كتاب الرجعة من سبل السلام (2)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.
قال في البلوغ وشرحه: "بَابُ الْإِيلَاءِ وَالظِّهَارِ وَالْكَفَّارَةِ:
الْإِيلَاءُ هو لُغَةً الْحَلِفُ. وَشَرْعًا الِامْتِنَاعُ بِالْيَمِينِ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ."
وهذا الأصل فيه أن يحلف ويعقد يمينًا أن لا يطأ زوجته، فإن كان أقل من أربعة أشهر فالأمر إليه، وإن كان أكثر من أربعة أشهر فليس الأمر إليه، لا بد أن يفيء، لابد أن يرجع إلا إذا رضيت الزوجة بذلك فالأمر لا يعدوها.
"وَالظِّهَارُ: بِكَسْرِ الظَّاءِ مُشْتَقٌّ مِنْ الظَّهْرِ؛ لِقَوْلِ الْقَائِلِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي.
وَالْكَفَّارَةُ: وَهِيَ مِنْ التَّكْفِيرِ التَّغْطِيَةُ."
التكفير التغطية، ما عندك؟
القارئ: لا يا شيخ ما عندي.
التغطية، نعم، التغطية والستر، التكفير في اللغة الستر التغطية، من التكفير التغطية، يعجب الكفار يعني الزراع؛ لأنَّهم يغطون الحب تحت التراب، وتغطيهم الزروع والثمار.
"الحديث الأول: عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: "آلَى رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ نِسَائِهِ وَحَرَّمَ، وَجَعَلَ الْحَرَامَ حَلَالًا، وَجَعَلَ لِلْيَمِينِ كَفَّارَةً". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.
قوله: عَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: "آلَى رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ نِسَائِهِ وَحَرَّمَ، وَجَعَلَ الْحَرَامَ حَلَالًا، وَجَعَلَ لِلْيَمِينِ كَفَّارَةً". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ. وَرَجَّحَ التِّرْمِذِيُّ إرْسَالَهُ عَلَى وَصْلِهِ.
والْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ حَلِفِ الرَّجُلِ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ تَصْرِيحٌ بِالْإِيلَاءِ الْمُصْطَلَحِ عَلَيْهِ فِي عُرْفِ الشَّرْعِ، وَهُوَ الْحَلِفُ مِنْ وَطْءِ الزَّوْجَةِ.
وَاعْلَمْ أَنَّهَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ.."
وهذا أعم، هذا الحديث وما في سورة التحريم أعم من الإيلاء العرفي الاصطلاحي، ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [سورة التحريم:1]، وسواء كانت مارية الجارية، أو العسل تحريم الحلال يحتاج إلى كفارة، ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [سورة التحريم:2]؛ ولذا المرجَّح فيه إن لم يقترن بنية طلاق أو يقترن بنية الظهار أنَّه يمين، يُحل بكفارة اليمين، وأقوال أهل العلم في التحريم، من قال لزوجته: حرام عليه، ذكر منها: قلت بثمانية عشرة قولًا.
طالب: شيخ، قول بعض الناس عليَّ الحرام ما أفعل كذا.
على كل حال إذا لم يقصد الطلاق ولا الظهار يُكفِّر كفارة يمين.
"وَاعْلَمْ أَنَّهَا اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي سَبَبِ إيلَائِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَفِي الشَّيْءِ الَّذِي حَرَّمَهُ عَلَى رِوَايَاتٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ بِسَبَبِ إفْشَاءِ حَفْصَةَ لِلْحَدِيثِ الَّذِي أَسَرَّهُ إلَيْهَا، وَاخْتُلِفَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي أَسَرَّهُ إلَيْهَا؛ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ وَأُجْمِلَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ هَذِهِ، وَفَسَّرَهُ فِي رِوَايَةٍ أَخْرَجَهَا الشَّيْخَانِ بِأَنَّهُ تَحْرِيمُهُ لِمَارِيَةَ، وَأَنَّهُ أَسَرَّهُ إلَى حَفْصَةَ، فَأَخْبَرَتْ بِهِ عَائِشَةَ، أَوْ تَحْرِيمُهُ لِلْعَسَلِ وَقِيلَ: بَلْ أَسَرَّ إلَى حَفْصَةَ أَنَّ أَبَاهَا يَلِي أَمْرَ الْأُمَّةِ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ: لَا تُخْبِرِي عَائِشَةَ بِتَحْرِيمِه مَارِيَةَ."
