إِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمْ

ما أنضم شيء إلى شيء أفضل وأحسن من حلم إلى علم؛ لأن العلم دون حلم يصاحبه ما يصاحبه من شطط ويصاحبه من عنف، فالعلم بمفرده نعم العلم الشرعي قال الله وقال رسوله يربي الناس؛ لكن يبقى أيضاً أن الإنسان إذا طبع وجبل على ما يحبه الله ورسوله وهو الحلم كان نوراً على نور، وازدان بذلك، وزان علمه، وانضم الحلم إلى علمه، فصار نوراً على نور، يبقى أنه إذا جبل على سوء الخلق مثلاً عليه أن يتحلَّم ويحاول أن يقهر نفسه على الحلم، ويرفق ويتأَّدب بالآداب الشرعية، ولا يلبث -إن شاء الله تعالى- أن يكون سَجِيَّةً له؛ لكن لو حصل له في يوم من الأيام أنه غفل عن هذا التحلُّم ثم حصل منه ما يُنتقد به يعود إلى رشده، ويندم على ما فات، وينتهي أثره.

فالحلم لا شك أنه غريزة، والله -سبحانه وتعالى- جبل بعض خلقه على هذا الخلق العظيم؛ لكن بعض الناس ما عنده هذا الخلق، جبل على غيره؛ لكن إذا تحلَّم الحلم بالتحلُّم، كما أن العلم بالتعلم، فإذا وُجد حلم بدون علم صار نقصاً، وإذا وجد علم بدون حلم لا شك أنه نقص، وإذا انضم الأمران معاً صار نوراً على نور، واكتملت الحياة، الحياة الطيبة.