المُجاهدة في طاعة الله -عزَّ وجل-

لا شك أنَّ النفس تحتاج إلى جهاد، النفس مجبولة على حب الراحة والإخلاد إليها، فهي بحاجة ماسة إلى الجهاد، ثم بعد مرحلة الجهاد تأتي اللذة في العبادة، كثير من الناس يأتي إلى الصلاة وهي ثقيلة عليه، قيام الليل ثقيل، صيام الهواجر ثقيل؛ لكن المسألة تحتاج إلى تجاوز مرحلة امتحان، تحتاج إلى جهاد، ثم بعد هذا الجهاد تتلذذ بهذه العبادة، كثير من الشيوخ يجلس للطلاب شهر شهرين ثم ينقطع، بعض المناطق مررنا بها فإذا القضاة ما لهم أي دور! ولا يوجد دروس، يحرصون على الدورات في أوقات الإجازات وما عندهم دروس ثابتة، تكلم رئيس المحكمة يقول: والله يا أخي جلسنا جلس عشرة أول الأمر ثم أخذوا ينقصون جاء رمضان وجاءت الإجازة ما رجع إلا ثلاثة ثم جاء الحج ما رجع إلا واحد! قلت: يا أخي يكفيك واحد، هذا الواحد لو استأجرته يقرأ عليك يبي فلوس، ((لئن يهدي الله بك))،  ((النبي يأتي وليس معه أحد، النبي يأتي ومعه الواحد)) وقلت له ولغيره ممن على هذه الشاكلة عليك أن تثبت وتصبر، حتى تتجاوز مرحلة الامتحان، ثم أبشر، وأول من يستفيد وأول من ينتفع بالتعليم أنت، رأينا بعض الكبار قُضاة تمييز كبار تقاعدوا وما اختلفوا كثيراً عن العوام؛ لأنهم ما قدموا، نسوا العلم! وبعض الصغار -ما شاء الله- صار عندهم شيء من العطاء ونفع الله بهم، هنا مرحلة اختبار أنا أدركت بعض الكبار أول ما جلسنا على الشيخ ابن باز -رحمه الله- أول ما نُقل إلى الرياض سنة خمسة وتسعين، كنا خمسة، خمسة أشخاص، يعني خمس سنوات ست سنوات ما يالله وصلُوا العشرة، ثم بعد ذلك بعد الصبر والمصابرة خلاص، جاء القبول، بعض الشيوخ الآن يحضره الألوف بدون مبالغة، ما كان عندهُ إلا طالب واحد وليس سعودياً هذا الطالب، اصبر واحتسب وتأهل هذه فرصة من الله -جل وعلا- لك حتى تتأهل، فإذا تأهلت أبشر بالقبول، الناس لا يمكن أن يساقوا بالعصي إلى الدروس، ما يُمكن، هذه أمور مستحبة ما هي بواجبات، والقبول من الله -عز وجل-، إذا علم الله -جل وعلا- منك صدق النية وثبت؛ أبشر بالخير -إن شاء الله-، وافترض أنه ما جاك أحد لآخر عمرك وبعدين؟! أنت بذلت ما عليك بذلت السبب والنتائج بيدي الله -عز وجل-؛ لا تترقب النتيجة في الدنيا، أنت مأمور بهذا شرعاً، الطالب مأمور بأن يلتمس الطريق، وأنت مأمور بأن تعطي؛ لكن إذا ما حصلت النتائج، الداعية قد يمضي عمر طويل عشرات السنين ما استجاب له أحد وقُدوتُهُ في ذلك الأنبياء، الآمر الناهي قد يُصاب كثير من الأخوان بالإحباط  يقول: نأمر وننهى وعجزنا وتركت وفعلت! نقول: اثبت يا أخي النتائج ليست بيدك، عليك أن تؤدي ما أُمرت به، والشرع ولله الحمد فيه فسحة، ما قال فليغيره بيده وسكت، مراحل ((فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه...))، وهذا الأمر مع باللين والرفق لا يعجز عنه أحد، ((فإن لم يستطع فبقلبه))، فأنت عليك أن تبذل ما أمرت به في حدود ما عندك من إمكانيات، تتعالى وتتعاظم، طالب مبتدئ تفتح درس بعلل الدَّارقطني!! أو درء تعارض العقل والنَّقل!! يا أخي ابدأ بصغار العلم قبل كِباره، ويأتيك الصِّغار، ثم يكبرون، ثم يجيء غيرهم وهكذا، بعض الطُّلاب يقول ما يحضرون، فتحنا درس ما حضره أحد، قال لبعضهم: يا أخي أنت لو يجيك واحد ويقرأ عليك بدلاً من أن تأتي بقارئ براتب، هذه نعمة من الله -عز وجل-، أنت بحاجة إلى أن توطن نفسك؛ فالمسألة تحتاج إلى جهاد ومن ينظر إلى هذه الأمور؛ لن ينتج شيئاً، يعني ينظر حضر طلاب ما حضر، فلان أكثر منك وفلان أقل منك! مالك دعوة بفلان، قلوب العباد بيد الله -عز وجل-، الآن تجدون في الجنائز الناس ما يُساقون بالعصيان، بعض الجنائز ما يحظرها أحد، وبعض الجنائز -ما شاء الله- مشهودة، قد يكون هذا في حال الحياة اللي ما يحظر له أحد أشهر من ذاك، فالقلوب بيد الله -عز وجل-، قد يكون عند الإنسان صدق تعامل مع الله -عز وجل-، فيسوق له الناس يدعون له ويثنون عليه، يعني بُهِر الناس في بعض الجنائز، خلائق لا يحصون، وشخص لا يكاد يذكر؛ لكن الله -سبحانه وتعالى- هو الذي سيَّر هؤلاء الناس ليصلوا عليه ويترحموا عليه والله المستعان، فهذهِ نتيجة المجاهدة،على الإنسان أن يجاهد نفسه في  طاعة الله -عز وجل-.