تحريمي.
طالب: بالياء يا شيخ؟
نعم.
طالب: أحسن الله إليكم، "وَقَالَ لَا تُخْبِرِي عَائِشَةَ بِتَحْرِيمِي لمَارِيَةَ.
وَثَانِيهَا: السَّبَبُ فِي إيلَائِهِ «أَنْ فَرَّقَ هَدِيَّةً جَاءَتْ لَهُ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَلَمْ تَرْضَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ بِنَصِيبِهَا، فَزَادَهَا مَرَّةً أُخْرَى فَلَمْ تَرْضَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: لَقَدْ أَقْمَتْ وَجْهَك تَرُدُّ عَلَيْك الْهَدِيَّةَ، فَقَالَ: «لَأَنْتُنَّ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ تقمئنني»."
من أن يغمني، أو من أن تغمني.
طالب: من إيش يا شيخ؟
من الغم.
"«لَأَنْتُنَّ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ تقمئنني لَا أَدْخُلُ عَلَيْكُمْ شَهْرًا»".
الأسباب التي ذكرها فيها شيء من الخلط، فيها شيء من الخلط يعني بعضها سبب لنزول سورة أو صدر سورة التحريم ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ [سورة التحريم:1] فما كان من قصة مارية، أو العسل فهو متعلق بالسورة. أمَّا إعناته- عليه الصلاة والسلام- بالنفقة، وكونه حلف ألا يدخل على نسائه شهرًا وآلى من ذلك فهذه القصة ثانية.
"فقال: «لَأَنْتُنَّ أَهْوَنُ عَلَى اللَّهِ مِنْ أَنْ تقمئنني لَا أَدْخُلُ عَلَيْكُمْ شَهْرًا». أَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ. وَمِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عروة عَنْ عَائِشَةَ نَحْوُهُ".
عن عمرة، أم عن عروة؟
أنا عندي عن عمرة.
طالب: عن عمرة عن عائشة، ومن طريق الزهري عن عروة عن عائشة.
الثاني الثاني.
طالب: نعم، عن عروة عن عائشة.
عندي عمرة.
طالب: ..........
أيهما صح؟
ماذا قال؟
طالب: ..........
كأنَّه يريد طريقًا أخرى غير الطريق الأولى، فإن كان غير الطريق الأولى فهو عن عروة.
طالب: ..........
نعم.
أحسن الله إليكم.
"وَقَالَ: ذَبَحَ ذَبْحًا.
ثَالِثُهَا: أَنَّهُ بِسَبَبِ طَلَبِهِنَّ النَّفَقَةَ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ."
هذا السبب للإيلاء شرعًا غير الحلف الذي اقتضى تحريم مارية أو العسل.
"فَهَذِهِ أَسْبَابٌ ثَلَاثَةٌ. وإمَّا لِإِفْشَاءِ بَعْضِ نِسَائِهِ السِّرَّ، وَهِيَ حَفْصَةُ، وَالسِّرُّ أَحَدُ ثَلَاثَةٍ: إمَّا تَحْرِيمُهُ مَارِيَةَ، أَو الْعَسَلَ، أَوْ وجد أنَّه مع مارية، أو بِتَحْرِيجِ صَدْرِهِ مِنْ قِبَلِ مَا فَرَّقَهُ بَيْنَهُنَّ مِنْ الْهَدِيَّةِ، أَوْ تَضْيِيقِهِنَّ فِي طَلَبِ النَّفَقَةِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ- رحمه الله-: وَاللَّيقُ بِمَكَارِمِ أَخْلَاقِهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسَعَةِ صَدْرِهِ وَكَثْرَةِ صَفْحِهِ أَنْ يَكُونَ مَجْمُوعُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ سَبَبًا لِاعْتِزَالِهِنَّ. فَقَوْلُهَا: وَحَرَّمَ أَيْ حَرَّمَ مَارِيَةَ أَوْ الْعَسَلَ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ التَّحْرِيمَ لِلْجِمَاعِ حَتَّى يَكُونَ مِنْ بَابِ الْإِيلَاءِ الشَّرْعِيِّ، فَلَا وَجْهَ لِجَزْمِ ابْنِ بَطَّالٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْتَنَعَ مِنْ جِمَاعِ نِسَائِهِ ذَلِكَ الشَّهْرَ".
