قال حدَّثني بهنّ رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم- تأكيد هذا أنَّهُ لم ينقُل ذلك بالواسطة عن النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-؛ بل تلقَّاه مُباشرة من النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، ويقول : ولو اسْتَزَدْتُهُ من الخِصَال لَزَادَنِي، قلتُ ثُمَّ أيٌّ، قلتُ ثُمَّ أيٌّ، قلتُ:... إلى آخره ؛ لكن هذا من بابِ الرِّفق من الطَّالبِ بالمُعلِّم، ومن آداب طالب الحديث أنْ يرفُقَ بشيخِهِ، وأنْ يَتَحَيَّنْ الفُرَصْ والأوقات المُناسبة للسُّؤال، وأنْ لا يُضْجِرَ الشيخ ويُكْثِرَ عليهِ، إذا رَأَى أنَّ الوقت غير مُناسب يَنْصَرِفْ، ابن عبَّاس حَبْرُ الأُمَّة وتُرجمان القرآن يَقِيلْ يَنَامْ في مُنْتَصَفِ النَّهار عند باب من يُريد أنْ يَسْأَلَه! ابن عمّ الرَّسُول -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-، كل شخص يَتَشَرَّفْ أنْ يَطْرُق الباب مثل ابن عبَّاس، ولا يَطْرُق الباب! ينتظر حتَّى يأتي الوقت المُناسب والظَّرف المُناسب للسُّؤال، يأتي ليسمع حديث من شخصٍ من الأشخاص والذي في النَّصْ من الأنصار، ثُمَّ يقيل ننظر إلى هذا الأدب الرَّفيع من هذا الإمام الحَبْر الوجيه ابن عمِّ النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، وتجد الطَّالب يأتي في كل وقت يسأل، ولا يستشعر أنَّ المسؤُول بشر مثل النَّاس، ومن السَّهل أنْ يَتَّصِلَ فِي مُنْتَصَف اللَّيْل، أو بعد مُنْتَصَف اللَّيْل السَّاعة الواحِدَة والثَّانية يتَّصِلُون من غيرِ اسْتِشْعَار لاسْتِثْقَال ولا شيء! فعلى طالب العلم أنْ لا يُضجر شيخهُ؛ لأنَّ الشيخ بشر، في يوم من الأيَّام يُعطيك كلام لا يُرضيك! يغضب مثل ما يغضب النَّاس، ويرضَى كما يَرْضَوْن، ولَهُ ظُرُوفُهُ، وعليه ضُغُوط مثل ما على غيرِهِ، فعلى كُلِّ حال على طالبِ العلم أنْ يَرْفُقَ بالشيخ كما أنَّ الشيخ عليهِ أنْ يَهْتَمَّ بِطُلَّابِهِ، وأنْ يُوليهم عنايتِهِ، وأنْ يُرحِّب بهم فهم وصِيَّة النبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-، فالطَّالب مطالب، والشيخ مُطالب، واللهُ المُستعان.