تعليم القرآن بعوض شهري

Question
كنت أبحث عن عمل؛ ليكون مصدرًا للرزق، فعُرض علي التعليم في حلقة تحفيظ القرآن، وقيل لي بأن النفع مع كسب الرزق خير من كسب الرزق مجردًا في الشركات ونحوها، فهل يجوز لي التعليم وأنا مُقبل عليه وفي أصل النية البحث عن مصدر الرزق؟
Answer

لا شك أن أخذ الأجرة على تعليم القرآن جاء فيه حديث أبي سعيد –رضي الله عنه- «إن أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» [البخاري: 5737]، وهذا في مسألة الرقية، ولا شك أن التعليم لكتاب الله -جل وعلا- أنفع من مجرد الرقية، فأخذ الأجرة عليه لا بأس به، ولا مانع منه ما لم يكن الهدف متمحِّض للأجرة، أما إذا كان يعلِّم الناس القرآن ليدخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: «خيركم من تعلم القرآن وعلّمه» [البخاري: 5027]، وأخذ هذه الأجرة ليستعين بها على أمور دينه ودنياه فإن هذا لا مانع منه -إن شاء الله تعالى-، وأما من تمحَّضت نيَّته للأجرة من غير نظر إلى إفادة أو استفادة فإن هذا عمله باطل، وليس بمأجور بل مأزور؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: ١٥ - ١٦]، وهذا في جميع أعمال الخير لا سيما ما كان من العبادات المحضة، قل مثل هذا في تعليم الحديث، قل مثل هذا في تعليم العلم الشرعي، وإمامة الناس في المساجد، والإمام أحمد في المشارطة لما سُئل عن قول الرجل: أصلي بكم رمضان بكذا، قال: هذا رجل سوء، من يصلي خلف هذا؟!

لكن لو أخذ جُعلًا من بيت المال؛ ليستعين به على أمور دينه ودنياه، وفي مقابل انقطاعه عن الأعمال التي يكتسب من أجلها، أو أَخَذ على تعليم الحديث أو العقيدة أو الفقه أو ما أشبه ذلك لا مانع منه -إن شاء الله تعالى-، في مقابل التفرغ والتعطل عن الكسب؛ لأنه يحتاج وذريته تحتاج، وخير من تكفف الناس، أما أن يكون جاء لهذا العمل لأجل الكسب فهذا مذموم بلا شك.

وأما تعليم العلوم الأخرى من علوم الدنيا كالحِرَف والصناعات والتجارة والزراعة وتعليم الطب والصيدلة وغير ذلك من العلوم هذا لا شيء فيه؛ لأنها من أمور الدنيا، لكن إذا نوى بذلك النية الصالحة، ونوى بذلك نفع الناس والإحسان إليهم في هذه المهن والحِرَف وهذه العلوم فلا شك أنه يؤجر؛ لأن النية الصالحة تقلب العادات إلى عبادات، والله المستعان.