النكاح من غيره، فالأمر خلاف الواقع الذي أخبرت به لا يحل لها ذلك، بل يحرم عليها ذلك.

وإسناد الأمر إليهن؛ لأن هذا الأمر لا يُعرف من قِبل الرجال، وإنما يُعرف من قِبل النساء وهي مُديَّنةٌ بذلك إذا ادعت ما يُمكن إذا ادعت مع الإمكان يُقبل قولها، لكن تُديَّن بذلك، إن كانت صادقة فلا شيء عليها، وإن كانت كاذبة ارتكبت هذا المحظور وأمرها إلى الله. 

"وَقَوْلُهُ: {إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة:228] تهديدٌ لهن على خلاف الحق".

على قول خلاف الحق.

"تهديدٌ لهن على قول خلاف الحق، ودل هذا على أن المرجع في هذا إليهن؛ لأنه أمرٌ لا يعلم إلا من جهتهن، ويتعذر إقامة البينة غالبًا على ذلك، فرُد الأمر إليهن، وتُوعِدن فيه؛ لئلا يُخبرن بغير الحق، إما استعجالاً منها لانقضاء العدة، أو رغبةً منها في تطويلها، لما لها في ذلك من المقاصد. فأُمِرت أن تُخبر بالحق في ذلك من غير زيادةٍ ولا نقصان.

وقوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة:228] أي: وزوجها الذي طلقها أحق بردها ما دامت في عدتها، إن كان مراده بردها الإصلاح والخير، وهذا في الرجعيات.

فأما المطلقات البوائن فلم يكن حال نزول هذه الآية مطلقةٌ بائن، وإنما كان ذلك لما حُصِروا في الطلقات الثلاث، فأما حال نزول هذه الآية فكان الرجل أحق برجعة امرأته وإن طلقها مائة مرة".

في قوله –جلَّ وعلا-: {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة:228] يعني هذا شرط لجواز المراجعة أو صحة المراجعة، فإذا لم يُرد الإصلاح طلق طلقة رجعية أو طلقتين، وقبل تمام العدة راجع أم يُريد بذلك الإصلاح، ثبت أنه يُريد الإضرار مثلاً، هل الرجعة صحيحة أو غير صحيحة؛ لأنه في قيد {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة:228]؟

طالب:........

في هذه المواقف قد يكون الغالب الإفساد ما فيه غاية، فهل مفهوم الشرط مُعتبر أم غير مُعتبر؟

طالب:.......

وإذا كان الظاهر من حال هذا الرجل أنه يُريد الإضرار بها، نقول: رجعته غير صحيحة؟

طالب:.......

يحق له رجعتها وهو يُريد الإضرار؟

طالب:........

هو معروف أنه يُهددها مرارًا سأفعل وأفعل.

طالب:.......

لا، قلنا: إنه مريدٌ الإضرار.

طالب:.......

تصير رجعته باطلة؟

طالب:.......

احضر القرطبي.

القرائن القرائن، كمِّل.  

"فلما قُصروا في الآية التي بعدها على ثلاث طلقات صار للناس مُطلقةٌ بائنٌ وغير بائن.

وإذا تأملت هذا تبين لك ضعف ما سلكه بعض الأصوليين، من استشهادهم على مسألة عود الضمير هل يكون مخصِّصًا لما تقدمه من لفظ العموم أم لا؟ بهذه الآية الكريمة، فإن التمثيل بها غير مطابقٍ لما ذكروه، والله أعلم".

لحظة لحظة.

في ذلك إشارة يتجوزون فيها أكثر من احتمال، لكن انظر القرطبي ماذا يقول القرطبي في هذا الباب؟

طالب:.......

إذًا ما فيه إشكال.

نعم.

