بلوغ المرام - كتاب الطهارة (14)
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: بلوغ المرام – كتاب الطهارة (14)
تابع: باب قضاء الحاجة..
الشيخ: عبد الكريم الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تغوط الرجلان فليتوارى كل واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدثا، فإن الله يمقت على ذلك)) رواه أحمد، وصححه ابن السكن، وابن القطان، وهو معلول.
وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يمسكن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)) متفق عليه، واللفظ لمسلم.
وعن سلمان -رضي الله عنه- قال: لقد نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو نستنجي باليمين، أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم. رواه مسلم، وللسبعة من حديث أبي أيوب -رضي الله عنه-: ((لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا)).
يقول: لا تستدبروها، فلا تستقبلوا القبلة.
الطالب: بغائط ولا بول.
ما في ولا تستدبروها؟
الطالب: لا.
نعم.
الطالب:......
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أتى الغائط فليستتر)) رواه أبو داود، وعنها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)) أخرجه الخمسة وصححه أبو حاتم والحاكم.
وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين ولم أجد ثالثاً، فأتيته بروثة، فأخذهما وألقى الروثة، وقال: ((هذا رجس)) أخرجه البخاري، زاد أحمد والدارقطني: ((ائتني بغيرها)).
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: ((إنهما لا يطهران)) رواه الدارقطني وصححه.
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
"وعن جابر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا تغوط الرجلان فليتوراى كل واحد منهما عن صاحبه، ولا يتحدثا فإن الله يمقت على ذلك)) رواه أحمد" كذا قال الحافظ، وفي بعض النسخ بياض رواه من دون ذكر للمخرج "وصححه ابن السكن وابن القطان" كثير من النسخ منسوب إلى المسند، لكن لا يوجد في المسند من حديث جابر، هو موجود فيه من حديث أبي سعيد، هو أيضاً عند أبي داود وابن ماجه والبيهقي وغيرهم، وصححه ابن السكن، أبو علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن، إمام من أئمة هذا الشأن "وابن القطان، وهو معلول" ابن القطان؛ لأن عندنا القطان وابن القطان، القطان يحيى بن سعيد، الإمام الحافظ الكبير المتقدم، وأما ابن القطان فهو أبو الحسن ابن القطان الفاسي، صاحب بيان الوهم والإيهام، ذاك متقدم وهذا متأخر، هذا في السابع، وكلاهما من أعلام هذا العلم، ومن كبار أصحاب هذا الشأن، لكن المتقدم هو المعول عليه، وهنا التصحيح للمتأخر.
"وهو معلول" الخبر معلول، بين أبو داود علته فقال: لم يسنده إلا عكرمة بن عمار العجلي اليماني، لكن هذه العلة هل هي قادحة وقد احتج به مسلم في صحيحه؟ نعم؟ عكرمة بن عمار احتج به مسلم في صحيحه، قال: "وهو معلول" لأن في إسناده..، أو لم يسنده إلى عكرمة بن عمار، وعكرمة محتج به في صحيح مسلم، نعم قد تكون هذه علة عند أبي داود وإن احتج به مسلم، وإن احتج به البخاري، كلهم أئمة مجتهدون، وكل له اجتهاد، حديث: ((ولا تنتقب)) وخرجه البخاري، وأعلها أبو داود، هؤلاء الذين خرجوه مع هذه العلة التي ذكرها أبو داود كلهم رووه من رواية عياض بن هلال، أو هلال بن عياض، يقول ابن المنذر: لا أعرفه بجرح ولا عدالة، ومن هذه صفاته يكون في عداد المجهولين، فيه راوٍ مجهول، إذاً هو ضعيف، فالخبر ضعيف.
((إذا تغوط رجلين فليتوارى كل واحد منهما عن صاحبه)) وحفظ العورة واجب ((أحفظ عورتك إلا من زوجتك، أو ما ملكت يمينك)) فحفظ العورة واجب ((ولا يتحدثا)) ما يجلس كل واحد يتحدث مع الآخر ((فإن الله يمقت على ذلك)) وعلى كل حال الحديث فيه ضعف، وإن صححه ابن السكن وابن القطان، مع أن ابن القطان فيه شيء من التشدد، لكن فيه هلال بن عياض، أو عياض بن هلال، وهو في عداد المجهولين، وعلى كل حال جزئه الأول له ما يشهد له، فستر العورة واجب ((ولا يتحدثا فإن الله يمقت على ذلك)) الحديث أثناء قضاء الحاجة حكمه؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام- ألقي عليه السلام، سلم عليه بعضهم فلم يرد عليه، ورد السلام واجب، فهل ترك السلام وترك رد السلام من أجل النهي ومنع الكلام؟ أو لأن السلام اسم من أسماء الله؟
وهو السلام على الحقيقة سالم |
|
من كل ما عيب ومن نقصانِ |
{السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ} [(23) سورة الحشر]... إلى آخره، اسم من أسماء الله -عز وجل-، نعم إذا وجد هناك حاجة وداعي، الكلام للحاجة قد يعفى عنه، لكن إذا لم توجد الحاجة فليس من المروءة ولو لم يثبت فيه شيء، أن الإنسان يتحدث وهو مقبل على حاجته ويقبل على غيره ويتحدث معه، ولو كان من وراء حجاب.
