شرح زاد المستقنع - كتاب الصيام (03)
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: وإن نوى حاضر وإن نوى حاضر صوم يوم ثم سافر في أثنائه فله الفطر، وإن أفطرت حامل أو مرضع خوفا على أنفسهما قضتاه فقط، وعلى ولديهما قضتا وأطعمتا لكل يوم مسكينا، ومن نوى الصوم ثم جن أو أغمي عليه جميع النهار ولم يَفق."
يُفِق.
"يُفِق جزءا منه لم يصح صومه لا إن نام جميع النهار ويُلزَم."
يَلزَم.
"ويَلزَم المغمى عليه القضاء فقط، ويجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب لا نية الفرضية، ويصح النفل بنية من النهار قبل الزوال وبعده ولو نوى إن كان غدا من رمضان فهو فرضيٌّ."
فهو فرضيْ فهو فَرْضِيْ.
"فهو فَرْضِيْ لم يجز."
يجزئه.
"لم يجزئه ومن نوى الإفطار أفطر."
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول: يسن لمريض يضره ولمسافر يقصر، تكلمنا على السفر لكن ما السفر المبيح للفطر؟ السفر المبيح للفطر، يقول القرطبي -رحمه الله تعالى-: اختلف العلماء في السفر الذي يجوز فيه الفطر بعد إجماعهم على سفر الطاعة كالحج والجهاد يعني سفر الطاعة كالحج والجهاد وطلب العلم وما أشبه ذلك محل إجماع على أن مَن سافر هذه الأسفار أنه يترخَّص، يقول ويتصل بهذين سفر صلة الأرحام وطلب المعاش الضروري؛ لأنه مأمور به أما سفر التجارات والمباحات فمختلف فيه والقول بالجواز أرجح والقول بالجواز أرجح، يعني السفر المباح سفر النزهة، مجموعة خرجوا في نزهة هل لهم أن يترخصوا أو لا؟ القول بجواز بالترخص لهم أرجح، وإن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يسافر سفرا إلا سفر طاعة، وأما العاصي في سفره فالراجح من قولي العلماء أنه لا يترخص في سفره فلا يفطر ولا يقصر هذا قول جمهور العلماء المالكية والشافعية والحنابلة من يعصي بسفره لا يجوز له أن يترخص وأما الحنفية فيجوزون له الترخص لأن الوصف الذي عُلِّق به سائر الرخص موجود وهو السفر ترخص ويأثم في سفره وكأن شيخ الإسلام رحمه الله يميل إلى قول الحنفية؛ لأن إباحة الرخص هذه حجة من يقول بأنه لا يترخص أن إباحة هذه الرخص بالنسبة له إعانة له على معصيته شخص خرج ليقطع الطريق أو ليسرق أو لأي أمر محرَّم كيف نخفِّف عنه كيف نخفِّف عنه بدلا من أن يصلي اربع ركعات نقول صلِّ ركعتين أخف لك وأيسر لأنك عندك مشقة وعندك سفر أو بدلا من أن تنزل من راحلتك مرتين وتصلي لا، صل مرة واحدة وامش تابع سفرك، هذا فيه إعانة له على المعصية، والله سبحانه وتعالى قد اشترط في إباحة أكل الميتة للمضطر ألا يكون باغيا ولا عاديا يعني لا يستعين بهذه الرخصة على معصية الله، فلعل المتجه في هذه المسألة قول الجمهور أنه لا يجوز له أن يترخص، هناك مسافة القصر ومدته هل للسفر المبيح للرخص مسافة محددة ومدة معينة أو هو مطلق كما جاء في النصوص من غير تحديد؟ نعرف أن جمهور العلماء ومنهم الأئمة على أن المسافة محددة والمدة محدودة وأكثرهم حدوا ذلك بأربعة برد بما يقرب من ثمانين كيلا، وأما المدة فمن أجمع على المقام في مكان أربعة أيام فليس له أن يترخص عند الأكثر، المقصود أن التحديد سواء كان في المدة أو في المسافة قول جمهور العلماء، ومن أهل العلم من أطلق وقال مادام الوصف باقيًا الذي عُلِّق عليه الترخص في النصوص فالحكم باقي، الشيخ رحمه الله الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاويه يقول قد كنت سابقا نعرف أن القول بإطلاق أو بمقتضى إطلاق النصوص وأن الترخص للمسافر مادام مسافرا مادام الوصف