الاجتماع لقراءة (صحيح البخاري) من غير تفهُّم لمعانيه

السؤال
الاجتماع لقراءة (صحيح البخاري) وختمه؛ رجاء بركة كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-، من غير قراءة للغريب وشرح معاني الحديث، هل في ذلك فضل؟ وهل هو مشروع؟
الجواب

هذا وُجد في العصور المتقدمة، يُجتمع لقراءة كتب الحديث سردًا من غير بيان معانٍ ولا تفقُّه، إما لمجرد الإجازة أو لمجرد أنه حضر عند فلان أو سمع الكتاب الفلاني عند فلان، هذه فائدتها وأثرها ضعيف وقليل، لا سيما لمن كانت حافظته ضعيفة، أما من كانت حافظته قوية فإنه يستفيد كثيرًا من مثل هذا الحضور، وأهل الحديث يفعلون مثل هذا من أجل ضبط الألفاظ، فسماع اللفظ أفضل من كونه يقرأ من الكتاب نفسه، فإذا سمع الكتاب من محدِّث ولو لم يستفد إلا ضبط اللفظ، ومع ذلك يستفيد الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- في كل حديث، وهذا فيه فضل عظيم، لكن الأصل في الأحاديث وما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- من بيان لكلام الله -جل وعلا- وبيان شرعه الأصل التفقُّه فيه من أجل العمل، وأما مجرد القراءة للبركة فليس فيها أجر إلا بالنسبة للصلاة عليه -عليه الصلاة والسلام-، ولا يوجد كلام يُتعبَّد بمجرد تلاوته دون النظر في معانيه إلَّا كلام الله -جل وعلا-، فهو المُتعبَّد بتلاوته، وأما الحديث وما دونه من كلام الناس فليس فيه تعبُّد إلا بقدر ما يترتب عليه من صلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام- ومن ذكرٍ لله إذا مرَّ وما أشبه ذلك، وأيضًا ما يترتب عليه من حفظ لكلام النبي -عليه الصلاة والسلام- والتفقُّه فيه والعمل به، أما مجرد قراءته للبركة فهذه وُجدت في بعض العصور ووُجدت في بعض الأمصار بين المسلمين، لكن أثرها ضعيف.

فإذا كانت القراءة للجرد وضبط الألفاظ فهذا تعلُّم، وهو مشروع، ولكن أنا أعجب ممن يقول: سمعنا (صحيح البخاري) في أربع ليالٍ، و(صحيح مسلم) في ثلاث ليالٍ، و(المسند) في نصف شهر، وكذا وكذا، ويتعبون في الليل والنهار! ولو تفقَّهوا في عشرة أحاديث بدل هذه القراءة لكان أفضل بلا شك.