الرفاهية الزائدة في بعض حملات الحج

السؤال
إذا كانت علة ترك المحظورات هي الترفُّه، فهل تكره الرفاهية الزائدة في بعض الحملات في المآكل والمشارب والمراكب والفُرش؟
الجواب

صحَّ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في (البخاري) وغيره أنه «حج على رَحْل»، ما معنى: «حج على رَحْل»؟ يوضحه بقية الحديث: «وحج أنس بن مالك على رَحْل ولم يكن شحيحًا» [البخاري: 1517]، هذا فيه دليل على عدم الترفُّه، ولم يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ولا خيار هذه الأمة، فعلى الإنسان أن يتوسَّط في أموره كلها، في حجه وفي غير حجه، لكن في أوقات العبادات والأزمان الفاضلة ينبغي أن ينكسر الرجل ويخرج عن مألوفه بالقرب من الله -جل وعلا-، وكلما تواضع الإنسان، وانكسر قلبه، كان أقرب إلى ربه، ولذا «أقرب ما يكون العبد من ربِّه وهو ساجد» [مسلم: 482].

وبعض الناس يبحث عن أفضل الحملات، أفضل من ناحية أيش؟ من ناحية الخدمات، وبعضهم يبحث عن أفخر الفنادق، ما أدري كيف يستحضر ويستشعر لذة العبودية؟ رائح ليتعبَّد في العشر الأواخر من رمضان، ويبحث عن أفخر الفنادق التي لا يسكنها إلا طبقة من الناس قد لا يناسبونه، ويمر بأمور لا تناسب لا الزمان ولا المكان! فمثل هذا عليه أن يتواضع لله -جل وعلا-، لا سيما في هذه الأماكن المقدسة والأوقات الفاضلة.

وإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- كادت الخميصة أن تفتنه -والخميصة: ثوب مخطَّط- فماذا عن غيره -عليه الصلاة والسلام-؟ وماذا عمَّا هو أعظم من الخميصة؟ فلا بد أن يبذل الإنسان كل ما يستطيع لحماية جناب العبادة، فالخميصة كادت أن تفتن النبي -عليه الصلاة والسلام- وصلتُه بربه أقوى الصلات، فكيف بغيره؟ لو تحرَّك الباب نسي كلَّ شيء -كما هي حالنا-! وفي بعض المساجد: الذي له أدنى ذوق بالخط والرسم لن يُدرك من صلاته شيئًا، هذا إذا كان له أدنى ذوق، فكيف بمن يتذوَّق أمثال هذه الخطوط والرسوم والنقوش؟ وقد صارت مساجد المسلمين تشبه الكنائس، فما بالك بفنادق الخمس نجوم؟ ويقولون: ظهر الآن أيضًا سبع نجوم، أو ما أدري كم، {وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 8]، ما تدري، هل يستشعر الإنسان الصلة بالله -جل وعلا- وهو بين هذه الزخارف؟

والمساجد حالها كما ترون، والنهي عن زخرفتها وأنها من علامات الساعة معروف، كل هذا من أجل حماية العبادة، جاء في الأثر: "وإياك أن تُحمِّر أو تُصفِّر" [البخاري: 1/96]، وإذا نظرتَ إلى أكثر المساجد وإذا الألوان التي فيها الأحمر والأصفر، والله المستعان.