بلوغ المرام - كتاب الصيام (5)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)) رواه مسلم. وعنه أيضاً -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده)) متفق عليه.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن يوم الجمعة عيد الأسبوع، وهو خير يوم طلعت عليه الشمس، خير يوم طلعت عليه الشمس، والخلاف في المفاضلة بينه وبين يوم عرفة معروف عند أهل العلم، فيوم الجمعة من أفضل الأيام، بل هو أفضل الأيام وهو عيدنا أهل الإسلام، وهو الذي وفقنا له من بين سائر الديانات بعد أن ضل عنه غيرنا، ((نحن الآخرون السابقون يوم القيامة)) نحن الآخرون في الزمن، لكن يوم القيامة السابقون، لنا يوم الجمعة، وهو متقدم على السبت والأحد، والناس تبع لنا؛ لكن لا يتعبد الله -جل وعلا- إلا بما شرع.

وعن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي)) اعتاد هذا الشخص أن يصلي إحدى عشر؛ لكن ليلة الجمعة ليلة فاضلة أزيد ركعتين أزيد أربع، أزيد ست، نقول: لا، لا تخص بقيام زائد عن غيرها، نعم إذا كانت الأيام متفاوتة يوم أصلي خمس، ويوم أصلي سبع، ويوم أصلي تسع، وجد نشاط هذه الليلة فزاد فيها لنشاطه لا لأنها ليلة الجمعة، هذه مسألة أخرى، مع الأسف الشديد الناس ينظرون إلى هذا اليوم من زوايا متعددة، وكل ميسر لما خلق له، {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[(4) سورة الليل] تجد ثلة من الناس يسهرون في مكان ما في استراحة وفي غيرها، طيلة أيام الأسبوع، ثم في ليلة الجمعة بعضهم يريد الانصراف مبكراً، فإذا أراد الانصراف قالوا: ما لك يا فلان؟ قال: يا أخي ليلة جمعة، ثم يقول له من أراد الإطالة يعني بنسهر الليلة جمعة، هذاك يبي ينصرف لأن الليلة جمعة، وهؤلاء يبون يسهرون لأن الليلة جمعة، هؤلاء لحظوا أنه ما في دوام وما في داعي أنك تنصرف، وهذا لاحظ أن هناك صلاة جمعة يستعد لها ويندب التبكير لها، لا شك أن الناس يتفاوتون في نظرتهم إلى القضايا الشرعية، مثل هذا ينبغي أن يلاحظ.

((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي)) الإنسان يفرط في القيام سائر أيام الأسبوع وإذا جاءت ليلة الجمعة قال: هذه ليلة فاضلة أفضل أيام الأسبوع لماذا لا نقوم؟ نقول: لا يا أخي هذه ليلة لا تخص بعبادة لم تشرع، ولذا صلاة الرغائب، التي هي صلاة أول ليلة جمعة من رجب يسمونها صلاة الرغائب، وجاء فيها خبر لا يثبت، فصلاة الرغائب بدعة؛ لأن هذا الخبر لم يثبت فيها، فهذه الليلة لا تخص بشيء لم يشرع، يشرع فيها الصلاة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، كما يشرع في يوم الجمعة، يشرع في يومها قراءة سورة الكهف، وما ورد فيه ليلته فيه ضعف، لا تخص هذه الليلة.

((ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام)) لا يخص يوم الجمعة بصيام، أم المؤمنين لما صامت يوم الجمعة قال: ((صمتِ بالأمس؟)) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟)) قالت: لا، قال: ((فافطري)) فيوم الجمعة يوم فاضل؛ لكن لا يخص بصيام من بين الأيام.

((إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم )) أن يصوم يوم ويفطر يوم، وافق أن يوم الصيام يوم الجمعة لا بأس، ولو لم يكن يوماً بعده أو يوماً قبله، لحديث أم المؤمنين جويرية نص في أن يوم الجمعة لا يختص بالصيام؛ لكن إذا صام يوماً قبله أو يوماً بعده فإنه لا بأس، دل على عدم التخصيص، يوم الجمعة لا يخص بعبادة زائدة على غير ما شرع الله -جل وعلا-، لكن ها هنا مسائل: ساعة الاستجابة في يوم الجمعة، إيش معنى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ينص بالنصوص الصحيحة أن هناك ساعة، ساعة استجابة في يوم الجمعة، وتدل النصوص على أنها من دخول الإمام إلى السلام من الصلاة، وجاء ما يدل على أنها آخر ساعة في يوم الجمعة، ما الفائدة من التنصيص على أن هناك ساعة استجابة؟ التعرض لهذه الساعة، وتحري هذه الساعة، والدعاء في هذه الساعة، وإلا إش معنى أن هناك دعاء مستجاب؟ إلا لنتحرى هذه الساعة، ونطلب هذه الساعة، لندعو فيستجاب لنا.

على القول بأن الساعة من دخول الإمام إلى السلام هذا المصلي ينتظر الصلاة أو يباشر الصلاة إذا كان دخل في هذا الوقت المسجد، أو يصلي إذا كان الإمام ما دخل وهو بالفعل في الصلاة ((لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي)) وننتبه لكلمة (قائم) (قائم يصلي) هل المراد به الصلاة فعلاً أو انتظار الصلاة؟ انتظار الصلاة، سواءً قلنا: ساعة الاستجابة من دخول الإمام إلى السلام هذا ينتظر الصلاة ويباشر الصلاة، وإلا لو قلنا: أن المراد بها الصلاة حقيقة فالقيام ليس محل الدعاء، القيام في الصلاة ليس محل دعاء، ولذا من يرجح أن ساعة الجمعة ساعة الاستجابة آخر ساعة قيل له: إن آخر ساعة ما هو بوقت صلاة، قال: الذي ينتظر الصلاة هو في صلاة، هذا الكلام صحيح، والذي يؤيد هذا الكلام أن النص الذي جاء فيه أنه قائم يصلي، القيام ليس موضع دعاء، إلا إذا كان المراد بالقيام مجرد الصلاة بما في ذلك السجود وما بعد التشهد؛ لكن يشار من الحديث أن المراد به من ينتظر الصلاة هو في صلاة وبهذا أجاب الصحابي.

