وصايا لمن دخل في الإسلام حديثًا

السؤال
دخلتُ في دين الإسلام مؤخرًا -ولله الحمد-، فما هي وصيتكم لي لأثبت على هذا الدين ولأتعلم أحكامه؟ وهل يلزمني أن أدخل في حوار مع بقية أهلي؛ لأقنعهم بدين الإسلام، أم أن لهم الحرية في اختيار ما يشاؤون؟
الجواب

أما بالنسبة لك يا حديث الإسلام -وفقك الله، وثبتك على دينه- عليك أن تلزم أهل العلم وأهل العمل {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} [الكهف: ٢٨]؛ لتثبت ولا ترجع إلى بيئتك ومجتمعك الذين يزاولون من الكفر والفسوق والعصيان ما يزاولون، فالنفس لا شك أنها قد تتوق إلى الماضي فتنجر معهم، لكن اترك هذا المجتمع {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} أهل الذكر، وأهل الشكر، وأهل العبادة، وأهل العلم، هؤلاء الذين يعينونك -بإذن الله- على الثبات.

وأما بالنسبة لأهلك وعشيرتك فعليك أن تدعوهم إلى ما توصلتَ إليه وإلى ما وفقك الله إليه، وهم أولى الناس ببرِّك وإحسانك، وهذا أعظم أنواع البر للوالدين، وأعظم الصلة للأقارب، فالله -جل وعلا- يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: ٦]، يقول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: بالعلم، أي: علموهم ما ينفعهم، وبذلك تحصل لهم الوقاية من النار. ثم بعد ذلك إذا بذلتَ السبب على حسب جهدك وطاقتك، وجلبت لهم من يحسن الدعوة أكثر منك، ويسرت له الاتصال بهم ودعوتهم إلى الدين، فإن استجابوا –بعد بذل السبب- فبها ونعمتْ، وحصل لك من الأجر ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- «لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا، خير لك من أن يكون لك حمر النعم» [البخاري: 3701]، هذا بالنسبة للأجنبي فكيف إذا كان من الأقارب؟ فكيف بالأب أو الأم؟! وإذا لم يستجب لك أحد فلا يضيرك، فمن الأنبياء من يأتي وليس معه أحد، وبعض الأنبياء لم تستجب له زوجته، وبعضهم لم يستجب له ولده {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة: ١٠٥]، يعني بعد بذل السبب، فبعد بذل السبب لا يضرك هل اهتدى أو لم يهتد، استجاب أو لم يستجب، إنما عليك بذل السبب، والنتيجة على الله -جل وعلا-.

وهذه الآية {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} قد يفهمها بعض الناس على غير مراد الله منها، ويأخذونها دليلًا على عدم إنكار المنكر وعدم الدعوة إلى الله، ويضربون بها الآيات المحكمة التي تأمر ببذل السبب وتأمر بالدعوة إلى الله، فالدعوة مأمور بها {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} [فصلت: ٣٣]، وقال النبي –عليه الصلاة والسلام-: «من رأى منكم منكرا فليغيره» [مسلم: 49] على حسب المراتب وحسب القدرات، فهذا مأمور به، لكن بعد بذل السبب لا يضرك إذا لم يستجب.