من أعظم وسائل تقوية الإيمان

((اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأهله)) ولك بكل حرف عشر حسنات، يقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ((لا أقول: (ألم) حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)) والختمة الواحدة لا تكلف الإنسان، ما يحتاج إلى حمل أثقال، ولا جلوس في شمس، ولا في مكان مخوف ولا شيء، في روضة المسجد يستند على مثل هذا بعد صلاة الصبح لمدة ساعة، ويقرأ القرآن في سبع، كما قال الرسول لابن عمرو: ((اقرأ القرآن في سبع ولا تزد)) إلى أن تنتشر الشمس، وبهذا يحصل في كل أسبوع على ثلاثة ملايين حسنة، ولا خوف من مؤشر ولا غيره، هذه الثلاثة ملايين مضبوطة ومحفوظة في سجل لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، اللهم إلا إذا أنت تسببت في تضييعه هذا شيء يعود إليك، فالمفلس من يأتي بأعمال أمثال الجبال من صلاة وصيام وحج وزكاة وبر واجتهاد، ثم بعد ذلك يأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا، فهذا يأخذ من حسناته، وهذا من حسناته، ختمة لفلان، وختمة لفلان، وهكذا، وفي الغالب أن من ينشغل بهذه المنكرات لا يوفق لقراءة القرآن، لا سيما على الوجه المأمور به، فما تودعه في سجلك وصحائف أعمالك مضبوط، ولا خوف عليه، لا من لص، ولا من هامور يلعب بالسوق، ما فيه، مضبوط، متقن، يعني إذا كان الناس في أموالهم يتذرعون بأنه ضحك عليهم، هذه الأجور مضبوطة، ما أحد يتصرف فيها، ولا يتحكم، {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا} [(49) سورة الكهف] حاضر تقلب الصفحات ووجهك مشرق، نسأل الله من فضله، المقصود أن قراءة القرآن من تزكية النفس، والذي يفعل ما أمر به من قراءة القرآن على الوجه المأمور به بالتدبر والترتيل، لا شك أن هذا من أعظم وسائل تقوية الإيمان، كما قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله-: "قراءة القرآن على الوجه المأمور به تورث القلب من الإيمان والعلم واليقين والطمأنينة ما لا يدركه شيء، أو لا يحصل بشيء آخر البتة، ولا يدركه إلا من جربه وعاناه"،

 ويقول ابن القيم -رحمه الله-:

فتدبر القرآن إن رمت الهدى

 

فالعلم تحت تدبر القرآنِ

أيضاً الذكر: ((لا يزال لسانك رطباً بذكر الله)) جالس في أي مكان كان، أثقل ما على الناس الانتظار، جلست تنتظر في مكان ما، في مستوصف، وإلا في بيتك تنتظر زميل لك، وإلا أحداً بيطرق الباب عليك، تأخر، تضيق بك الدنيا ذرعاً، الناس جبلوا على هذا، لكن من استغل وقته بذكر الله، وأنس بالله -جل وعلا- ما يضيق صدره، يتمنى أن لو تأخر الدور؛ لأنه لو قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر الباقيات الصالحات، غراس الجنة، كما جاء في الحديث الصحيح أن إبراهيم -عليه السلام- قال: ((يا محمد أقرئ أمتك السلام، وأخبرهم أن الجنة قيعان، وغراسها التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير)) أمور أمور يعني لا تكلف الإنسان شيئاً، سبحان الله وبحمده مائة مرة تقال في دقيقة ونصف ((من قال: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر)) والحديث متفق عليه، لا أحد يقول: والله ثواب عظيم على أمر يسير، لا، فضل الله يؤتيه من يشاء، والله يضاعف لمن يشاء، إلى سبعمائة ضعف، يعني قد يقول الإنسان: هذه أمور لا يتخيلها عقل، لكن فضل الله أعظم، قالوا: إذاً نكثر! قال: ((الله أكثر)) يعني إذا كان آخر من يدخل الجنة، يعني يخرج من النار ويدخل الجنة، فيقال له: تمنّ، تضيق به الأماني، فيقال له: أتريد ملك أعظم ملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: إي يا رب، فيقال: لك مثله ومثله ومثله إلى عشرة أمثاله، هذا آخر من يدخل الجنة، يخرج من النار ويدخل الجنة، فكيف بالسابقين المسارعين إلى الخيرات، لكن على الإنسان أن يعمل وأن يبذل، وأن يكون على الجادة؛ لأن العمل لا يرفع إذا حاد عن الجادة يميناً وشمالاً، لا بد من المتابعة للرسول -عليه الصلاة والسلام-، ولا بد من الإخلاص لله -جل وعلا-، والعلم بغير هذين الشرطين باطل، لا قيمة له.