لا شكَّ أنَّ هُناك من الأماكن ما يُصانُ عنهُ العلم، مما يُزاول فيه مُحرَّم مثلاً، نعم يأتي هنا الأمر بالمعروف والنَّهي عن المُنكر؛ لكن إلقاء العلم الشَّرعيّ بقال الله وقال رسُولُهُ في أماكن تُزَاوَل فيها المُحرَّمات، يعني يُصان عنها المساجد، ويُصان عنها العلم الشَّرعي، قد يكون هذا المكان الذي يجتمع فيه النَّاس شيء طارئ على بلدٍ من البلدان على المُجتمع مثلاً، وجيء بِهِ من أُناس قد يكُون عندهم شيء من البدعة، أو شيء من التَّساهل في أمر الاحتياط للدِّين وللنُّصُوص وما أشبه ذلك، فمشابهتُهُم من هذهِ الحيثيَّة بعضُهُم يتوقَّف في الدعوة في مثل هذه الأماكن، وفي إلقاء العلم وما أشبه ذلك، وعلى كل حال المسألة اجتهادية، فمن توقَّف فلا يُلام لهُ حظٌّ من النَّظر، ومن غشى هذه الأماكن حرصاً على الدعوة، وحِرْصاً على تبليغ العلم، نسأل الله -جلَّ وعلا- على ألاَّ يحرمه أجر ما أراد، فاللهُ المُستعان، وشيخنا الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمهُ الله تعالى- يَغْشَى هذهِ الأماكن، ولهُ هَدِي، ويُلقي فيها محاضرات، وأي مكان يُدْعَى إليهِ يَسْتَجِيبْ، -رحمهُ الله رحمةً واسِعة-، وهناك من شيوخنا من أهل التَّحري منْ لا يَغْشَى هذهِ الأماكن، وكُلٌّ لهُ اجْتِهادُهُ، وكون الأمة يُوجدُ فيها أمثال هؤُلاء وأمثال هؤُلاء أنا أعتبرُهُ من نِعَم الله -جلَّ وعلا-، يُوجد أُناس أهل تحرِّي وتَثَبُّتْ ولا يَسْتَجِيبُون لكلِّ ما يُدْعَونْ إليهِ؛ بحُجَّة الاحتياط والحِفاظ على السُّنَّة هذا خير وللهِ الحمد، ويُوجد من يُبلِّغ هذا الدِّين على أعلى مُسْتَوى أيضاً المُستويات تقوم بهِ الحُجَّة أيضاً هذا خير، أيضاً تبليغ العلم من خلال القنوات مثلاً، أو الإذاعات التِّي فيها خليط من الحلال والحرام! والقنوات التِّي فيها مزيج ممَّا يجوز ومِمَّا لا يجُوز، هذه أيضاً تتجاذب فيها وُجهات النَّظر، فبعضُ أهلِ التَّحرِّي يقول: أبداً إنَّ ما عند الله لا يُنال بسخطِهِ، أنا أبحث عمَّا عند الله -جلَّ وعلا- من ثوابِهِ وأجرِهِ من أجلِ تبليغ العلم وإفادةِ النَّاس، وأُبلِّغ من خلال هذهِ القنوات التِّي فيها ما فيها، وبعضهم يقول: لا - أنا أُبلِّغ هذا العلم لأُناس لا يأتُون إلى المساجد، ولا يسمعون إلى وسائل التَّبليغ المُباحة، ولا يحضُرُون الدُّرُوس، ولا يدرُسُون العلم الشَّرعي، فأنا أُبلِّغُهُم من هذهِ الطَّريقة، هذهِ أيضاً وُجهة نظر، وإنْ كُنت أنا مع وجهة النَّظر الأُولى، أنا لا أغشى هذهِ الأماكن، ولا أُبلِّغ في غير ما كان عليهِ سلفُ هذهِ الأُمَّة، ويُوجد أيضاً من يجتهد اجتهاد آخر، واللهُ -جلَّ وعلا- يعذرهم على قدر نِيَّاتِهِم، والأُمُور بمقاصدها.