التعليق على تفسير القرطبي - سورة العاديات

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قال الإمام القرطبي -رحمه الله تعالى-:

سورة وَٱلۡعَٰدِيَٰتِ العاديات:1، وهي مكية في قول ابن مسعود وجابر والحسن وعكرمة وعطاء، ومدنية في قول ابن عباس وأنس ومالك وقتادة، وهي إحدى عشرة آية، بسم الله الرحمن، قوله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}[العاديات:1]  قوله تعالى: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}[العاديات:1] أي الأفراس تعدو، كذا قال عامة المفسرين وأهل اللغة أي تعدو في سبيل الله فتضبح، قال قتادة: تضبح إذا عدت أي تحمحم. وقال الفراء. "

صوت الخيل حمحمة، صوتها حمحمة، وهل يلتحق بها ما ينتفع به في الجهاد، يعني مما يستحق أن يقسم به الله- جل وعلا- أقسم بالخيل التي تعدو في الجهاد في سبيل الله، كذلك يستعمل غيرها مما يركب، لكن ما نرى أهل العلم جعلوا غيرها بمثابتها، فيقسمون للفارس مع فرسه ثلاثة أسهم للفرس سهمان ضعف ما يصرف للفارس، فهل غيرها بمثابتها مما يركب، قد تكون الآلات الحديثة أنفع من الخيل في الأزمان المتأخرة مثل السيارات والطائرات وغيرها، ولا شك أن القسم بها تشريف لها؛ لأن الله - جل وعلا- لا يقسم إلا بما هو بمنزلة من الشرف، والقسم بالشيء تعظيم له، ولا شك أن للخيل كما جاءت بذلك النصوص فضائل ومزايا ليست لغيرها، ولذا اختصت بتفسير العاديات، وإلا فالأصل أن العاديات كل ما يعدو، لكن الضبح الذي هو الحمحمة من خصائصها، وكذلك ما يلي الموريات قدحًا، الموريات قدحًا هذا لا يوجد لغيرها؛ لقوة أثرها في الحجارة وصلابة حوافرها تقدح، معناه يشتعل نار وليس ذلك لا للإبل ولا للحمر ولا لغيرها مما يعدو.

طالب: ...................

نعم، لكن «ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي»، هل معنى هذا أن تفسير القوة بالرمي يقتضي التخصيص؟ لا، لا يقتضي التخصيص.

طالب: ...................

ماذا هو؟

طالب: ...................

لا، فيه ما هو أفضل من الرمي الآن، لكن في وقته -عليه الصلاة والسلام- ما فيه أفضل من الرمي.

"وقال الفرّاء: الضبح صوت أنفاس الخيل إذا عدون. قال ابن عباس: ليس شيء من الدواب يضبح غير الفرس والكلب والثعلب، وقيل: كانت تكعم؛ لئلا تصهل فيعلم العدو بهم، فكانت تتنفس في هذه الحال بقوة قال ابن العربي: أقسم الله بمحمد -صلى الله عليه وسلم- فقال:{يس*وَالْقُرْآنِ الْحَكِيم}[يس:1]، ٢،،، ، وأقسم بحياته فقال:{لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُون}[الحجر:72]، وأقسم بخيله وصهيلها وغبارها وقدح حوافرها النار من الحجر فقال:  {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا}[العاديات:1] الآيات الخمس، وقال أهل اللغة:

وطعنة ذات رشاش واهية
 

 

طعنتها عند صدور العادية
 

يعني الخيل، وقال آخر:

والعاديات أسابي الدماء بها
 

 

........................."
 

أسابيُّ.

"........ أسابيُّ الدماء بها
 

 

كأن أعناقها أنصاب ترجيبي
 

يعني الخيل، وقال عنترة:

والخيل تعلم حين تضبح
 

 

في حياض الموت ضبحًا
 

وقال الآخر:

لست بالتُبّع اليماني إن لم
 

 

تضبح الخيل في سواد العراق
 

وقال أهل اللغة: وأصل الضبح والضباح للثعالب، فاستعير للخيل، وهو من قول العرب: ضبحته النار إذا غيرت لونه ولم تبالغ فيه."

يعني كلفحته.

