إعراب الواو في قوله تعالى: {وعلى أبصارهم غشاوة}

السؤال
في قوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} هل الواو عاطفة في قوله: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} أما أنها استئنافية؟
الجواب

المفسرون ذكروا الاحتمالين، وأن الواو في قوله: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} [البقرة: 7] عاطفة على ما تقدَّم -على القلوب وعلى السمع-، كما ذكروا القول الثاني وأنها استئنافية، ولذا يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسيره (أضواء البيان): هي محتملةٌ أن تكون عاطفة على ما قبلها، وأن تكون استئنافية، ولكنه لم يُبيَّن هذا، يعني ما ذُكِر المرجِّح لكونها عاطفة أو استئنافية، ولكنه بيَّن في موضعٍ آخر أن قوله: {وَعَلَى سَمْعِهِمْ} معطوفٌ على قوله: {عَلَى قُلُوبِهِمْ}، وأن قوله: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} استئناف، والجار والمجرور {عَلَى أَبْصَارِهِمْ} خبر المبتدأ الذي هو {غِشَاوَةٌ}، و{غِشَاوَةٌ} مبتدأ مؤخَّر، ومعلومٌ أن المبتدأ لا يكون نكرة إلا في مواضع منها هذا، يعني: تقدُّم الخبر، فالذي سوَّغ الابتداء بالنكرة تقدُّم الخبر، يقول:     

وَنَحْو (عِنْدِي دِرْهَمٌ) و(لِيَ وَطَرْ)
 

 

مُلْتَزَمٌ فِيهِ تَقَدُّمُ الْخَبَرْ
 

 

وتقدُّم الخبر هو المسوِّغ للابتداء بالنكرة، يقول الشيخ الأمين الشنقيطي –رحمة الله عليه-: (فتحصَّل أن الختم على القلوب والأسماع، وأن الغشاوة على الأبصار)، يعني آية البقرة فيها الاحتمال، لكن ما المرجِّح؟ الشيخ جزم بأن الختم على القلوب والأسماع، ولا يتناول الأبصار، وأن الغشاوة على الأبصار، (وذلك في قوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [الجاثية: 23])، هذا المُرجِّح بأن تكون الواو في آية البقرة استئنافية، قال –رحمه الله-: (والختم: الاستيثاق من الشيء حتى لا يخرج منه داخلٌ فيه، ولا يدخل فيه خارجٌ عنه، والغشاوة: الغطاء على العين يمنعها من الرؤية)، فالآية الثانية {وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً} [الجاثية: 23] رجَّحت الاحتمال الثاني وهو أن الواو في قوله: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} استئنافية وليست عاطفة كالواو في قوله: {وَعَلَى سَمْعِهِمْ}، والله أعلم.