الحديث الثاني:
"وعن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يمسكن -أو لا يمسن- أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)) متفق عليه، واللفظ لمسلم" "لا يمسن أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول" جملة: "وهو يبول" هل الحال يبين هيئة الفاعل أو المفعول؟ نعم؟ الفاعل هنا، الفاعل: أحدكم، لا يمسن أحدكم، وهو يبول، والحال أنه يبول، ومفهوم هذا الحال أنه يجوز له أن يمس ذكره في غير حال البول بيده اليمين، لا يمس أحدكم ذكره بيمينه وهو يبول، واضح وإلا ما هو بواضح؟ يعني مفهوم الجملة، الحال أنه يبول، مفهوم هذه الجملة أنه إذا كان لا يبول، مفهوم هذه الجملة أنه إذا كان بغير حال البول له ذلك، لكن عرفنا من قاعدة الشرع أن اليمين إنما هي للأعمال الشريفة، تنزه عن مثل هذه الأمور، لكن هل يحرم مس الذكر باليمين؟ إذا قلنا: تنظيف الأنف يستقذر فاللائق به الشمال مثلاً، فهل يحرم على الإنسان أن ينظف أنفه بيمينه؟ اللائق به الشمال، أو نقول: هذا من باب الأدب ولا يصل إلى درجة التحريم؛ لأن كثير من أهل العلم يحمل مثل هذه الأمور ولو كانت الأوامر صريحة على أنها من باب الأدب، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يعجبه التيمن، على كل حال مفهوم الجملة أنه إذا لم يكن في حال البول أنه لا يدخل في حيز النهي، وإن كان الأصل اليمين إنما تتخذ للأمور الشريفة لا الوضيعة.
((ولا يتمسح من الخلاء بيمينه)) كذلك، يتمسح من الخلاء بيمينه بمعنى أنه لا يمسك بالآلة التي يتمسح بها بيمينه، الحجر مثلاً، الحجر للاستنجاء في اليمين أو في الشمال؟ في الشمال.
((ولا يتمسح من الخلاء بيمينه، ولا يتنفس في الإناء)) وهنا النهي عن إمساك الحجر الذي هو آلة الاستنجاء باليمين، أما لو باشر النجاسة بيمينه فقد نقل الإجماع على التحريم، متى يباشر النجاسة؟ في حال الاستنجاء بالماء، هو يباشر النجاسة، لكن بشماله، أما لو باشرها بيمينه فنقل الإجماع على ذلك ((ولا يتنفس في الإناء)) يعني لا يخرج نفسه في الإناء، بل إذا أراد أن يتنفس يصرف وجهه عن الإناء؛ لأن يخرج من فمه أو أنفه شيء يقذره عليه أو على غيره، يعني ومن باب أولى أن لا يعطس في الإناء؛ لأن التنفس أخف من العطاس، والعطاس مظنته لخروج الشيء أقوى منه من التنفس، وعلى كل حال هذه من الآداب الشرعية التي على المسلم أن يلاحظها، اليمين للأمور الشريفة، للأكل والشرب، والأخذ والإعطاء، والشمال للأمور المستقذرة، ولذا يفضل أهل العلم دخول المسجد باليمين، والخروج بالعكس، وجاء الخبر بلبس النعل اليمني قبل اليسرى، وخلع اليسرى قبل اليمنى وهكذا، الاستياك باليمين وإلا بالشمال؟ يعني إذا كانت الأسنان نظيفة، وليس فيها وسخ ولا قذر، والمستاك يريد تطبيق السنة فقط، لا لحاجة إلى السواك وهكذا، فباليمين، فإن كان هناك قذر يزال فالشمال، نعم؟
الطالب:.......
نعم هو معنى ما ذكره الأخ، شيخ الإسلام -رحمة الله عليه- يقول: "لا أعلم أحداً من الأئمة قال: بالاستياك باليمين" مع أنه جده المجد يقول به، جده، إلا إذا كان يريد بالأئمة المتبوعين، فيمكن، وإلا قيل من قبل بعض أهل العلم بأنه عبادة، هذه حجتهم ووجهتهم.
والحديث الذي يليه حديث:
"سلمان -رضي الله عنه- قال: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي باليمين، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي برجيع أو عظم" رواه مسلم" ورواه أيضاً الأربعة مع مسلم.
"نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" لقد نهانا اللام لام التأكيد، أو موطئة لقسم محذوف تقديره: والله لقد نهانا، وقد حرف تحقيق، نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، النهي طلب الكف، والأصل في النهي هنا........... في مسجده -عليه الصلاة والسلام- وعلى عهده......... مرفوع اتفاقاً لا خلاف في مثل هذا.
نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل في أحد يقول: إن مثل هذا موقوف؟ لا، لكن يبقى النظر في التعبير عن النهي، تعبير الصحابي عن النهي التي صيغته لا الناهية،.................
الطالب:........
متأكد؟ هاه؟ نعم؟
الطالب:........