" وقال الشاعر:

فلما أن تلهجونا شواء
 

 

به اللهبان مقهورًا ضبيحًا
 

وانضبح لونه إذا تغير إلى السواد قليلاً، وقال: علقتها قبل انضباح لوني، وإنما تضبح هذه الحيوانات إذا تغير حالها من فزع وتعب أو طمع ونصب ضبْحًا على المصدر أي.. "

إذا فزعت وخافت لا شك أنه يشتد العدو عندها تزيد السرعة، حتى الإنسان إذا خاف وفزع تزيد سرعته، ويُعان بقوة ما كان يعهدها.

" ونصب ضبحًا على المصدر أي والعاديات تضبح ضبحًا، والضبح أيضًا: الرماد، وقال البصريون: ضبحًا نصب على الحال، وقيل: مصدر في موضع الحال قال أبو عبيدة: ضبحت الخيل ضبحًا مثل ضبعت، وهو السير، وقال أبو عبيدة: الضبح والضبع بمعنى العدو والسير. وكذا قال المُبرِّد: الضبح مد أضباعها في السير. وروي أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث سرية إلى أناس من بني كنانة فأبطأ عليه خبرها، وكان استعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري، وكان أحد النقباء، فقال المنافقون: إنهم قتلوا فنزلت هذه السورة إخبارًا للنبي -صلى الله عليه وسلم- بسلامتها وبشارةً له بإغارتها على القوم الذين بُعث إليهم، وممن قال: إن المراد بالعاديات الخيل ابن عباس وأنس والحسن ومجاهد، والمراد الخيل التي يغزو عليها المؤمنون، وفي الخبر: «من لم يعرف حرمة فرس الغازي ففيه شعبة من النفاق»، وقول ثانٍ إنها الإبل. "

مخرّج؟

طالب: ...................

أما تفضيل الفرس فهو ظاهر في النصوص، «والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة»، وأيضًا كونه يفرض لها ويسهم لها من الغنيمة ضعف ما يفرض ويسهم للمجاهد في سبيل الله، لا شك أنه دليل على أثرها في الجهاد.

طالب: ...................

هكذا.

طالب: ...................

أضباعها أعضادها.

" وقول ثانٍ إنها الإبل قال مسلم: ناهزت فيها عكرمة. "

نازعت.

نازعت؟

نازعت.

" نازعت فيها عكرمة فقال عكرمة: قال ابن عباس: هي الخيل، وقلت: قال علي: هي الإبل في الحج، ومولاي أعلم من مولاك. وقال الشعبي: تمارى علي وابن عباس في العاديات، فقال علي: هي الإبل تعدو في الحج. وقال ابن عباس: هي الخيل، ألا تراه يقول: فَأَثَرۡنَ بِهِۦ نَقۡعٗا  العاديات:4، فهل تثير إلا بحوافرها؟ وهل تضبح الإبل؟ فقال علي: ليس كما قلت، لقد رأيتنا يوم بدر وما معنا إلا فرس أبلق للمقداد وفرس لمرثد بن أبي مرثد، ثم قال له علي: أتفتي الناس بما لا تعلم، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام وما معنا إلا فرسان فرس للمقداد وفرس للزبير، فكيف تكون العاديات ضبحًا، إنما العاديات الإبل من عرفة إلى المزدلفة ومن المزدلفة إلى عرفة. قال ابن عباس: فرجعت إلى قول علي، وبه قال ابن مسعود وعبيد بن عمير. "

الآن من عرفة إلى مزدلفة ومن المزدلفة إلى عرفة هي ترجع لعرفة مرة ثانية.

طالب: عندنا إلى منى...

نعم إلى منى كذا عندكم.

طالب: ...................

هذا هو الصواب؛ لأنها ما ترجع إلى عرفة.

طالب: ...................

مسلم كأنه من موالي علي بن أبي طالب، لكن أنا ما أدري والله، مسلم بن خالد الزنجي؟

طالب: ...................

من أبو صالح؟

طالب: ...................

أعطنا الثاني من التقريب، نشوف من هو مسلم هذا، التقريب رقم اثنين.

طالب: ...................

أم هانئ أخت علي أم هانئ بنت أبي طالب.

طالب: ...................

ما يبين إلا من خلال كتب التفسير بالأثر، ويراجع الطبري أو يراجع..

طالب: ...................

أو من الدر المنثور.

طالب: ...................

لكن هذا بعيد، يعني تصحيفه ما هو قريب، لكن مادام يقول مولاي فهو من موالي علي، فينظر في مواليه.

