توكيل شخص من أهل مكة ظاهره الصلاح والأمانة بذبح الفدية وتوزيعها

السؤال
كان عليَّ فديةٌ بسبب لبس المخيط، ولكن لأني لستُ من أهل مكةَ يصعُب علي معرفة الفقراء، فوكَّلتُ أحد الأشخاص من أهل مكة بأن يذبح الفدية ويوزِّعها على الفقراء، وأنا لم أعرفه إلَّا في حجَّتي تلك، لكنني توسَّمتُ فيه الخير، ورأيتُه صالحًا وأمينًا، فسؤالي: هل تبرأ ذمتي بذلك؟ وهل يجوز أن أخرجها في بلدي في خارج السعودية؛ لمعرفتي بالفقراء هناك؟
الجواب

الفدية خاصة بمساكين الحرم، ولا يجوز ذبحها خارج الحرم، فقول السائل: (هل يجوز أن أخرجها في بلدي لمعرفتي بالفقراء هناك؟)، نقول: لا يجوز؛ لأن الله –جلَّ وعلا- يقول: {وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: 196]، ويقول -جلَّ وعلا-: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33]، فلا يجوز أن تُذبح خارج الحرم، فتُذبح في الحرم، وتوزَّع على مساكين الحرم.

أما قول السائل: (إنه لا يعرف الفقراء في مكة وداخل الحرمِ)، فكثيرٌ من الحجاج هذه صفته، فإذا ذبحها بنفسه وتحرَّى المساكين واجتهد في ذلك، وغلب على ظنه أن هذا مسكين ودفعها إليه برأتْ ذمته.

وهذا وكَّل شخصًا غلب على ظنه الثقة والأمانة؛ لأنه يقول: (رأيته رجلًا صالحًا وأمينًا)، وإذا كان يغلب على ظنه الصلاح والأمانة والثقة برأتْ ذمته بذلك؛ لأن المسألة كلها مبنية على غلبة الظن، يعني سواء وزَّعها بنفسه أو وكَّل مَن يوزعها ممن هذه صفته، ولكن لو زاد في التحرِّي والسؤال وبحث في أحياء مكة لوصل إلى أمرٍ تبرأ به ذمته، ولكن قد يكون في هذا كلفة ومشقة على الحاج الآفاقي الذي لا يعرف، وفي أيام الحج زحامٌ، وفيها مشقةٌ عظيمة، فلعلَّه تبرأ ذمته بما صنع من توكيله لهذا الرجل الصالح الأمين.

أما بالنسبة للأكل من لحمِ فديةِ لبسِ المخيط فلا، ليس له أن يأكل منها، بل عليه أن يوزِّعها جميعًا ولا يأكل منها شيئًا، إنما دم المتعة والقِران، فهدي التمتع والقِران حكمه حكم الأضحية: يأكل منها، ويتصدَّق، ويُهدي، لا بأس، أما ما يجب عليه بسبب فعل محظورٍ أو ترك مأمورٍ فإنه لا يأكل منه شيئًا، بل كله للمساكين.