قال الإمام القرطبي –رحمه الله تعالى-: "الثانية: قوله تعالى: {أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة:228] أي بمراجعتهن، فالمراجعة على ضربين: مراجعةٌ في العدة على حديث ابن عمر، ومراجعةٌ بعد العدة على حديث معقل، وإذا كان هذا فيكون في الآية دليلٌ على تخصيص ما شمله العموم في المسميات؛ لأن قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة:228] عامٌ في المطلقات ثلاثًا، وفيما دونها لا خلاف فيه. ثم قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ} [البقرة:228] حكمٌ خاصٌّ فيمن كان طلاقها دون الثلاث.

وأجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة، وكانت مدخولاً بها تطليقةً أو تطليقتين، أنه أحق برجعتها ما لم تنقضِ عدتها وإن كرهت المرأة، فإن لم يُراجعها المطلق حتى انقضت عدتها فهي أحق بنفسها وتصير أجنبيةً منه، لا تحل له إلا بخطبةٍ ونكاحٍ مستأنف بوليٍّ وإشهاد، ليس على سُنَّة المراجعة، وهذا إجماعٌ من العلماء.

قال المهلب: وكل من راجع في العدة فإنه لا يلزمه شيءٌ من أحكام النكاح غير الإشهاد على المراجعة فقط، وهذا إجماعٌ من العلماء؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2]".

معنى {فَإِذَا بَلَغْنَ} [الطلاق:2] أي: قاربن {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [الطلاق:2] أي: قاربن انقضاء الأجل، وإلا إذا بلغ الأجل وانتهى فليس له رجعة.

"فذكر الإشهاد في الرجعة ولم يذكره في النكاح ولا في الطلاق.

قال ابن المنذر: وفيما ذكرناه من كتاب الله مع إجماع أهل العلم كفايةٌ عن ذكر ما روي عن الأوائل في هذا الباب، والله تعالى أعلم.

الثالثة: واختلفوا فيما يكون به الرجل مراجعًا في العدة، فقال مالك: إذا وطئها في العدة وهو يريد الرجعة وجهل أن يُشهِد فهي رجعة، وينبغي للمرأة أن تمنعه الوطء حتى يُشهِد، وبه قال إسحاق، لقوله -عليه السلام-: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى».

فإن وطئ في العدة لا ينوي الرجعة، فقال مالك: يُراجع في العدة ولا يطأ حتى يستبرئها من مائه الفاسد.

قال ابن القاسم: فإن انقضت عدتها لم ينكحها هو ولا غيره في بقية مدة الاستبراء، فإن فعل فُسِخ نكاحه، ولا يتأبد تحريمها عليه؛ لأن الماء ماؤه.

وقالت طائفة: إذا جامعها فقد راجعها، وهكذا قال سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وابن سيرين، والزهري، وعطاء، وطاووس، والثوري، قال: ويُشهِد، وبه قال أصحاب الرأي، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، حكاه ابن المنذر.

وقال أبو عمر: وقد قيل: وطؤه مراجعةٌ على كل حال، نواها أو لم ينوها، ويروى ذلك عن طائفةٍ من أصحاب مالك، وإليه ذهب الليث، ولم يختلفوا فيمن باع جاريته بالخيار أن له وطأها في مدة الخيار، وأنه قد ارتجعها بذلك إلى ملكه".

لأنها ما خرجت من ملكه مادامت في الخيار فهي في ملكه.

انظر {إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} [البقرة:228]. 

مدة الخيار شبيهةٌ بمدة العدة بالنسبة للمطلقة الحرة.

"الحادية عشرة: الرجل مندوبٌ إلى المراجعة، ولكن إذا قصد الإصلاح بإصلاح حاله معها، وإزالة الوحشة بينهما، فأما إذا قصد الإضرار وتطويل العدة والقطع بها عن الخلاص من ربقة النكاح فمحرم؛ لقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة:231] ثم من فعل ذلك فالرجعة صحيحة، وإن ارتكب النهي وظلم نفسه، ولو علمنا نحن ذلك المقصد طلقنا عليه".