" قال ابن عباس: فرجعت إلى قول علي، وبه قال ابن مسعود وعبيد بن عمير ومحمد بن كعب والسدي، ومنه قول صفية بنت عبد المطلب.

فلا والعاديات غداة جمع
 

 

بأيديها إذا سطع الغبار
 

يعني الإبل، وسميت العاديات؛ لاشتقاقها من العدو، وهو تباعد الأرجل في سرعة المشي، وقال آخر:

رأى صاحبي في العاديات نجيبة
 

 

وأمثالها في الواضعات القوامس
 

ومن قال هي الإبل فقوله: {ضَبْحًا}[العاديات:1] بمعنى ضبعًا، فالحاء عنده مبدلة من العين؛ لأنه يقال: ضبعت الإبل وهو أن تمد أعناقها في السير، وقال المبرِّد: الضبع مد أضباعها في السير، والضبح أكثر ما يستعمل في الخيل، والضبع في الإبل، وقد تبدل الحاء من العين، قال أبو صالح: الضبح من الخيل الحمحمة، ومن الإبل التنفس. وقال عطاء: ليس شيء من الدوابّ يضبح إلا الفرس والثعلب والكلب. وروي عن ابن عباس، وقد تقدم عن أهل اللغة أن العرب تقول: ضبح الثعلب: وضبح في غير ذلك أيضًا قال. "

توبة.

توبة.

توبة بن..

طالب: ...................

ابن حُميِّر نعم.

" قال توبة:

ولو أن ليلى الأخيلية سلمت
 

 

علي ودوني تربة وصفائح
 

 

لسلمت تسليم البشاشة أو زقا
 

 

إليها صدى من جانب القبر ضابح
 

يعني ولو في قبره يرد عليها.

زَقَا الصَّدَى يَزْقُو زُقَاءً: أَيْ صَاحَ. وَكُلُّ زَاقٍ صَائِحٍ. وَالزَّقْيَةُ: الصَّيْحَةُ. "

الزَّقية.

" والزَّقية الصيحة. "

وما فيه قراءة إن كانت إلا صيحة؟ ما فيه قراءة زقية.

طالب: ...................

أبو عمر ما يعرف إلا المتواتر وإلا كان يريد أن يعلمنا الشواذ، ما يعرفها.

طالب: ...................

شاذة، نعم.

{فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا}[العاديات:2] قال عكرمة وعطاء والضحاك: هي الخيل حين توري النار بحوافرها وهي سنابكها. وروي عن ابن عباس وعنه أيضًا: أورت بحوافرها غبارًا، وهذا يخالف سائر ما روي عنه في قدح النار، وإنما هذا في الإبل، وروى ابن أبي نجيح. "

نعم الإبل تثير الغبار، ولا تقدح، لكن الخيل لصلابة حوافرها من قوة وطئها على الحصا لا شك أنها توري النار كحصاة أخرى.

" وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات:1-2] قال: قال ابن عباس: هو في القتال، وهو في الحج. قال ابن مسعود: هي الإبل تطأ الحصا فتخرج منها النار، وأصل القدح الاستخراج، ومنه قدحت العين إذا أخرجت منها الماء الفاسد، واقتدحت بالزَّند واقتدحْتُ المرق غرفته، وركيّ قدوح تغترف باليد والقديح ما يبقى في أسفل القدر فيغرف بجهد، والمقدحة ما تقدح به النار، والقداحة والقداح الحجر الذي يوري النار، يقال: ورى الزند بالفتح يري وري إذا خرجت ناره، وفيه لغة أخرى: وري الزند بالكسر يري فيهما، وقد مضى هذا في سورة الواقعة، وقدحًا انتصب بما انتصب به ضبحًا، وقيل: هذه الآيات في الخيل، ولكنها إيراءها أن تهيج الحرب بين أصحابها وبين عدوهم، ومنه يقال للحرب إذا التحمت: حمي الوطيس، ومنه قوله تعالى:{كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ} [المائدة:64]، وروي معناه عن ابن عباس أيضًا وقاله قتادة.. وعن ابن عباس أيضًا وعن ابن عباس أيضًا. "

ما فيه تكرار.

طالب: ...................

هذا تكرار، وروي معناه عن ابن عباس أيضًا وقاله قتادة، وعندك عن ابن عباس أيضًا هذا مكرر.

