قال حدثني يحيى عن مالك عن نافع أنَّ عبد الله بن عمر كان يقول: "المرأة الحائض التي تُهلُّ بالحج أو العُمرة إنَّها تُهلُّ بحجِّها أو عُمرتها إذا أرادت" يعني وهي مُتلبِّسة بالحيض، لا مانع من ذلك، وأنَّ الحيض لا يمنع من الدُّخُول في النُّسك، ولا يمنَع عَقْدَ الإحرام، ولا يمنَع عَقْدَ النِّكاح، الحيض لا أثر لهُ في مثل هذا؛ ولذا جاء في الحديث، حديث عائشة: ((افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطُوفي بالبيت)) وقال في حديث صفية، قصَّة صفية: ((أحابستُنا هي؟!)) فدلَّ على أنَّ الحائض لا تَطُوف مهما كانت الظُّرُوف وأنَّها تحبسُ الرفقة، كان يقول: "المرأة الحائض التي تُهلُّ بالحج أو العُمرة إنَّها تُهلُّ بحجِّها أو عُمرتها إذا أرادت" يعني حائض أو طَرَأ عليها الحيض بعد أنْ دخلت في النُّسك كعائشة، ولكن لا تطُوفُ بالبيت ((غير ألا تطوفي البيت))، ولا بين الصَّفا والمروة، يعني تفعل ما يفعلهُ الحاج مِمَّا يقتضيهِ النُّسُك، ولا نذهب في مثل هذا النَّص إلى أبْعَد من هذا! فنقول أن الحائض تقرأ القرآن بدليل هذا الحديث! تفعل جميع ما يفعل الحاج والحاج يقرأ القرآن! بعد الحاج يُصلِّي، فالاستدلال بمثل هذا العُمُوم على مثل هذه المسألة لا شكَّ أنَّ فيهِ إيغال في العُمُوم، "ولكن لا تطُوفُ بالبيت، ولا بين الصَّفا والمروة"، نعم لا تَطُوف بالبيت؛ لأنَّها ممنُوعة من دُخُول المسجد، الطَّهارة شرط لصِحَّة الطَّواف، "ولا بين الصَّفا والمروة"، وما بينهُما خارج عن المسجد، لماذا تُمنع من الطَّواف بين الصَّفا والمروة؟ لأنَّهُم يشترطُون لِصِحَّة السَّعي أنْ يَقَع بعدَ طواف، فإنْ اشترطناهُ للطَّواف لَزِم من ذلك اشتراطَهُ للسَّعي؛ لكن لو قالت أنَّهُ جاء في حديث النبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- لم يَسْتَثْنِ إلا الطَّواف، والحائض لا تدخل المسجد ((وليعتزل الحُيَّض المُصلَّى)) والمَسْعَى خارج المسجد، وجاءَ أيضاً السُّؤال عن تقديم السَّعي على الطَّواف في حديث أسامة بن شديد قال: ((افعل ولا حرج))، هي في يوم العيد قالت أُريدُ أنْ أَسعى، ويبقَ الطَّواف إلى أنْ تَطْهُر، مُقتضى قول مالك، قال لا تطُوفي بالبيت كلام ابن عُمر "ولكن لا تطُوفي بالبيت، ولا بين الصَّفا والمروة" كأنَّهُ يرى أنَّ السَّعي لا بُدَّ أنْ يقع بعدَ طواف، وهو شرط عند جمع من أهل العلم صِحَّة السَّعي إلاَّ أنْ يكُون بعد طواف ولو مَسْنُوناً.
طالب:........
لها ذلك، لكن لا تطوف حتى تطهر.
طالب:.......
وين إذا أهلَّت بالعُمرة في أيَّام الحج، واستمرَّ معها الحيض حتَّى خَشِيَت فوات الحج تُدْخِل العُمرة على الحج فتصير قارنة يعني مثل عائشة أهلَّت بعُمرة، إنْ كان هناك مُتَّسع من الوقت تنتظر حتَّى تَطهُر فتأتي بالعُمرة وتبقى على تَمَتُّعِها إنْ خَشِيَت فوات الحج بفوات الوُقُوف أدْخَلَت العُمرة على الحج وصارت قارنة، أمَّا كونُها تُحرم وهي في الحيض لا مانع، "وهي تشهدُ المناسك كلها مع النَّاس" ولذلك جاء في حديث: ((افعلي ما يفعلُ الحاج غير أن لا تطُوفُ بالبيت))، "غير أنَّها لا تطُوفُ بالبيت، ولا بين الصَّفا والمروة، ولا تقرب المسجد حتَّى تطهُر"، فالحائض لا يجُوزُ لها أنْ تدخُل المسجد كالجُنب، وجاء في صلاة العيد ((أُمر العواتق والحُيَّض وذوات الخُدُور أنْ يَخْرُجْنَ إلى المُصلَّى يشهدْنَ الخير ودعوة المُسلمين وليعتزل الحُيَّض المُصلَّى)) ومُصلَّى العِيد مسجد وإنْ كانت أحكامُهُ أقل من أحكام المسجد المعرُوف، يتَّفق مع المسجد في أشياء، ويختلف عنهُ في أشياء؛ لكنْ إذا كان هذا في مُصلَّى العيد فالمسجد من باب أولى، بعضُهُم يقول أنَّ المُراد بالمُصلَّى مكان الصَّلاة؛ لأنَّ ما دامت لم تُصلِّ وهي حائض فلماذا تجلس في المُصلَّى الذِّي هو المكان الذِّي يُصلَّى فيهِ فَتُضَيِّق على النَّاس وهي لمْ تُصلِّ؟! تبعد عن النَّاس ولو كانت في المُصلَّى؛ لكن موضع الصَّلاة المُصلَّى المُرادُ بِهِ المحدُود معرُوف الحُدُود، فتلتزم في جهةٍ منهُ ولو كانت دَاخِلَهُ؛ لكنْ البُقعة التِّي يُصلُّون فيها لا تُضيِّق على النَّاس؛ لكنْ مُقتضى قوله: ((يعتزلن المُصلَّى)) يعني بِحُدُودِهِ يعني جميع حُدُودِهِ، والمسجد من باب أولى.