مثل ما ذكرت إذا صرَّح بذلك.

طالب:.......

سُنَّة إذا راجعها ولم يُشهِد، بل وطئها صارت رجعة مثلما أُمِر بالإشهاد على الدَّين {وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:2] لو ما أشهد ما عليه.

"وقوله: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] أي: ولهن على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، فليؤدِّ كل واحد منهما إلى الآخر ما يجب عليه بالمعروف، كما ثبت في صحيح مسلم، عن جابرٍ أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال في خطبته، في حجة الوداع: «فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ، فَإِنَّكُمْ أخذتموهُنّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّح، وَلَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسَوْتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ».

وفي حديث بهز بن حكيم، عن معاوية بن حيدة القشيري".

ابن، ابن.

طالب: ابن حكيم؟

ابن حكيم بن معاوية.

طالب:........

إذا قلت: ابن معاوية بن حيدة عن أبيه عن جده، عن معاوية بن حيدة عن أبيه عن جده، أبوه ما هو مسلم، حيدة، فضلاً عن جده.

طالب:........

ما هو بصحيح هو بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة عن أبيه حكيم عن جده معاوية، وحيدة ليس بصحابي.

"وفي حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه، عن جده، أنه قال: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا؟ قَالَ: «أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طعمْتَ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ، وَلَا تَضْرِبَ الْوَجْهَ، وَلَا تُقَبِّح، وَلَا تَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ»".

الكلام في بهز بن حكيم عن أبيه عن جده لأهل العلم طويل، والأكثر على أنه إذا صح السند إليه أنه يقرب من الحسن وليس بمثل عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده دونه، ولكن مع ذلك إذا كان الإسناد قبله ممن تُقبل روايتهم فقريب من الحسن هم يقولون: حسن، وبعضهم يُنازع حتى في تحسينه؛ لأنه الكلام فيه قوي، مع أن البخاري له، علق في صحيحه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، ومع ذلك لا يُعد مما يُحتج به في صحيح البخاري أنه معلق.

وأما بالنسبة لعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما ذكره في صحيحه ولا تعليقًا، ولكنه صحح قالوا كذا، صحح له فيما رواه عنه الترمذي مع أن البخاري ما قال: صحيح، قال: هو أصح شيءٍ في الباب، ومعلومٌ أن صيغة التفضيل إذا قيل: أصح قد لا يكون صحيحًا، لكنه أمثل مما في الباب مما هو دونه في القوة.

طالب:.......

لا لا هم قالوا: ذِكر بهز بن حكيم في صحيح البخاري يُعطيه قوة، ولكن التصحيح له كما ذكره الترمذي عنه ما صرَّح ما قال: صحيح، لكنه قال: أصح، لكن من مجموع ما قيل في السلسلتين تَبين أن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أقوى من بهز بن حكيم عن أبيه عن جده.

"وقال وكيع عن بشير بن سلمان".

سلمان أم سليمان؟

طالب:........

بشير بن سليمان، ماذا عندك؟

طالب:........

سليمان، خبر ابن عباس.

طالب:........

نعم أبو سليمان.

"وعن بشير بن سليمان عن عكرمة، عن ابن عباسٍ قال: إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين لي المرأة".

لأنها تُحب الجمال مثل ما يُحبه الرجل.

"لأن الله يقول: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة:228] رواه ابن جريرٍ، وابن أبي حاتم.

وقوله: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228] أي: في الفضيلة في الخَلق والخُلق، والمنزلة، وطاعة الأمر، والإنفاق، والقيام بالمصالح، والفضل في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء:34]".

يعني جنس الرجال أفضل من جنس النساء {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة:228] {بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء:34] فالجنس جنس الرجال مُفضَّل على جنس النساء، تفضيلهن بالخَلق فالرجال أقوى من النساء، وأقدر على الأعمال الشاقة من النساء.