الرسول إذا قال: لا تستقبلوا، طيب وإذا قال الصحابي: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة، نفس الكلام نعم؛ لأنه إذا قلنا: هل هو نهي وإلا ما هو نهي؟ إذا قال الصحابي: نهانا، جماهير الأمة على أنه بمثابة قوله: لا تفعلوا ولا فرق، بمثابة قوله: لا تفعلوا ولا فرق بين "لا تستقبلوا" وبين قول الصحابي: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل؛ لأنه كما يطرأ صرف النهي من التحريم إلى الكراهة في التعبير عن النهي بنهانا بلفظ النهي يطرأ أيضاً على صريح النهي، جماهير أهل العلم على أنه لا فرق بين قول الصحابي: نهانا، وبين قوله -عليه الصلاة والسلام-: لا تفعلوا، خالف في هذا داود الظاهري، وبعض المتكلمين، قالوا: هذا لا يدل على نهي، حتى ينقل لنا اللفظ النبوي، لماذا؟ لاحتمال أن يسمع الصحابي كلام يظنه نهي، وهو في الحقيقة ليس بنهي، مثل ما تفضل الأخ، هذا كلام داود الظاهري وبعض المتكلمين، وهو قول ضعيف جداً، بل لا يلتفت إليه، قال به أئمة، داود إمام من أئمة المسلمين، داود إمام، وعلى كل حال كل له هو هفوة، لماذا؟ هل نظن أن الصحابي يسمع كلام يظنه أمر أو نهي وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي؟ يمشي ها الكلام؟ يمشي مثل هذا الكلام الصحابة الذين نقلوا لنا الدين لا يفهمون مقاصد الشرع؟ من يفهمها إذا لم يفهمها الصحابة؟! الصواب أنه لا فرق بين قوله -عليه الصلاة والسلام-: لا تفعلوا كذا، وبين قول الصحابي: نهانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ولذا جاء الحديث: ((لا تستقبلوا القبلة)) فدل على أنه لا فرق بين التعبير عن النهي وبين صريح النهي ((لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول)) نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، نهانا أن نستقبل القبلة، فاستقبال القبلة أخذاً من هذا الحديث وغيره من الأحاديث حرام، حال قضاء الحاجة في البول والغائط، وجاء أدلة أخرى ما يدل على تحريم الاستدبار: ((لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها بغائط أو بول)) وجاء ما يدل على الجواز، حديث ابن عمر رقيت إلى بيت حفصة والنبي -عليه الصلاة والسلام- قبل أن يقبض بعام وهو مستقبل الشام مستدبر الكعبة، منهم من يقول: هذا في الاستدبار دون الاستقبال، ومنهم من يقول: هذا في البينان دون الصحراء، وهذا أقرب، أنه إذا كان هناك حائل بنيان أن الاستقبال والاستدبار لا شك أنه أخف من الفضاء؛ لشرف هذه الجهة، هل يقول قائل: الشخص إذا كان في الفضاء بينه وبين الكعبة أبينة ومدن وبلدان فلا فرق بين الفضاء والبينان؟ أو المقصود النهي عن استقبال الجهة جهة القبلة؟ نعم، وإلا الكعبة لا يتمكن أحد من استقبالها، في أحد يمكن أن يستقبل؟ يفضي بفرجه إلى الكعبة دون بنيان؟ لا يمكن، يعني يتصور شخص يبول في المطاف، أو يتغوط في المطاف، أو في صحن المسجد؟ لا يمكن، يعني كونه قد يوجد من بعض الأشرار أو من بعض السفهاء من الصبيان أو المجانين أو ما أشبه ذلك هذا لا يعني أنه محتمل، لا، هذا الاحتمال وجوده مثل عدمه؛ لأن المسألة مسألة حكم شرعي.
"أن نستقبل القبلة بغائط أو بول" فالمرجح عند جمع من أهل العلم أن الممنوع الاستقبال والاستدبار في الفضاء دون البينان، والصارف هو ما سمعت من حديث ابن عمر وغيره، وحديث أبي أيوب أيضاً وسيأتي، "أو أن نستنجي باليمين" وهذا تقدم الكلام فيه "أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار" كما جاء في حديث ابن مسعود: ((ائتني بثلاثة أحجار)) وسيأتي، فأقل المجزئ في الاستنجاء ثلاثة أحجار، فلا بد من ثلاثة أحجار، مع الإنقاء، لو استنجى بثلاثة أحجار ولم ينقِ، نقول: زد رابع، ويسن لك أن تقطع على وتر، إن أنقى الرابع فزد خامس لتقطع على وتر، ((ومن استجمر فليوتر)).
"أو أن نستنجي برجيع أو عظم" وسيأتي....... والعظم زاد الجن، والأرواث زاد دوابهم وعلفها، وسيأتي هذا في الأحاديث اللاحقة، بعضهم يحمل أحاديث النهي عن استقبال القبلة على الكراهة، كراهة التنزيل والصارف من التحريم إلى الكراهة ما سمعتم، من كونه -عليه الصلاة والسلام- وجد على حاجته مستقبل الشام مستدبر الكعبة، وحديث أبي أيوب ننحرف قليلاً ونستغفر الله، هذه صوارف من التحريم إلى الكراهة، لكن الأصل التحريم، ويبقى على أصله، وتخرج الصور التي جاءت فيها الرخصة، منهم من يقول: النهي عن الاستقبال باقي على عمومه، وفعله -عليه الصلاة والسلام- خاص به، لماذا؟ لأنه حكاية فعل، والأفعال لا عموم لها، والعموم من خواص النطق، حكاية فعل، وهذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن عداه مخاطب بقوله: ((لا تستقبلوا القبلة)) لكن مثل هذا في أي صورة؟ دعوى التخصيص بمثل هذا، استقبال القبلة أو استدبارها حال البول صفة كمال أو نقص؟ أليس النهي عن استقبال القبلة من تعظيم الشعائر؟ وأولى من يعظم الشعائر أتقى الناس وأخشاهم لله -عز وجل- وهو الرسول -عليه الصلاة والسلام-؟ منهم من إذا رأى التعارض بين قوله -عليه الصلاة والسلام- وبين فعله من يبادر إلى أن هذا خاص به، والقول متجه إلى ما عداه، نقول: ننظر إلى هذا الفعل، إن كان أكمل من القول فالرسول أكمل من غيره، يليق به هذا الكمال، وإن كان أنقص نقول: خاص به؟ لا، كل كمال طلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، النبي أولى به -عليه الصلاة والسلام-، يذهب بعضهم إلى ما هو أبعد من ذلك، ابن عبد البر وابن حجر يقولون: الخصائص لا تقبل التخصيص، يعني ضد هذا القول، الخصائص لا تقبل التخصيص كيف؟ الخصائص لا تقبل التخصيص، من الخصائص قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) طيب معنى حديث أبي مرثد: ((لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها))....
