من سُنَنْ الأُضْحِيَة

عن أنس -رضي الله تعالى عنه- قال: "ضحَّى النبي -عليه الصَّلاة والسلام-" ، في يوم النَّحر يقول الله  {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر/2]، وفي يوم الفطر: {وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى/15]، فالذكر في يوم الفطر، والنُّسك في يوم الأضحى، عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: "ضحَّى النبي -صلى الله عليه وسلَّم- ضَحَّى بكبشين" والكبش ذكر الضأن، أملحين، والأملح كما قال المؤلف -رحمهُ الله تعالى- الأغبر وهو الذي فيه سوادٌ وبياض، ومنهم من يقول هو الأبيض المُشبَّه بالملح؛ لكنْ الأكثر على أنَّهُ الأغبر الذي فيه سوادٌ وبياض "بكبشين أملحين أقرنين" وجاء في الصَّحيح: "سمينين"، وجاء في المُستخرج: "ثمينين" "أقرنين" لكلِّ واحدٍ منهما قرنان "أقرنين ذبَحَهُما -عليه الصَّلاةُ والسَّلام- بيدِهِ"، فيُستحب التَّضحية بالذَّكر من الضَّأن، وأنْ يكون اللَّون المذكُور أمْلَح، وأنْ يكَون لهُ قَرْن، التَّضحية بالأقْرَن أفضل من التَّضحِية بالأجمّ وإنْ كانَ مُجْزِياً، "ذبَحَهُما" وأنْ يَتَوَلَّى ذبحَ أُضْحِيَتِهِ بِنَفْسِهِ كما فَعَل النبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- إذا كانَ يُحْسِنُ ذلك، وإذا كان لا يُحْسِنْ لَمْ يَتَعَوَّد هذا يَشْهَد أُضْحِيَتَهُ، وقد ذَبَح النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- ثلاثاً وسِتِّينَ منَ البُدْن التِّي أهْدَاها في حَجَّةِ الوَدَاع  "ذبَحَهُما بيدِهِ وسَمَّى وكَبَّر قائِلاً بسم الله، والله أكبر" أمَّا التَّسْمِيَة فهي شَرْط لِحِلّ الذَّبِيحة، وأمَّا التَّكبير فهو على سبيل النَّدْب والاسْتِحْبَاب، الخُطَباء يُرَدِّدُون قُبَيْل الذَّبْح في الخُطَبْ، يقول: بسم الله  وُجُوباً والله أ كبر اسْتِحْبَاباً يعني على ما يقولُ الفُقهاء قائِلاً: بسم الله  وُجُوباً والله أ كبر اسْتِحْبَاباً، تَجِد العَامَّة إذا أَضْجَعَ أُضْحِيَتَهُ قال: بسم الله  وُجُوباً والله أكبر اسْتِحْبَاباً! يَظُنُّون أنَّ هذا اللَّفْظ مطلُوب، مع أنَّ الخطيب يَتْبَع الفُقهاء العُلماء الذِّينَ قالُوا هذا، يَذْكُر اللَّفْظ مَقْرُوناً بِبَيَان حُكمِهِ أنَّ التَّسْمِيَة واجِبَة، والتَّكبير مُسْتَحَب، وتَجِد العَامِّي إذا سَمِع هذا الكلام يقول: إذا أَضْجَعَ أُضْحِيَتَهُ قال: بسم الله  وُجُوباً والله أكبر اسْتِحْبَاباً! يعني حَرفيَّة المسألة، مع أنَّهُ ينبغي أنْ تُغيَّر هذهِ الصِّيغة إذا حَفِظَها النَّاس وصَارُوا يَتَدَاوَلُونها "وسَمَّى وكبَّر وَوَضَع رِجْلَهُ على صِفاحهِما" يعني السُّنَّة أنْ تُضْجَعْ الأُضْحِيَة إذا كانت من الغَنم ، أو من البَقَر على الجَنْب الأيْسَر، ويَضَع رِجْلَهُ اليُمْنَى على الصَّفَحْة اليُمْنَى الرَّقَبَة، ويُمْسِك الرَّأس باليد اليُسْرَى والمُدْيَة باليد اليُمْنَى ويُمِرُّها على الحَلْق والمريء والودْجَينْ، والدَّم الذِّي يخرج نَجِسْ إجماعاً وهو الدَّم المَسْفُوح، "وََضَع رِجْلَهُ على صِفاحِهِما" كُلّ هذهِ سُنَن، فالنَّبي -عليه الصَّلاة والسَّلام- ضَحَّى بِكَبْشَيْن أَحَدُهُما عن مُحمَّد -عليه الصَّلاة والسَّلام- وعن آلِ مُحمَّد، والثَّاني عمَّن لمْ يُضَحِّ مِنْ أُمَّة مُحمَّد -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، فالأُضْحِيَة سُنَّة في قولِ عَامَّةِ أهلِ العِلم، وأوْجَبَها أبو حنيفة ومَال شيخ الإسلام -رحمهُ الله- إلى ذلك، وتُسْتَحب في حقّ الجميع، حتَّى الفقير يُستحبُّ لهُ أنْ يَقْتَرِض فَيُضَحِّي، وهي تُجْزِئ عن الشَّخص وعن أهل بَيْتِهِ يكفِيهِم أُضْحِيَة واحِدَة عنهُ وعن أهلِ بَيْتِهِ.