انتظار الصلاة يكون في أي مكان؟ يكون والإنسان في بيته، أو في متجره، أو في عمله، أو في المسجد ينتظر الصلاة؟ في المسجد ينتظر الصلاة؛ لأن الذي ينتظر الصلاة معنى أنه في مكانها، ولا يسمى أنه منتظر الصلاة وهو في بيته والصلاة في المسجد، هذا ما ينتظر الصلاة؛ لأن بعض الناس يستشكل تخصيص بعض الناس الجلوس في المسجد عصر الجمعة، نقول: هذا ما دام ينتظر الصلاة وينتظر ساعة الاستجابة فهو في صلاته متعرض للنفحات الإلهية، يدعو الله -جل وعلا- في هذه الساعة، فلا إشكال في الجلوس بعد عصر الجمعة في المسجد لا إشكال فيه، لماذا؟ لأنه ينتظر الصلاة فهو في صلاة وساعة الاستجابة هذا وقته.

بعض الناس يتحرى أن تكون ختمت القرآن في هذه الساعة التي هي ساعة استجابة، وجاء أنه عند ختم القرآن دعوة مستجابة، فيريد أن يجتمع هذا مع هذا ليكون أرجى للإجابة، تخصيص وقت معين لختم القرآن، ما عليه أثارة من علم ولا دليل، وليس من عمل السلف؛ لكن هو من لازم النص، إيش معنى من لازم النص؟ هو ليس بالنص لكن من لازم النص، كيف من لازم النص؟ من لازم النص يعني أن النص: ((اقرءوا القرآن في سبع)) وعدد أيام الأسبوع سبعة، إذا بدأت يوم السبت ختمت يوم الجمعة، وكون الإنسان يقصد أن تكون ختمته في ساعة استجابة انتهى من القرآن في أول الليل وأخره إلى الثلث الأخير من الليل ما يلام، يلام على هذا؟ وكونه ختم يوم الجمعة وآخره إلى آخر ساعة أو مع دخول الإمام ما يلام على هذا لأنها كلها ثبتت بالنصوص.

بعض الناس يقصد أن يكون عنده درس في يوم الجمعة، نعم جاء النهي عن التحلق يوم الجمعة؛ لكن النهي المقصود به عدم التضييق، نعم على وقت المبادرة لصلاة الجمعة وعدم التضييق على من بادر لصلاة الجمعة من المصلين والتالين وغير ذلك، هذا هو المنصوص عليه في كتب أهل العلم، ولذا النهي لا يشمل ما بعد صلاة الجمعة، أما ما قبل صلاة الجمعة هو الذي يحمل عليه النهي، يعني الشراح كلهم أطلقوا على أن السبب عن النهي، سبب النهي عن التحلق يوم الجمعة كونه يضيق وقت المبادرة إلى صلاة الجمعة، وقد يقول قائل: أنا أبادر، أذهب إلى المسجد من طلوع الشمس، وأقيم درس هناك، ويعينني هذا على التبكير، نقول له: أنت بدرسك الذين جاءوا ينتظرون الصلاة، وجاءوا لتلاوة القرآن وللذكر حتى يدخل الإمام، ولذا جاء النهي عن التحلق يوم الجمعة، أما ما بعد الصلاة فمعروف كثير من أهل العلم لهم دروس لا سيما بعد صلاة الجمعة، شيخ الإسلام تفسيره بعد صلاة الجمعة في المسجد، وغيره كثير، أهل الحديث، درس الإملاء، إملاء الحديث يختلفون لكن منهم من جعل درس الإملاء عصر الجمعة.

على كل حال، مثل هذا لا يؤثر ولا يدخل فيما نحن فيه، فالمنصوص عليه القيام والصيام، وكوننا نتعرض لنفحات الله رجاء موافقة هذه الساعة التي جاءت النصوص التي تدل على أنها ساعة مستجابة ما نلام على هذا؛ لأنه ما وجهنا إلى أنه في ساعة مستجابة إلا من أجل أن نتطلب هذه الساعة، وإلا صار خبراً عارياً عن الفائدة.

المقصود أن هذه وجهة نظر من يجلس في المسجد بعد العصر يوم الجمعة ليتحرى ساعة الجمعة وينتظر الصلاة ويدخل في الوعد، أما يقول: أنتظر الصلاة وأنا في البيت مو بصحيح؛ لأن الانتظار في مكانها.

طالب:........

نعم وين؟ قائم يصلي هذا يستدل به من يرجح أن المراد بقائم يصلي ينتظر الصلاة؛ لأن القيام من أركان الصلاة التي لا دعاء فيها.

طالب:........

ما يلزم المقصود أنه يصلي حقيقة أو حكماً، يعني في صلاة حقيقة أو حكماً، حقيقة إذا كان الوقت محل وقت للصلاة، إذا كان وقت للصلاة، حكماً إذا لم يكن وقت للصلاة وقت نهي مثلاً، فمادام ينتظر الصلاة لأن الصحابي نص على هذا أنه ما دام قائم ينتظر الصلاة فهو في صلاة.

والحديث الذي يليه عنه -رضي الله عنه- أيضاً، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم يوماً قبله ويوماً بعده)) متفق عليه، ويشهد له حديث جويرية أم المؤمنين لما صامت يوم الجمعة قال: ((صمت بالأمس؟)) قالت: لا، قال: ((تصومين غداً؟)) قالت: لا، قال: ((فأفطري)) وظاهر قوله: ((فأفطري)) وجوب الفطر، وظاهر النهي: ((لا يصومن أحدكم)) التحريم؛ لكن لا يسول لنا الشيطان، أحياناً الشيطان لا سيما الذين ابتلوا بالسهر، تجده مثلاً يسهر طول الليالي، ثم إذا جاء وقت الثلث الأخير من الليل يوم يوتر بركعة، يوم بثلاث ركعات، يوم بخمس على حسب نشاطه إذا جاءت ليلة الجمعة قال: والله أنا تعبان، والرسول يقول: ((لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام)) وهذا من تلبيس الشيطان، من أجل أن يترك الوتر في هذه الليلة، نعم لا تخص بقيام زائد، إذا كنت بتوتر في سائر الليالي توتر في هذه الليلة، فهي كغيرها؛ لكن تلبيس الشيطان أحياناً يقول لك مثلاً: أنت سهران وأنت تعبان والفجر ما بقي عليه إلا شيء يسير، وليلة الجمعة ما تخص بقيام، نعم إن كنت ما توتر سائر الليالي لا توتر هذه الليلة، مع أن الوتر شأنه عظيم من السنن المؤكدة، حتى قال جمع من أهل العلم بوجوبه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يترك الوتر سفراً ولا حضراً، وأمر به ((أوتروا أهل القرآن)) ومن ابتلي بالسهر تجد الوتر من أشق الأمور على قلبه وعلى نفسه، يكون مستعد لحمل الأثقال، مستعد يمشي المسافات الطويلة، ومستعد يجلس الساعات الطوال في القيل والقال؛ لكن إذا جاء الوتر ما يعان عليه من كان هذا ديدنه لا يعان عليه، فنحذر من تلبيس الشيطان، نعم.