((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) طيب معنا حديث أبي مرثد قال: ((لا صلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها)) هل نخصص ((جعلت لي الأرض)) بالمقبرة مثلاً؟ على كلامهم ما تخصص ((جعلت لي الأرض)) باقية على عمومها؛ لأن الخصائص لا تقبل التخصيص، لماذا؟ لأن هذه الخصائص تشريف للنبي -عليه الصلاة والسلام-، والتخصيص تقليل لهذا التشريف، ولذا قالوا: الخصائص لا تقبل التخصيص، حق النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذه الخصائص إذا عورض بحق الله -عز وجل- فأيهما أولى بالمحافظة؟ نعم حق الله -عز وجل- أولى بالمراعاة، فالمنع من الصلاة في المقبرة وإلى القبور رعاية لحق الله -عز وجل-..........
وعلى هذا لا يخصص حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) بمثل هذا، في حديث جرهد: ((غطِ فخذك، فإن الفخذ عورة)) وفي حديث أنس وهو في الصحيح، حسر النبي -عليه الصلاة والسلام- عن فخذه، يقول بعضهم: إن حسر الفخذ من خواصه -عليه الصلاة والسلام- وحديث: ((غطِ فخذك)) هذا بالنسبة للأمة نقول: هل كشف الفخذ أكمل من تغطيته أو أقل؟ التغطية أكمل بلا شك، إذاً لا نقول: بأن هذا من خصائصه؛ لأن الكمال المطلوب من الأمة النبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به، في كلام يطول في توضيح هذه المسألة وشرحها، له مقامات أخرى -إن شاء الله تعالى-.
"أو أن نستنجي بأقل من ثلاث أحجار" وفي حديث ابن مسعود الذي وسيأتي............ "أو أن نستنجي برجيع أو عظم"، وسيأتي البيان في الأحاديث اللاحقة.
الحديث الذي يليه: وللسبعة من حديث "أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه-: ((لا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول أو غائط، ولكن شرقوا أو غربوا))" ولكن شرقوا أو غربوا هذا الخطاب لمن؟ لأهل المدينة، ومن كان في سمتها، والجهة المقابلة لها، يعني يقال لأهل المدينة: إذا أردتم البول أو الغائط فشرقوا أو غربوا، يقال لأهل الشام: إذا أردتم الغائط شرقوا أو غربوا، يقال لأهل الجنوب -جيزان وعسير واليمن- شرقوا أو غربوا، لكن أهل المشرق والمغرب يقال: شرقوا أو غربوا؟ لا؛ لأنهم إن شرقوا استقبلوا القبلة، وإن غربوا استدبروا القبلة، فالخطاب خاص بأهل المدينة ومن كان على سمتها، وبهذا نعلم ضعف ما جاء من النهي عن استقبال النيرين الشمس والقمر، حال البول والغائط، لما فيهما من نور الله -عز وجل-، هذا التعليل، نقول: لا قوله: ((شرقوا أو غربوا)) يرد هذا القول؛ لأنه يشرق بوقت طلوع الشمس في الصباح وتستقبل القبلة، وإن غرب وقت غروبها استقبلها، ومثل هذا........، على كل حال هذا القول ضعيف، ولا معول عليه؛ لأنهما مخلوقان من مخلوقات الله -عز وجل-، لم ترد علة صحيحة، ولا أثر يعتمد عليه في ترك مثل هذا.
"وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من أتى الغائط فليستتر)) رواه أبو داود" وهو ضعيف، مداره على أبي سعد أو سعيد الحبراني، ومختلف عنه، والراوي عنه مجهول، فالخبر ضعيف ((من أتى الغائط فليستتر))، وهناك الخبر الذي قبله: ((فليتوارى)) وأقوى منهما: ((احفظ عورتك)).
((من أتى الغائط فليستتر)) الأصل في الغائط أنه المكان المطمئن المنخفض الذي يقصده من أراد قضاء الحاجة، فنقل هذا اللفظ إلى نفس الخارج الذي يوضع في هذا المكان المنخفض، فصار حقيقة عرفية فيه، الحديث كما ذكرنا ضعيف مداره على أبي سعد الحبراني، والراوي عنه مجهول، وإن حسن إسناده الحافظ في فتح الباري، وصححه ابن حبان والحاكم على كل حال الحديث ضعيف، وإن كان معناه صحيح، ولا تلازم بين صحة المعنى وصحة الخبر، وهل هناك تلازم بين ضعف المعنى وضعف الخبر؟ فيه تلازم؟ نعم؟ في تلازم.
"وعنها -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)) أخرجه الخمسة، وصححه الحاكم وأبو حاتم".
