التعليق على تفسير القرطبي - سورة النازعات (02)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

في الدرس الماضي في صفحة مئتين وسبعة وتسعين قال: وقرأ أبو عمرو وابنه عبد الله، وأنا استظهرت قلت: لعله عمر وابنه عبد الله، لكن الصواب كما في تفسير أبي حيان: وقرأ عمر وأبيّ وعبد الله.

هذا واحد كتب في حكم إزالة الجبال، وما يتعلق بها قال: هل في إزالة الجبال من خطورة؟

تعرضنا له في درس مضى.

قال: إن خلق الجبال في الأرض من أعظم أسباب استقرارها، ولولاها لتحركت واهتزت وتزلزلت، فلذلك يقول الله تعالى مُظهرًا لهذه النعمة على عباده:       النبأ: ٦ - ٧  قال ابن كثير- رحمه الله-: النبأ: ٧  أي جعل لها أوتادًا وأرساها بها وثبتها وقررها حتى سكنت ولم تضطرب؛ قال تعالى: النحل: ١٥  قال البغوي- رحمه الله-: أي لئلا تميد بكم أي تتحرك وتميل، والميد هو الاضطراب والتكفؤ، وليس المقصود بتحليل ما يجري هذه الأيام من اضطرابات في بعض المناطق من الدولة، فربي أعلم بتلك الأسباب، النحل: ١٥  والميد هو الحركة والاضطراب.

لا، هذا ما له علاقة، الاضطرابات التي تنشأ عن حركات بسبب ظلم أو غيره هذا ما هو.. ليس المعنى المقصود الاضطراب الحسي.

ولكن الذي نحن في يقين منه أن إزالة الجبال من مساحات شاسعة تنافي حكمته سبحانه من خلق هذه الجبال استقرارًا للأرض وتثبيتًا لها، وبعض الناس لو قيل له: إن دراسات غربية تحذر من هذا الأمر وتقول: إن هذا ينتج عنه كذا وكذا لطار به وتلقفه بعقله وقلبه، ولكن يسمع آيات الله تتلى عليه من الحكيم الخبير، ومع ذلك لا يتحرك له ساكن، فمن الأولى أن يُصدَّق، ويسلم له تسليمًا؟!

***

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه، قال الإمام القرطبي- رحمه الله تعالى-:

" قوله تعالى: النازعات: ١٥ - ١٦  أي قد جاءك وبلغك حديث موسى، وهذا تسلية للنبي -صلى الله عليه وسلم- أي أن فرعون كان أقوى من كفار عصرك، ثم أخذناه، وكذلك هؤلاء، وقيل: هل.. "

يعني كذلك هؤلاء كفار عصرك نأخذهم كما أخذناه.

" وقيل: هل بمعنى ما أي ما أتاك، ولكن أُخبرت به فإن فيه عبرة لمن يخشى، وقد مضى من خبر موسى وفرعون في غير موضع ما فيه كفاية. "

قصة موسى مع قومه من فرعون وقومه وملأه كررت في القرآن أكثر من غيرها في مواضع كثيرة، ما فيه أكثر من تكرار قصة موسى مع فرعون، لكنها على وجوه؛ بعضها إشارات، وبعضها بإيجاز، وبعضها باختصار، وبعضها ببسط المقصود..

طالب: ...........

نعم، هي كررت أكثر من غيرها.

طالب: ...........

ما فيه سورة موسى، فيه سورة محمد ومريم وهود ويونس ويوسف وإبراهيم.

طالب: ...........

على كل حال الله- جل وعلا- قد يفرده بسورة لحكمة، هذا إذا قلنا: إن التسمية من الله، وقد يكون النبي -عليه الصلاة والسلام- سمَّاها على خلاف بين أهل العلم، المقصود أن قصة موسى أُبدئ فيها وأعيد أكثر من غيرها، وفيها من العِبر والعظات ما لو تأمله لاستفاد فائدة عظمى، وليس المراد من ذكر فرعون ولا من ذكر غيره من الأمم التسلية أو مجرد سرد تاريخي لا، المراد بذلك الاعتبار؛ لئلا نسلك مسالكهم، فنهلك كما هلكوا، ولذا يقول عمر- رضي الله عنه- مضى القوم ولم يرد به سوانا،       ﯱﯲ يوسف: ١١١.

" وفي طُوى ثلاث قراءات، قرأ ابن محيصن وابن عامر والكوفيون: طوىً منوّنًا، واختاره أبو عبيد؛ لخفة الاسم، والباقون بغير تنوين؛ لأنه معدول مثل عُمر وقُثم. "

فيكون ممنوعًا من الصرف، والممنوع من الصرف لا ينون.

" قال الفراء: طوى وادٍ بين المدينة ومصر قال: وهو معدول عن طاوٍ كما عُدل عمر عن عامر، وقرأ الحسن وعكرمة: طِوى بكسر الطاء، وروي عن أبي عمر على معنى المقدس مرة بعد مرة قاله الزجاج وأنشد:

أعاذل إن اللوم في غير كنهه     

 

علي طِوىً من غيك المتردد     .

