ضوابط التَّشبُّه

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال)) وذلكم أن الله -جل وعلا- خلق الخلق من بني آدم وجعلهم صنفين، صنف ذكور وصنف إناث، وجعل لكل صنفٍ ما يناسبه، ما يناسب تركيبه من الأعمال والحركات واللبس وغير ذلك مما يتميز به كل صنفٍ عن الآخر، فمن تشبه بالصنف الآخر فيما هو من خصائصه دخل في هذا الوعيد الشديد، وهو اللعن، ويراد به الطرد والإبعاد عن رحمة الله تعالى، فإذا تشبه الرجل بالمرأة فيما هو من خصائصها، أو تشبهت المرأة بالرجل فيما هو من خصائصه وما يوافق طبعه وتركيبه دخل في هذا الوعيد الشديد؛ لكن هناك أمور مشتركة بين الرجال والنساء، في المآكل والمشارب والمساكن الأمر المشترك لا يدخل في هذا؛ لكن ما يختص بالنساء لا يجوز بحال للرجل أن يتشبه بالمرأة، وما يختص به الرجال لا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجال وهكذا.

من ذلكم ما يتعلق بالمنطق والمشية والهيئة واللباس وما أشبه ذلك، وذلكم أن المرأة خلقت من ضلع، والرجل أكمل منها في كثيرٍ من الأوصاف هي بحاجة إلى أن تكمل هذا النقص في الزينة {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [(18) سورة الزخرف] هذا الأصل في المرأة؛ لكن الرجل لأن الله كمله بالخصال وبالمزايا والسجايا التي فاق بها المرأة من غير ظلمٍ للمرأة؛ لأن الله -جل وعلا- جعل فيها من الخصائص ما يناسب فطرتها، وما يناسب ما وكل لها من أعمال، لم يجعل لها من القوة قوة البدن بحيث تزاول من الأعمال ما يزاوله الرجال، ولم يجعل في الرجل من الضعف في الخلق والخُلق ما يجعله يزاول أعمال النساء، فإذا زاولت المرأة أعمال الرجال خرجت عن الفطرة التي فطرت عليها، وإذا هبط الرجل إلى المستوى الذي جبل عليه النساء فزاول أعمال النساء أيضاً تشبه بالنساء، قد يقول قائل: إن تشبه النساء بالرجال من باب تحصيل الكمال، فماذا يقال عن تشبه بعض الرجال بالنساء؟

وليس عجيباً أن النساء ترجلت

 

ولكن تأنيث الرجال عجيب

يعني يوجد مع الأسف الشديد بل في أوساط المسلمين من إذا رأيته لا تجد أدنى فرق بينه وبين المرأة، حتى أنه وجد في بعض المجتمعات الإسلامية من يستعمل بعض الهرمونات التي تبرز الثدي، وهو ذكر خلقه الله ذكراً، كمله وشرفه، وقد كمل من الرجال كثير لكن وجد مثل هؤلاء مع الأسف الشديد.

وعلى كل حال إذا تشبهت المرأة بما يختص به الرجال دخلت في اللعن، وإذا تشبه الرجل بما تختص به النساء دخل في هذا الوعيد الشديد، فلنكن على حذر، وإذا كان التشبه تشبه الرجل بالمرأة من المسلمين والمرأة المسلمة بالرجل من الرجال يدخل في هذا اللعن وهو حرام بل كبيرة من كبائر الذنوب فكيف بالتشبه بأعداء المسلمين؟! بأعداء الله وأعداء دينه من الكفار، ومع الأسف أننا نجد بعض المسلمين من يحاكي الكفار في جميع تصرفاته، بل يوجد في بعض المجتمعات الإسلامية بعض البلدان إذا دخلتها لا تفرق بينها وبين بلاد الكفار، وهذا من استحكام الغربة التي نعيشها، والله المستعان، ((لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضبٍ لدخلتموه)) فلنحذر من هذا أشد الحذر، يوجد في نساء المسلمين من يتشبه بالكافرات والفاجرات، وقصور الأفراح تعجّ بمثل هذه الصنوف المؤذية القذرة من التشبه، نسأل الله السلامة والعافية، وكل هذا شعور بالنقص، وإلا فلو اعتزّ المسلم بدينه ذكراً كان أو أنثى لكان في غنية عن مثل هذه التصرفات التي تحطّ من قيمته في الدنيا قبل الآخرة، وأما في الآخرة فله هذا الوعيد، والله المستعان.