وعنها أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا خرج من الغائط قال: ((غفرانك)) مصدر نائب عن فعله، أي: اغفر، غفرانك، أو أطلب غفرانك، مصدر نائب اغفر، أو مفعول لفعل محذوف أصله: غفرانك، هذا الحديث حسنه جمع من أهل العلم، وصححه أبو حاتم والحاكم، على كل حال هو قابل للتصحيح، أما أقل ما يقال فيه: إنه صحيح، وعلى هذا على الإنسان أن يعتني بمثل هذا، أن يطلب مغفرة الله -عز وجل- كل ما غفل عن ذكره، فإذا غفل عن الذكر، وأخذ وقتاً في محل قضاء الحاجة التي لا يليق الذكر فيه يقول: غفرانك، فطلب المغفرة مطلوب لا سيما مع الغفلة، فضلاً عن مقارفة المكروهات، ناهيكم عن مقارفة المحرمات؛ لأن التوبة والمبادرة بها واجب، وإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، إذا خرج من الخلاء يقول: غفرانك، فغيره ممن هو متلبس بالذنوب والمعاصي من باب أولى، كونه -عليه الصلاة والسلام- مغفور له لا يعني أنه لا يستغفر {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ} [(19) سورة محمد] {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [(3) سورة النصر] غفرانك امتثال للأوامر؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- في هذا......، فالمكان غير لائق، فيعوض؛ لأنه ارتكب هنا خلاف الأولى، الأولى أن يكون العمر معمور بذكر الله -عز وجل-، هذا المطلوب لكل مسلم ((لا يزال لسانك رطب بذكر الله -عز وجل-)) {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [(35) سورة الأحزاب] ((سبق المفردون)) والذكر لا يكلف أبداً، وأنت قائم قاعد مضطجع على أي حال أنت، واللسان متحرك متحرك، إن ما حركته بالخير يتحرك بضده، وهناك أذكار رتب عليها من الأجور الشيء الكثير، من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير مائة مرة، حرز، كتب له مائة حسنة، وحط عنه مائة خطيئة، وحفظ من الشيطان، من قالها عشر مرات إضافة إلى يحيى ويميت كان كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، عشر مرات في دقيقة تقال، ومائة مرة في عشر دقائق، سبحان الله وبحمده في دقيقة ونصف حطت عنه خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر، والحرمان لا نهاية له، الشخص المحروم ما فيه شيء....، تجده لا يفتر من الكلام من القيل والقال في المباح والمكروه والمحظور، في العظائم، ويلقي الكلام لا يلقي له بال فـ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً فيهوي بها في النار سبعين خريفاً)) فالله المستعان، والأذكار فيها ما سمعتم، ((سبق المفردون))...، يعني الذاكرون، الذكر يا إخوة، الذكر يا معاشر الإخوان أمره وشأنه عظيم، وذكر ابن القيم من فوائده الشيء الكثير في مقدمة الوابل الصيب، فعلينا أن نعنى به، وأفضل الأذكار تلاوة القرآن، ومع الأسف الشديد كثير من طلبة العلم ليس له نصيب محدد من تلاوة القرآن، إن تيسر له أن يحضر إلى المسجد قبل الإقامة خمس عشر دقائق قرأ وإلا فلا، نقول: لا بهذه الطريقة تضيع القرآن، بل لا بد أن تعطي للقرآن، وتفرض له وقت من أنفس الأوقات لديك؛ لأنه كلام الله.
هو الكتاب الذي من قام يقرأه |
|
كأنما خاطب الرحمن بالكلمِ |
فضله كفضل الله على خلقه، كل حرف فيه عشر حسنات، والختمة ثلاثة ملايين حسنة، ما تكلف شيء، وبعض الناس مع الأسف الشديد قد يأتي يطلب من شخص حاجة وهو يراه يقرأ القرآن وهذا واقع، جالس في المسجد يقرأ القرآن فيأتي يطلب منه شيء، يقول: والله أنا مشغول، يقول: سبحان الله يقول: أنا مشغول وهو قاعد يقرأ القرآن؟! هذا مشغول؟! يستغرب من كونه مشتغل بكتاب الله، ومع الأسف أن هذا يوجد في طلبة العلم، يأتي يطلب خير ما هو بيطلب شر، يقول: نقرأ عليه ربع ساعة نص ساعة تقول له: مشغول، يقول: مشغول! كيف مشغول؟ يستغرب أن تكون مشغول بكتاب الله، وهذا خلل، "وبالهم المهم ابدأ" أهم المهمات كتاب الله، وما يعين على فهم كتاب الله، هو الكلام الوحيد الذي تعبدنا بتلاوته، مجرد قراءته تحصيل للحسنات، التدبر قد زائد، فهم عمل تطبيق كل هذا قدر زائد، وما عداه لا تؤجر على قراءته إلا إذا انتفعت به، فعلينا أن نعتني بكتاب الله والأذكار عموماً، إضافة إلى ما نحن بصدده من طلب العلم وتعلمه وتعليمه، الله المستعان.
طالب:.......
نعم، جاءت بها أخبار تقال عند الخروج من الخلاء، كما في حديث أنس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا خرج من الخلاء قال: ((الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني)) لكنه حديث ضعيف، وجاء عنه سؤال، هناك أمور أخرى ((الحمد الذي أدركني لذته، وأبقى في قوته، وأذهب عني أذاه)) لكن هذه أحاديث كلها ضعيفة، ومنه أيضاً أنه ما ينسب لنوح وما كان من جملة شكره يقول: ((الحمد الله الذي أذهب عني أذاه، ولو شاء حبسه فيّ)) على كل حال كل هذه لا تثبت، نقف على حديث ابن مسعود؛ لأن الأسئلة كثيرة جداً، والإخوان متوافرون الآن أكثر من....، وممن خرج جمع من الإخوة، لكن هنا...
هذا يقول: المقارنة بين شروح الكتب الستة وعدتم بكتابة تنقيح فهل تم ذلك؟
لم يتم، بيتم -إن شاء الله-، لكن إلى الآن ما تم.
وماذا عن شرح مختصر الزبيدي فنحن حريصون على استمراره وعلى كتابته؟
إن شاء الله النية استمراره، هذا النية -إن شاء الله تعالى-.