أي هو لوم مكرر علي، وقيل: ضم الطاء وكسرها لغتان، وقد مضى في طه القول فيه.       النازعات: ١٧  أي ناداه ربه فحذف؛ لأن النداء قول، فكأنه قال له ربه:           النازعات: ١٧  أي جاوز القدر في العصيان، ورُوي عن الحسن قال. "

كثيرًا ما يطوى الكلام للعلم به، وهنا ناداه الله- جل وعلا- فقال له: اذهب، ولا يحتاج إلى أن يقال: ناداه اذهب أو قيل له، إنما مجرد الأمر دليل على أنه حضر، وقيل له ما قيل.

" وروي عن الحسن قال: كان فرعون عِلجًا من همدان، وعن مجاهد قال: كان من أهل اصطخر، وعن الحسن أيضًا قال: من أهل أصبهان يقال له: ذو ظفر، طوله أربعة أشبار   ...النازعات: ١٨. "

طول فرعون ما هو بطول الظفر، والأربعة الأشبار متر، يذكر من قصره في كتب التاريخ، ويذكر أشياء في خلْقه وخِلْقته وخلُقه.

طالب: ...........

ما فيه صورة حقيقية، أقول الصورة تخيل.

طالب: ...........

نحت.

 نُجّي؛ ليكون عبرة.

طالب: ...........

والله ما ندري، على كل حال بالتاريخ مذكور، كتب التواريخ تذكر هذا.

"   النازعات: ١٨  أي تسلم فتطهر من الذنوب، وروى الضحاك عن ابن عباس قال: هل لك أن تشهد أن لا إله إلا الله، النازعات: ١٩  أي وأرشدك إلى طاعة ربك، النازعات: ١٩  أي تخافه وتتقيه، وقرأ نافع وابن كثير: تزّكى بتشديد الزاي على إدغام التاء في الزاي؛ لأن أصلها تتزكى، الْبَاقُونَ: تزكى بتخفيف الزاي على معنى طرح التاء، وقال أبو عمرو: تزّكى بالتشديد تتصدق بالصدقة، وتزكى يكون زكيًّا مؤمنًا، وإنما دعا فرعون. "

تزكى بالتخفيف يكون من تزكية النفس، وبالتشديد يكون من تزكية المال، وتزكية النفس تطهيرها، وتزكية المال تنميته وتطهيره.

" وإنما دعا فرعون ليكون زكيًّا مؤمنًا قال: فلهذا اخترنا التخفيف، وقال صخر بن جويرية: لما بعث الله موسى إلى فرعون قال له:       النازعات: ١٧  إلى قوله: النازعات: ١٩  ولن يفعل، فقال: يا رب، وكيف أذهب إليه وقد علمت أنه لا يفعل، فأوحى الله إليه أن امض إلى ما أمرتك به، فإن في السماء اثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يبلغوه ولا يدركوه، فأراه الآية الكبرى. "

يعني وإن كان في علم الله وفي قدره وتقديره أنه لا يؤمن، لكن المأمور ببذل السبب أخفيت عنه العاقبة، ما يدري هو يؤمن أم لا، افعل ما أمرت به، وهكذا في حال الآمر والناهي ما يمكن أن يقول: هذا شخص لا يستجيب فلا آمره ولا أنهاه، أنت ابذل السبب، وأمر وانهَ، استجاب أو لا يستجيب، هذا ليس إليك.

" فأراه الآية الكبرى أي العلامة العظمى وهي المعجزة، وقيل: العصا، وقيل: اليد البيضاء تبرق كالشمس، وروى الضحاك عن ابن عباس: الآية الكبرى قال: العصا، وقال الحسن: يده وعصاه، وقيل: فلق البحر، وقيل: الآية إشارة إلى جميع آياته ومعجزاته. "

فتكون جنس   النازعات: ٢٠  جنس الآيات، وقد نص الله- جل وعلا- على تسع آيات من آيات موسى.

" النازعات: ٢١  أي كذب نبي الله موسى النازعات: ٢١  أي عصى ربه- عز وجل-،     النازعات: ٢٢  أي ولّى مدبرًا معرضًا عن الإيمان النازعات: ٢٢  أي يعمل بالفساد في الأرض، وقيل: يعمل في نكاية موسى، وقيل:     النازعات: ٢٢  هاربًا من الحية، النازعات: ٢٣  أي جمع أصحابه ليمنعوه منها، وقيل: جمع جنوده للقتال والمحاربة، والسحرة للمعارضة، وقيل: حشر الناس للحضور النازعات: ٢٣  أي قال لهم بصوت عالٍ: النازعات: ٢٤  أي لا رب لكم فوقي، ويروى أن إبليس تصور لفرعون في صورة الإنس بمصر في الحمام فأنكره فرعون فقال له إبليس: ويحك، أما تعرفني قال: لا، قال: وكيف وأنت خلقتني؟ ألست القائل أنا ربكم الأعلى؟ ذكره الثعلبي في كتاب العرائس، وقال عطاء: كان صنع لهم أصنامًا صغارًا: وأمرهم بعبادتها فقال: أنا رب أصنامكم، وقيل: أراد القادة والسادة هو ربهم، وأولئك هم أرباب السفلة، وقيل: في الكلام تقديم وتأخير، فنادى، فحشر؛ لأن النداء يكون قبل الحشر، ﭿ     النازعات: ٢٥. "

وقد يكون بعده، لما جمعهم وحشرهم ناداهم، والنداء يكون بصوت عالٍ بخلاف المناجاة فإنها بصوت منخفض، والصوت العالي يحتاج له عند البعد بعد المسافة أو كثرة الجموع.

