درجة أثر: "لو تمالَأَ عليه أهلُ صنعاء لقتلتهم جميعًا"

Question
ما صحة الحديث أن عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- قال في حادثةِ قتلٍ لشخصٍ قتله عدةُ أشخاصٍ في عهده: "لو تمالَأ َعليه أهلُ صنعاء لقتلتُهم به جميعًا"؟
Answer

في (موطأ الإمام مالك –رحمه الله-) قال: (وحدَّثني يحيى)، وهو ابن يحيى الليثي، وهو غير يحيى بن يحيى التميمي الذي يُخرَّج له في (صحيح مسلم) وغيره، فهو يحيى بن يحيى الليثي راوي (الموطأ) في أشهر الموطآت، ومعلومٌ أن الرواة عن مالك للموطأ سبعة عشر، وهي معروفة ومضبوطة برواتها، وأشهرها موطأ يحيى بن يحيى، وعليه الشروح المشهورة: (التمهيد)، و(الاستذكار) وغيرهما من الشروح المشهورة.

قال: (وحدَّثني يحيى عن مالك)، مَن الذي يقول: (حدَّثني يحيى عن مالك)؟ هذا في (الموطأ)، و(الموطأ) للإمام مالك، كيف يقول مؤلف (الموطأ) وهو الإمام مالك: (وحدَّثني يحيى عن مالك)؟! جرتْ عادة المتقدمين في التصنيف أن يُذكَر الراوي عن المصنِّف، فالراوي عن مالك هو يحيى في هذه الرواية، كما أن الراوي عن الإمام أحمد في (المسند) عبدُ الله ابنه، فتجد في (المسند): (حدَّثنا عبد الله قال: سمعتُ أبي)، و(المسند) للإمام أحمد! هذه طريقة المتقدمين، ومَن لم يعرف هذه الطرائق يأتي بالعجائب، فنفى بعضُهم أن يكون (الموطأ) لمالك، و(المسند) لأحمد، و(الأم) للشافعي؛ لأن الرواة يُذكرون فيها، قال: ليس من المعقول أن مالكًا يروي عن يحيى عنه، أو أن أحمدَ يروي عن ابنه عنه...إلى آخره، فالمقصود أن هذه طرائق المتقدمين، ومَن لم يستوعبها، ولم يتمرَّن عليها، يقع في مثل هذه الإشكالات.

وبعضهم يجتهد ويحذف اسم الراوي عن المؤلف كما فعل الشيخ أحمد شاكر في (المسند)، حذف عبد الله، وحذف الإمام أحمد؛ لأنه معروف أن التأليف للإمام أحمد، ولا شك أن هذا تصرُّف، وإن كان من الشيخ أحمد وهو مُحدِّث، لكن الأصل بقاء الكُتب على مراد مؤلفها، ومراد الأئمة منها، وما توارثه أهل العلم فيها، والله المستعان.

قال في (الموطأ): حدَّثني يحيى عن مالكٍ، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب: أن عمر بن الخطاب قتل نفرًا خمسةً أو سبعةً برجلٍ واحد، قتلوه قتلَ غِيلةٍ، وقال عمر: "لو تمالَأ َعليه أهلُ صنعاء لقتلتُهم جميعًا" [2/871].

وفي (صحيح البخاري): بابٌ إذا أصاب قومٌ من رجلٍ هل يُعاقب أو يُقتَص منهم كلهم،...وقال لي ابن بشار –يعني: محمد بن بشار (بُندار)-: حدَّثنا يحيى، عن عبيد الله، عن نافعٍ، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن غلامًا قُتِل غِيلةً، فقال عمر: "لو اشترك فيها أهلُ صنعاء لقتلتُهم"، وقال مغيرة بن حكيم عن أبيه: "إن أربعة قتلوا صبيًّا، فقال عمر مثله" [6896].

على كل حال الأثر صحيح مروي بأصح الأسانيد في (الموطأ) وغيره.