جاء في الحديث الصحيح: «ذاق طعم الإيمان مَن رضي بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولًا» [مسلم: 34]، وما معنى هذا الرضا؟ هل معناه أن ينطق بها بلسانه ويجعلها في ورده صباح مساء: (رضيتُ بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- رسولًا)؟ يقولها ويُكرِّرها، لكن العبرة بموافقة هذا الكلام لحاله، فالذي يرضى بالله ربًّا، هل يُقدِّم قول غيره أو طاعة غيره على طاعته؟ لا بد أن يُقدِّم طاعة الله على كل أحد، ولا يلتفت إلى طاعة أي مخلوق في معصية الله -جل وعلا-.
وكذلك إذا رضيتَ بالإسلام دينًا، وبما جاء به هذا الدين العظيم الكامل، فلا بد من موافقة هذا الكلام لحالك، فلا يأمرك وينهاك، وتخالف هذا الأمر، وترتكب هذا النهي، وتقول: (رضيتُ بالإسلام دينًا)!
وكذلك الرسول -عليه الصلاة والسلام- يأمرك، فتعصيه، وتزعم حبَّه، وتبتدع في حقِّه بدعًا ما أنزل الله بها من سلطان، وإذا ذُكر اسمه طربتَ وتمايلتَ، وإذا جاء العمل خالفتَ وعصيتَ، ويقول -صلى الله عليه وسلم-: «لا تطروني كما أَطْرَت النصارى ابنَ مريم» [البخاري: 3445]، وتغلو فيه بقولك وفعلك، ثم بعد ذلك تقول: (أنا أحب الرسول، وراضٍ به)! فلا بد من العمل الذي يُثبت صحة الدعوى، حتى تحصل على حلاوة الإيمان.
أما الكتب التي يُنصح بها فأولها: كتاب الله -جل وعلا-، فمَن قرأ كتاب الله على الوجه المأمور به، بالتدبُّر والترتيل فلا بد أن يجد حلاوة الإيمان وطعمه، ويزيد الإيمان واليقين في قلبه، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: مَن قرأ القرآن على الوجه المأمور به، فإنه يجد من زيادة الإيمان وطعم اليقين ما لا يُدركه إلا مَن فعله.
ومحبة الرسول -عليه الصلاة والسلام- تقتضي النظر في سيرته، وسنته، وأعماله، وأيامه، وغزواته، فإذا عرفنا حاله -صلى الله عليه وسلم-، واقتدينا به في سائر أحوالنا، أحببناه على الوجه المرضي، واقتدينا به، وسرنا على دربه ومنهاجه، وحينئذٍ نذوق طعم الإيمان.
وكتب ابن القيم وابن رجب -رحمهما الله- فيها العلاج لكثير من أمراض القلوب، والله المستعان.