المنهاج في شرح صحيح مسلم ابن الحجاج

تصنيف الكتاب
كشاف الكتاب

النووي رحمه الله ولد سنة إحدى وثلاثين وستمائة وتوفى سنة ستٍ وسبعين وستمائة، عن خمس وأربعين سنة، خلف فيها هذا العلم العظيم الذي يستفاد منه منذ تأليف هذه الكتب إلى يومنا هذا في مشارق الأرض ومغاربها، لا سيما الأذكار، ورياض الصالحين، وشرح مسلم، وشرح المهذب وهو كتاب عظيم، لو قُدِّر تمامه لأغنى عن كثير من كتب الفقه، هذه بركة من الله -سبحانه وتعالى- هذا القدر اليسير من العمر ينتج فيه هذا الإنتاج العظيم، مع أنه لم يكن يشغل جلّ وقته في التصنيف، وإنما عنده في اليوم الواحد اثنا عشر درساً، كما أن العبادة تأخذ من وقته الشيء الكثير، فهو معدود من العباد -رحمه الله-.
المؤلف -رحمه الله - شافعي المذهب، يرجح مذهب الشافعي غالباً، وينتصر له، وقد يرجح غيره لا سيما إذا قوي دليل المخالف، وهذا من إنصافه، أما في مسائل الاعتقاد فهو يقرر مذهب الأشاعرة في الصفات، ولا يسلك مسلك السلف في إمرارها كما جاءت.
شرح النووي على مسلم شرح نفيس لا يستغني عنه طالب علم؛ لإمامة مؤلفه، وحسن انتقائه وجمعه، وتنبيهاته العجيبة، ولطائفه النفيسة، وهو على اختصاره كتاب مبارك عظيم النفع، جمّ الفوائد، فيه فوائد وقواعد وضوابط وتحريرات وتحقيقات، لا توجد في غيره. وهو أحسن شرح لصحيح مسلم وبخاصة للطالب المبتدئ الذي عنده ما يؤهله لفهم الكتاب، فمن أراد أن يقرأ شروح الكتب الستة فالنصيحة أن يبدأ بشرح النووي على مسلم؛ لأنه كتاب سهل ميسر مختصر، بإمكان طالب العلم أن ينجزه في أقصر مدة، بحيث يتشجع - لسهولة قراءته- ويقرأ ثمانية عشر جزءًا في شهرين أو ثلاثة.
شرح النووي طبع مراراً، طبع في الهند سنة (1270 و1276هـ) طُبع خمس أو ست مرات في الهند إلى سنة سبعين بعد الثلاثمائة وهو يطبع في مجلدين، وطبعته المطبعة الكستلية في خمسة مجلدات، وهي التي اعتمد عليها أوائل المحققين مثل الشيخ أحمد شاكر وغيره، ثم طُبع في المطبعة البهية المصرية في ثمانية عشر جزءًا، في طباعةٍ فاخرة، وهي طبعة جيدة، وصحيحة في الجملة، لكنها لا تسلم من بعض الأخطاء، كأي عمل بشري.
 
الذي تقرر عندي من خلال المقابلة والموازنة في الدرس بين طبعات متعددة أن أجود الطبعات لشرح النووي على مسلم هي الطبعة الموجودة على هامش إرشاد الساري فإن وجدت الطبعة الخامسة _ وهي لا تكاد توجد - فبها ونعمت، وإلا فالسادسة، والسادسة في الغالب محررة متقنة، فالذي يصبر على قراءة الحواشي فالطبعة التي على هامش إرشاد الساري الطبعة السادسة، هذه أفضل طبعات شرح النووي على مسلم، الذي لا يصبر على قراءة ما طبع في حواشي الكتب، وهي شاقة ومتعبة ومملة، فعليه بالطبعة البهية المصرية، في ثمانية عشر جزءًا، وما صوّر عنها.