والخُلق أيضًا المرأة عاطفية جُبِلت على ذلك، فتجدها تثور لأدنى سبب بخلاف الرجل في الجملة الذي يتمتع بالرأي والحكمة أكثر من النساء مقابلةً للجمع بالجمع.

وأما الأفراد ففي بعض النساء ما يُعادل الجمع من الرجال، بل الفئام من الرجال، امرأة واحدة قد تُعادل جَمعًا من الرجال، لكن الكلام على الجنس مع الجنس لا الفرد مع الفرد، لا يعني أن كل فرد من الرجال أفضل من كل فردةٍ من النساء لا، لكن المسألة جنس.

طالب:.........

والله ما جاء الشرع بالنص على تفضيله مرفوض، تفضيل الرجل على المرأة، مطالبة المساواة فيما جاء النص فيه هذا مرفوض، وأما ما عدا ذلك فهو يُقبل، والمرأة على النصف من الرجل قالوا: في خمسة مواضع كما هو معلوم: في الدية، والإرث، والعقيقة، والعتق، والشهادة.

طالب:.........

على كل حال النوايا الله أعلم بها، وإن كان هناك قرائن وأشياء وأفعال يُشم منها، والله المستعان.

طالب:.........

نعم طاعة الأمر للرجل على المرأة، يلزمها طاعته.       

"وقوله: {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة:228] أي: عزيزٌ في انتقامه ممن عصاه وخالف أمره، وحكيمٌ في أمره وشرعه وقدره.

قوله تعالى: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ* فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 229-230].

هذه الآية الكريمة رافعةٌ لما كان عليه الأمر في ابتداء الإسلام، من أن الرجل كان أحق برجعة امرأته، وإن طلقها مائة مرة ما دامت في العدة، فلما كان هذا فيه ضرر على الزوجات قصرهم الله إلى ثلاث طلقات، وأباح الرجعة في المرة والثنتين، وأبانها بالكلية في الثالثة، فقال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229].

قال أبو داودٍ -رحمه الله- في سُننه: باب في نسخ المراجعة بعد الطلقات الثلاث: حدثنا أحمد بن محمد المروزي، قال: حدثني علي بن الحسين بن واقد، عن أبيه، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة:228] الآية: وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها، وإن طلقها ثلاثًا، فنسخ ذلك فقال: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة:229] الآية.

ورواه النسائي عن زكريا بن يحيى، عن إسحاق بن إبراهيم، عن علي بن الحسين، به.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا هارون بن إسحاق، قال: حدثنا عبدة -يعني ابن سليمان- عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن رجلاً قال لامرأته: لا أطلقك أبدًا ولا آويك أبدًا، قالت: كيف ذلك؟ قال: أُطلِّق، حتى إذا دنا أجلك راجعتك. فأتت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فأنزل الله –عزَّ وجلَّ-: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة:229].

وهكذا رواه ابن جرير في تفسيره من طريق جرير بن عبد الحميد، وابن إدريس، ورواه عبد بن حُميد في تفسيره، عن جعفر بن عون، كلهم عن هشامٍ، عن أبيه. قال: كان الرجل أحقُّ برجعة امرأته وإن طلقها ما شاء".

في المواضع المتقدمة كلها أحقَّ.

"ورواه عبد بن حُميد في تفسيره، عن جعفر بن عون، كلهم عن هشامٍ، عن أبيه. قال: كان الرجل أحقَّ برجعة امرأته وإن طلقها ما شاء ما دامت في العدة، وإن رجلاً من الأنصار غضب على امرأته فقال: والله لا آويك ولا أفارقك، قالت: وكيف ذلك؟ قال: أطلقك فإذا دنا أجلك راجعتك، ثم أطلقك، فإذا دنا أجلك راجعتك، فذكرت ذلك لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأنزل الله –عزَّ وجلَّ-: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة:229] قال: فاستقبل الناس الطلاق، من كان طلق ومن لم يكن طلق".

