توجيه لمن يعاني من ضعف الحافظة

يقول: أنا أحب العلم والعلماء وأريد أن أكون من أهل العلم ولكن العلم يحتاج إلى حفظ ولا يكون إلا بالحفظ -على حد علمي-، وأنا أواجه صعوبة شديدة في الحفظ، وعوضني الله سرعة الفهم فما توجيهكم حفظكم الله؟

لا شك أن العلم يحتاج إلى مقومات منها الغريزي ومنها المكتسب، فمما يحتاج إليه المتعلم الحافظة التي تعينه على ثبات ما يقرأ والفهم؛ لأن الحفظ وحده لا يكفي، والفهم وحده لا يكفي، لكن هذه هبات من الله -جل وعلا- فبعض الناس يشكو من ضعف الحافظة، وبعض الناس يشكو من بطء الفهم، والناس يتفاوتون، وقد جمع الله -جل وعلا- لبعض الناس الحفظ مع الفهم، ووفقهم لسلوك الجادة والطريق من أوله، فاختصروا المدة في تحصيل العلم، بعض الناس عنده حافظة وعنده فهم لكن لا يوفق للطريق من أوله، تجده في أول الأمر يتخبط، فإذا أفاق فإذا به قد فاته شيء من السن الذي يؤهله للحفظ والفهم، ثم بعد ذلك إما أن يواصل أو ييأس فينقطع، بعض الناس عنده الحافظة القوية، وبعضهم يشق ويصعب عليه الفهم، فمثل هذا عليه أن يعالج ويعاني فهم ما يحفظ وما يقرأ يردده حتى يفهم، يقرأ الشروح، يقرأ الحواشي، يسأل أهل العلم عما يشكل عليه، وإذا أدام النظر في الشروح، إذا أدام النظر في شروح الكتب سواءً كانت من تفاسير القرآن أو من شروح كتب الحديث أو المتون العلمية إذا أدام النظر فيها فإنه حينئذٍ يتولد عنده ملكة لفهم النصوص، وفهم أقاويل أهل العلم؛ لأن بعض الناس يعنى بالمتون، وليس لديه مُكنة من النظر في الشروح، ويقول: إن هذه الشروح طويلة وتعوق عن التحصيل، الشروح لا بد منها؛ لأنك لا بد أن تفهم هذا العلم على الجادة، على جادة أهل العلم وعلى طريقتهم وإلا فلا شك أنك ستظل في الفهم، فأنت إذا كنت لديك الحافظة، وليس لديك الفهم فإن عليك أن تعاني كلام أهل العلم في شرح النصوص وشرح المتون، وبعد ذلك بعد مدة يتيسر لديك الفهم، تتولد لديك الملكة وتعينك -بإذن الله- على فهم ما تقرأ.

وإذا كان لديك الفهم وليست لديك الحافظة فعليك أن تعاني الحفظ، وتكرر ما تريد حفظه مرة مرتين عشر مرات عشرين إلى آخره، ومن أفضل ما يعين على الحفظ كتابة ما يراد حفظه، كتابة ما يراد حفظه مرتين ثلاث حتى يحفظ، وذكر الشيخ عبد القادر بن بدران في كتابه: (المدخل) طريقة للحفظ، يقول: إذا كانت الحافظة ضعيفة فقدر المحفوظ لهذا اليوم شيئاً يسيراً سطرين ثلاثة، وإذا كانت متوسطة فقدر عشرة أسطر مثلاً، وإذا كانت الحافظة قوية فقدر ورقة، ثم ردد ما قدرته حتى تجزم بأنك قد حفظته، هذا نصيب هذا اليوم، إذا جزمت بأنك حفظته من الغد كرر هذا الذي حفظته في هذا اليوم عشر مرات، أو قال: خمس مرات، قال: خمس مرات نعم، كرره خمس مرات، ثم اشرع في نصيب اليوم الثاني حتى تجزم أنك حفظته كما حفظت نصيب اليوم الأول، فإذا جاء اليوم الثالث كرر ما حفظته في اليوم الأول أربع مرات، وما حفظته في اليوم الثاني خمس مرات، ثم حدد نصيب اليوم الثالث وكرره حتى تحفظه، لا تقول: أنا ضعيف الحافظة، كرر سطر، وإذا عجزت عن حفظه اكتبه وسجله ثم اسمعه، واجعل أحد يقرأه عليك، واقرأه على أحد، المقصود قلب ما تريد حفظه على جميع الوجوه، فإذا حفظته فراجع ما حفظته في اليوم الأول ثلاث مرات، واليوم الثاني يعني في اليوم الرابع كرر ما حفظته في اليوم الأول ثلاث مرات، وفي اليوم الثاني أربع مرات، وفي اليوم الثالث خمس مرات، ثم حدد نصيب اليوم الخامس، واحفظه على الطريقة السابقة، ثم بعد ذلك كرر ما حفظته في اليوم الأول مرتين، والثاني ثلاث مرات، والثالث أربع مرات، والخامس خمس مرات، ثم اشرع في نصيب اليوم السادس وهكذا، وبهذه الطريقة تضمن أنك لن تنساه -بإذن الله-، وهذه طريقة مجربة.