مازال الخلط، الشهر متعلق بالاعتزال في المشربة الذي سببه إعناته- عليه الصلاة والسلام- من قِبَلِهنَّ بالنفقة، فحلف ألا يدخل عليهنَّ شهرًا، وهذا لا يلزم منه الحلف على عدم الجماع. اللهم إلا من لازم اللازم، يعني يلزم من حلفه على ذلك إن كان مكثه في المسجد، فهو حلفٌ باللازم على الجماع؛ لأنَّ الجماع لا يكون بالمسجد.
وإذا كانت المشربة خارج المسجد فكونه يحلف ألا يدخل عليهنَّ شهرًا لا يعني أنَّه قد يأذن لبعضهن فتدخل عليه فيحصل ما يحصل. فالمسألة ليست صريحة بالإيلاء، نعم لوجود الإيلاء الذي هو الحلف، صح. لكن الإيلاء الشرعي الذي تضرب له مدة بالحلف على عدم الجماع هذه مسألة أخرى.
"فَلَا وَجْهَ لِجَزْمِ ابْنِ بَطَّالٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْتَنَعَ مِنْ جِمَاعِ نِسَائِهِ ذَلِكَ الشَّهْرَ إنْ أَخَذَهُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ غَيْرُهُ، فَإِنَّهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى نَقْلٍ صَرِيحٍ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ دُخُولِهِ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا تَدْخُلَ إحْدَاهُنَّ عَلَيْهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي اعْتَزَلَ فِيهِ إلَّا إنْ كَانَ الْمَكَانُ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمَسْجِدِ فَيَتِمُّ اسْتِلْزَامَ عَدَمِ الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ مَعَ اسْتِمْرَارِ الْإِقَامَةِ فِي الْمَسْجِدِ الْعَزْمُ عَلَى تَرْكِ الْوَطْءِ؛ لِامْتِنَاعِ الْوَطْءِ فِي الْمَسْجِدِ.
الحديث الثاني: وعن عمر قال".
عن ابن عمر.
"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وُقِفَ الْمُولِي حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ".
يعني ليس مرور المدة المحددة بأربعة أشهر ليست هي بدايتها الطلاق، إنَّما هي وسيلة إلى الطلاق، بل هي نتيجتها الطلاق إذا لم يرجع وطالبت المرأة بذلك، طالبت المرأة بذلك؛ لأنَّه حق لا يعدوها؛ لأنَّ بعض الناس إذا كبر سنها، وتزوج عليها ثانية، وثالثة، ورابعة قد لا يطيق معاشرة الأولى أو الثانية أو شيء من ذلك، ثم تمر الشهور ما حصل بينهم شيء من ذلك، هل نقول: إنَّ هذا إيلاء؟
لا، ليس بإيلاء، يعني إن تركته فالأمر لا يعدوها، ولا يترتب عليه أي شيء، وإن لم تتركه وطالبت بحقها في الفراش هذه المدة يُضرب له أربعة أشهر، فإن رجع خلال الأربعة أشهر، وإلا ألزم بفراقها إن أرادت ذلك.
"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وُقِفَ الْمُولِي حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
الْحَدِيثُ كَالتَّفْسِيرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ [سورة البقرة:226]، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي مَسَائِلَ مِنْ الْإِيلَاءِ:
الْأُولَى: فِي الْيَمِينِ، فَإِنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِيهَا، فَقَالَ الْجُمْهُورُ يَنْعَقِدُ الْإِيلَاءُ بِكُلِّ يَمِينٍ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ سَوَاءٌ حَلَفَ بِاَللَّهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَقَالَتْ الْهَادَوِيَّةُ: إنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ، قَالُوا: لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا مَا كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى، فَلَا تَشْمَلُ الْآيَةُ مَا كَانَ بِغَيْرِهِ.