منطبقا قول لجمع من أهل العلم واختاره شيخ الإسلام رحمه الله تعالى، يقول الشيخ- رحمه الله تعالى- الشيخ ابن باز قد كنتُ سابقا أعتقد أن تحديد مدة الإقامة للمسافر في أثناء السفر ليس عليها دليل صريح من الكتاب ولا من السنة وكنت أفتي على ضوء ذلك بجواز القصر والفطر للمسافر إذا أقام في أثناء سفره لبعض الحاجات ولو أجمع على إقامة أكثر من أربعة أيام، ثم إنني أخيرا أرى من الأحوط للمسافر إذا أجمع الإقامة في أي مكان أكثر من أربعة أيام أن يتم ويصوم سدًّا لذريعة تساهل فيها الكثير من السفهاء بالقصر والفطر بدعوى أنهم مسافرون وهم مقيمون إقامة طويلة، يعني مقتضى كلام من يرى الإطلاق أنه إذا جاء إلى أي بلد للرزق أو لطلب العلم، وفي نيته الرجوع إلى بلده ولو بعد سنين أنه يترخص، يجمع، ويقصر، ويفطر، ويمسح، ثلاثة أيام بلياليها له ذلك؛ لأن الوصف موجود هو مسافر، إذن الوصف الأعم موجود، كل الناس مسافرين، نعم.
يقول الشيخ -رحمه الله- تعالى: هذا هو الأحوط عندي، سداً لهذه الذريعة، وخروجاً من خلاف أكثر أهل العلم القائلين بأن المسافر متى عزم على إقامة مدة تزيد على أربعة أيام فليس له القصر ولا الفطر في رمضان، والاحتياط في الدين مطلوب، والاحتياط في الدين مطلوب شرعاً عند اشتباه الأدلة أو خفائها لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)) وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)) هذا رأي الشيخ -رحمه الله- تعالى.
والفتوى بمثل هذا من باب السياسة الشرعية، ومن باب تحقيق المصلحة ودرء المفاسد؛ لأنه إذا صلى أربع ركعات لا يقول ببطلان صلاته أحد، وإذا صلى ركعتين جمهور أهل العلم على بطلان صلاته، فالأحوط له أن يعمل بمثل هذا القول فرحم الله الشيخ.
إذا صام المسافر إذا صام المسافر أجزئه الصيام، خلافاً للظاهرية الذين قالوا: إنه لا يصح صوم مسافر، فقولهم ضعيف، لماذا؟ لأنه ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صام في السفر في رمضان، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: ((غزونا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لست عشرة من رمضان فمنا من صام ومنا من أفطر فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم)) لكن ينبغي أن يقيد ذلك بما إذا لم يشق الصيام على المسافر، أما إذا شق عليه فالأولى له أن يفطر، وإذا زادت المشقة بحيث يتضرر من هذه المشقة فقد عصى، وأثم لما روى جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- خرج إلى مكة عام الفتح حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه ثم دعا بقدح من ماء فرفعه حتى نظر الناس إليه، ثم شرب فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام فقال: ((أولئك العصاة، أولئك العصاة)) رواه مسلم.
وثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ((ليس من البر الصيام في السفر)) فيحمل هذا على من شق عليه، وأما من لا يشق عليه الصيام فليفعل الأرفق به وهو الأفضل في حقه كسائر الرخص.
قول الظاهرية مستنده الصيام لا يجزئ، {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ} [سورة البقرة: 184]، يعني فيجب عليه عدة، وظاهر اللفظ أنه سواء صام أو لم يصم، صام أو لم يصم، عليه عدة، يلزمه عدة، إذا صيامه وجوده مثل عدمه، فلا يجزئه هذا الصيام، بل يلزمه القضاء، هذه حجتهم، والجمهور يقدرون، {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر} فأفطر، {فَعِدَّةٌ} أي فالواجب عدة من أيام أخر.