وعنه أيضاً -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) رواه الخمسة، واستنكره أحمد. وعن الصماء بنت بسر -رضي الله عنها- أن رسول-صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها)) رواه الخمسة ورجاله ثقات إلا أنه مضطرب، وقد أنكره مالك، وقال أبو داود: هو منسوخ.

وعن أم سلمة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول -صلى الله عليه وسلم- كان أكثر ما يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، وكان يقول: ((إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم)) أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة وهذا لفظه.

يقول المؤلف -رحمه الله-: وعنه، أي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- صحابي الحديث السابق، أو الحديثين السابقين، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا انتصف شعبان -يعني بعد الخامس عشر من شعبان- فلا تصوموا)) رواه الخمسة، واستنكره أحمد، صححه جمع من أهل العلم كثير من المتأخرين صححوه، واستنكره قال الإمام أحمد وابن معين قالوا: حديث منكر.

تقدم النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، وهو حديث صحيح لا إشكال فيه، مفهومه أن التقدم بثلاثة أيام لا بأس به، ولذا استنكر بعض العلماء هذا الحديث وحكموا بأنه منكر، ((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)) يعني في نصفه الأخير، وبعضهم صححه وحمله على من يصوم شعبان في النصف الثاني ولا يصوم في النصف الأول احتياطاً لرمضان، ويرد فيه ما يرد من النهي عن الاحتياط لرمضان في يوم أو يومين، تقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أكثر ما يصوم من الأشهر في شعبان، وعلى كل حال هذا حديث مختلف فيه، فمن كانت له عادة بأن يصوم الاثنين والخميس بس يتقي آخر الشهر، أما ما بقي في النصف الثاني لا بأس في صيامه؛ لأن الحديث نص الإمام أحمد ويحيى بن معين وجمع من أهل العلم أنه منكر؛ لأنه من روايات العلاء بن عبد الرحمن وهو صدوق، ربما وهم، فمثل هذا لا يحتمل تفرده، وهو أحد نوعي المنكر؛ لأن المنكر يطلق على المخالفة مع ضعف الراوي، ويطلق على تفرد الراوي الذي لا يحتمل تفرده، تفرد به من لا يحتمل تفرده؛ لأنه صدوق وربما وهم، وإن كان من رجال مسلم؛ لكنه تفرده لا يحتمل.

من أهل العلم من يرى أنه إذا انتصف الشهر حرم الصيام عملاً بهذا الحديث، وقد صححه جمع من المتأخرين، من كان عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهر يحرص أن تكون هذه الثلاثة الأيام في نصفه الأول ليتقي هذا النهي فيما لو ثبت، وهو قابل حقيقة يعني من حسنه له وجه؛ لأن ضعفه ليس بشديد، العلاء بن عبد الرحمن يعني ربما وهم، وهو علة الحديث، وهو قابل للتحسين، ومن قال: إن مثل هذا لا يقبل تفرده، وقد تفرد بروايته حكم عليه بالنكارة كالإمام أحمد، وعلى كل حال يتقى بقدر الإمكان النصف الثاني.

طالب:........

ما تدخل البيض، ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، إذا انتصف فلا تصوموا إذا تم نصفه الأول لا تصم، يعني بعد النصف، المقصود بعد النصف، في نصفه الثاني، وكأن النهي إن ثبت فإنه من أجل ألا يوصل الصيام برمضان، ولذا حديث: (( لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين )) أثبت منه.

وعن الصماء بنت بسر -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم)) لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، ظاهر النهي يتناول ما إذا أفرد بالصيام، وما إذا ضم إليه يوم آخر، لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فهو يشمل ما إذا أفرد، وما إذا صيم معه يوم آخر، وهو بهذا معارض بحديث جويرية، لما صامت الجمعة قال: ((أتصومين غداً؟)) يعني السبت، هذا دليل على جواز صيامه لكن مع الجمعة.

((فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنب)) يعني القشر، سوق العنب، وخشبها اللحاء الذي يغطي القشرة، ((إلا لحاء عنب أو عود شجرة فليمضغها)) ليفطر، وهذا من باب تأكيد الفطر، رواه الخمسة أصحاب السنن الأربعة وأحمد، ورجاله ثقات، نعم رجاله كلهم ثقات، قال: إلا أنه مضطرب، الحديث المضطرب: هو الذي يروى على أوجه مختلفة متساوية، فالحديث روي مرة عن الصماء، ومرة عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء، ومرة عن عبد الله بن بسر بدون ذكر للأخت، فهذا اختلاف؛ لكن هل مثل هذا الاختلاف مؤثر وعلة قادحة، مرة ترويه الصماء عن عائشة، ومرة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة مع أن الصيغة التي معنا عن الصماء بنت بسر-رضي الله عنها- أن رسول -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لا تصوموا)) محتملة للاتصال والانقطاع، وعلى كل حال لو قدر أنه عن عائشة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- يكون مرسل صحابي، وهو مقبول عند عامة أهل العلم، فهذه العلة حقيقة ليست بمؤثرة، الاضطراب يمكن الترجيح بين الأوجه، ويمكن احتمال الأوجه، فلا تكون مختلفة حيث تكون متفقة فمرة يروى كذا، ومرة يروى كذا، فلا مانع، ولا تقدح بعض الروايات ببعض، وحينئذ يكون مقبولاً ولذا صححه جمع من أهل العلم؛ لأن رجاله ثقات، وقد أنكره مالك، نقل أبو داود في سننه عن الإمام مالك قال: "هذا كذب"، وقال أبو داود: "هو منسوخ" منسوخ بأيش؟ بحديث جويرية ((تصومين غداً)) دل على جواز صيام يوم السبت.

الحديث الذي يليه حديث أم سلمة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر ما كان يصوم من الأيام يوم السبت ويوم الأحد، وكان يقول: ((إنهما يوما عيد للمشركين، وأنا أريد أن أخالفهم)) أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة، وهذا اللفظ له، ولكنه ضعيف وفي سنده مجهولان، في سنده راويان مجهولان فهو ضعيف.

طالب:........

هل هي أخته الصماء أو غيرها؟ لأنه أحياناً ترويه عنه، وأحياناً يرويه عنها.

طالب:........