في سؤال يتعلق بالبخاري؛ لأنه مر تضعيف من قبل أبي داود -رحمه الله-، لفظة: ((ولا تنتقب)) نعم هل يعني وجود أحاديث معلة في البخاري أننا لا نحتج بها؟
كونه يوجد فيه أحاديث أعلت من قبل أهل العلم لا يعني أن واقعها معلة، مع البخاري وليس بالمعصوم، لكن كتابه تلقته الأمة بالقبول، وهو أصح كتاب بعد كتاب الله -عز وجل-، وكون أبي داود يعل، أو الدارقطني يعل، أو غيرهم يعل، هم أئمة مجتهدون، لكن كم نسبة المعل في البخاري إذا قارناها بالنسبة للمعل عند الدارقطني؟ لا مقارنة، وكم نسبة المعل في صحيح البخاري إذا قارناه بالنسبة لما أعل في سنن أبي داوود؟ لا نسبة، لا مقارنة، على كل حال كلهم أئمة، ويبقى أن أصح الكتب بعد كتاب الله -عز وجل- صحيح البخاري.
أيهما أفضل حفظ زاد المستقنع أم العمدة أم منهج السالكين؟ المقارنة بينهم أيهم أقرب للصواب، وأفود للتطبيق؟
الأكثر فائدة للتطبيق الزاد؛ لأنه أكثر مسائل، وأعقد أسلوب، قد يقول قائل: ليش التعقيد إلى هذا الحد؟ نقول: إذا فهم الكتاب الصعب ففهم ما دونه من باب أولى، والحمد لله الآن يمكن أن تتمرن على هذا الكتاب رغم صعوبة أسلوبه فيما كتب عليه من الشروح، وما سجل عليه من دروس، يقوى على هذه فيجتمع عندك التمرين على أساليب المتقدمين بأجلى صورها، وتستفيد أكثر المسائل، أما العمدة كتاب معتمد عند أهل العلم، وذلـله الموفق -رحمه الله تعالى- ليكون للمبتدئين؛ ليرقى بعده إلى المقنع، ثم الكافي، ثم المغني وهكذا، المقصود أن هذه الكتب كلها نافعة، منهج السالكين كتاب لطيف وسهل، ينبغي لطالب العلم أن يعتني به، لكن مسألة التفقه ذكرنا أنها تكون على الجواد المطروقة، والسبل المتبعة عند أهل العلم.
انقطاع بالصوت 47:45
لا شك أن الأحوط بل الأكمل أن يمسح ثلاثاً، سواء كانت هذه المسحات الثلاث بحجر أو بحجرين أو بثلاثة، المقصود أنه يمسح ثلاثاً على الأقل، إذا لم ينقِ بثلاثة أحجار عليه أن يزيد رابع، وإذا لم ينقِ بالأربعة عليه أن يزيد خامساً، إذا أنقى بأربعة زاد الخامس من أجل أن يقطع الاستجمار على وتر، كما جاء في الحديث الصحيح: ((ومن استجمر فليوتر)) قد يقول قائل: لماذا لا تجزئ الروثة؟ جاء في الحديث الذي يليه حديث "أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى أن نستنجي بعظم أو روث، وقال: ((إنهما لا يطهران)) رواه الدارقطني وصححه"، وأخرجه ابن خزيمة بلفظه، والبخاري بمعناه، وجاء من حديث رويفع ((لعل الحياة تطول بك يا رويفع فأخبر الناس أن)) هاه؟ نعم؟
الطالب:.......
((أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمداً منه بريء)) وهنا يقول: نهى أن يستنجى بعظم أو روث، وقال: ((إنهما لا يطهران)) عزاه المصنف للدارقطني، وذكر تصحيح الدارقطني، على أن ابن عدي أعل الحديث، أعله ابن عدي، وهو مخرج أيضاً في صحيح ابن خزيمة، ومعناه في صحيح البخاري، والنهي عن الاستنجاء بالروث والعظم ثابت، والعلة في ذلك ظاهرة، العلة أن العظم زاد أخوانكم من الجن، وقد سألوا النبي -عليه الصلاة والسلام- الزاد، فقال: ((لكم كل عظم يعود أوفر ما كان قبل أن يؤكل)) وأما الروث فهو علف دوابهم، يعود حباً كما كان، وقال: ((إنهما لا يطهران)) لا يطهران هل معنى هذا أنهما لا يزيلان أثر النجاسة، أو أن النجاسة قد تزول بهما، لكن الطهارة لا تحصل بهما؟ لكن أثر النجاسة قد يزول، العظم أملس كالزجاج قد لا يزيل الطهارة إلا في بعض جوانبه، أو إذا تقادم العهد به وأخشوشن فإنه يزيل أثر النجاسة، كذلك الروث يزيل أثر النجاسة، كيف يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((إنهما لا يطهران؟)) حكماً، لا يطهران حكماً، وإن حصلت الطهارة حقيقة، لماذا؟ الآن عندنا نهي، والنهي يقتضي إيش؟ التحريم من وجه، هو محرم بلا شك، لكن هل تترتب آثاره عليه أو لا تترتب؟ كل نهي لا تترتب آثاره عليه؟ المعنى هل كل نهي يقتضي الفساد والبطلان، أو من النواهي ما يقتضي الصحة مع الإثم ومن النواهي ما يقتضي البطلان مع حصول الإثم؟ قوله: ((إنهما لا يطهران)) يدل على أن النهي هنا اقتضى الفساد، هل كل نهي يقتضي الفساد، أو من النهي ما يقتضي الفساد، ومن النهي ما يقتضي الفساد؟ والمسألة تحتاج إلى تفصيل، نعم؟
الطالب:.......
كيف؟
الطالب:.......
