قطيعة الرحم، وأكل الربا والمال الحرام

السؤال
لقد كثرت القطيعة بين الناس كما كثر أكل الحرام والتعامل بالربا، ما قولكم فضيلة الشيخ؟ وما وصيتكم لإخوانكم المسلمين؟
الجواب

أما بالنسبة لقطيعة الرحم فهي من عظائم الأمور وجاء فيها الوعيد الشديد، وعلى الإنسان القاطع لرحمه أن يتوب إلى الله -جل وعلا- ويصل رحمه: «من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه» [البخاري:2067]، وجاء الوعيد الشديد: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ} [محمد: 22-23]، -نسأل الله العافية-، وجاء في السنة الأحاديث الكثيرة التي فيها الأمر والتأكيد على صلة الرحم، وفيها أيضًا التشديد والوعيد الأكيد على قطيعة الرحم، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- وأن يصل رحمه.

وأما بالنسبة لأكل الحرام والتعامل بالربا، فالربا أيضًا من عظائم الأمور ومن الكبائر وهو حرب لله ورسوله {فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: 279]، ومَن يقوى على مثل هذا؟ وأكل الحرام كبيع ما حرَّم الله -جل وعلا- أو السرقات أو الغُصُوب أو غير ذلك مما حرمه الله -جل وعلا-، هذا -نسأل الله العافية- مع أنه يترتب عليه الإثم والعذاب، أيضًا تكون فيه المقاصَّة كما جاء في حديث المفلس، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: «أتدرون ما المفلس؟» قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: «إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة، وصيام، وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار» [مسلم: 2581] -نسأل الله العافية-، ثم إن مثل هذا أيضًا من موانع إجابة الدعاء، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- «ذكر الرجل يُطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وَغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟» [مسلم: 1015]، مع أن الأسباب مبذولة، «أشعث أغبر» هذا أقرب إلى انكسار القلب، ومع أنه مسافر، والمسافر له دعوة مستجابة، و«يمد يديه»، ورفع اليدين من أسباب إجابة الدعاء، ومع ذلك يُكرر «يا رب يا رب»، كل هذه أسباب لإجابة الدعاء، والعلماء يقولون: من كرر "يا رب يا رب" خمس مرات فحريٌّ أن يُستجاب له؛ استدلالا بما جاء في آخر سورة آل عمران، فهذه أسباب لكنه وُجد المانع، «مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وَغُذِيَ بالحرام، فأنَّى يستجاب لذلك؟» استبعاد، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- وأن يطيب مطعمه، كما سأل سعد النبي -عليه الصلاة والسلام- حيث قال له: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة» [المعجم الأوسط للطبراني: 6495].