غير المتخصص في الشريعة يبدأ بكتب العقيدة بالتدريج، فيقرأ –مثلًا- في (ثلاثة الأصول) للإمام المجدد، و(القواعد الأربع)، و(كشف الشبهات)، ثم يبدأ في (كتاب التوحيد)، ويقرأ عليها الشروح المعاصرة؛ لأنها مفهومة وواضحة بأساليب تناسب مستوى المثقفين، وهناك شروح لشيوخنا: الشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الفوزان، وغيرهم من المشايخ لهم شروح بينة وواضحة على هذه المتون الصغيرة، وحينئذٍ إذا تَابَع تكون لديه أهلية لفهم ما بعدها من الكتب، فيقرأ في (الواسطية) ويحفظها، و(الحموية)، وإن تدرَّج وترقَّى؛ لأنه صارتْ لديه أهلية لفهم هذه الكتب، وإن اكتفى بها وصار يقرأ فيما كتبه المعاصرون من مؤلفات ابتداءً؛ لأنها مفهومة فلا مانع. أما أن يترقَّى أو يَقرأ بداية في (التدمرية)، أو ما هو أكبر من ذلك مثل: (تعارض العقل والنقل)، أو (نقض التأسيس) فهذه لكبار المتخصصين، وليست للمتوسطين، فـ(التدمرية) تُقرأ في الجامعات وتُدرَس وتُشرح، لكن مثل: (تعارض العقل والنقل) أو مثل: (نقض التأسيس) هذه لا تصلح إلا لكبار المتخصصين، حتى المتوسطين منهم قد يَستغلِق عليه أشياء منها؛ لأنه من الخطأ في المنهجية أن يَسمع طالبٌ مبتدئٌ أو متوسطٌ مدحًا لكتاب فيذهب إلى المكتبة فيشتريه ويقرأ فيه، كأن يسمع قول ابن القيم:
واقرأ كتابَ العقلِ والنقلِ الذي |
| ما في الوجودِ لهُ نظيرٌ ثاني |
ثم يذهب إلى المكتبات ويشتريه ويبدأ يقرأ فيه! هذا سوف يُصدم وقد يترك القراءة؛ لأنه لا يفهم، هذا فيه عشرات الصفحات تَمر على طالب العلم قد لا يفهم منها شيئًا.
وكذلك التأسيس أصبحَ نقضُهُ |
| أعجوبةً للعالِم الرباني |
يقرأ في (نقض التأسيس) يَرُدُّ على الرازي، وهو مطبوع في ثمانية مجلدات في عشر رسائل علمية كلها دكتوراه، ثم يقرأ فيها هذا الطالب المتوسط الفهم أو الأقل! لا شك أن هذا سوف يَصده عن متابعة القراءة، أو يَسمع مدحَ الحافظ ابن كثير لـ(علل الدارقطني) فقد أشاد به الحافظ ابن كثير في (مختصر علوم الحديث)، فيذهب إلى المكتبة ويشتري (علل الدارقطني)! مثل هذا قد يكون وسيلة للصدِّ عن القراءة والنظر في كتب الفن -والله المستعان-، فعلى الإنسان أن يتدرَّج، وعليه أن يقرأ ما يفهمه، وعليه أن يستشير أهل العلم في الكتاب المناسب لمستواه ولفهمه، والله المستعان.