المقصود بالأرض في قول الله تعالى: {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده}

السؤال
ما المقصود بالأرض في قول الله تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}؟
الجواب

المقصود بالأرض في قول موسى –عليه السلام-: {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [الأعراف: 128] الذي قاله لقومه حينما قال: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} فإن المراد بذلك أرض مصر التي أراد فرعون أن يُخرجهم منها، فأمرهم موسى –عليه السلام- بالاستعانة بالله –جلَّ وعلا- والصبر، وحينئذٍ تكون الأرض إرثًا لهم من الله –جلَّ وعلا-؛ لأن العاقبة للمتقين، وموسى وقومه هم المتقون في مقابل فرعون وقومه.

يقول الإمام الطبري في تفسيره: (وقوله: {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} يقول: إن الأرض لله لعل الله أن يُورثكم إن صبرتم على ما نالكم من مكروهٍ في أنفسكم وأولادكم من فرعون واحتسبتم ذلك، واستقمتم على السداد: أرضَ فرعون وقومه، بأن يُهلكهم ويستخلفكم فيها، فإن الله –جلَّ وعلا- يُورِث أرضه من يشاء من عباده، والعاقبة المحمودة لمن اتقى الله وراقبه فخافه باجتناب معاصيه وأدى فرائضه).

وإذا كانت الآية جاءت بخصوص ما قاله موسى لقومه والأرض المشار إليها هي أرض مصر، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلو وُجِد قومٌ مؤمنون مستضعفون في أرضٍ من أرض لله –جلَّ وعلا- الواسعة، وتسلَّط عليهم أعداؤهم، فإنهم يُمكن أن يُوجَّه لهم بما قال موسى: {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}، وفي هذا تسلية لهم، كما سلَّى موسى –عليه السلام- قومه بهذا الكلام، والله أعلم.