قُلْت: وَهُوَ الْحَقُّ كما يأتي.
الثَّانِيَةُ: فِي الْأَمْرِ الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ الْإِيلَاءُ، وَهُوَ تَرْكُ الْجِمَاعِ صَرِيحًا، أَوْ كِنَايَةً، أَوْ تَرْكُ الْكَلَامِ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالِامْتِنَاعِ مِنْ الْوَطْءِ لَا مُجَرَّدَ الِامْتِنَاعِ عَنْ الزَّوْجَةِ، وَلَا كَلَامَ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِيلَاءِ قَوْله تَعَالَى: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ [سورة البقرة:226] الْآيَةَ، فَإِنَّهَا نَزَلَتْ لِإِبْطَالِ مَا كَانَ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةُ مِنْ إطَالَةِ مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، فَإِنَّهُ كَانَ الرَّجُلُ يُولِي مِنْ امْرَأَتِهِ سَنَةً وَسَنَتَيْنِ فَأَبْطَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ، وَأُنْظِرَ الْمُولِي أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَإِمَّا أَنْ يطأ، أَوْ يُطَلِّقَ."
إمَّا أن يفيء.
طالب: أحسن الله إليك.
نعم.
طالب: ..........
أين؟
طالب: ..........
لا، ما ينعقد، من غير الله لا ينعقد، أليس شركًا؟
طالب: .........
لا لا، بغير الله واضح في المقابلة.
طالب: أحسن الله إليكم، هذه يفيء يا شيخ؟
فإمَّا أن يفيء أو يطلق؟
طالب: يفيء.
نعم.
"الثَّالِثَةُ: اخْتَلَفُوا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ، فَعِنْدَ الْجُمْهُورِ وَالْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَآخَرُونَ: يَنْعَقِدُ بِقَلِيلِ الزَّمَانِ وَكَثِيرِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ﴾ [سورة البقرة:226]، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ فِي الْآيَةِ؛ إذْ قَدْ قَدَّرَ اللَّهُ الْمُدَّةَ فِيهَا بِقَوْلِهِ: ﴿أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ﴾ [سورة البقرة:226]، فَالْأَرْبَعَةُ قَدْ جَعَلَهَا اللَّهُ مُدَّةَ الْإِمْهَالِ وَهِيَ كَأَجَلِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى قَالَ: ﴿فَإِنْ فَاءُوا﴾ [سورة البقرة:226] بِفَاءِ التَّعْقِيبِ، وَهُوَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ، فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ أَرْبَعَةً أَوْ أَقَلَّ لَكَانَتْ قَد انْقَضَتْ، فَلَا يُطَالَبُ بَعْدَهَا، وَالتَّعْقِيبُ لِلْمُدَّةِ لَا لِلْإِيلَاءِ لِبُعْدِهِ.
وَالرَّابِعَةُ: أَنَّ مُضِيَّ الْمُدَّةِ لَا يَكُونُ طَلَاقًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: بَلْ إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ الْأَشْهُرُ طُلِّقَت الْمَرْأَةُ."
طَلُقَتْ المرأة، يعني تلقائيًّا كالطلاق المعلق، يقال: إذا جاء رمضان فأنتِ طالق، بمجرد دخول رمضان ما يحتاج أنَّه يطلِّق.
"قَالُوا: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ بِمُضِيِّهَا طَلَاقًا، أَنَّهُ تَعَالَى خَيَّرَ فِي الْآيَةِ بَيْنَ الْفَيْئَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الطَّلَاقِ، فَيَكُونَانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ فَلَوْ كَانَ الطَّلَاقُ يَقَعُ بعد مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ وَالْفَيْئَةُ بَعْدَهَا لَمْ يَكُنْ تَخْيِيرًا؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُخَيَّرِ فِيهِمَا أَنْ يَقَعَ أَحَدُهُمَا فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ الْآخَرُ كَالْكَفَّارَةِ؛ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى أَضَافَ عَزْمَ الطَّلَاقِ إلَى الرَّجُلِ، وَلَيْسَ مُضِيُّ الْمُدَّةِ مِنْ فِعْلِ الرَّجُلِ، وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا الَّذِي نَحْنُ فِي سِيَاقِهِ، وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا، فَهُوَ مُقَوٍّ لِلْأَدِلَّةِ.