" وعن ابن عباس أيضًا أن المراد بالموريات قدحًا: مكر الرجال في الحرب، وقاله مجاهد وزيد بن أسلم، والعرب تقول إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه: والله لأمكرن بك ثم لأورّين لك. "

أوْرِيَنّ.

" ثم لأوْرِيَنّ لك، وعن ابن عباس أيضًا: هم الذين يغزون فيسورون نيران. "

لا لا، فيورون.

" فيورون نيرانهم بالليل لحاجتهم وطعامهم. "

يعني يوقدونها.

" وعنه أيضًا: أنها نيران المجاهدين إذا كثرت نارها إرهابًا، وكل من قرب من العدو يوقد نيرانًا كثيرة؛ ليظنهم العدو كثيرًا، فهذا إقسام بذلك، قال محمد بن كعب: هي النار تجمع، وقيل: هي أفكار الرجال توري نار المكر والخديعة، وقال عكرمة: هي ألسنة الرجال توري النار من عظيم ما تتكلم به ويظهر بها من إقامة الحجج وإقامة الدلائل وإيضاح الحق وإبطال الباطل. وروى ابن جبير. "

لكن هذا خلاف المتبادر من اللفظ ومن معناه، فالذي يورى هو النار، فيه كتاب لأبي العلاء المعرّي من دواوينه اسمه سقط الزَّند، سقط الزَّند، ما معنى سَقْط؟ الزَّند الذي تشعل به النار ومازال اللفظ مستعملًا وسقطه وريه يعني قدحه، أما ألسنة الرجال وتوري النار من عظيم ما تتكلم.. هذه قد تكون سببًا لاشتعال النيران ونشوب الحروب، ما فيه إشكال، لكن تنزّل عليها الآية بعيد جدًّا.

" وروى ابن جريج عن بعضهم قال: المنجحات أمرًا وعملاً كنجاح الزند إذا أوري. قلت: هذه الأقوال مجاز، ومنه قولهم: فلان يوري زناد الضلالة، والأول الحقيقة، وأن الخيل من شدة عدوها تقدح النار بحوافرها، قال مقاتل: العرب تسمي تلك النار نار أبي حباحب. وكان أبو حباحب شيخًا من مضر في الجاهلية من أبخل الناس، وكان لا يوقد نارًا لخبز ولا لغيره حتى تنام العيون فيوقد نويرة. "

تقد مرة.

" تَقِدُ مَرَّةً وَتَخْمَدُ أخرى، فإن استيقظ لها أحد أطفأها؛ كراهية أن ينتفع بها أحد فشبهت العرب هذه النار بناره؛ لأنه لا ينتفع بها، وكذلك إذا وقع السيف على البيضة فاقتدحت نارًا، فكذلك يسمونها. "

يعني مثل ما قال الشاعر:

قوم إذا استنبح الأضياف كلبهم
 

 

قالوا لأمهم بولي على النار
 

حتى ما يشوفهم أحد، لكن انظر السخرية ما قالوا لواحد من أطفالهم أو عيالهم ولا صبوا عليها ماءً أو شيئًا، نسأل الله العافية، يوغلون في السخرية.

"قال النابغة:

ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم
 

 

بهن فلول من قراع الكتائب
 

تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ الْمُضَاعَفَ نَسْجُهُ
 

 

وتوقد بالصفاح نار الحباحب"
 

نعم هذا يسمونه تأكيد المدح بما يشبه الذم، ولا عيب فيهم إن كان هذا عيبًا غير أن سيوفهم بهن فلول من قراع الكتائب، هذا مدح ليس بذم، لكن هو يؤكد المدح، ويؤصل المدح بما يشبه الذم، فهو أسلوب معروف مطروق.

" قوله تعالى:{فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا}[العاديات:3] الخيل تغير على العدو عند الصبح، عن ابن عباس وأكثر المفسرين: وكانوا إذا أرادوا الغارة سروا ليلاً ويأتون العدو صبحًا؛ لأن ذلك وقت غفلة الناس، ومنه قوله تعالى:{فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِين}[الصافات:177] "

لا، والجو إلى الآن ما اشتدت حرارته بعد، وهو أفضل وقت للإغارة والغزو أو بعد الزوال إذا هبت الرياح، وهذا معروف.