يعني من جديد "استقبل الناس الطلاق" يعني من طلق عشرًا يبدأ من جديد، والذي ما طلق يبدأ من جديد "استقبل الناس".

طالب:.........

أين؟

طالب:.........

لأن عروة ما أدرك التنزيل، عروة بن الزبير...  

طالب:.........

لا، لا.

"وقد رواه أبو بكر بن مردويه، من طريق محمد بن سليمان، عن يعلى بن شبيب -مولى الزبير-عن هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة، فذكره بنحو ما تقدم.

ورواه الترمذي، عن قتيبة، عن يعلى بن شبيب به، ثم رواه عن أبي كريب، عن ابن إدريس، عن هشام، عن أبيه مرسلاً، وقال: هذا أصح.

ورواه الحاكم في مستدركه، من طريق يعقوب بن حُميد بن كاسب، عن يعلى بن شبيبٍ به، وقال: صحيح الإسناد.

ثم قال ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن حميد، قال: حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: لم يكن للطلاق وقتٌ، يطلق الرجل امرأته ثم يراجعها ما لم تنقض العدة، وكان بين رجلٍ من الأنصار وبين أهله بعض ما يكون بين الناس، فقال: والله لأتركنك لا أيمًا ولا ذات زوج، فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي راجعها، ففعل ذلك مرارًا، فأنزل الله –عزَّ وجلَّ- فيه: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229] فوقَّت الطلاق ثلاثًا لا رجعة فيه بعد الثالثة، حتى تنكح زوجًا غيره، وهكذا روي عن قتادة مرسلاً.

وذكره السُّدي، وابن زيد، وابن جريرٍ كذلك، واختار أن هذا تفسير هذه الآية.

وقوله: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229] أي: إذا طلقها واحدةً أو اثنتين، فأنت مُخيرٌ فيها ما دامت عدتها باقية، بين أن تردها إليك ناويًا الإصلاح بها والإحسان إليها، وبين أن تتركها حتى تنقضي عدتها، فتَبيِن منك، وتُطلق سراحها مُحسنًا إليها، لا تظلمها من حقها شيئًا، ولا تضار بها. 

وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباسٍ قال: إذا طلق الرجل امرأته تطليقتين، فليتق الله في الثالثة، فإما أن يُمسكها بمعروف فيُحسن صحابتها أو يُسرحها بإحسان، فلا يظلمها من حقها شيئًا.

وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني سفيان الثوري".

"قراءةً" يعني عليه، إما أن يكون الرائي هو القارئ أو قُرئ بحضرته على الشيخ.

"قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني سفيان الثوري، قال: حدثني إسماعيل بن سُميع، قال: سمعت أبا رزينٍ يقول: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، أرأيت قول الله –عزَّ وجلَّ-: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:229] أين الثالثة؟ قال: «التَّسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ».

ورواه عبد بن حُميد في تفسيره، ولفظه: أخبرنا يزيد بن أبي حكيم، عن سفيان، عن إسماعيل بن سُميع، قال: سمعت أبا رزينٍ الأسدي يقول: قال رجلٌ: يا رسول الله، أرأيت قول الله: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة:229] فأين الثالثة؟ قال: «التَّسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ الثَّالِثَةُ».

ورواه الإمام أحمد أيضًا، وهكذا رواه سعيد بن منصور، عن خالد بن عبد الله، عن إسماعيل بن زكريا وأبي معاوية، عن إسماعيل بن سُميع، عن أبي رزين، به".

الثالثة ما في الآية التي تليها {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة:230] هذه الطلقة الثالثة، ولكن هل قوله: {أَوْ تَسْرِيحٌ} [البقرة:229] الذي جاء في هذه الروايات يعني به هذه الطلقة أو غير هذه الطلقة؟ وسيأتي الكلام في الخُلع هل يُعتبر طلاقًا أو لا؟ لأنه قال بعده بعد الخلع: {فَإِنْ طَلَّقَهَا} [البقرة:230] وسيأتي الكلام فيه للمؤلف مُفصَّلًا في هذا إن شاء الله تعالى.