" ﭿ     النازعات: ٢٥  أي نكال قوله: ﭿ القصص: ٣٨  وقوله بعد النازعات: ٢٤  قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة، وكان بين الكلمتين أربعون سنة قاله ابن عباس، والمعنى أمهله في الأولى، ثم أخذه في الآخرة فعذبه بكلمتيه، وقيل: نكال الأولى هو أن أغرقه، ونكال الآخرة العذاب في الآخرة، وقاله قتادة وغيره، وقال مجاهد: هو عذاب أول عمره وآخره، وقيل: الآخرة قوله: النازعات: ٢٤  والأولى تكذيبه لموسى، عن قتادة أيضًا، ونكال منصوب على المصدر المؤكد في قول الزجاج؛ لأن معنى أخذه الله : نكل الله به، فأخرج نكال مصدر من معناه لا من لفظه، وقيل: نُصب بنزع حرف الصفة أي فأخذه الله بنكال الآخرة، فلما نزع.. "

نكال مصدر من أخذ يعني من معنى نكّل، أخذه نكّل به ﭿ     النازعات: ٢٥  مثل ما تقول: قعدت جلوسًا يعني مصدر معنوي.

" فلما نزع الخافض نصب، وقال الفراء: أي أخذه الله أخذًا نكالاً أي للنكال، والنكال اسم لما جعل نكالاً للغير أي عقوبة له حتى يعتبر به، يقال: نكّل فلان بفلان إذا أثخنه عقوبة، والكلمة من الامتناع، ومن النكول عن اليمين، والنكل القيد، وقد مضى في سورة المزمّل، والحمد لله.   النازعات: ٢٦  أي اعتبارًا وعظة   النازعات: ٢٦  أي يخاف الله- عز وجل-. قوله تعالى: النازعات: ٢٧. "

تقدم في صفحة خمس وأربعين من الجزء نفسه الكلام في نكال.

خمس وأربعين.

طالب: ست وأربعين.

المزمل: ١٢  الأنكال: القيود، عن الحسن ومجاهد وغيرهما: واحدها نِكْل، وهو ما منع الإنسان من الحركة، وقيل: سمي نكلاً؛ لأنه ينكل به، قيل: إنه أنواع العذاب الشديد.

" قوله تعالى: النازعات: ٢٧  يريد أهل مكة، أي أخلقكم بعد الموت أشد في تقديركم ﮎﮏ النازعات: ٢٧ ، فمن قدر على السماء قدر على الإعادة كقوله تعالى:   غافر: ٥٧،  وقوله تعالى:   ﯣﯤ يس: ٨١  فمعنى الكلام التقريع والتوبيخ، ثم وصف السماء فقال: النازعات: ٢٧  أي رفعها فوقكم كالبناء، النازعات: ٢٨  أي أعلى سقفها في الهواء، يقال: سمكت الشيء أي رفعته في الهواء، وسمك الشيء سموكًا ارتفع، وقال الفراء: كل شيء حمل شيئًا من البناء وغيره فهو سمك، وبناء مسموك وسنام سامك تامك أي عالٍ، والمسموكات السموات، ويقال: اسمك في الديم أي اصعد في الدرجة. "

يقول: معنى الكلم التقريع والتوبيخ ﮎﮏ النازعات: ٢٧   لا شك أنه متضمن للتقريع والتوبيخ، كما أنه متقرر متضمن لتقرير حقيقة إذا قلت: زيد أكرم من عمرو، وعمرو أكرم من بكر، إذن زيد أكرم من بكر بلا شك، وإذا كانت السماء أشد خلقًا من بني آدم، والله- جل وعلا- قادر على خلقها إذن هو قادر على بني آدم من باب أولى إذا قدر على الأشد فما دونه من باب أولى.

" قوله تعالى: النازعات: ٢٨. "

طالب: ...........

هو قاله- جل وعلا-.

طالب: ...........

وما فيه شك أن السموات أشد من بني آدم هذه أمور محسوسة.

طالب: ...........

البعث؛ لأن الخلق موجود ما يمكن ينكرونه.

طالب: ...........

لأنها أشد إذا قدر الإنسان على فعل شيء فما دونه من باب أولى فضلاً عن الخالق الذي لا يعجزه شيء.

" قوله تعالى: النازعات: ٢٨  أي خلقها خلقًا مستويًا لا تفاوت فيه ولا شقوق ولا فطور، النازعات: ٢٩  أي جعله مظلمًا، غطش الليل وأغطشه الله، كقولك: ظلم الليل وأظلمه الله. "

أظلم الليل كما يقال أيش؟ الأولى الموضع الأول أي جعله الله مظلمًا غطش، وأغطشه الله كقولك: ظلم تحتها أظلم.

