نصيحة لمن تُشتِّته المنكرات وما يحل مِن عدوان وظلم عمَّا ينفعه

السؤال
ما نصيحتكم للمرء تُشتِّته المنكرات التي تقع بديار المسلمين، وما يحل لبعض المسلمين مِن عدوان وظلم، مع المشغلات الحادثة، فلا ينصاع له قلبه لسلوك الطريق النافع له ولأمته؛ لما يجده قلبه من ألم وحرقة وتأنيب الضمير؛ خشيةً من تقصيره في نصرة إخوانه، أو مدافعة المنكرات؟
الجواب

الله -جل وعلا- لا يُكلِّف نفسًا إلا وسعها، فعليك أن تبذل ما تستطيع، وعليك بخويصة نفسك قبل غيرك، وإذا عجزتَ مع الخلطة مع الناس فعليك بالعزلة، «يوشك أن يكون خيرَ مال المسلم غنمٌ يَتْبَع بها شَعَفَ الجبال ومواقع القطر، يفرُّ بدينه من الفتن» [البخاري: 19]، وهذا نافع لكثير من الناس، لا سيما الذي يتأثر بما عليه الناس من منكرات، ولا يستطيع أن يؤثِّر فيهم، لكن إذا استطاع أن يؤثِّر ولا يتأثر فهذا يلزمه الخلطة، ويتعيَّن عليه أن يخالط الناس وينفعهم ويصبر على أذاهم، وشراح الحديث في القرن الثامن والتاسع يقولون: (والمتعيِّن في هذه الأزمان العزلة؛ لاستحالة خلو المحافل من المنكرات)، وإذا كان هذا قبل خمسمائة سنة وستمائة سنة فماذا نقول نحن؟! لكن مع ذلك كل إنسان يعرف من نفسه ما يستطيعه وما يعجز عنه، فإن كان يستطيع أن يؤثِّر في الناس ولا يتأثر بما عندهم من منكرات فهذا تلزمه الخلطة، وأن ينفع الناس ويسعى في إصلاحهم، وإذا كان بالعكس لا يستطيع أن يؤثِّر، ويتأثر بما عندهم، فهذا يعتزل الناس.