"ورواه ابن مردويه أيضًا من طريق عبد الواحد بن زياد، عن إسماعيل بن سُميع، عن أنس بن مالك، عن النبي –صلى الله عليه وسلم- فذكره، ثم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن عبد الرحيم، قال: حدثنا أحمد بن يحيى، قال: حدثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة، قال: حدثنا ابن عائشة، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن أنس بن مالكٍ قال: جاء رجلٌ إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله، ذكر الله الطلاق مرتين، فأين الثالثة؟ قال: «إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ».

وقوله: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا} [البقرة:229] أي: لا يحل لكم أن تضاجروهن وتضيقوا عليهن، ليفتدين منكم بما أعطيتموهن من الأصدقة أو ببعضه، كما قال تعالى: {وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} [النساء:19]".

إذا جاءت الفاحشة المُبينة فهي مُستحقة للتأديب والتغليظ، وإن كان القصد أنها تفتدي ليعود له بعض أو جميع ما دفع؛ لأنها هي التي تسببت، وهي مستحقةٌ للعقوبة ومثلها لا يستحق الإحسان. 

"فأما إن وهبته المرأة شيئًا عن طيب نفسٍ منها، فقد قال تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} [النساء:4].

وأما إذا تشاقق الزوجان، ولم تقم المرأة بحقوق الرجل وأبغضته ولم تقدر على معاشرته، فلها أن تفتدي منه بما أعطاها، ولا حرج عليها في بذلها، ولا عليه في قبول ذلك منها؛ ولهذا قال تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا...}".

إذا كانت لا تُطيقه، فيكون هذا خلاف ما جاء في الخبر «الطاعة بالمعروف»؛ لأن الإكراه على ما لا تُطيقه النفس ليس من المعروف، لو أن الأب ألزم ولده أن يأكل طعامًا لا يستسيغه ما تلزم إجابته إذا كان لا يُطيقه.

بعض الناس يعزف عن شيء بحيث لا يُطيقه ولا يستطيع الإقدام عليه وإن كان مرغوبًا محبوبًا عند آخرين، فمثل هذا لا يُلزم به، وإذا أكرهها على معاشرته وهي لا تُطيقه فإنه لا يلزمها ذلك، لكن عليها أن تفتدي.

"ولهذا قال تعالى: {وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة:229] الآية".

فأما إذا لم يكن لها عذر وسألت الافتداء منه، فقد قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار".

إذا سألت الخلع، فقد سألت الطلاق، وجاء النهي والوعيد على من سألت الطلاق في غير ما عذر أو غير ما بأس «لَمْ تَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ»، والله المستعان.

"فقد قال ابن جرير: حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: وحدثني يعقوب بن إبراهيم".

بعض النسخ ح وحدثني يعقوب بن إبراهيم، حاء التحويل معروفة.

"قال: حدثنا ابن علية -قالا جميعًا: حدثنا أيوب، عن أبي قلابة، عمن حدثه، عن ثوبان، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقَهَا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ» وهكذا رواه الترمذي، عن بندار، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي به. وقال: حسن. قال: ويروى عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان. ورواه بعضهم، عن أيوب بهذا الإسناد. ولم يرفعه.

وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة -قال: وذكر أبا أسماء، وذكر ثوبان قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ».

وهكذا رواه أبو داود، وابن ماجه، وابن جرير، من حديث حماد بن زيد، به".

لما في ذلك من الأثر الكبير على الزوج، إذا ما كان هناك إشكال وقد أحبها وتعلق بها، ثم تسأله وهي غير متضررة، بل قد تكون لها رغبة ونظر في غيره، هذه جناية على الزوج، نسأل الله العافية.

طالب:.........