" كقولك ظلم الليل وأظلمه الله ويقال أيضًا: أغطش الليل بنفسه وأغطشه الله كما يقال: أظلم الليل وأظلمه الله، والغطش والغبش: الظلمة. "

كما تقول أيضًا: مات زيد وتوفاه الله الفعل يضاف لفاعله الحقيقي كما يضاف لغيره لأدنى مناسبة.

" ورجل أغطش أي أعمى أو شبيه به، وقد غطش، والمرأة غطشى، ويقال: ليلة غطشاء، وليل أغطش، وفلاة غطشى لا يهتدى لها، قال الأعشى:

وبهماء بالليل غطشى الفلاة             .

 

يؤنسني صوت قيادها               .

فيادها فيادها.

..............................              .

 

يؤنسني صوت قيدها            .

فَيادها، يقول الفياد بفتح الفاء وضمها ذَكَر البوم.

..............................              .

 

يؤنسني صوت ....            .

طالب: ...........

ويهماء بالليل أي نعم بالياء.

وبهماء بالليل غطشى الفلاة             

 

يؤنسني صوت فيادها               .

وقال الأعشى أيضًا:

عقرت لهم موهًنا ناقتي          .

 

وغامرهم مدلهم غطِش                 .

أي يغامرهم ليلهم؛ لأنه غمرهم بسواده، وأضاف الليل إلى السماء؛ لأن الليل يكون بغروب الشمس، والشمس مضاف إلى السماء ويقال: نجوم الليل؛ لأن ظهورها بالليل النازعات: ٢٩  أي أبرز نهارها وضوءها وشمسها، وأضاف الضحى إلى السماء، كما أضاف إليها الليل؛ لأن فيها سبب الظلام والضياء، وهو غروب الشمس وطلوعها. النازعات: ٣٠  أي بسطها، وهذا يشير إلى كون الأرض بعد السماء، وقد مضى القول فيه في أول البقرة عند قوله تعالى:       البقرة: ٢٩  مستوفًى، والعرب تقول.. "

مما يدل على أن الأرض قبل السماء البقرة: ٢٩ ، فإذا خلق ما فيها ثم استوى إلى السماء وقد خلقها قبل ذلك، وأما الدحو فكان بعد خلق السماء.

" والعرب تقول: دحوت الشيء أدحوه دحوًا إذا بسطتُّه. "

بسطتَّه.

" إذا بسطتَّه ويقال لعش النعامة. "

أدحي.

"أُدحي لأنه مبسوط على وجه الأرض وقال أمية بن أبي الصلت:

وبث الخلق فيها إذ دحاها               

 

فهم قطانها حتى التنادي                   

وأنشد المبرد:

دحاها فلما رآها استوت                 .

 

على الماء أرسى عليها الجبال                     .

وقيل: دحاها سواها، ومنه قول زيد بن عمرو:

وأسلمت وجهي لمن أسلمت                    .

 

له الأرض تحمل صخرًا ثقالاً                       .

دحاها فلما استوت شدها                      .

 

بأيد وأرسى عليها الجبالَ                       .

وعن ابن عباس: خلق الله الكعبة ووضعها على الماء على أربعة أركان قبل أن يخلق الدنيا بألف عام، ثم دُحيت الأرض من تحت البيت. وذكر بعض أهل العلم أن بعد في موضع مع، كأنه قال: والأرض مع ذلك دحاها، كما قال تعالى: القلم: ١٣،  ومنه قولهم: أنت أحمق وأنت بعد هذا سيئ الخلق قال الشاعر:

فقلت لها عني إليك فإنني                      .

 

حرام وإني بعد ذاك لبيبُ                       .

أي مع ذاك لبيب، وقيل: بعد بمعنى قبل، كقوله تعالى: ﭿ        الأنبياء: ١٠٥  أي من قبل الفرقان قال أبو خراش الهذلي:

حمدت إلهي بعد عروة إذ نجا                      .

 

خراش وبعض الشر أهون من بعض                       .

وزعموا أن خراشًا نجا قبل عروة وقيل: النازعات: ٣٠   حرثها وشقها."

ﭿ        الأنبياء: ١٠٥  إذا كان المراد الذكر هو الذكر الحكيم الذي هو القرآن فلا شك أن بعد بمعنى قبل، قبل القرآن، فيكون حينئذٍ "بعد" من الأضداد تأتي بمعناها المتعارف عليه، وتأتي على ضده.

" وقيل: دحاها حرثها وشقها، قاله ابن زيد، وقيل: دحاها مهدها للأقوات، والمعنى متقارب، وقراءة العامة: والأرضَ بالنصب أي دحا الأرض، وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون: والأرضُ بالرفع على الابتداء؛ لرجوع الهاء ويقال: دحا يدحو دحوًا ودحا يدحَى دحيًا كقولهم: طغى يطغى ويطغو وطغِي يطغى، ومحى يمحو ويمحي، ولحا العود يلحا ويلحو، فمن قال: يدحو قال: دحوت، ومن قال: يدحي قال: دحيت. النازعات: ٣١  أي أخرج من الأرض النازعات: ٣١.. "

يعني الواو في المضارع إذا ثبتت في الماضي ثبتت في المضارع دحوت أدحو، وإذا ثبتت الياء دحيت فمعناه أدحي.