متى يفطر المسافر؟ شخص يبي يسافر يفطر قبل أن يخرج من بيته أو يفطر بالبيت أو إذا فارق القرية؟
هذه المسألة عملية، يعني وصل إلى المطار مثلاً، وبدء السفر من المطار هل نقول أنه مادام أزمع السفر، وعزم عليه، وبيقضي اليوم بيقضيه يأكل في بيته قبل أن يخرج؟
المسافر إنما يجوز له الفطر إذا تحقق فيه الوصف، وصف السفر، يعني إذا باشر السفر وشرع فيه وفارق الحضر، فأما مادام حاضراً غير مسافر فهو شاهد للشهر فلا بد من إمساكه.
وأما ما [رواه الترمذي وحسنه] عن محمد بن كعب قال: "أتيت أنس ابن مالك وهو يريد سفراً وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له: سنة؟ فقال: سنة ثم ركب".
هذا الحديث حسنه الترمذي، لكنه ضعيف، في إسناده عبد الله بن جعفر والد الإمام علي بن المديني وهو ضعيف.
وعلى كل حال الحكم معلق بالوصف وهو السفر، فما دام الوصف الذي علق عليه الترخص غير موجود فالأحوط عدم الترخص، وإن حسن بعضهم هذا الحديث وعمل به، فلا يقصر الصلاة ولا يجمع بين الصلاتين، ولا يفطر إلا إذا باشر السفر وسافر بالفعل والله أعلم.
مسألة المطار، المطار هل هو من البلد أو خارج البلد؟ يعني إذا وصل المطار يترخص وإلا ما يترخص؟ الآن، إلى الآن ما بعد باشر السفر، ما بدأ السفر إلى الآن، وإذا رجع قفل من سفره ووصل إلى المطار قيل: وصل البلد، فحكم المطار حكم البلد، ولا يترخص إلا إذا باشر الوصف.
بعد هذا ما أشار إليه المؤلف: وإن أفطرت حامل أو مرضع خوفاً على أنفسهما قضتاه فقط، وعلى ولديهما قضتا وأطعمتا لكل يوم مسكيناً.
الحامل التي تخشى ضرراً على نفسها، أو على حملها من الصوم ومثلها المرضع، إذا خشيت على رضيعها، لهما أن يفطرا كالمريض الذي يرجى برؤه، وعليهما القضاء لما أفطرتا من الأيام فقط، هذا إذا خشيتا على أنفسهما، لما روى أنس بن مالك الكعبي - رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (( إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة)) وضع عنه الصوم بمعنى أنه لا يطالبه بالصوم وقت السفر، لكن عليه أن يقضي، وضع عنه شطر الصلاة الرباعية تكون ركعتي، ((وعن الحبلى والمرضع الصوم)) فهي مشبهة للمسافر في جواز الفطر، لكنها لا تشبه المسافر في وضع شطر الصلاة عنها، فوضع عنهما عن الحبلى والمرضع الصوم مادامت متلبسة بالوصف الذي من أجله وضع الصوم، كالسفر فعلى هذا تقضي الحامل والمرض ما أفطرتا كالمسافر تماماً، والحديث رواه أحمد وأهل السنن بإسناد حسن، فدل على أنهما كالمسافر في الصوم تفطران وتقضيان.
وما يروى عن ابن عمر وابن عباس -رضي الله عنه-م أن على الحامل والمرضع الإطعام دون القضاء فهو قول مرجوح مخالف للأدلة الشرعية، مخالف للأصول، لماذا؟ لأن عذرهما مؤقت، ما هو مثل عذر من لا يرجى برؤه، هو ما يرجى برؤه، عذرهما مؤقت كالمسافر، ولا يصح إلحاقهما بالمريض الذي لا يرجى برؤه؛ لأن عذره دائم بخلافهما فهما كالمسافر.
نعم.
طالب:....
إيه.
طالب:...
وتخشى على نفسها وعلى ولدها أو لا تخشى؟ إذا وجدت الخشية وجد العذر، نعم. لكن إذا كانت لا تخشى يلزمها أن تصوم، إذا كانت الخشية يعني خفيفة ويمكن أن تحتمل، تحتملها ويحتملها طفلها فيما يقرره الأطباء يلزمها، وهذه لا نقول أنها مثل الذي سفره دائم، سفره دائم حكمه حكم الإقامة، هذه إقامتك، نعم، فمثل هذه لا بد لها في يوم من الأيام أن تكون غير متصفة بهذا الوصف، نعم، هنا يقول: إذا خافتا على أنفسهما قضتا من غير إطعام، وإذا خافتا على ولديهما قضتا، يعني أفطرتا وقضتا وأطعمتا لكل يوم مسكيناً.
