وصف سهل التستري بـ(الشيخ الكبير، الولي الشهير، العارف بالله الخبير)

Question
ورد في (مرآة الجنان) في سيرة أبي داود -رحمه الله- قوله: (وجاءه الشيخ الكبير، الولي الشهير، العارف بالله الخبير، سهل بن عبد الله التستري، فقال له: يا أبا داود)، ولم نعهد مثل هذه الأوصاف ذُكرتْ عن أحد من العلماء، فلماذا خُصَّ سهل بن عبد الله التستري بهذه الأوصاف؟ وهل يجوز إطلاقها على العلماء؟
Answer

على كل حال في عصر الصحابة -رضي الله عنهم-، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى آخر القرون المفضلة، لا نجد هذه الأوصاف والإغراق فيها، فإذا أُريد الحديث عن أبي بكر، أو عن غيره من الصحابة -رضي الله عنهم-، قيل: (قال أبو بكر -رضي الله عنه-)، أو (قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-)، أو (قال عثمان -رضي الله عنه-)، فقط، ثم بعد ذلك في عصر التابعين وُجدت الألقاب على خِفَّة، فيقال: (قال الإمام)، ثم مازال الأمر يزداد إلى أن وصل إلى وقتنا هذا، فصار الإنسان هو مَن يُبادِر بتلقيب نفسه، فكونه يُلقَّب من غير طوعه ولا اختياره ولا يؤثِّر فيه هذا اللقب، فهذا أمره سهل، لكن الإشكال في كونه يتأثَّر إذا لم يُلقَّب، أو يُبادِر بتلقيب نفسه.

وأما ما جاء في صفة سهل بن عبد الله التستري -رحمه الله-، فهو لا شك أنه من العُبَّاد والزُهَّاد المعروفين، وعنده شيء من العلم، ويوصف بأوصاف تدلُّ على الولاية، فقوله: (جاء الشيخ الكبير)، ما فيه إشكال، وقوله: (الولي الشهير)، هو موصوف بالولاية عند أهل العلم، لكن لا يَسلم من شيء مما يرتكبه بعض الصوفية من المخالفات، وإن كانت بالنسبة له ليست شطحات كبيرة كما عند الحلاج أو غيره، (العارف)، العارف هنا مرادف للصوفي، فالصوفي عندهم يُسمُّونه عارفًا، (العارف بالله الخبير)، يدلُّ على أنه من أهل علم الباطن في اصطلاحهم، بخلاف أهل علم الظاهر من الفقهاء والعلماء، فلا يُطلقون عليهم لفظ العارف؛ لأن علمهم في الظاهر، وهؤلاء علمهم باطن، فيُسمَّى عارفًا.

وعلى كل حال العالم والخبير بعلوم الأحكام من الحلال والحرام، لا بد أن يكون له نصيب من المعرفة بالعلم الباطن، الذي هو علم القلوب، وما يُصلِح القلوب، وما يُوثِّق الصلة بالله -جل وعلا-، وإلَّا لَمَا استحقَّ أن يُسمَّى عالمًا ولا عارفًا.