" وقيل: لعزهم أغاروا نهارًا وصبحًا على هذا أي علانية تشبيهًا بظهور الصبح، وقال ابن مسعود وعلي رضي الله عنهما. "

لو كانوا ذليلين لأغاروا بالليل ما أغاروا بالنهار.

" وقال ابن مسعود وعلي- رضي الله عنهما-: هي الإبل تدفع بركبانها يوم النحر من منى إلى جمع، والسنة ألا تدفع حتى تصبح، وقاله القرظي، والإغارة سرعة السير، ومنه قولهم: أشرق ثبير كيما نغير. "

هذا كلام أهل الجاهلية الذين ينتظرون طلوع الشمس ليلة جمع، وإلا فالسنة مخالفتهم ألا ينتقل الناس من جمع إلى منى إلا قبل طلوع الشمس ينتقلون قبل طلوع الشمس إذا أسفروا.

طالب: ...................

ماذا هو؟

طالب: ...................

لا، من جمع إلى منى، من جمع إلى منى.

" قوله تعالى: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}[العاديات:4] أي غبارًا يعني الخيل تثير الغبار بشدة العدو في المكان الذي أغارت به، قال عبد الله بن رواحة:

عدمت بنيتي إن لم تروها
 

 

تثير النقع من كنفي كداء
 

والنكاية. "

من كنفي كداء أو موضعها المطبوع أعرف الذي عندك من كنفي كَداء، لكن المحفوظ.

طالب: ...................

هي كَداء لكن من كنفي كذا؟!

طالب: ...................

أعرف الذي عندكم بالكتاب، لكن المحفوظ.

طالب: ...................

أو موضعها أو موعدها.

طالب: ...................

نعم، لكن البيت عدمت بنيت إن لم تروها، على كل حال الأمر سهل.

والنكاية.. أو والكناية يا شيخ؟

والكناية.

والكناية في به.

يعني الضمير يعبر عن الضمير بالكناية.

" ترجع إلى المكان أو إلى الموضع الذي تقع فيه الإغارة، وإذا علم المعنى جاز أن يكنى على عما لم يجر له ذكر بالتصريح كما قال:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَاب}[ص:32] "

يعني الشمس، وهي لم يسبق لها ذكر.

" وقيل: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}[العاديات:4] أي بالعدو {نَقْعًا}[العاديات:4]، وقد تقدم ذكر العدو، وقيل: النقع ما بين مزدلفة إلى منى، قاله محمد بن كعب القرظي، وقيل: إنه طريق الوادي، ولعله يرجع إلى الغبار المثار من هذا الموضع، وفي الصحاح: النقع الغبار، والجمع نقاع، والنقع محبس الماء وكذلك ما اجتمع في البئر منه، وفي الحديث أنه نهى أن يمنع نقع البئر. "

نقع نهى.

" نهى أن يمنع نقعُ البئر. "

مخرّج؟

طالب: ...................

ولا ينزل..

طالب: ...................

تلفيق للطرق.

" والنقع: الأرض الحرة الطين يُستنقع فيها الماء، والجمع نِقَاعٌ وَأَنْقُعٌ، مثل بحر وبحار وأبحر."

الحرة الطين يعني فيه طين حر، يعني طينها حر، فيه طين حر ما تعرفه.. والنقع الأرض الحرة الطين.

طالب: ...................

هو فيه طين قوي شديد ما يتفتت، كأنه حجارة، هذا حر، وطين كأنه مخلوط بشيء من الرمل، يعني سهل زواله وتأثره.

طالب: ...................

لا، واحد لونه واحد، ولذلك كانت المنازل تعيش أكثر من مائة سنة وهي طين، تضربها السيول كل سنة ولا عليها.

"قلت: وقد يكون النقع رفع الصوت، ومنه حديث عمر حين قيل له: إن النساء قد اجتمعن يبكين على خالد بن الوليد، فقال: وما على نساء بني المغيرة أن يسفكن من دموعهن وهن جلوس على أبي سليمان ما لم يكن نقع ولا لقلقة. قال أبو عبيد: يعني بالنقع رفع الصوت على هذا رأيت قول الأكثرين من أهل العلم، ومنه قول لبيد:

فمتى ينقع صراخ صادق
 

 

يحلبوها ذات جرس وزَجل"
 

يعني هو ماشي على المعنى {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}[العاديات:4] صوتًا، من قرع حوافرها بالحجارة، إضافة إلى الغبار، وإضافة إلى القدح وإيراء النار.