الْخَامِسَةُ: الْفَيْئَةُ هِيَ الرُّجُوعُ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا بِمَاذَا تَكُونُ فَقِيلَ: تَكُونُ بِالْوَطْءِ عَلَى الْقَادِرِ، وَالْمَعْذُورِ يُبَيِّنُ عُذْرَهُ بِقَوْلِهِ: لَوْ قَدَرْت لَفِئْت؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَقْدِرُ".
لأنَّه، هو لا يقدر على الجماع، لكن إذا حلف أن لا ينام معها، أو لا يعاشرها أكثر من أربعة أشهر فإن كان في وقت الفيئة يستطيع الوطء لم تحصل إلا به، وإن كان لا يستطيع يقول لها: لو قدرت لفعلت؛ لأنَّ هذا هو الذي يستطيعه.
"لِأَنَّهُ الَّذِي يَقْدِرُ عَلَيْهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾ [سورة البقرة:286]، وَقِيلَ: بِقَوْلِهِ رَجَعْت عَنْ يَمِينِي، وَهَذَا لِلْهَادَوِيَّةِ، كَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: الْمُرَادُ رُجُوعُهُ عَنْ يَمِينِهِ لَا إيقَاعُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تَكُونُ فِي حَقِّ الْمَعْذُورِ بِالنِّيَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَوْبَةٌ يَكْفِي فِيهَا الْعَزْمُ: وَرُدَّ بِأَنَّهَا تَوْبَةٌ عَنْ حَقِّ مَخْلُوقٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ إفْهَامِهِ الرُّجُوعَ عَنْ الْأَمْرِ الَّذِي عَزَمَ عَلَيْهِ."
كالرجعة لابد من النطق والإشهاد.
"السَّادِسَةُ: اخْتَلَفُوا هَلْ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ فَاءَ، فَقَالَ الْجُمْهُورُ: تَجِبُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينٌ قَدْ حَنِثَ فِيهَا فَتَجِبُ الْكَفَّارَةُ، ولِحَدِيثِ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»، وَقِيلَ: لَا تَجِبُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [سورة البقرة:226]".
نعم هذه المغفرة كما تشمل إساءته في حق زوجته، تشمل الكفارة المترتبة على اليمين، ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [سورة البقرة:226]، وفي هذا ترغيب له بالفيئة، لكن إذا طُولِب بالكفارة وهو فقير، وله رغبة في الزوجة تستحق أن يُكفِّر.
طالب: ..........
أصر واستمر، ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ [سورة البقرة:226]، ومن أهل العلم من يرى أنَّها يمين منعقدة لابد من التكفير فيها، كما قال النبي- عليه الصلاة والسلام-: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ».
"وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغُفْرَانَ يَخْتَصُّ بِالذَّنْبِ لَا بِالْكَفَّارَةِ، وَيَدُلُّ لِلْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ.
الحديث الثالث:
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ".
يدل للمسألة الخامسة قوله.
طالب: أحسن الله إليكم، بدون الحديث الثالث يا شيخ؟
لكن كان جاء بها بعد سياق الحديث، انظر عندك. كان جاء بها بعد سياق الحديث.
طالب: لا، ما تجد، هو قال: الشافعي، ثم قال: عن سليمان في الشرح.
غلط، هذا من شؤم التصرف في كتب أهل العلم، وإلا فالأصل أنَّ الشرح ما فيه متن، ما فيه متن، فإذا أدخل المتن وفيه كلمة متعلقة بالكلام اللاحق بعد المتن يتركها؛ ليجعلها مع الكلام، مرتبط بكلام المؤلف؛ لأنَّه لو وضعها قبل المتن الذي أدخله للفصل بين القول ومقوله في كلام الشارح، ثم أجَّلها إلى أن يأتي موضعها من كلام الشارح فنسي.
لا، هذا من شؤم التصرف في كتب أهل العلم، فالأصل أنَّ الشرح ليس فيه متن، فينبغي أن يبقى كما هو.
"وَيَدُلُّ لِلْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ قوله عن سليمان بن يسار، قال: أَدْرَكْت بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلَّهُمْ يَقِفُونَ الْمُولَى، رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.