" النازعات: ٣١  أي العيون المتفجرة بالماء. النازعات: ٣١  أي النبات الذي يرعى وقال القتبي: دل بشيئين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتًا ومتاعًا للأنام من العشب والشجر والحب والتمر والعصف والحطب واللباس والنار والملح؛ لأن النار من العيدان والملح من الماء.   النازعات: ٣٢  قراءة العامة: والجبالَ بالنصب أي وأرسى الجبال أرساها يعني أثبتها في.. "

هم يقولون مثل هذا يكون منصوبًا بفعل محذوف يفسره المذكور، والجبال أرساها؛ لأن الفعل المذكور مشغول بنصب الهاء، فنحتاج إلى تقدير لناصب للمفعول ويفسره المذكور، وأرسى الجبال أرساها.

" أي وأرسى الجبال أرساها يعني أثبتها فيها أوتادًا لها، وقرأ الحسن وعمرو بن ميمون وعمرو بن عبيد ونصر بن عاصم: والجبالُ بالرفع، وقيل: هلّا أدخل حرف العطف على أخرج فيقال: إنه حال بإضمار قد كقوله تعالى: النساء: ٩٠. النازعات: ٣٣  أي منفعة لكم. النازعات: ٣٣   من الإبل والبقر والغنم، ومتاعًا نصب على المصدر من غير اللفظ؛ لأن معنى النازعات: ٣١  أمتع بذلك، وقيل: نصب بإسقاط حرف الصفة تقديره لتتمتعوا به متاعًا. "

وحرف الصفة يقصد به حرف الجر، حرف الجر يسمونه حرف صفة؛ لأن له معنى.

" قوله تعالى:   النازعات: ٣٤ أي الداهية العظمى وهي النفخة الثانية التي يكون معها البعث قاله ابن عباس في رواية الضحاك عنه، وهو قول الحسن، وعن ابن عباس أيضًا والضحاك: أنها القيامة، سُمِّيت بذلك؛ لأنها تطم على كل شيء، فتعم ما سواها؛ لعظم هولها أي تقلُّبه، وفي أمثالهم:

 جرى الوادي فطم على القرى.. "

على القري على القَرِي.

" فطم على القَرِيِّ. "

القري: مجرى الماء في الروضة، والجمع أقرية وأقراء وقريان.

" وقال المبرد: الطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع، وإنما أخذت- فيما أحسب- من قولهم: طم الفرس طميمًا إذا استفرغ جهده في الجري، وطم الماء إذا ملأ النهر كله، وقال غيره: هي مأخوذة من طم السيل الركية أي دفنها، والطم الدفن والعلو، وقال القاسم بن الوليد الهمداني: الطامة الكبرى حين يساق أهل الجنة إلى الجنة، وأهل النار إلى النار، وهو معنى قول مجاهد، وقال سفيان: هي الساعة التي يسلم فيها أهل النار إلى الزبانية أي الداهية التي طمت وعظمت قال:

إن بعض الحب يعمي ويصم                      .

 

وكذاك البغض أدهى وأطم                       .

النازعات: ٣٥. "

نعم، وكذلك البغض يعمي ويصم أيضًا بالأشد إذا كان الحب يعمي عن المساوئ، ويصم عن ذكرها، فكذلك البغض يعمي عن ذكر المحاسن، بل هو أشد، نسأل الله العافية، عن ذكر المحاسن، ويلصق به المساوئ ما يكفي أنه يعمي عن المحاسن، بل هو أشد.

" النازعات: ٣٥  أي ما عمل من خير أو شر.   النازعات: ٣٦  أي ظهرت.     النازعات: ٣٦  قال ابن عباس: يكشف عنها فيراها تتلظى كل ذي بصر، وقيل: المراد الكافر؛ لأنه الذي يرى النار بما فيها من أصناف العذاب، وقيل: يراها المؤمن؛ ليعرف قدر النعمة، ويصلى الكافر بالنار، وجواب   النازعات: ٣٤  محذوف أي إذا جاءت الطامة دخل أهل النار النار، وأهل الجنة الجنة، وقرأ مالك.. "

إذا جاءت الطامة انكشف الغطاء، وحينئذٍ لا ينفع نفسًا إيمانها، كل عرف مصيره ومآله.

" وقرأ مالك بن دينار: وبَرَزت الجحيم، وقرأ عكرمة وغيره لمن ترى بالتاء أي لمن تراه الجحيم أي لمن تراه أنت يا محمد، والخطاب له- عليه السلام- والمراد به الناس. "

على كل حال اللفظ عام له -عليه الصلاة والسلام- ولغيره، هذا إذا قلنا إنها برِّزت لكل من يراه من مؤمن وكافر، وإذا قيل إنها برِّزت لمن يراها ممن يدخلها، فهذا خاص بالكفار.

