إنما الأعمال بالنيات

((إنما الأعمال بالنيات)) ((إنما)) هي الكافة والمكفوفة، وهي أداة حصر تحصر الحكم في المذكور، وتنفيه عما عداه -يعني بمنطوقها حصر للحكم فيما ذكر، وفي مفهومها نفي له عما عداه-.

((إنما الأعمال))، ((الأعمال)) ((أل)) هذه للجنس، جنس الأعمال بالنيات، فإذا قلنا: إنها جنسية، قلنا: تشمل الأعمال التي يتعبد بها، والأعمال التي لا يتعبد بها.

((بالنيات))، إذا قلنا: إن أل الجنسية، قلنا: الأعمال يشمل جميع الأعمال المتعبد بها وغير المتعبد بها، كيف تكون جميع الأعمال بالنيات ومنها ما لا يتعبد به؟ قالوا: نعم بالنيات، فهي مصححة للأعمال المتعبد بها، وضامنة للثواب في الأعمال التي لا يتعبد بها في أمور العبادات، وأمور العادات، ، في أمور العبادات النية مصححة، فالعبادات لا تصح إلا بالنية.

وأما بالنسبة لأمور العادات للأعمال العادية فإنما الثواب يرتب عليها إذا قصد بها وجه الله تعالى، والأعمال يدخل فيها الأعمال البدنية، والأعمال القلبية، وعمل اللسان الذي هو القول، ويدخل فيها أيضاً الترك، يدخل فيها الترك، فالترك عمل.

لئن قعدنا والنبي يعمل

 

فذاك منا العمل المضللُ

فالترك عمل، لكن أهل العلم لا يشترطون لإزالة النجاسة نية، ولا يشترطون لسداد الديون والبراءة منها نية، نعم تصحيح ذلك لا يشترط له نية، لكن ترتيب الثواب عليه لا بد له من نية، إذا دفع المبلغ الذي في ذمته لزيد من غير قصد ما نوى بذلك شيء إلا أنه ليسلم من شره ومطالبته تبرأ ذمته، لكن إذا قصد بذلك أن هذا عقد وعهد والله -جل وعلا- أمر بالوفاء بالعقود والعهود يؤجر علي ذلك امتثالاً لهذا الأمر، فالنية لا شك أن لها مدخل في كل شيء، في كل عمل، عمل بدن، عمل جوارح، عمل اللسان، عمل القلب وما أشبه، كلها لا بد فيها من نية، لا بد فيها من إخلاص لله -جل وعلا-،  فالنية شرط لصحة كل عبادة.

والشرط الثاني: هو المتابعة: أن يكون العمل خالصاً لوجه الله -جل وعلا-، وصواباً على سنة النبي-عليه الصلاة والسلام-، هما شرطان للقبول، وإن كان بعضهم يكتفي بالمتابعة عن اشتراط الإخلاص؛ لأن العمل الذي ليس بخالص لله -جل وعلا- لم يتحقق فيه شرط المتابعة، لكن التنصيص على الإخلاص واستحضار النية لأهميتها؛ لأن لو لم تذكر في كل مجال، واكتفي بالشرط الثاني لغفل المكلف عنها، وظن أن مجرد المتابعة في الظاهر يكفي، وهذا لا يقول به أحد من أهل العلم.