الهمة والأماني

يقول ابن القيم في مدارج السالكين: "الهمة فعلة" من الهم وهو مبدأ الإرادة، ولكن خصّوها بنهاية الإرادة، فالهم مبدؤها، والهمة نهايتها، يقول -رحمه الله-: "الهمة فعلة" يعني زنتها "فعلة، وهو مبدأ الإرادة" الإرادة التي تبعث الإنسان على الفعل مبدأها الهمة "ولكن خصوها بنهاية الإرادة" ولذا من أراد أن يفعل لا يقال: عنده همة، نعم، من يوصف بالهمة العالية؟ من فعل، أما من أراد أن يفعل، ولمّا يفعل؛ هذا لا يوصف بعلو الهمة؛ لماذا؟ احتمال أن تكون هذه الإرادة مجرد أماني، يعني شخص عنده إرادة، وعزيمة أن يحفظ أكبر قدر من العلوم؛ هل يوصف بأن عنده همة؛ لأنها مبدأ الإرادة؟ أو حتى يترجم هذه الإرادة عملياً، ويحفظ بالفعل؟ يعني شخص في تقديره أنه في سنة يحفظ سنن البيهقي مثلاً، هذا مبدأ الإرادة، وكانت الهمة تطلق على هذا باعتبار أن: همَّ بالشيء: أراده، لكن متى يترجم هذه الهمة؟ ومتى تسمي همة؟ نعم؟

طالب: إذا انتهى.

إذا انتهى، حفظ البيهقي، وانتهى، قلنا: عنده همة، شخص يقول -وهو مبتلي بالسهر- يقول: إذا -وهو في شعبان-: إذا خرج رمضان سوف أترك السهر, هذا عنده همة؟ وإلا إذا ترك بالفعل، وقاوم؟ نعم؟

هذا صحاب الهمة، أما مجرد الإرادة قبل التنفيذ، فهي موقوفة على التنفيذ، فمنها ما هو همة بالفعل، ومنها ما هو مجرد أماني، وليس الإيمان بالتحلي، ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب، وصدقه العمل، فالهمة إذا لم تترجم إلى واقعٍ عملي هذه مجرد أماني، وتسويف، سوف يفعل، وسوف يفعل "فالهم مبدأها، والهمة نهايتها".