" قوله تعالى:   النازعات: ٣٧ - ٣٨  أي تجاوز الحد في العصيان، قيل: نزلت في النضر وابنه الحارث، وقيل: هي عامة في كل كافر آثر الحياة الدنيا على الآخرة، وروي عن يحيى بن أبي كثير قال: من اتخذ من طعام واحد ثلاثة ألوان فقد طغى، وروى جويبر. "

نعم من اتخذ من طعام واحد، يعني على مائدته يوضع ثلاثة ألوان من الطعام فقد طغى، وهذا بناءً على ما كانوا يعيشونه من زهد وتقشف، وإذا قرأنا في عيشه -عليه الصلاة والسلام- ما رأينا مثل هذا ثلاثة ألوان من الطعام، وانظر الآن في موائد الناس كم نوع، عشرات ما هي بثلاثة ولا ولا عشرة ولا أكثر، عشرات الأنواع والألوان، وقد يؤتى بها من الأقطار، وتنقل الوليمة والمائدة من قارة إلى أخرى تؤكل في وقتها؛ لأن وسائل النقل تيسرت، فمأكولات هذا البلد تنقل إلى بلد آخر لتؤكل؛ لوجود وليمة من غني أو نحوه أو وجيه أو مسؤول، هذا حصل حتى إن بعضهم جمع على مائدته من القارات الست مائدة واحدة لمناسبة عنده جمع لها ما جمع، وهنا يقول: من اتخذ من طعام واحد ثلاثة ألوان فقد طغى، ولا شك أن هذا يدل على شيء من الركون إلى الدنيا، وأما من اقتدى به -عليه الصلاة والسلام- فعيشه معروف مبسوط في الشمائل، والبخاري رحمه الله ذكر في صفة عيشه -عليه الصلاة والسلام- ما يكفي ويشفي.

طالب: ...........

النضر بن الحارث هو النضر بن الحارث وأبيه.

طالب: ...........

والله عندنا وابنه ما انتبهت لها هو النضر بن الحارث ماذا عندك؟

طالب: وابنه.

مثلي أجل...

" وروى جويبر عن الضحاك قال: قال حذيفة: أخوف ما أخاف على هذه الأمة أن يؤثروا ما يرون على ما يعلمون، ويروى أنه.. "

على ما يعلمون يعني ما بلغهم في النصوص وإن لم يروه، الأخبار الصحيحة الثابتة فيما أعد لهم من عذاب أو نعيم يؤثرون عليه مما يرون، من باب ليس الخبر كالمعاينة، لكن خبر الصادق منزَّل منزلة المعايَن في القطعية، كما أن الله جل وعلا قال:    الفيل: ١ الرسول ما رآه، لكن بلغه بخبر يقيني قطعي، فنزل منزلة المشاهَد، ولذا المؤمنون يقطعون بما بلغهم عن الله وعن رسوله، ويقدمونه على ما يشاهدون، وقد أورد ابن القيم إشكالًا يراه بعض الناس هو في الحقيقة ليس بإشكال، قال: إن بعض الناس يقول الحسنة بعشرة أمثالها، والوعد آجل آجل بعد أمد طويل بعد الموت وبعد البعث يعني الوفاء، بينما تجد في أمور الدنيا من المكاسب العاجلة الشيء الكثير هذا في التجارات ظاهر فيه مكاسب، وإن لم تبلغ عشرة أضعافه لكنها آجلة وملموسة وآنية، يقول: فكيف المستشكل فكيف نقدِّم الآجل على العاجل؟ المحسوس بالمعلوم؟ يعني ما هو بحسي معنوي إذا نظرنا إلى النسب الآن في التجارات تكسب واحدًا بالمائة اثنين بالمائة عشرة بالمائة، وإذا أجّلت سنة تضيف لها نسبة، وسنتين تضيف وهكذا، لكن متى تبلغ سبعمائة ضعف؟ الأمر الثاني أن هذه الأمور ولو تضاعفت آلاف الأضعاف من أمور الدنيا فهي من حطامها الزائل، وأما ما يوعد به العامل يوم القيامة فهو من الباقي، ولا نسبة للدنيا بحذافيرها لشيء يسير من أمور الآخرة، موضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما فيها، وركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها، ما فيه نسبة، لكن هؤلاء الذين يحسبون الحسابات هم الذين ما عندهم يقين بوعد الله- جل وعلا-، وهم في شك وريب، وغلبت عليهم شهواتهم وأنفسهم وشيطانهم.

" ويروى أنه وجد في الكتب: إن الله- جل ثناؤه- قال: لا يؤثر عبد لي دنياه على أخراه إلا بثثت عليه همومه وضيع.. وضَيْعَته، ثم لا أبالي في أيها هلك. فإن الجحيم هي المأوى أي مأواه، والألف واللام بدل من الهاء. النازعات: ٤٠  أي حذِر مقامه بين يدي ربه، وقال الربيع: مقامه يوم الحساب، وكان قتادة يقول: إن لله- عز وجل- مقامًا قد خافه المؤمنون، وقال مجاهد: هو خوفه في الدنيا من الله- عز وجل- عند مواقعة الذنب فيقع فيقلع نظيره. الرحمن: ٤٦   النازعات: ٤٠  أي زجرها عن المعاصي والمحارم، وقال سهيل. "

سهل.