إيه، ما نهي عنه لذاته يقتضي الفساد، ما نهي عنه لشرطه أو لوصفه الملازم له عند أهل العلم يقتضي الفساد أيضاً، ما نهي عنه لوصف غير ملازم أو لأمر خارج عنه فإنه لا يقتضي الفساد، هذا فرق بين من صلى وقد ستر عورته بمحرم، بمغصوب أو بحرير، هذا شرط، وبين من صلى وبيده خاتم ذهب، أو على رأسه عمامة حرير، هذا النهي عاد لأمر خارج لا أثر له في العبادة، الجهة منفكة، وإن كان أهل الظاهر يرون أن كل من تلبس بمعصية أثناء العبادة بطلت العبادة عندهم، ولذا يبطلون الصلاة في المسجد المزخرف للنهي عن زخرفة المسجد، النهي عاد لأمر خارج عن الصلاة، عندهم كل نهي يقتضي الفساد؛ لأنه لا يجتمع النقيضان أمر ونهي في آن واحد، عبادة ومحظور في آن واحد، أمر ونهي، إثم وأجر، ما يجتمع عندهم، نقول: إذا توارد الأمر والنهي الأجر والإثم على شيء واحد امتنع، يعني مع اتحاد الجهة، أما مع انفكاك الجهة فيمكن، يمكن مع انفكاك الجهة، هذا الكلام مفهوم وإلا ما هو مفهوم؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم؟
الطالب:.......
إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه، السجود للصنم مثلاً منهي عنه وإلا لا؟ منهي عنه، إذاً هذا السجود باطل، ما نقول: هو آثم؛ لأنه سجد لغير الله، ومأجور لأنه سجد...، وقد أتى ما أمر به {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [(77) سورة الحـج] سجد هو، وكونه لغير الله يأثم من هذه الحيثية ويؤجر من تلك..؟ لا الجهة واحدة، فهذا السجود منهي عنه لذاته، لكن شخص صلى وعلى رأسه عمامة حرير، هو مأمور بالصلاة كونه ارتكب هذا المحظور.......... أمر خارج عن الصلاة....... بأصبعه خاتم ذهب يأثم لارتكابه المحظور، وصلاته صحيحة؛ لأن الجهة منفكة، لكن إذا توارد الأمر والنهي على شيء واحد هل يمكن أن نقول: إن له أجره وعليه أثمه؟ كما يقول بعض الأشعرية: إنه يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها، كيف؟ يجب على الزاني أن يغض بصره عن المزني بها؟ هو منهي عن الزنا، ومأمور بغض البصر، وقع في المحرم، يقصد المأمور، نقول: الجهة واحدة ليست منفكة، والأمر بغض البصر إنما أمر به من أجل أن لا تحصل هذه الغاية وقد حصلت، فالمذهب الوسط في هذه المسألة أن لا نبالغ في إنفكاك الجهات كما تقول الأشعرية كما في هذا المثال، ولا نقول: إن كل نهي يقتضي الفساد فنجعل الجهة واحدة مع انفكاكها كما تقول الظاهرية، شخص يدخن في حال استعماله للدخان رأى أخر يدخن فقال: يا أخي لا تدخن الدخان حرام، وش الحكم؟ هو مأمور بإنكار المنكر، كما أنه مأمور باجتنابه، فهو يرتكب محظور، ويمتثل مأمور في آن واحد، يتصور وإلا ما يتصور؟ ما هو كثير من الناس متلبس بمعصية ويكف أولاده ومن تحت يده عنها، لما فيها من الضرر، ولذا يقول أهل العلم: إنه لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون معصوماً، أو غير مقارف للمعاصي لا ما يشترط، لكن إذا كان في الأمر ما يقتضي الاستهتار فإنه لا يجوز له في هذه الحالة أن يأمر، ولو كان مطالباً بالأمر، إذا كان الوضع يشعر باستهتار، في حال الدخان قد يقول: أنا مبتلى وعجزت وحاولت ولا استطعت، فنصحيتي لك أن لا تدخن؛ لأن الدخان حرام، ومضر بالصحة وكذا، هذا مقبول إلى حد ما، لكن شخص على كرسي الحلاق يحلق لحيته، وأخر يحلق لحيته يلتفت إلى الآخر يقول: حلق اللحية حرام! أليس هذا يشعر بشيء من الاستهتار؟ إذا كان للدخان دافع ويمسك على ما يقولون الناس بحيث لا يستطيع الإنسان أن يفك، على حسب دعواهم، يقول: إنه حاول ولم يستطع تركه، فهو ينهى عنه؛ لأنه مضر؛ ولأنه اقتنع أنه محرم، قال: حرام ولكنه لا يستطيع أن ينفك عنه، هذه دعوى كثير من الناس، نقول: قد تقبل مثل هذه على أنه يبقى حرام، لكن له أن ينكر على غيره، لكن وهو يزاول المعصية في صورة المستهتر وينكر! وهذا كله استطراد حول قوله: وقال: ((إنهما لا يطهران)) وهل كل نهي يقتضي الفساد أو تختلف النواهي؟
الحديث الذي يليه حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، الحديث السابق حديث أبي هريرة أيضاً رواه الدارقطني وصححه، وهو أيضاً مر عند ابن خزيمة والبخاري بمعناه، وأعله ابن عدي، فالحديث مختلف في تصحيحه وتضعيفه، أعله ابن عدي، وهل كل علة تكون مؤثرة تقدح في الخبر؟ نعم؟ يعني إذا صحح الحديث الدارقطني والعقيلي وأخرجه البخاري بمعناه وهو عند ابن خزيمة ويشترط الصحة، وإذا خرجه ابن خزيمة لنا أن نقول: صححه ابن خزيمة، إذا أعل الحديث هل كل علة تقدح في الخبر؟ أو من العلل ما لا يقدح في الخبر؟ نعم؟ جميع العلل تقدح في الأخبار أو في علل ما تقدح؟ نعم، ولذا يقيدون العلة المشترط انتفاؤها لصحة الخبر أن تكون قادحة، ولذا يقول الحافظ العراقي:
فالأول المتصل الإسنادِ |
|
|
هذا الأصل، الأصل قال الله قال رسوله، الأصل في الاستدلال ما يثبت به الحكم، وهو الدليل من الكتاب والسنة، وإجماع الأمة، أو القياس على الدليل الثابت إذا توفرت فيه شروطه.
