روى الإمامُ مُسلم -رحمهُ الله تعالى- من حديث النَّواسُ بن سمعان -رضي الله عنهُ-، عن النبي -صلَّى الله عليه وسلم- قال: ((البر حُسنُ الخلق، والإثمُ ما حَاكَ في النَّفس، وكَرِهْتَ أنْ يَطَّلِعَ عليهِ النَّاس))، ((البر حُسنُ الخلق، والإثمُ ما حَاكَ في النَّفس)) وجَدْت نفسك تَتَرَدَّد في هذا العمل، اتْرُكُهُ، لا سِيَّما قبل الانهماك في المُباحات والمكرُوهات؛ لأنَّ من يَنْهَمِكْ في المُباحات، ثُمَّ يتجاوزها إلى المكرُوهات قد لا يجد مثل هذا التَّرَدُّد، ولا يَحِيك في نفسِهِ مثل هذا الأمر، إنْ تَرَكَ المُحرَّمات فَبِها ونعمت، وإلاَّ سَوفَ يَجُرُّهُ انهماكُهُ في المباحات والمكروهات إلى ارتكاب المُحرَّمات، كما في حديث النُّعمان: ((كالراعي يرعى حول الحمى)) ((الحلالُ بَيِّن والحرامُ بيِّن وبينهما أُمُورٌ مُشتبهات، فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهات اسْتَبْرَأَ لدينِهِ وعِرْضِهِ، كالرَّاعِي يرعى حول الحِمَى)) نعم، وذِكْر القلب في حديث النُّعمان يَدُلُّنا على أَثَرْ المأْكَل والمَشْرَبْ على صلاح القلب وفسادِهِ، واللهُ المستعان، وعن وابصة بن معبد -رضي الله عنه- قال: أتيتُ رسُول الله -صلَّى الله عليه وسلم-، فقال له النبي -عليه الصَّلاة والسلام-: ((جئت تسأل عن البر والإثم)؟) مُعْجِزَة من أعلام النُّبُوَّة ((جئت تسأل عن البر والإثم؟! قُلتُ: نعم، قال: اسْتَفْتِ قَلْبَكْ))... لكنْ أيُّ قلبٍ يُمكن أنْ يُسْتَفْتَى؟! القلب السَّليم من الشَّهوات والشُّبُهات، مثل هذا القلب السَّليم من الشَّهوات والشُّبُهات يُسْتَفْتَى، ((اسْتَفْتِ قَلْبَكْ، البرُّ ما اطمأنَّت إليه النَّفس، واطمأنَّ إليهِ القلب، والإثمُ ما حاكَ في النَّفس، وتردَّدَ في الصَّدر، وإنْ أفْتَاكَ النَّاسُ وأَفْتَوْكْ)) [رواهُ أحمد والدَّارمي بإسْنَادٍ لا بأسَ بِهِ].