قوله: وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ"
أين وضعتها؟
أنت الذي وضعتها؟
طالب: نعم.
لكن أنت فصلت بصنيعك هذا بين الفعل وفاعله بأسطر ثلاثة أو أربعة؛ لأنَّ قوله: فاعل ويدل، فلا شك أنَّ هذا خلل، خلل سببه الشؤم المترتب على التصرف في كتب أهل العلم، فصنيعك خطأ، وصنيعهم خطأ، يعني لو وضعه قبل المتن خطأ؛ لأنَّه مرتبط بكلام الشارح، ولو وضعه بعد المتن فصلت بين الفعل والفاعل بثلاثة أسطر لا داعي لها.
"رواه الشافعي.
وعن سليمان بن يسار، بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَسِينٌ مُهْمَلَةٌ مُخَفَّفَةٌ بَعْدَ الْأَلِفِ رَاءٌ هُوَ أَبُو أَيُّوبَ سُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ مَوْلَى مَيْمُونَةَ زَوْجِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَهُوَ أَخُو عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ كَانَ سُلَيْمَانُ مِنْ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ وَكِبَارِ التَّابِعِينَ، ثِقَةً فَاضِلًا وَرَعًا حُجَّةً".
من الفقهاء السبعة، من فقهاء المدينة السبعة.
فخذهم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة
هذا هو السادس.
"ثِقَةً فَاضِلًا وَرَعًا حُجَّةً، هُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ، رَوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ، مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً".
أكثر الفقهاء السبعة ماتوا في سنة الفقهاء سنة أربع وتسعين، جلُّهم مات سنة أربع وتسعين، يسمونها سنة الفقهاء، ونظيرها في عصرنا سنة عشرين، أربعمائة وعشرين مات فيها أكثر من عشرة من أهل العلم.
طالب: ..........
سنة أربع وعشرين قبلها، ما أدري عنه بالذات لكن أكثرهم مات في سنة أربع وتسعين، يعني مات فيها جل الفقهاء.
"قَالَ: أَدْرَكْت بِضْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كُلَّهُمْ يَقِفُونَ الْمُولَى. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ.
وَفِي الْإِرْشَادِ لِابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ بَعْدَ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ: وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ اهـ. يُرِيدُ أَقَلَّ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ بِضْعَةَ عَشَرَ."
يعني من الصحابة، أقلهم ثلاثة عشر.
"وَقَوْلُهُ: يَقِفُونَ بِمَعْنَى يَقِفُونَهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، كَمَا أَخْرَجَهُ إسْمَاعِيلُ، هُوَ ابْن أَبِي إدْرِيس عَنْ سُلَيْمَانَ.."
يعني كما مضى في كلام ابن عمر.
"هُوَ ابْن أَبِي إدْرِيس عَنْ سُلَيْمَانَ أَيْضًا أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْنَا النَّاسَ يَقِفُونَ.."
ابن أبي إدريس أو ابن أبي أويس؟
طالب: ابن أبي إدريس.
ما فيه غير هذا؟
طالب: .......
أي ابن أخت مالك، خاله مالك بن أنس.
طالب: ..........
إسماعيل بن أبي أويس.
طالب: .......
نعم. يغير.
"أَنَّهُ قَالَ: أَدْرَكْنَا النَّاسَ يَقِفُونَ الْإِيلَاءَ إذَا مَضَتْ الْأَرْبَعَةُ، فَإِطْلَاقُ رِوَايَةِ الْكِتَابِ مَحْمُولَةٌ عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمُقَيَّدَةِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حديث سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْت اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنْ الصَّحَابَةِ عَنْ الرَّجُلِ يُولِي، فَقَالُوا: لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَيُوقَفُ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ.
وَأَخْرَجَ إسْمَاعِيلُ الْمَذْكُورُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: "إذَا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ حَتَّى يُطَلِّقَ"، وَأَخْرَجَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَثَرَ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: "أَيُّمَا رَجُلٍ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ يُوقَفُ حَتَّى يُطَلِّقَ أَوْ يَفِيءَ، وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ إذَا مَضَتْ حَتَّى يُوقَفَ".
