التَّسديد والمُقَاربة بين طلب العلم وأُمُور الدُّنيا

المطلوب من الأخوة والأخوات على حد سواء التَّسديد والمُقاربة، ولا يكون شيء على حساب شيء آخر، لا شك أنَّ الناس عندهم فراغ، يعني: أن العمل يحتاج إلى ثلث الوقت، والنوم ووقت العبادة وما أوجب الله على الإنسان من عبادة يحتاج إلى الثلث الثاني، الثلث الثالث يحتاج الإنسان إلى أن يستجمّ فيه، يرتاح يجلس مع أولاده، يجلس مع أقاربه، له ارتباطات عائلية، له سفرات، له أيضاً النـزهات، المرأة لها أعمال أخرى غير العمل في بيتها مع أولادها، في حاجة زوجها؛ لكن يبقى لو أن الإنسان خصص ساعة من يومه للعلم الشرعي، ومثلما ذكرنا الآن بإمكان الإنسان وهو يتناول الشاي الذي يأخذ عند بعض الناس ساعة أو أكثر يضغط الزر بالنسبة للمسجل ويسمع الكلام الطيب، يأخذ المصحف بعد صلاة الصبح ويقرأ بالتدبر والترتيل، ويستفيد فائدة عظمى، والعلم كله تحت تدبر القرآن.

فتدبَّر القرآن إنْ رُمتَ الهُدى

 

فالعلم تحت تدبر القرآنِ

وإذا قرئ القرآن على الوجه المأمور به كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية أورث القلب من العلم واليقين والإيمان والطمأنينة شيء لا يُدْرِكُهُ إِلَّا من عاناه، نعم نحن نقرأ القرآن على غير الوجه المأمور به...  متى تنتهي السورة؟! متى ينتهي الحزب؟ متى نختم القرآن؟ هذا همنا! ولذلك لا نتلذذ بقراءة القرآن! لا نستفيد الفائدة المرجوة من قراءة القرآن، نعم يثبت لنا أجر الحروف، كل حرف عشر حسنات، والختمة ثلاثة ملايين حسنة، والإنسان جالس بإمكانه أن يقرأ القرآن في سبع، يختم كل أسبوع، إذا جلس من صلاة الصبح إلى انتشار الشمس يقرأ القرآن في سبع، ويحصل على ثلاثة ملايين حسنة في كل أسبوع، في أمر في غاية اليسر والسهولة، وهذا لا يكلف شيء، نحصل على أجر الحروف التي هي هذه الحسنات العظيمة، وهذا أقل تقدير، و إلا فالله  -جلَّ وعلا- يُضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة لبعض الناس، وجاء في بعض الآثار أن الله  -جلَّ وعلا- يضاعف لبعض عباده الحسنة إلى ألفي ألف حسنة، يعني تصور العدد والكم الهائل هذا، يعني إذا قارناه بقدرات الناس قلنا خيال، ما يمكن هذا؟! لكن إذا نظرنا إلى فضل الله -جلَّ وعلا- وسعة رحمته، وأن الله -جلَّ وعلا- يعطي ما يتمناه آخر من يدخل الجنة يعطيه ما يتمناه، وايش يتمنى؟! تمنى أرض مساحتها ألف متر عليها قصر مشيد، يقال له: تمنَّ، تنقطع به الأماني ما يدري ايش يتمنى!  لأنه آخر شخص يدخل الجنة، فيقال له أترضى أن يكون لك ملك أعظم ملك في الدنيا؟! فيقول نعم،  فيقال له لك هذا الملك وعشرة أمثاله! يعني فضل الله لا يُحَدّ، فإذا قرأنا في سبع واعتمدنا، وجَلَسْنا، وتوكَّلنا، وحزمنا أنفُسنا؛ لأنَّ المسألة في أوَّل الأمر تحتاج إلى جِهاد! فالنوم بعد صلاة الصبح تركه شاق على كثير من الناس، يحتاج إلى جهاد في أول الأمر، ثم بعد ذلك يتلذذ به، بحيث لو مرض في يوم من الأيام، وصلى الصبح وخرج لينام ما نام، ما جاءه النوم إلا في وقته، هذا شيء مجرب! فإذا جلس في مُصَلَّاه لمدة ساعة استطاع أنْ يقرأ القرآن في سبع، الأمر الثاني أنَّ هناك ساعة من آخر النهار لو اقتطعها الإنسان ما ضَرّه،  ولا ضيع من أعماله ومصالحه لا الدِّينيَّة ولا الدُّنيويَّة شيء؛ بل هذا ممّا يُعينه على تيسير أُمُور دينه ودُنْيَاه.