" وقال سهل: ترك الهوى مفتاح الجنة. "

الذي يظهر أنه سهل، سهل بن عبد الله التستري، وله تفسير مختصر على طريقة الصوفية.

" وقال سهل: ترك الهوى مفتاح الجنة؛ لقوله عز وجل:   النازعات: ٤٠  قال عبد الله بن مسعود: أنتم في زمان يقود الحق الهوى، وسيأتي زمان يقود الهوى الحق، فتعوذ بالله من ذلك الزمان. "

فنعوذ فنعوذ بالله..

" فنعوذ بالله من ذلك الزمان. "

وهذا ظاهر فيما يصنعه كثير ممن يبرز للناس ويزعم أنه يوجههم ويدلهم على ما ينفعهم، وهو في الحقيقة هو دعاية لنفسه فقط، ولذلك إذا قال كلامًا انتصر له وبحث عما يدل له، فالهوى هو الذي يقود الدليل عنده، بخلاف من يبحث عن الدليل قبل، فيجعل الحق هو الذي يقود الهوى، ويكون هواه تبعًا لما جاء من نص عن الله وعن رسوله.

"    النازعات: ٤١  أي المنزل، والآيتان نزلتا في مصعب بن عمير وأخيه عامر بن عمير، فروى الضحاك قال: أما من طغى فهو أخ لمصعب بن عمير أُسر يوم بدر فأخذته الأنصار، فقالوا من أنت؟ قال: أنا أخو مصعب بن عمير، فلم يشدوه في الوثاق وأكرموه وبيّتوه عندهم، فلما أصبحوا حدثوا مصعب بن عمير حديثه، فقال: ما هو لي بأخ، شدوا أسيركم، فإن أمه أكثر أهل البطحاء حليًّا ومالاً، فأوثقوه حتى بعثت أمه في فدائه، النازعات: ٤٠  فمصعب بن عمير وقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنفسه يوم أحد حين تفرق الناس عنه حتى نفذت المشاقص في جوفه، وهي السهام، فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متشحطًا في دمه قال: «عند الله أحتسبك»، وقال لأصحابه: «لقد رأيته وعليه بردان ما تعرف قيمتهما، وإن شراك نعليه من ذهب» وقيل: إن مصعب... "

مخرّج مخرّج؟

طالب: ...........

نعم.

" وعن.. وقيل: إن مصعب بن عمير قتل أخاه عامرًا يوم بدر، وعن ابن عباس أيضًا قال: نزلت هذه الآية في رجلين أبي جهل بن هشام المخزومي ومصعب بن عمير العبدري، وقال السدي: نزلت هذه الآية النازعات: ٤٠  في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك أن أبا بكر كان له غلام يأتيه بطعام، وكان يسأله: من أين أتيت بهذا؟ فأتاه يومًا بطعام فلم يسأله وأكله فقال له غلامه: لم لا تسألني اليوم؟ فقال: نسيت، فمن أين لك هذا الطعام؟ فقال تكهنت لقوم في الجاهلية فأعطونيه، فتقيأه من ساعته وقال: يا رب ما بقي في العروق فأنت حبسته فنزلت: النازعات: ٤٠  وقال الكلبي: نزلت فيمن همّ بمعصية وقدر عليها في خلوة ثم تركها من خوف الله، ونحوه عن ابن عباس، يعني من خاف. "

مثل ما جاء في أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله: «ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله» تركها، الله المستعان.

" ونحوه عن ابن عباس يعني: من خاف عند المعصية مقامه بين يدي الله فانتهى عنها، والله أعلم. قوله تعالى: النازعات: ٤٢ قال ابن عباس: سأل مشركو مكة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متى تكون الساعة؟ استهزاءً، فأنزل الله- عز وجل- الآية، وقال عروة بن الزبير في قوله تعالى: ﯿ         النازعات: ٤٣ لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل عن الساعة حتى نزلت هذه الآية        النازعات: ٤٤  ومعنى مرساها أي قيامها، قال الفراء: رسوّها قيامها كرسوّ السفينة، وقال أبو عبيدة.. "

يعني المكان الذي تقف عنده أو الزمان الذي تحصل فيه.

" وقال أبو عبيدة: أي منتهاها، ومرسى السفينة حيث تنتهي، وهو قول ابن عباس، وقال الربيع بن أنس: متى زمانها، والمعنى متقارب، وقد مضى في الأعراف بيان ذلك، وعن الحسن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لا تقوم الساعة إلا بغضبة يغضبها ربك»."

لأنها لا تقوم إلا على شرار الناس، لا تقوم والأرض يقال فيها: الله الله، فهم أهل للغضب والمقت، نسأل الله العافية.