طالب: ...................

لا لا، أقل ... وذلك ما لم ... ماذا يقول؟

طالب: يكن نقع..

نعم، يعني ما لم يكن هناك رفع صوت.

" ويروى: يحلبوها أيضًا يقول: متى سمعوا صراخًا أحلبوا الحرب أي جمعوا لها. وقوله: ينقع صراخ يعني رفع الصوت، وقال الكِسائي: قوله: نقع ولا لقلقة، النقع: صنعة الطعام يعني في المأتم يقال منه: نقعت أنقع نقعًا، قال أبو عبيد: ذهب بالنقع إلى النقيعة، وإنما النقيعة عند غيره من العلماء صنعة الطعام عند القدوم من سفر لا في المأتم، وقال بعضهم. "

وكل نوع من أنواع الضيافات الثماني عند العرب له اسم، وقال بعضهم..

" وقال بعضهم: يريد عمر بالنقع وضع التراب على الرأس، يذهب إلى أن النقع هو الغبار، ولا أحسب عمر ذهب إلى هذا ولا خافه منهن، وكيف يبلغ خوفه ذا وهو يكره لهن القيام فقال: يسفكن من دموعهن وهن جلوس، قال بعضهم: النقع شق الجيوب، وهو الذي لا أدري ما هو من الحديث، ولا أعرفه، وليس النقع عندي في هذا الحديث إلا الصوت الشديد، وأما اللقلقة فشدة الصوت، ولم أسمع فيه اختلافًا، وقرأ أبو حيوة: فأثّرنا بالتشديد أي آرت آثار ذلك، ومن خفف فهو من أثار إذا حرك، ومنه: وأثار الأرض. قوله تعالى:{فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}[العاديات:5] جمعًا مفعول بوسطن أي فوسطن بركابهن العدوّ أي الجمع الذي أغاروا عليهم، وقال ابن مسعود: {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا}[العاديات:5] يعني مزدلفة، وسميت جمعًا لاجتماع الناس، ويقال وسطت القوم أسطهم وسطًا وسطة أي صرت وسطهم، وقرأ علي- رضي الله عنه-: فوسّطن بالتشديد، وهي قراءة قتادة وابن مسعود وأبي رجاء لغتان بمعنى وسّطت القوم بالتشديد والتخفيف وتوسّطتهم بمعنى واحد، وقيل معنى التشديد جعلها الجمعاء قسمين، والتخفيف صرن في وسط الجمع، وهما يرجعان إلى معنى الجمع. "

متقاربان يعني إذا توسط بالتشديد، وجعلهم قسمين، وصار بينهما وسط، فيقول: والتخفيف صرنا في وسط الجمع يعني إما من جميع جوانبه أو من الجانبين فقط، المعنى متقارب.

" قوله تعالى:{إِنَّ الإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُود}[العاديات:6] هذا جواب القسم أي طبع الإنسان على كفران النعمة، قال ابن عباس: لكنود لكفور جحود لنعم الله. وكذلك قال الحسن: وقال يذكر المصائب وينسى النعم، أخذه الشاعر فنظمه:

يا أيها الظالم في فعله
 

 

والظلم مردود على من ظلم
 

إلى متى أنت وحتى متى
 

 

تشكو المصيبات وتنسى النعم
 

وروى أبو أمامة الباهلي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الكنود هو الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويضرب عبده»، وروى ابن عباس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ألا أنبئكم بشراركم؟» قالوا: بلى يا رسول الله، قال: «من نزل وحده ومنع رفده وجلد عبده»، خرجهما الترمذي الحكيم في نوادر الأصول، وقد روي عن ابن عباس أيضًا. "

تخريج الحديثين حديث أبي أمامة.

طالب: ...................

الحكيم، معروف مجرد نسبته للحكيم تدل على ضعفه.