وَفِي الْبَابِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ عَنْ السَّلَفِ كُلُّهَا قَاضِيَةٌ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ بَعْدَ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ إيقَافِ الْمُولِي، وَمَعْنَى إيقَافِهِ هُوَ أَنْ يُطَالَبَ إمَّا بِالْفَيْءِ وَإِمَّا بِالطَّلَاقِ، وَلَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْمُدَّةِ.
وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْجَمَاهِيرُ، وَعَلَيْهِ دَلَّ ظَاهِرُ الْآيَةِ؛ إذْ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [سورة البقرة:227] يَدُلُّ قَوْلُهُ سَمِيعٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَقَعُ بِقَوْلٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ السَّمْعُ، وَلَوْ كَانَ يَقَعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، كما قاله ابن المسيب والأوزاعي وربيعة ومكحول والزهري والكوفيون، إنَّه يقع الطلاق بنفس مضي المدة، فقيل :طلقة رجعية، وقيل: بائنة، ولا عدة فيها."
ولو كان يقع بمضي.
طالب: "وَلَوْ كَانَ يَقَعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، كما قاله ابن المسيب والأوزاعي وربيعة ومكحول والزهري..".
لا، عندنا: "لَكَفَى قَوْلُهُ: عَلِيمٌ".
طالب: .........
هذا من دقة الفقه، يعني أنَّ الفيئة لابد أن تكون بكلام، لا يكفيها مجرد النية، يعني لو كانت مجرد نية يكفي فيها علم الله- جلَّ وعلا-؛ لأنَّه يعلم السر وأخفى، لكن السمع إنَّ الله سميع لما يُقال، فدلَّ على أنَّ الفيئة تكون بالقول مع النية، فمتعلق القول السمع، ومتعلق النية العلم هذا من دقيق الفقه "لِمَا عُرِفَ مِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ" أليس عندك؟
طالب: لا، ما عندي يا شيخ.
كل هذا غير موجود؟
طالب: عندي كأنَّه زيادة، يعني عن نسخة الإخوان يا شيخ، "قاله ابن المسيب والأوزاعي".
طالب: ..........
"لِمَا عُرِفَ مِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ".
قال: "وَلَوْ كَانَ يَقَعُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ لَكَفَى قَوْلُهُ: عَلِيمٌ، لِمَا عُرِفَ مِنْ بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ، وَأَنَّ فَوَاصِلَ الْآيَاتِ تُشِيرُ إلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْجُمْلَةُ السَّابِقَةُ، فَإِذَا وَقَعَ الطَّلَاقُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ رَجْعِيًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَلِغَيْرِهِمْ تَفَاصِيلُ لَا يَقُومُ عَلَيْهَا دَلِيلٌ."
أين الأقوال التي ساق؟
طالب: ..........
يعني عندك زيادة، وعندك نقص.
القارئ: عندي زيادة ونقص.
نعم.
طالب: ..........
لكن هذا الحديث الذي يتعلق بالإيلاء، نقرأ هذا الخامس، قصير، قصير جدًّا، هات.
"الحديث الرابع:
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ إيلَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَوَقَّتَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ."
وعليه تدل الآية صراحة.
"وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ إيلَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ، فَوَقَّتَ اللَّهُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَلَيْسَ بِإِيلَاءٍ. أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ أَيْضًا عَنْهُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كَانَتْ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ تَحْلِفُ بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ. وَفِي لَفْظٍ: "كَانُوا يُطَلِّقُونَ الطَّلَاقَ وَالظِّهَارَ وَالْإِيلَاءَ فَنَقَلَ تَعَالَى الْإِيلَاءَ وَالظِّهَارَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ في الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ إيقَاعِ الْفُرْقَةِ عَلَى الزَّوْجَةِ إلَى مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ حُكْمُهُمَا فِي الشَّرْعِ، وَبَقِيَ حُكْمُ الطَّلَاقِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ"، وَالْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَقَلَّ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْإِيلَاءُ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ."
والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
اللهم صلِّ على محمد.
والمراد بالإيلاء في الأربعة أشهر أنَّه الذي يلزم منه الفرقة إذا طلبت الزوجة ذلك.