وقت الأذان الأول والأذان الثاني يوم الجمعة

السؤال
متى يكون وقت الأذان الأول يوم الجمعة؟ ومتى يكون وقت الأذان الثاني؟ حيث إنني أُؤذِّن الأذان الأول الساعة العاشرة والنصف صباحًا، ولكن لا يأتي الناس إلا قريبًا من الساعة الثانية عشرة ظهرًا.
الجواب

الأذان الأول والذي سنَّه عثمان -رضي الله عنه- وهو خليفة راشد قال في حقه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين» [أبو داود: 4607]، ووافقه عليه جميع الصحابة -رضي الله عنهم-، ولم يُعرَف له مخالف، فكان إجماعًا منهم، والحكمة والعلة في سُنِّيَّته مِن قِبَل عثمان أن يتجهَّز الناس لصلاة الجمعة ويتأهَّبوا لها، ويُعطَوا من الوقت والفرصة ما يعينهم على هذا الاستعداد، ويكون الفاصل بينه وبين دخول الوقت والأذان الثاني ما يكفي لهذا التجهُّز والتأهُّب، ولذلك نجد الناس يتفاوتون فيه، فمنهم مَن يؤذن قبل الوقت بساعة، ومنهم من يؤذن قبله بنصف ساعة، أو ساعة ونصف -كما في السؤال-، لكن المقصود منه أن يتجهَّز الناس ويتأهَّبوا، فيكون منبِّهًا لهم على قرب وقت الجمعة، ولذا الإجابة لا تجب، يعني ما يجب على الإنسان أن يذهب إلى صلاة الجمعة عند سماع الأذان الأول؛ لأنه ما شُرع لحضور الصلاة بقدر ما شُرع للتأهُّب لها، أما الأذان الذي تجب إجابته {إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [الجمعة: 9] فهو الأذان الثاني، وهو الموجود على عهده -عليه الصلاة والسلام-، والأذان الثاني إنما يكون وقته إذا صعد الإمام المنبر واستقبل الناسَ وسلَّم عليهم، كما كان في عهده -عليه الصلاة والسلام-، فإذا صعد الإمام المنبر وسلَّم على المأمومين أخذ المؤذن في الأذان، وحينئذٍ تجب الإجابة، والله أعلم.

والحِرمان وهو ملاحَظ في كثير من مساجد المسلمين أن يتأخَّر الناس إلى قرب دخول الإمام، وقد تأتي قبل دخول الإمام بنصف ساعة والمسجد ما فيه إلا عدد قليل جدًّا، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حث على التبكير إلى صلاة الجمعة قال: «من راح في الساعة الأولى فكأنما قرَّب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرَّب بقرة»، إلى أن قال: «فإذا دخل الإمام طويت الصحف" [يُنظر البخاري: 881]، فليس هناك أجر للإتيان لصلاة الجمعة إلَّا أجر الصلاة وسماع الخطبة، أما أجور الساعات المذكورة والمفصَّلة في الحديث فقد انتهتْ بدخول الإمام وطويتْ الصحف. ويُلاحَظ في كثير من المساجد في المدن والقرى وغيرها تأخُّر الناس جدًّا إلى قُبيل دخول الإمام، وبالمقابِل نجد أُناسًا يذهبون إلى صلاة الفجر في المسجد الجامع ولا يرجعون إلا بعد صلاة الجمعة، وقد صليتُ في مسجد تمَّ فيه الصف الأول قبل طلوع الشمس، وهؤلاء جاؤوا لصلاة الجمعة!

وقد يقول قائل: (متى تبدأ الساعة الأولى التي مَن أتى فيها فكأنما قرب بدنة؟)، تبدأ الساعة الأولى من بعد طلوع الشمس -والله أعلم-، ويتم توزيع الساعات بأن تُقسم على عدد الساعات المذكورة في الحديث، فقد تكون ساعة فلكيَّة ومقدارها ستون دقيقة، وقد تكون أكثر كما في الصيف، وقد تكون أقل كما في الشتاء.