" وقد روي عن ابن عباس أيضًا أنه قال: الكنود بلسان كِندة وحضرموت العاصي، وبلسان ربيعة ومضر الكفور، وبلسان كنانة البخيل السيئ الملكة. وقاله مقاتل، وقال الشاعر:

كنود لنعماء الرجال ومن يكن
 

 

كنود النعماء الرجال يبعّد
 

أي كفور، ثم قيل: هو الذي يكفر اليسير، ولا يشكر الكثير، وقيل: الجاحد للحق، وقيل: إنما سميت كِندة كندة؛ لأنها جحدت أباها، وقال إبراهيم بن هرمة الشاعر:

دع البخلاء إن شمخوا وصدوا
 

 

وذكرى بخل غانية كنود
 

وقيل: الكنود من كند إذا قطع كأنه يقطع ما ينبغي أن يواصله من الشكر، ويقال: كند الخيل إذا قطعه، قال الأعشى:

أميطي تميطي بصلب الفؤاد
 

 

وصول حبال وكنّادها
 

فهذا يدل على القطع، ويقال: كند يكند كنودًا أي كفر النعمة وجحدها، فهو كنود، وامرأة كنود أيضًا، وكُنُدٌ مثله، قال الأعشى:

أحدث لا تحدث لوصلك إنها
 

 

كند لوصل الزائر المعتاد
 

أي كفور للمواصلة، وقال ابن عباس: الإنسان هنا الكافر. "

يعني أنه لا يرد زيارة من زاره، هذه لا شك أنها يد عند المزور الذي لا يردها كأنه كفر هذه اليد وجحدها.

" وقال ابن عباس: الإنسان هنا الكافر يقول: إنه لكفور، ومنه الأرض الكنود التي لا تنبت شيئًا. وقال الضحاك: نزلت في الوليد بن المغيرة. قال المبرد: الكنود المانع لما عليه وأنشد لكثير:

أَحْدِثْ لَهَا تُحْدِثُ لِوَصْلِكَ إِنَّهَا
 

 

كُنُدٌ لوصل الزائر المعتاد
 

وقال أبو بكر الواسطي: الكنود الذي ينفق نعم الله في معاصي الله. "

أنشد لكثيّر ما هو سبق الأعشى؟ الثاني كثيّر.

طالب: ...................

نعم.

" وقال أبو بكر الوراق: الكنود الذي يرى النعمة من نفسه وأعوانه. وقال الترمذي: الذي يرى النعمة ولا يرى المُنعم. وقال ذو النون المصري: الهلوع والكنود هو الذي إذا مسه الشر جزوع وإذا مسه الخير منوع. وقيل: هو الحقود الحسود، وقيل: هو الجهول لقدره، وفي الحكمة: من جهل قدره هتك ستره. قلت: هذه الأقوال. "

وأتعب نفسه وأتعب غيره من جهل قدره، من يرى أن له منزلة فوق منزلته فإنه يتعب نفسه ويحملها ما لا تطيق، ويتعب غيره في التعامل معه.

قلت..

طالب: ...................

الترمذي الحكيم.

" قلت: هذه الأقوال كلها ترجع إلى معنى الكفران والجحود، وقد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- معنى الكَنود بخصال مذمومة وأحوال غير محمودة، فإن صح فهو أعلى ما يقال، ولا يبقى لأحد معه مقال. "

لكنه لم يصح على ما تقدم.

" قوله تعالى: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيد}[العاديات:7] أي وإن الله - وجل ثناؤه- على ذلك من ابن آدم لشهيد، كذا روى منصور عن مجاهد، وهو قول أكثر المفسرين، وهو قول ابن عباس، وقال الحسن وقتادة ومحمد بن كعب: وإنه أي وإن الإنسان لشاهد على نفسه بما يصنع. وروي عن مجاهد أيضًا قوله تعالى: {وَإِنَّهُ} أي الإنسان من غير خلاف.{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد}[العاديات:8] أي المال، ومنه قوله تعالى:{تَرَكَ خَيْرًا }[البقرة:180]، وقال عدي:

       ماذا ترجي النفوس من طلب ال             خير وحب الحياة كَارِبُهَا

{وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد}[العاديات:8] أي لقوي في حبه للمال، وقيل: لشديد لبخيل، ويقال للبخيل: شديد ومتشدد، قال طرفة:

أرى الموت يعتام الكرام ويصطفي
 

 

عقيلة مال الفاحش المتشدد
 

يقال.. "

يعني يشد القبضة على المال يشد القبضة عليها.