لكن هل مثل هذا الخلاف مؤثر؟ يعني هل يمكن أن يروي الحديث على وجهين؟ يمكن أن يروى الحديث على وجهين، فإذا نص إمام من الأئمة على أن مثل هذا الخلاف مؤثر لأن هذه من العلل التي لا يدركها كل أحد، فإذا حكم عليه بأنها مؤثرة من أئمة الحديث القدامى الذين يحكمون بالقرائن فصارت مؤثرة وإلا أحياناً تجد حديث وفي مستواه حديث آخر، والخلاف نظير الخلاف، هذا يحكم بأنه محفوظ والخلاف غير مؤثر، وهذا يحكم بأن الخلاف مؤثر وليس بمحفوظ؛ لأن هذا تبعاً للقرائن، الأئمة الكبار هم الذين يستطيعون أن يحكموا بمثل هذه الأحكام الكبيرة.

طالب:........

لا لا هم الذين نصوا على أن الاضطراب في الراوي ما يضر.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، رواه الخمسة غير الترمذي ، وصححه ابن خزيمة والحاكم واستنكره العقيلي.

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا صام من صام الأبد )) متفق عليه، ولمسلم من حديث أبي قتادة بلفظ : ((لا صام ولا أفطر)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، تقدم الحث على صيام يوم عرفة، وأنه يكفر السنة الماضية والسنة الباقية يكفر سنتين، فلقائل أن يقول: ما دام يكفر سنتين، ويوم عرفة وهو بعرفة في الموقف العظيم، وهناك منح إلهية تتنزل على عباده أهل الموقف في هذا اليوم عشية عرفة، لماذا لا يصوم ليكون أدعى لإجابة دعوته؟ نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصوم يوم عرفة بعرفة؛ لكنه ضعيف، وعلى كل حال في إسناده مهدي الهجري، وهو ضعيف.

ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- شرب، دعا بإناء فشرب، وهو على دابته والناس ينظرون، أفطر، والناس ينظرون، فهل فطره وعدم صيامه في هذا اليوم يقاوم الحث على صيام يوم عرفة، أو نقول: مثلما أفطر في السفر للمشقة يفطر يوم عرفة خشية المشقة؛ لكي يتفرغ الناس وينشطوا للدعاء والذكر في هذا اليوم العظيم؟

الحديث الذي عندنا ضعيف، الحديث الذي معنا نهى عن صيام يوم عرفة بعرفة ضعيف، وثبت أنه -عليه الصلاة والسلام- أفطر، فهل نكتفي بفعله لنفطر في يوم عرفة أو نقول: هو مثل في صيامه في سفر، أفطر في السفر، صام ثم أفطر لما بلغ الكديد، ولا أحد يمنع من الصيام في السفر، نعم لو ثبت النهي ما في إشكال ولذا ثبت عن ابن عمر وجمع من الصحابة أنهم كانوا يصومون يوم عرفة في عرفة، وأهل العلم يقولون: لا يصام يوم عرفة بعرفة ليتقوى على الذكر، إذا كانت المسألة هذه العلة فبعض الناس يقول: أنا أنشط إذا ما أفطر، أستمر صائم أنشط، إذا كانت هذه العلة يزول الحكم بزوالها؛ لكن يبقى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أفطر وهو الأسوة وهو القدوة، وبعض أهل العلم يؤثم من يصوم يوم عرفة بعرفة، ولعله استناداً لهذا الحديث، مع فطره -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن فعله هو الأكمل، وما اختاره الله لنبيه هو الأفضل، فلا ينبغي صيامه، أما الاستناد على هذا الحديث فالحديث ضعيف، والشيخ ابن باز نص في مواضع من فتاويه أن الذي يصوم يوم عرفة بعرفة آثم.

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ((لا صام من صام الأبد)) وهذا المشروط عند أهل العلم يحتمل وجهين: أنه خبر، أو دعاء، أنه دعاء زجر له على صنيعه ((لا صام من صام الأبد)) يعني لا مكنه الله من الصيام دعاء عليه، من صام الأبد ، والثاني أنه خبر، أن هذا لم يصم، وإن أمسك عن الطعام والشراب إلا أنه لم يصم الصيام الشرعي.

ولمسلم من حديث أبي قتادة: ((لا صام ولا أفطر)) وعند الترمذي: ((لم يصم ولم يفطر)) لا هو بالذي صام صيام يرجى ثوابه، ولا هو بالذي أفطر مع الناس واستمتع بما أنعم الله عليه به، صام ولا أفطر، لم يصم ولم يفطر.

يقول ابن العربي: "إن كان معناه الدعاء فيا ويح من أصابه دعوة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان خبر فيا ويح من أخبر عنه النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يصم، وعلى الوجهين صيام الدهر مذموم"

منهم من يحمل هذه النصوص على من صام الدهر بالفعل بجميع أيام العام بما في ذلك ما نهي عن صيامه كالعيدين وأيام التشريق، بدليل أن سرد الصوم ما فيه إشكال، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصوم حتى يقال: لا يفطر، وكان يفطر حتى يقال: لا يصوم، وأيضاً جاء في حديث حمزة السابق: ((إني أسرد الصوم)) فحمل النهي هنا على من صام الدهر صياماً حقيقياً الدهر كله، ولم يستثنِ من ذلك الأيام التي نص على تحريم صومه  كالعيدين والتشريق، أما من صام بقية الأيام مما لم ينص على المنع منه، فهذا لا يتناوله النهي، وعلى كل حال فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت عنه أنه يصوم ويفطر ((أصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وآكل اللحم، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)) فالذي يصوم الأيام كلها ولو أفطر الأيام المحرمة رغب عن سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإن كان الباعث له على هذا الرغبة في الخير، لكن مجرد الرغبة لا تكفي ما لم يكن هناك اتباع، وظاهر الأخبار كما قال طائفة من أهل العلم يدل على تحريم صيام الدهر، ومنهم من قال: إذا أفطر الأيام التي يحرم صيامها لا إشكال فيها، وعلى كل حال: أفضل الصيام، إذا كان الإنسان يبحث عن الأجر فأفضل الصيام صيام داود، يصوم يوماً ويفطر يوماً.

في الحديث السابق ((من صام رمضان وأتبعه ستاً من شوال كأنما صام الدهر كله)) عرفنا أنه تشبيه للممدوح بالمذموم من وجه دون وجه، يعني لا في حقيقة المعنى الذي من أجله ذم صيام الدهر، إنما على فرض مشروعيته، فكأن هذا صام أيام السنة كلها.

باب الاعتكاف وقيام رمضان:

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (( من قام رمضان إيماناًَ واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه )) متفق عليه.

ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- باب الاعتكاف وقيام رمضان، الاعتكاف والعكوف على الشيء: لزومه، ويراد بالاعتكاف شرعاً: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وحبس النفس عن الاسترسال في الأمور التي تزاول خارج المسجد، من أجل أن يخلو العبد بربه، ويتفرغ لعبادته الخاصة، من صيام وصلاة وذكر وتلاوة ودعاء، ولذا لا يستحب في الاعتكاف أن ينشغل الإنسان بما يشغل قلبه، ولو كان فيه نفع، من النفع المتعدي، عمل بدني، أو تعليم علم، أهل العلم لا يرون هذا، فالاعتكاف مخصص للعبادات الخاصة، للصلاة والصيام والذكر والدعاء والتلاوة فقط.

وقيام رمضان ليس المقصود بالقيام الانتباه، وإنما المقصود به الصلاة وفي حكمها الذكر والتلاوة، فهي من القيام لو أن الإنسان قام الثلث الأخير بمقدار ساعتين، ساعة للصلاة، وساعة لقراءة القرآن، هل نقول: هذا قام ساعتين أو قام ساعة واحدة؟ ساعتين؛ لأن التلاوة والذكر حكمها حكم الصلاة، كلها مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا-، فيشمله القيام.

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (( من قام رمضان إيماناًَ واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وحديثه الآخر: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) وفي الحديث الثالث لأبي هريرة: ((من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) فمن قام رمضان إيماناً واحتساباً إيماناً بالله -جل وعلا- وتصديقاً بوعده واحتساباً طلباً للأجر من الله -جل وعلا-، مخلصاً في ذلك غفر له ما تقدم من ذنبه، متفق عليه، والغفران هنا مطلقه يتناول جميع الذنوب، ((غفر له ما تقدم)) (ما) من صيغ العموم، و((من ذنبه)) ذنب مفرد مضاف فيعم؛ لكن الجمهور على أن الكبائر لا بد لها من توبة.

((من قام رمضان)) هذا الوعد هل يتحقق بقيام ليلة أو بقيام جميع رمضان؟ ظاهر اللفظ يدل على أنه لا بد من قيام جميع رمضان، لأنه قال: (( من قام رمضان)) ما قال: من قام في رمضان أو قام ليلة من رمضان، من قام رمضان، ورمضان يشمل جميع الشهر، وعلى كل حال القيام شأنه عظيم في رمضان وفي غير رمضان، وهو دأب الصالحين، و((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) والنبي -عليه الصلاة والسلام- قام حتى تفطرت قدماه {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ}[(16) سورة السجدة] {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} ثم بعد ذلك قال: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[(9) سورة الزمر] فالقانت آناء الليل والنهار هم الذين يعلمون، والنائمون هم الذين لا يعلمون، فمن وصف أهل العلم أنهم أهل قيام بدلالة هذه الآية، والنصوص التي ترغب في القيام كثيرة جداً، ((نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم من الليل)) وصار بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً.

ولا شك أن القيام من النوم لا سيما مع ما ابتلي به كثير من الناس من سهر وانشغال بما لا يعني فإذا انشغل الإنسان بما لا يعنيه لا يوفق لمثل هذه الأعمال، فعلى الإنسان أن ينجم على نفسه، ويحفظ أعماله، ولا يتكلم فيما لا يعنيه، وحينئذ يعان، وعليه أن يجاهد، أول الأمر لا بد من جهاد، ثم بعد ذلك يتلذذ كما فعل السلف، ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)) ومثل ما ذكرنا الذنب مفرد مضاف فيعم، ومقتضى الحديث أنه يعم الصغائر والكبائر؛ لكن عامة أهل العلم على أن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة.

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر -أي العشر الأخيرة- من رمضان شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهل)) متفق عليه.

وعنها -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده)) متفق عليه.

وعنها -رضي الله عنها قالت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه)) متفق عليه.

وعنها -رضي الله عنها- قالت: ((إن كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً)) [متفق عليه، واللفظ للبخاري].

وعنها قالت: ((السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع)) [رواه أبو داود] ولا بأس برجاله إلا أن الراجح وقف آخره.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- هنا بالنسبة لقيام رمضان الذي سبق الحديث الماضي، يقول أهل العلم: أن من قام في صلاة التراويح سواءً كان مع إمامه أو منفرداً صح عنه أنه قام رمضان، وجمْع الناس على إمام واحد في رمضان فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ليلتين أو ثلاث، ثم تركه خشية أن يفرض القيام على هذه الصورة فيعجز عنه الناس، تركه واستمر الأمر في حياة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم في عصر أبي بكر، ثم بعد ذلك جمع الناس عمر -رضي الله عنه- على أبي، فصاروا يصلون بصلاة إمامهم.

والشارح بتأثير من البيئة التي عاش فيها لمز عمر في هذا، قال: "وأما صلاة التراويح فقد ابتدعها عمر" وفي موضع آخر قال: "والبدعة قبيحة ولو كانت من عمر"، هذا الكلام في غاية السوء في حق أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، تأثير البيئة يعني ما تجد في الكتاب من أوله إلى آخره معاوية -رضي الله عنه- مؤلف محسوب على أهل السنة؛ لكن يبقى أن البيئة أثرت، وتأثير قبيح ما هو تقدير بعد، نعم ليس معدود من الشيعة ولا من الزيدية؛ لكن يبقى أن مثل هذا التأثر قبيح من رجل يهتم بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويأتي في ثنايا كلامه مثل هذا؛ لكن من كثر ما يسمع لا بد أن يتأثر الإنسان بشر يتأثر.

يقول: "وأما التراويح على ما أعتيد الآن فقد ابتدعها عمر"، ننظر في الأمر هو بالفعل بدعة أو ليس ببدعة؟ عمر -رضي الله عنه- نفسه في صحيح البخاري قال: "نعمت البدعة" لما خرج والناس يصلون بصلاة إمامهم، قال: "نعمت البدعة" عمر نفسه قال: "نعمت البدعة" لكن هل هي بدعة لغوية أو بدعة شرعية؟ لا لغوية ولا شرعية؛ لأن البدعة اللغوية ما أحدث على غير مثال سابق، تراويح لها مثال سابق من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ومن الصحابة جماعة، فلها مثال سابق، وليست ببدعة شرعية؛ لأنه سبق لها شرعية من السنة، يعني كون النبي -عليه الصلاة والسلام- تركه لا عدولاً عنها، وإنما تركها خشية أن تفرض مع بقاء الحكم، فليست ببدعة شرعية ولا لغوية.