" ﯿ         النازعات: ٤٣  أي في أي شيء أنت يا محمد من ذكر القيامة والسؤال عنها وليس لك السؤال عنها، وهذا معنى ما رواه الزهري، عن عروة بن الزبير قال: لم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل عن الساعة حتى نزلت: ﯿ               النازعات: ٤٣ - ٤٤  أي منتهى علمها، فكأنه- عليه السلام- لما أكثروا عليه سأل الله أن يعرفه ذلك فقيل له: لا تسأل فلست في شيء من ذلك، ويجوز أن يكون إنكارًا على المشركين في مسألتهم له أي فيم أنت من ذلك حتى يسألوك بيانه ولست ممن يعلمه، رُوي معناه عن ابن عباس والذكرى بمعنى الذكر،       النازعات: ٤٤  أي منتهى علمها، فلا يوجد عند غيره علم الساعة، وهو كقوله تعالى: ﯹﯺ الأعراف: ١٨٧، وقوله تعالى:   لقمان: ٣٤.. "

فلا يدري ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله- جل وعلا-؛ لأنها من الخمس المغيبات، فلا يعلمها لا ملك مقرب ولا نبي مرسل، كما في حديث جبريل سأل النبي -عليه الصلاة والسلام- متى تقوم؟ قال: «ما المسؤول بأعلم من السائل»، ومن المبالغة في إخفائها أن الله- جل وعلا- قال: طه: ١٥ هو أخفاها عن جميع الخلق، فما معنى قوله: طه: ١٥ قال المفسرون: حتى من نفسي.. يعني لا يطلع عليها المخلوق ألبتة، ومن المبالغة في إخفائها أنه يكاد يخفيها عن نفسه- جل وعلا-.

"       النازعات: ٤٥  أي مخوف، وخص الإنذار بمن يخشى؛ لأنهم المنتفعون به، وإن كان منذرًا لكل مكلَّف، وهو كقوله تعالى: إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب، وقراءة العامة: منذرُ بالإضافة غير منون طلب التخفيف، وإلا فأصله التنوين؛ لأنه للمستقبل، وإنما لا ينون في الماضي قال الفراء: يجوز التنوين وتركه كقوله تعالى: ﮱﯓ الطلاق: ٣ وبالغٌ أمره، و             الأنفال: ١٨ وموهنٌ كيد الكافرين، والتنوين هو الأصل، وبه قرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج وابن محيص وحميد وعياش عن أبي عمرو: منذرٌ منونًا، وتكون في موضع نصب، والمعنى نصب، إنما ينتفع بإنذارك من يخشى الساعة، وقال أبو علي: يجوز أن.. "

شف المعنى نصب.. مثل ما عنده؟ المعنى نفس الشيء؟

طالب: ...........

طيب.. التنوين إذا كان للمستقبل، وإذا كان للماضي لخبر عما مضى فهو لا ينوّن ويقولون: فرق بين من يقول: أنا قاتلُ زيد، وأنا قاتلٌ زيدًا، فالذي يقول: أنا قاتلُ زيد يخبر عن نفسه أنه قتل زيدًا في الزمن الماضي، والذي يقول: أنا قاتلٌ زيدًا يهدد زيدًا بالقتل؛ لأنه في المستقبل.

طالب: ...........

أين؟

طالب: ...........

المسألة مسألة قراءات، فإذا ثبتت انتهى الإشكال، لكن المعنى في اللغة هذا هو الأصل فيه.

طالب: ...........

منذر الإنذار كما أنه في الماضي يكون أيضًا للمستقبل.

" وقال أبو علي: يجوز أن تكون الإضافة للماضي نحو ضارب زيدٍ أمس؛ لأنه قد فعل الإنذار، والآية رد على من قال: أحوال الآخرة غير محسومة، وإنما هي. "

محسوسة محسوسة.

محسوسة؟

أي نعم.

" أحوال الآخرة غير محسوسة، وإنما هي راحة الروح أو تألمها يمن غير حس.    النازعات: ٤٦  يعني الكفار يرون الساعة. النازعات: ٤٦  أي في دنياهم إلا عشية أي قدر عشية أو ضحاها أي أو قدر الضحى الذي يلي تلك العشية، والمراد تقليل مدة الدنيا كما قال تعالى:    ﯿﰀ الأحقاف: ٣٥ وروى الضحاك عن ابن عباس: كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا يومًا واحدًا، وقيل: لم يلبثوا في قبورهم إلا عشية أو ضحاها، وذلك أنهم استقصروا مدة لبثهم في القبور لما عاينوا من الهول. "

لأنهم يتمنون أنها لو مُدت وطالت أن مكثهم في القبور وهم يُعذَّبون مع ذلك أسهل من مآلهم، نسأل الله العافية.

" وقال الفراء: يقول القائل: وهل للعشية ضحى، وإنما الضحى لصدر النهار، ولكن أُضيف الضحى إلى العشية، وهو اليوم الذي يكون فيه على عادة العرب يقولون: آتيك الغداة أو عشيتها، وآتيك العشية أو غداتها. "

يعني هذا أو هذا في نفس اليوم.

" فتكون العشية في معنى آخر النهار، والغداة في معنى أول النهار قال: وأنشدني بعض بني عُقيل:

نحن صبّحنا عامرًا في دارها                        .

جردًا تعادى طرفي نهارها                        .

عشية الهلالِ أو سرارها                        .

أراد عشية الهلال أو سرار العشية فهو أشد من آتيك الغداة أو عشية أو عشيها. "

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك...

"