يقول: أنا إنسانٌ بدأت بطلب العلم؛ ولكن أُحسُّ كثيراً أنِّي لم أستفد من هذا العلم؛ لأنِّي أريد شيئاً يُوفِّر لي المأكل والمشرب، وأنَّ هذا العلم لم يُوَفِّر لي هذا الشَّيء؛ رغم أنِّي أعلم فضيلة العلم؛ ولكنِّي أُفكِّرُ دائِماً كيف أُوفِّر للأهل الأكل والشُّرب، فهذا الشيء يتردَّد في نفسي دائِماً، فأتَثَبَّتْ في طلب العلم... وضِّح لنا حلًّا في هذه المُشكلة؟!
لا شكَّ أنَّ الظُّرُوف التِّي نَعِيشُها فيها شيء من الصُّعُوبة، يعني الذِّي يكفي النَّاس في الزَّمن السَّابق، قد لا يكفي في هذا الزَّمان عشرةُ أضعافِهِ! واحد من الأساتذة الوافدين، أُستاذ في فنِّه أُستاذ في الحديث، اسْتَغْنَت عنهُ الجِهة التِّي يعملُ فيها، فقال لي: مثل هذا الكلام، أُريد عمل فيه دخل لي ولأولادي، العمل اسْتَغْنَى عنِّي، قلت: ما تقتدي بالأئِمَّة الإمام أحمد ويحيى بن معين وعلي بن المديني؟! هؤُلاء حياتهم كلّها للعلم، وما نسُوا نصيبهم من الدُّنيا الشيء اليسير، قال: بس الإمام أحمد ويحيى بن معين ما عندهم فواتير تلفون! ولا فواتير كهرب، ولا سيَّارات، ولا أولادٍ يدرُسُون بالأُجرة، ما عندهم مثلنا، صحيح الظُّرُوف التِّي نعيشها فيها شيء من الصُّعُوبة؛ لكنْ العلمُ لا يَعْدِلُهُ شيء! وقد أفْتَى شيخ الإسلام ابن تيمية بأنَّ طالب العلم يأخذ من الزَّكاة لشراء الكتب وما يُعينُهُ على التَّحصيل، وعلى كُلِّ حال إذا أمْكَنَ الجَمْع بين العلم ومصدر يُغنيه عن تَكَفُّف النَّاس فهذا هو الأكْمَلْ والأفضل، إذا لمْ يَتَمَكَّنْ فالعلم لا يعدلُهُ شيء، فلا يترك العلم من أجل الدُّنيا، ومع ذلك لا يَنْسَ نَصِيبَهُ من الدُّنيا؛ فعليهِ أنْ يُسدِّد ويُقارب، لا يَمْنَع طالب علم أنْ يشتغل في مكتبة، في مطبعة، في أيّ عملٍ يُناسب عمل علميّ بأُجْرَة، نصف الوقت، والنِّصف الثَّاني يَتَفَرَّغ فيهِ للطَّلب.