شيخ الإسلام يرى أنها بدعة لغوية؛ لكن لها مثال سابق، فكيف نقول: أنها بدعة لغوية، الشاطبي يقول: مجاز، ويشكل كلامه عند من ينفي المجاز مطلقاً، هناك في علم البديع شيء يقال له: المشاكلة والمجانسة، في التعبير يعني كأن قائلاً قال: ابتدعت يا عمر، قال: "نعمت البدعة" يعني إذا كانت هذه بدعة فنعمت البدعة، فليست ببدعة لا لغوية ولا شرعية، أسلوب المجانسة والمشاكلة موجود في اللغة وفي النصوص.

قالوا: اقترح شيئاً نجد لك طبخه

 

قلت: اطبخوا لي جبة وقميصا

مشاكلة في النصوص، {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا}[(40) سورة الشورى] الجناية سيئة ولكن معاقبة الجاني ليست بسيئة، وهذا كثير في النصوص، أسلوب المشاكلة.

وعن عائشة -رضي الله عنها – قالت: ((كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخلت العشر -أي العشر الأخيرة))- من رمضان -ودخول العشر بغروب شمس يوم عشرين، فيوم عشرين ليس من العشر، من العشر ليلة واحد وعشرين- من رمضان ((شد مئزره)) فتأهب للتشمير في العبادة، واعتزل النساء، وطوى الفراش، ((شد مئزره، وأحيا ليله)) أحيى ليله مفهومه أنه لا ينام ليالي العشر، إحياء الليل مفهومه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا ينام، وجاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه أنه أحيا ليله كاملة إلى الصبح؛ لكن أحيا ليله خاص بالعشر، وكان -عليه الصلاة والسلام- يخلط العشرين الأول بصلاة ونوم، ولكن في العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله، يعني ما يلزم من تحت يده بأن يقوموا الليل كله، ولا يحملهم على ما يحمل عليه نفسه، لا، يترك لهم الفرصة ينامون ويوقظهم، لا يفرط في حقهم بأن يتركهم ينامون ولا يصلون أبداً، لا.

والعشر لها مزية، وهي أفضل ليالي السنة، العشر الليالي العشر الباقية من رمضان كما أن أفضل الأيام أيام العشر من ذي الحجة، وهذه الليالي العشر تشتمل على ليلة هي خير من ألف شهر، ليلة القدر، وعشر من ذي الحجة تشتمل على يوم عرفة، ويوم العيد الحج الأكبر.

وعنها -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده))، كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، حتى توفاه الله -عز وجل- ثم اعتكف أزواجه من بعده، النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتكف العشر الأول، ثم اعتكف العشر الوسطى، ثم استقر اعتكافه على العشر الأواخر، استمر على هذا، ومرة قطع اعتكافه وقضاه في عشر شوال؛ لأنه إذا عمل عملاً أثبته.

والاعتكاف سنة ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم على أنها سنة مرغب فيها، وأقل ما ينطبق عليه الاسم ما يشمله المسمى اللغوي، وهو اللزوم والمكث، أما مجرد الدخول في المسجد وجلوس زمن يسير ليس بمعتكف لا لغة ولا شرعاً، خلاف لمن كتب في بعض المساجد يذكر الناس عند المدخل يقول: نويت سنة الاعتكاف، وفيها أكثر من محظور:

أولاً: يريد يقول: قل: نويت سنة الاعتكاف، والنية بهذه الطريقة بدعة.

الأمر الثاني: أنه يقول لكل داخل سواءً طال به الوقت أو قصر والاعتكاف الشرعي لا ينطبق إلا على ما يشمله المسمى اللغوي، مع أن التحديد الشرعي جاء بعشر ليالي؛ لكن طول المكث يسمى اعتكاف لغوي، واعتكاف ليلة يسمى اعتكاف، وقد نذر عمر -رضي الله عنه- أن يعتكف ليله، وأقره النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقال: ((أوف بنذرك)) فدل على أن اعتكاف ليلة مما يتقرب به، فهو داخل في مسمى الاعتكاف، "حتى توفاه الله -عز وجل-" يريد أن يؤكد في هذا الحديث إلا أن الاعتكاف بقي إلى وفاته -عليه الصلاة والسلام-، "واعتكف أزواجه من بعده" فليس بمنسوخ، بل هو حكم محكم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى–: "وعنها" يعني عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: ((كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه)) [متفق عليه].

يعتكف العشر الأواخر، وقلنا: إن العشر الأواخر تبدأ من غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين.

هنا يقول: إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه فهل يصلي الفجر يوم عشرين أو يوم واحد وعشرين؟ إن كان واحد وعشرين صارت ليلة واحد وعشرين ما دخلت في الاعتكاف، يعني يوم عشرين صلى الفجر يوم عشرين ودخل المعتكف، ويكون نهار يوم عشرين قدر زائد على العشر، إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر ثم دخل معتكفه، العلماء يقولون: أنه يدخل قبل غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين، بل ليلة إحدى وعشرين ليلة ترجى فيها ليلة القدر، وجاء فيها الحديث الصحيح الذي يرى أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يسجد على ماء وطين، فهي في تلك الليلة ليلة إحدى وعشرين، وكف المسجد، وصلى الصبح، وبقي أثر المطر والطين في وجهه -عليه الصلاة والسلام-، فإذا قلنا: أنه يدخل معتكفه من صبح إحدى وعشرين، معناه أنه ما اعتكف قبل ذلك؛ لكن أهل العلم يقولون: يدخل المسجد للاعتكاف ليلة إحدى وعشرين قبل غروب الشمس، ويدخل المعتكف المكان المخصص للاعتكاف، داخل المسجد إذا صلى الصبح، لينقطع فيه عن الناس، لماذا نحتاج إلى مثل هذا الكلام؟ النبي -صلى الله عليه وسلم- اتخذ حَجِيرة، مكان مخصص للاعتكاف، فصلى الفجر دخل المعتكف، وإذا أراد أن يصلي خرج إلى الناس وصلى بهم، ثم دخل المعتكف في إشكال؟ ما في إشكال؛ لكن مفهومه أنه ليلة إحدى وعشرين ما دخل المعتكف؛ لكنه معتكف وفي المسجد، وحينئذ لا إشكال بالحديث.

