إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري

تصنيف الكتاب
كشاف الكتاب

مذهب القسطلاني -رحمه الله- في مسائل العقيدة التأويل غالباً على طريقة المتأخرين من الأشاعرة.
إرشاد الساري شرح كبير ممزوج، جاء في عشرة مجلدات كبيرة، افتتحه -رحمه الله- بمقدمة تتضمن فصولاً:
الفصل الأول: في فضيلة أهل الحديث وشرفه في القديم والحديث. 
الفصل الثاني: في ذكر أول من دوّن الحديث والسنن، ومن تلاه في ذلك سالكاً أحسن السنن. 
الفصل الثالث: في ذكر نبذة لطيفة جامعة لفرائد فوائد مصطلح الحديث عن أهله وتقسيم أنواعه. 
الفصل الرابع: فيما يتعلق بالبخاري وصحيحه من تقرير شرطه وتحريره وضبطه وترجيحه على غيره.
الفصل الخامس: في ذكر نسب البخاري ونسبته ومولده، وبدء أمره ونشأته وطلبه للعلم، ثم بعد ذلكم ذكر رواة الجامع الصحيح، وهو مرجع في ذكر الرواة وضبطهم وتشعب رواياتهم، ثم ذكر شروح الجامع الصحيح. 
وأما منهجه في كتابه هذا فهو:
العناية بتراجم الرواة، وضبط أسمائهم وكناهم وأنسابهم باختصار، ولا يطيل كإطالة العيني وغيره، ويكرر ذلك في كل موضع ويعتني بذلك عناية فائقة، ولذا الذي يقرأ هذا الشرح لن ينتهي منه حتى يتقن الرواة إتقاناً لا مزيد عليه، فينصح بقراءة هذا الكتاب.
العناية بذكر فروق الروايات بدقة، معتمداً في ذلك على اليونيني فلا يترك فرقاً إلا ويشير إليه سواء كان ذلك في الأسانيد وصيغ الأداء أو المتون، وسواء كان الفرق مما يترتب عليه فائدة أم لا.
يشرح الغريب من الألفاظ فالكتاب حقيقته شرح تحليلي، ويمكن أن يستغنى به عن غيره، ولا يستغنى بغيره عنه، فقد يعوزك شرح كلمة أردتها من شرح العيني أو شرح ابن حجر؛ لكن لا يمكن أن يعوزك شيء في شرح القسطلاني، صحيح قد تتطلب مزيد إيضاح؛ لكن لا بد أن يتكلم عليها؛ لأنه اعتمد تحليل كل كلمة، يذكر في ثنايا الشرح ما في الكلمة من اختلاف من حيث المعنى والإعراب وغير ذلك.
يعنى بالتوفيق بين الأحاديث المتعارضة باختصار.
يعنى بالاستنباط من الأحاديث وذكر المذاهب من غير إطالة.
يخرج الحديث من المصادر المعتمدة في نهاية الشرح، ويذكر مواضع الحديث من الصحيح.
يعنى بذكر لطائف الإسناد.
وهو يعتمد في كثيرٍ من بحوثه على الشروح السابقة كالكرماني والعيني وابن حجر فهو ملخص لهذه الكتب، لا سيما الشرحين الكبيرين، العيني وابن حجر. 
شرح القسطلاني هذا شرح مختصر محرر مهذب منقح لا يستغني عنه طالب علم، لا سيما الذي يريد أن يضبط البخاري؛ لأن البخاري مروي بروايات متعددة، وإرشاد الساري ميزته في بيان هذه الروايات، حيث أشار مؤلفه إلى جميع ما وقف عليه من الروايات وهذه ميزة له، وهو مفيد من هذه الحيثية على اختصاره. إذا نظرنا إلى معانات القسطلاني رحمه الله في البحث عن النسخة الأصلية اليونينية لرأينا بالغ الجهد الذي بذله، بحث عنها مدة طويلة فلم يقف عليها، وإنما وقف على الفرع (فرع اليونينية)، فقابل كتابه على الفرع أكثر من ست عشرة مرة، وعني بها، ثم بعد ذلك وجد المجلد الثاني من الأصل يباع، فاشتراه وقابله على الفرع، فوجده مطابق لا يختلف بشيء، ثم وجد المجلد الأول بعد مدة طويلة فقابله كذلك، ولذلك تجده يقول: كذا في فرع اليونينية كهي، ما يقول: كذا في اليونينية بفرعها؛ لأنه قابل كتابه على الفرع.
 
لو نظرنا في عناية المتأخرين بالقسطلاني لوجدناها أكثر من عنايتهم بفتح الباري، فمطبعة بولاق التي يصحح فيها أئمة من كبار أهل العلم، ما طبعت فتح الباري إلا مرة واحدة، أما عمدة القاري فلم تطبعه ولا مرة, لكن لأهمية إرشاد الساري طبعته بولاق سبع مرات أربع منها مفرداً والخامسة والسادسة والسابعة بحاشيته شرح النووي على مسلم, وفي الميمنية طُبع مرتين، وغير ذلك من الطبعات, هذا كله لم يأت من فراغ, وإنما لأهمية هذا الكتاب, فالذي يريد ضبط الصحيح، وإتقان ألفاظه، والفروق الدقيقة بين رواياته، فعليه بإرشاد الساري.