طلب النزاهة منه؛ لأن السين والتاء للطلب، فالمطلوب طلب النزاهة من البول، والبعد عن مقارفته.
وما حكم استعمال التراب في الاستنجاء؟
على كل حال الأصل الاستنجاء بالماء، لكن يبقى الاستجمار استعمال الجمار التي هي الحجارة، ويقوم مقامها كل شيء حشن من تراب أو مناديل خشنة أما أشبه ذلك.
بالنسبة للبول مسكوت عنه، والأحجار الثلاثة إنما طلبت كما فصل ذلك الشارح أنها للغائط، لكن الثلاثة بالنسبة للبول أحوط.
كتب الأصول كلها تتكلم على هذا.
أنا أقول: الأصل الإنكار، هو مطالب بالكف ومطالب بالإنكار، فهذا الأصل لا يحاد عنه، إلا إذا تضمن ارتكاب هذا الأصل محظور أكبر منه من استهتار مثلاً مثل ما مثلنا فيجتنب حينئذٍ.
لا شك أن الذي يرى أن الفخذ عورة في الصلاة يبطل الصلاة إذا كان الثوب لا يستر الفخذ.
وهذا الذي ذكرنا، نقول: ما دام أنه لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه جمع بينهما فالأصل أنه هو القدوة وهو الأسوة -عليه الصلاة والسلام-.
بعد أن من الله عليه -عز وجل- بحفظ كتابه، عليه أن يتجه لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وما يخدم الكتاب والسنة، وما يعينه على فهمهما، مما يسميه أهل العلم علوم الآلة، ويحفظ في كل علم متن، ويحضر شرحه عند من تسير من أهل العلم، ويقرأ عليه الشروح والحواشي، ويسمع الأشرطة ويعتني بذلك؛ لأن هذه مما يعينه على فهم كتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-.
((استنزهوا من البول)) قد يكون أبو هريرة قاله من تلقاء نفسه موقوفاً عليه، استنباطاً منه، من حديث صاحبي القبرين، ((لا يستنزه من بوله)) قال: استنزهوا، ((إنهما ليعذبان)) قال: "استنزهوا...، فإن عامة عذاب القبر منه" فيكون هذا استنباط من أبي هريرة من حديث صاحبي القبرين، فلا يلزم أن يكون له حكم الرفع.
نعم إذا جاء يتقدم هو أحق بالمكان، فإن احتاج إلى الخروج وعاد إليه سريعاً فهو أحق به أيضاً.
نسخة الشيخ حامد الفقي، وهي من أوائل الطبعات نسخة جيدة في الجملة، لكن ليس فيها عزو للأحاديث، ولا المصادر بالجزء والصفحة والرقم، وهناك أيضاً طبعات أخرى لو ضم إليها طبعة سمير الزهيري، على أن عليه أن يعيد النظر في بعض الألفاظ، أحياناً هو يقول: الحديث صحيح رواه البخاري، هذه لا قيمة لها، التصحيح والتضعيف والحديث في الصحيح كلام لاغي لا قيمة له، فإذا مجرد عزو الحديث للبخاري....... أو لمسلم، هذا ما يستدرك عليه، على أن فيه ألفاظ قالها في حق بعض الأئمة فيها شدة، الحديث وإن أعله أحمد، وإن أعله الدارقطني فهو صحيح، وإن صححه فلان فهو ضعيف، هذه ألفاظ ينبغي أن يتحاشاها طالب العلم، ويتعلم ويمرن نفسه على الأدب مع هؤلاء الكبار، فالإنسان إذا لم يعرف قدر نفسه فإنه يتعب نفسه، ويتعب غيره، الأدب مطلوب، والله المستعان.
البلوغ هو الوصول، والمرام الغاية والمطلب.
على كل حال الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) يعني الأصل في مثل هذه الصيغة تحريم الجلوس، ومن مقتضاه ومن لوازمه وجوب الصلاة، وبهذا يقول جمع من أهل العلم، لكن جماهير أهل العلم على أن هذا الأمر مصروف، فتحية المسجد مستحبة.
يدل على أنه يثبت أن مسجد قباء أول مسجد أسس على التقوى؛ لكنه لا يثبت أنهم يجمعون بين الحجارة والماء.
ولماذا نقول: بالصحة المطلقة لجميع أحاديث البخاري بالرغم من وجود الأحاديث متكلم في صحتها؟
على كل حال الأحاديث المتكلم في صحتها أحاديث يسيرة، والرجال المتكلم فيهم رجال الصحيح كلام يسير، وعدد يسير، وأيضاً هذه الأحاديث التي تكلم فيها كلام لم يسلّم، نعم في هذا الكلام بعض ما تعذرت الإجابة عنه؛ لكنه نادر جداً، فالصواب غالباً في هذه الأحاديث المتكلم فيها مع البخاري.
على كل حال الذبيحة إذا لم تكن قد تولاها مسلم أو كتابي فإنه لا يجوز أكلها، وإذا شك في ذابحها فالأصل الامتناع، أن لا يأكل الإنسان إلا ما تأكد من حله.