طيب إذا عرفنا أنه كان يدخل المعتكف قبل غروب الشمس فمتى يخرج، يعني كان إذا أراد أن يعتكف العشر فالعشر تبدأ بغروب شمس ليلة إحدى وعشرين، وتنتهي بغروب الشمس ليلة العيد، إذا أراد أن يعتكف يدخل في هذا الوقت ويخرج في هذا الوقت، إذا أرد العشر؛ لكن بعض الفقهاء يستحسن أن يبيت ليلة العيد في المسجد، ويخرج من المسجد إلى المصلى بثيابه الذي اعتكف فيها؛ لكن ليلة العيد ليست داخلة في العشر قطعاً، هم تبعاً لما جاء في إحياء ليلة العيد من حديث ضعيف ((من أحيا ليلتي العيدين أحيا الله قلبه يوم تموت القلوب)) هذا ضعيف، فالفقهاء يستحبون المكث في المسجد من أجل هذا الحديث، وهو ضعيف، وعلى كل حال العشر تنتهي بغروب الشمس ليلة العيد.

وعنها -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله" يدخل علي رأسه يعني في بيتها، وهو في المسجد فأرجله، يعني خروج بعض البدن من المسجد لا يؤثر في الاعتكاف، لا يؤثر في الاعتكاف؛ لكن ليس معنى هذا أن الإنسان يمضي الأوقات الطويلة ورأسه خارج المسجد ينظر في الغادي والرائح والذاهب والجاي ويتفرج على الناس، ويقول: أنا في المسجد، لا، هذا لحاجة لأنها ترجله وهي حائض لا تدخل المسجد، فيخرج رأسه لكي ترجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً لما لا بد منه لقضاء الحاجة، وقل مثل هذا في الأكل إذا منع من دخوله المسجد، هذه حاجة وما عدا ذلك مخل في الاعتكاف، "وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفاً" متفق عليه.

لماذا لا يرجل رأسه في المسجد؟ يقولون: ما يتساقط من الشعر أو من الظفر ينبغي أن يصان منه المسجد، ومسائل التنظيف ومسائل.. هذه ينبغي أن يصان عنها المسجد، ولذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج رأسه، يدخل رأسه في حجرتها لكي ترجله، وفعلها من ترجيله -عليه الصلاة والسلام- مما هو معروف ومتعارف مما يكون بين الرجال مع نسائهم، وهذه من الخدمة المطلوبة التي ثبتت بالنصوص، فعلى المرأة أن تخدم زوجها فيما تعارف عليه الناس، لا يكلفها أكثر مما تعارف عليه الناس، ولا يكلفها ما لا تطيق، وعليه أن يعينها أيضاً؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان في حاجة أهله، لا يتسلط على المرأة؛ لأن له القوامة، ولا يجعل المرأة أيضاً تتسلط عليه، يعني الشرع جاء بما يسعد الطرفين {لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ}[(228) سورة البقرة] لأن بعض الناس إما أن يكون على ما يعبرون الناس دكتاتور، إمبراطور، إذا كان في البيت ما أحد يتكلم ولا ينفس، هذا ما هو صحيح، المرأة مثلك، لها من الحقوق عليك مثل ما لك من الحقوق عليها {لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ} ويبقى أن للرجال على النساء درجة، ليس معنى هذا مثل ما نشاهد الآن من ردود الأفعال من تفضيل النساء على الرجال، هذا ليس بشرع، القوامة للرجل، والأمر بيده، وتجد مثل هؤلاء المهزومين حتى في حديثهم يقدمون النساء على الرجال هذا خلاف الشرع، قد جاء الأمر بتأخيرهن، وهن في أواخر الصفوف، وصفوف النساء أفضل، الصفوف المؤخرة أفضل من الصفوف المتقدمة، هذه نصوص شرعية عندنا، ويجيك من يقول: يقدم النساء، وإيش المانع؟ هن شقائق الرجال، ونصف المجتمع، وإذا عطلناهن كيف نساير الناس؟ لا نساير الناس ولا نواكبهم، مسايرة تخالف ديننا وشرعنا؟!.

"وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة" يعني من قضاء الحاجة التي لا بد منها من نقض للوضوء، ومثله الوضوء خارج المسجد، وقل مثل هذا في الأكل والشرب إذا منع من دخول المسجد وإلا فالأصل جواز الأكل والشرب كله في المسجد، لا مانع من هذا.

يقول: "وعنها -رضي الله عنها- قالت: "السنة على المعتكف" السنة أو من السنة إذا قاله الصحابي فهو مرفوع.

قول الصحابي من السنة أو
بعد النبي قاله بأعصرِ                

 

نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
على الصحيح وهو قول الأكثرِ

 

السنة على المعتكف ألا يعود مريضاً؛ لأن معنى الاعتكاف لزوم المسجد، والخروج منه لعيادة المريض خرم لهذا اللزوم، ولا يشهد جنازة، مثل أن تخصص هذه الأيام للخلوة المفيدة للقلب فائدة عظمى، إذا كانت على الوجه الشرعي، بعض الناس يعتكف لكن ما يستفيد يخرج كما دخل، لماذا؟ تجد حياته اليومية التي يزاولها في بيته يزاولها في المسجد، الجوال والاتصالات والجرائد والأخبار، والدنيا كلها عنده، هذا اعتكاف؟ يتابع الأحداث والأخبار، وإيش صار؟ ومن إذاعة ومن محطة ومن ما أدري إيش؟ وجرائد أمامه وبصورها وجوال ورسائل من اليمين والشمال وشرق وغرب، مثل هذا ليس باعتكاف؛ لأنه اعتكف ليعالج هذا القلب الذي تتجه إليه جميع خطابات الشرع، وفي هذه الأيام العشرة تنقطع علائقه بالناس حتى بعض الأعمال التي كان يزاولها من الأعمال الصالحة من طلب علم ومن تعليم علم، ومن شهود جنائز ومن عيادة مرضى، كل هذا ينقطع، حتى صلة الأرحام تنقطع؛ لأن هذا مخصص للعبادات الخاصة، هي عشرة ليالي أو تسع.

"ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة ولا يباشرها، ولا يخرج إلا لما لا بد منه" لا يمس امرأة ولو كانت من محارمه، ولا يباشرها ولو كانت زوجة له؛ لأنه جاء النهي عن المباشرة في القرآن {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[(187) سورة البقرة] في المساجد يشمل جميع مساجد الدنيا، وما يجمع فيه، وتقوم فيه صلاة الجماعة.

"ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم" يعني هل يصح الاعتكاف من غير صوم؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يثبت عنه أنه اعتكف إلا وهو صائم، وثبت في الحديث الصحيح أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- نذر أن يعتكف ليلة في الجاهلية، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أوفي بنذرك)) والليل ليس محلاً للصوم، ولذا يختلف أهل العلم في اشتراط الصوم لصحة الاعتكاف، وهنا هذا الحديث يقول: "لا اعتكاف إلا بصوم" لكن ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع هذا هو الذي أشار المؤلف إلى أنه موقوف، موقوف على عائشة، وما قبله مرفوع، وإن كان من قولها فهو اجتهاد منها يعارضه حديث عمر -رضي الله عنه-، والأولى والأكمل والأحوط أن يكون على صيام، يكون الاعتكاف مقروناً بالصيام.

"ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" هذا من كلام عائشة، لئلا يلزم عليه ألا يخرج من المسجد من معتكفه إلى أداء الجمعة، أما المسجد الذي لا يقام فيه صلاة الجماعة بحيث يحتاج إلى أن يخرج من معتكفه خمس مرات في اليوم هذا لا يصح فيه الاعتكاف، وأما المسجد الذي يُجَمع فيه يصلى فيه صلاة الجماعة وإن لم تقام فيه الجمعة لأن خروج مرة في الأسبوع لا يؤثر فيصح.

رواه أبو داود ولا بأس برجاله إلا أن الراجح وقف آخره، يعني "ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع" هذا من قول عائشة -رضي الله عنها-.

وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه)) رواه الدار قطني والحاكم والراجح وقفه أيضاً.

هنا يقول المؤلف -رحمه الله-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه)) يعني ينذر أن يعتكف صائماً أو يصوم في اعتكافه، رواه الدار قطني والحاكم والراجح وقفه أيضاً، أما بالنسبة للمرفوع فهو ضعيف، المرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو ضعيف، وأما كونه من قول ابن عباس، عند الدار قطني والحاكم والمرجح أنه موقوف ورفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ضعيف، وأصح ما في الباب حديث عمر، أصح ما في الباب وجوداً صيام النبي -عليه الصلاة والسلام- أثناء اعتكافه، وعدماً حديث عمر أنه نذر أن يعتكف ليلة، وأما حديث عائشة وحديث ابن عباس فلا تقيم بهما حجة.

طالب:.........

 

ما في شيء يصح، النبي -عليه الصلاة والسلام- خرج من معتكفه سنة من السنوات واعتكف في شوال، الصيام في رمضان يجب لرمضان وليس للاعتكاف، إذا كان في رمضان فالصيام من أجل رمضان؛ لكن أنت افترض أنك سافرت مثلاً وأردت أن تعتكف في الحرم المكي أو المدني يوم واحد، تقول: أنا مسافر يوم واحد ما أنا بصائم، نعم، أنت يباح لك الفطر لأنك مسافر إلا على القول باشتراط الصيام في الاعتكاف....

"
يقول: ما الحكم من قطع فريضة الصيام وسافر لفعل سنة كالعمرة في رمضان، هل يجوز ذلك؟

إذا سافر من أجل العمرة يجوز له ذلك، أو سافر سفراً مباحاً يجوز له ذلك، أو سفر تجارة يجوز له؛ لكن لا يسافر من أجل أن يترخص.

يقول: إنسان مريض بفشل كلوي يصوم يوم ويفطر يوم لغيسل الكلى فماذا يفعل في اليوم الذي أفطره وهل يقضيه أم لا؟

إن أمكن قضائه فالواجب القضاء، وإن لم يمكن فالبدل، الإطعام.

يقول: إذا جامع في نهار رمضان هل يفطر بأن يأكل ويشرب أم يواصل صومه؟

عليه أن يواصل الصوم، عليه أن يواصل الصوم، كمن قدم من سفر وهو مفطر يلزمه عند أهل العلم.

يقول: الشهران المتتابعان هل يراد بهما ستين يوماً، أم يحسب شهرين قمرين من بداية الصوم، سواءً كان الشهر تسعة وعشرين أو ثلاثين؟

المراد أن يصوم شهرين متتابعين في الأهلة، سواءً كان الشهر ثلاثين أو تسعة وعشرين.

يقول: هل هناك فرق بين الأكل والشرب ناسياً في صيام الفرض والنفل، أم أن هذا خاص بالفرض فقط لظاهر الحديث؟

إذا جاز هذا في الفرض ففي النفل من باب أولى.

يقول: هل البخاخ عن طريق الأنف أو الفم يفطر؟

البخاخ إذا كان مجرد هواء لا يفطر؛ لكن إذا كان فيه مواد لها جرم تنساب إلى الجوف فهو مفطر.

هذا يقول: هل يمكن أن نقيس على من مات وعليه صيام؟

نعم يصوم عنه وليه، من مات وعليه صلاة هل يجوز أن يصلي عليه وليه؟ لا، القياس لا يرد في العبادات.

هذا يقول: بعض طلبة العلم يترك صيام التطوع من أجل ألا يضعف عن الطلب والحفظ، فهل لهذا وجه؟

أهل العلم ينصون على أن طلب العلم أفضل ما يتطوع به، فإذا كان الصيام يعوقه عن التحصيل، فالتحصيل مقدم عليه؛ لكن قد يكون هذا من تلبيس الشيطان عليه، وإلا فسائر التطوعات يعين بعضها على بعض، فالتطوع بالصيام يعين على طلب العلم، والتطوع بكثرة السجود يعين على طلب العلم، التطوع بالأذكار بتلاوة القرآن كل هذا مما يعين طالب العلم.

يقول: هل الأصل لطالب العلم أن يبدأ بحفظ كتب أهل العلم أم حفظ كتب الحديث كالكتب الستة وغيرها؟

على طالب العلم أن يعنى بكتاب الله -جلا وعلا-، وبعد ذلك المتون المعروفة عند أهل العلم في سائر الفنون على الترتيب المعتبر عند أهل العلم، ثم بعد ذلك يحفظ من العلوم كلها، وليكن بعد كتاب الله النصيب الأوفر لسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-.

يقول: ما رأيك بمن يغتر بأجر الصيام فيهتم بصيام عاشورا ويوم عرفة أكثر مما يهتم بصيام شهر رمضان؟

في الحديث الصحيح أن أفضل ما يتقرب به العبد ما افترضه الله عليه، ((وما تقرب إلي عبد بأحب إلي مما افترضته عليه)) فالفرائض أولى من غيرها، الفرائض أولى من غيرها؛ لأن النوافل قدر زائد على ما أوجب الله –عز وجل-، فإذا أخل بالفريضة عوقب على ذلك، لكن إذا أخل بالنافلة لم يعاقب.