معنى قول الله تعالى: {ولم يكن له كفوًا أحد}

السؤال
ما معنى قول الله تعالى: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}؟
الجواب

سورة الإخلاص كما جاء في الحديث الصحيح «تعدل ثلث القرآن» [البخاري: 5013]، وقرأها النبي –عليه الصلاة والسلام- في ركعتي الطواف [مسلم: 1218]، وفي راتبة الصبح [مسلم: 726]، وفي راتبة المغرب [المسند: 4763]، ولها شأنٌ عظيم؛ لأنها تدل على الإخلاص لله –جلَّ وعلا-، فهي مع سورة الكافرون سورتا الإخلاص، ويقرأهما النبي –عليه الصلاة والسلام- في السُّنن التي ذكرناها.

وتفسير الآية قال بعضهم: إن معنى {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4] لم يكن له شبيه ولا مثل، وقال بعضهم: إنه لم يكن له صاحبة، وذكر القولين إمام المفسرين ابن جرير الطبري.

قال الحافظ ابن كثير: ({لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ . وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 3-4] أي: ليس له ولد ولا والد، ولا صاحبة، -فـ{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} لم يكن له ولدٌ ولا والد، {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} قال: ولا صاحبة-. قال مجاهد: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} يعني: لا صاحبة له، وهذا كما قال تعالى: {بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الأنعام: 101]، أي: هو مالك كل شيءٍ وخالقه، فكيف يكون له مِن خلقه نظيرٌ يُساميه، أو قريبٌ يُدانيه؟ تعالى وتقدَّس وتنزَّه. قال الله –جلَّ وعلا-: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا . لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا . تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا . أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا . وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا . إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا . لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا . وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا} [مريم: 88-95]، وقال –جلَّ وعلا-: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ . لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء: 26-27] -؛ لأن المشركين قالوا: إن الملائكة بنات الله، والبنت من الولد، فنفى الله –جلَّ وعلا- ذلك في نصوصٍ قطعيَّةٍ واضحة، وأكَّد على ذلك وأبدى فيه وأعاد-. وفي (صحيح البخاري) «لا أحد أصبر على أذىً سمعه من الله، إنهم يجعلون له ولدًا، وهو يرزقهم ويعافيهم»، وقال الإمام البخاري –أيضًا-: حدَّثنا أبو اليمان، قال: حدَّثنا شعيبٌ، قال: حدَّثنا أبو الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم– قال: «قال الله -عز وجل-: كذَّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إيَّاي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته. وأما شتمه إيَّاي فقوله: اتخذ الله ولدًا. وأنا الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد»)، والله المستعان.