" يقال: اعتامه واعتماه أي اختاره، والفاحش البخيل أيضًا، ومنه قوله تعالى:{الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء}[البقرة:268] أي البخل، قال ابن زيد: سمى الله المال خيرًا، وعسى أن يكون شرًّا وحرامًا، ولكن الناس يعدونها خيرًا فسماه الله خيرًا لذلك، وسمّى الجهاد سوءًا فقال: {فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ}[آل عمران:174] على ما يسميه الناس، قال الفرّاء: نظم الآية أن يقال: وإنه لشديد الحب للخير، فلما تقدم الحب قال: شديد، وحذف من آخره ذكر الحب؛ لأنه قد جرى ذكره، ولرؤوس الآي كقوله تعالى: {فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}[إبراهيم:18]، والعُصوف للريح لا بالأيام، فلما جرى ذكر الريح قبل اليوم طرح من آخره ذكر الريح، كأنه قال: في يوم عاصف الريح. قوله تعالى: {أَفَلاَ يَعْلَمُ}[العاديات:9]أي ابن آدم  {إِذَا بُعْثِرَ}[العاديات:9] أي أثير وقلِّب وبحث، فأخرج ما فيها، قال أبو عبيدة: بعثرت المتاع جعلت أسفله أعلاه. وعن محمد بن كعب قال ذلك حين.. "

إذا بُعثرت نُبشت هذه القبور تبعثر ترابها، فصار الأسفل أعلى، والأعلى أسفل، الله المستعان، ولذلك الذين يرون أن النهي عن الصلاة في المقبرة لنجاستها يفرِّقون بين مقبرة منبوشة ومقبرة غير منبوشة، يقولون إن المنبوشة اختلط فيها دماء الموتى وصديدهم وتقلبت الأرض، فلا تصح الصلاة فيها؛ لأنها نجسة، فيعللون بهذا، وليست العلة ما ذهبوا إليه سواء كانت جديدة أو قديمة ولو كانت مفروشة، ولو فرش عليها فراش؛ لأن الصلاة لا تصح فيها؛ لأنه ليست العلة النجاسة الحسيِّة، وإنما معروف أن العلة نجاسة الشرك وما يؤدي إليها النجاسة المعنوية كما في:{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة:28] نجاسة معنوية، وليست حسية.

"وعن محمد بن كعب قال ذلك حين يبعثون، قال الفرّاء: سمعت بعض أعراب بني أسد يقرأ بُحثر بالحاء مكان العين، وحكاه الماوردي عن ابن مسعود، وهما بمعنى.{وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُور}[العاديات:10] أي مُيِّز ما فيها من خير وشر، كذا قال المفسرون، وقال ابن عباس: أُبرز. وقرأ عبيد بن عمير وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر ونصر بن عاصم: وحَصَل بفتح الحاء وتخفيف الصاد وفتحها أي ظهر.{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِير}[العاديات:11] أي عالم. "

{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِر}[الطارق:9] تبلى السرائر يعني تختبر ويظهر ما فيها، والله المستعان.

{إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِير}[العاديات:11] أي عالم لا يخفى عليه منهم خافية، وهو عالم بهم في ذلك اليوم وفي غيره، ولكن المعنى أنه يجازيهم في ذلك اليوم، وقوله {إِذَا بُعْثِرَ}[العاديات:9] العامل في "إذا": "بعثر"، ولا يعمل فيه: "يعلم"؛ إذ لا يراد به العلم من الإنسان ذلك الوقت، إنما يراد في الدنيا، ولا يعمل فيه خبير؛ لأن ما بعد إنّ لا يعمل فيما قبلها، والعامل في "يومئذ" "خبير"، وإن فصلت اللام بينهما؛ لأن موضع اللام الابتداء، وإنما دخلت في الخبر؛ لدخول إنّ على المبتدأ، ويروى أن الحجاج قرأ هذه السورة على المنبر يحضهم على الغزو، فجرى على لسانه أن ربهم بفتح الألف ثم استدركها فقال: خبير بغير لام، ولولا اللام لكانت مفتوحة؛ لوقوع العِلم فيها، وقرأ. "

اللام تأكيد، والمناسب للتأكيد كسر همزة إِنَّ لا فتحها، إن حرف توكيد ونصب.

" وقرأ أبو السمّال: أن ربهم بهم يومئذٍ خبير. "

نعم، لا يمكن أن يجمع بين أنّ بفتح الهمزة واللام.

"