كيف تزوج عليها؟ بشرع الله، هي إذا خشيت على نفسها كما سيأتي في حديث امرأة ثابت بن قيس، قالت: ما أعتب عليه خُلقًا ولا دينًا، ولكني أكره الكفر بعد الإسلام.

بعض الناس تصل بها الغيرة إلى أن تخرج من دينها، ما هو بالكفر مثلًا، الخروج بالذي جاء في حديث امرأة ثابت بن قيس كما سيأتي، فإذا كانت لا تُطيق ذلك فلها أن تفتدي، وإلا فالزواج من الثانية والثالثة والرابعة زواجٌ شرعي.

طالب:........

قد كرهته، فما الخيار الثاني؟ إذا كانت لا تُطيقه كما سيأتي في الحديث.

طالب:.......

الحب أمرٌ قلبي والبغض، إلا فلو شهد أحد أنها تتحدث في المجالس أنها تُحبه، وترغب فيه، ولم يصل إليها أدنى ضرر منه، وادعت أنها تكرهه ما تصدق.

طالب:.......

طلق زوجته من غير سبب، ماذا يصير؟ هو ما جاء فيه وعيد، لكن يقع بمسألة الطلاق التي هي مكروهة ومُبغضة في الشرع.

طالب:.......

الحكم واحد والمسألة فراق، سواءٌ كان خُلعًا أو طلاقًا.

"طريقٌ أخرى: قال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن ليثٍ، عن أبي إدريس، عن ثوبان مولى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ، حَرّم اللَّهُ عَلَيْهَا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ» وقال: «الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ».

ثم رواه ابن جرير والترمذي جميعًا، عن أبي كُريبٍ، عن مُزاحم بن ذواد بن علبة، عن أبيه، عن ليثٍ هو ابن أبي سُليم عن أبي الخطاب، عن أبي زرعة، عن أبي إدريس، عن ثوبان قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ» ثم قال الترمذي: غريبٌ من هذا الوجه، وليس إسناده بالقوي.

حديثٌ آخر: قال ابن جرير: حدثنا أبو كُريب، قال: حدثنا حفص بن بشر، قال: حدثنا قيس بن الربيع، عن أشعث بن سِوار".

سَوار.

"عن أشعث بن سَوار، عن الحسن عن ثابت بن يزيد، عن عقبة بن عامرٍ قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ الْمُخْتَلِعَاتِ الْمُنْتَزِعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ» غريبٌ من هذا الوجه ضعيف.

حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، قال: حدثنا وهيبٌ، قال: حدثنا أيوب، عن الحسن عن أبي هريرة، عن النبي –صلى الله عليه وسلم -: «الْمُخْتَلِعَاتِ الْمُنْتَزِعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ».

حديثُ آخر: قال ابن ماجه: حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، قال: حدثنا أبو عاصم، عن جعفر بن يحيى بن ثوبان، عن عمه عمارة بن ثوبان، عن عطاءٍ، عن ابن عباس، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا تسألُ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ كُنْهِه فَتَجِدَ رِيحَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لُيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»".

الحديث الوارد بطرقه وألفاظه في المختلعات وهن المنافقات، كثرة هذه الطرق وإن كانت هذه الطرق كلها ضعيفة تدل على التحذير من طلب الفراق، أما ما جاء بالنسبة للطلاق فالحديث فيه لا إشكال فيه، أنها لا ترح رائحة الجنة.

وأما طلب الخلع فلا يجوز لها طلب ذلك؛ لما ورد من الأحاديث، وإن كانت بالمعاوضة يعني على نفس الزوج أخف من كونها تطلب الفراق بدون معاوضة، ولكن له ذلك إذا طلبت الفراق ولم تُبين سببًا لهذا الطلب فإن له ألا يُطلق إلا بمقابل، وطلب الفراق سواءً كان بالطلاق أو بالخلع كله إذا لم يكن هناك سبب لا يجوز للمرأة أن تطلبه.

اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.