النص هل فيه إطعام، وتفريق بين من خافت على نفسها؟ ((وعن الحبلى والمرضع الصوم)) فهل يلزمهما إطعام إذا خافتا على ولديهما؟ مقتضى القياس على المسافر أنه لا يلزم الإطعام، وأنه لا فرق بين أن تخشيا على نفسيهما أو على ولديهما.
بعد هذا نية الصيام يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: يجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب لا نية الفرضية.
وقبل ذلك: ومن نوى الصوم ثم جن أو أغمي عليه جميع النهار ولم يفق جزءا منه لم يصح صومه لا إن نام جميع النهار.
لم يصح صومه، نوى الصوم، ثم مع اللزوم جن - نسأل الله العافية - أو أغمي عليه، ولم يفق جزءاً منه، لم يصح صومه، لكن إن نام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس صومه صحيح وإلا باطل؟ نعم، صومه صحيح، لكنه وقع في عدة محظورات، وقع في محظورات من ترك للصلوات وهذا أمر يخشى معه رد صيامه، وإن كان صحيحاً يعني مجزئاً مسقطاً للطلب بمعنى أنه لا يؤمر بالإعادة، وفرق بين النوم وبين الجنون والإغماء، الجنون يرفع التكليف بخلاف النوم، الإغماء هل يلحق بالجنون أو بالنوم؟ أهل العلم فصلوا فقالوا: إن كان الإغماء أكثر من ثلاثة أيام فهو في حكم الجنون، بمعنى أنه لا يؤمر بقضاء، الإغماء يعني لو نفترض أن شخصاً أدخل العناية المركزة ولا يحس بشيء لمدة خمسة أيام أسبوع شهر أو أكثر، مايقال إذا أفاق لا يلزمه شيء، لا يلزمه قضاء شيء، لكن لو أغمي عليه يوم أو يومين يقضي ما فاته؛ لأن مثل هذا الإغماء، لأنهم جعلوا الثلاثة حد للكثرة والقلة فالقليل من الإغماء حكمه حكم النوم، والنائم يلزمه أن يقضي ما فاته، ومثله من أغمي عليه أقل من ثلاثة أيام، وأما من أغمي عليه أكثر من ثلاثة أيام وطال به الإغماء فحكمه حكم المجنون يرتفع عنه التكليف.
يلزم المغمى عليه القضاء فقط، يلزم المغمى عليه القضاء فقط.
ولو شخص ما نوى الصيام ثم نام يومين ثلاثة، يوجد هذا أحياناً، يوجد من ينام اليومين والثلاثة، وهذا مرض داء، هنا يلزمه القضاء؛ لأنه ما نوى، لكن لو نوى الصيام ثم نام إلى غروب الشمس خلاص انتهى، كما مر.
وقوله: يلزم المغمى عليه القضاء فقط، المغمى عليه عرفنا أنه إذا كان ثلاثة أيام فأقل، وقصة عمار وما جاء عن الصحابة في ذلك معروف، من أ راده راجع له الاستذكار لابن عبد البر -رحمه الله- تعالى.
يقول: ويجب تعيين النية من الليل لصوم كل يوم واجب لا نية الفريضة.
النية: وهي العزم على الصيام شرط لصحته كسائر العبادات، لحديث عمر -رضي الله عنه- في الصحيحين وغيرهما قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) يجب تعيينها وتبييتها من الليل لصوم كل يوم واجب، ولا يجزئ بدون نية، ولا يجزئ بدون نية؛ لأن النية شرط، كما أنه لا تجزئ النية من النهار؛ لأنه فاته جزء من وقت الصيام بدون نية.
لما روى ابن عمر عن حفصة - رضي الله عنهم-: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) [رواه أحمد وأصحاب السنن]، ليس معنى هذا أن ينوي الصيام من أول الليل، بل الواجب أن لا يطلع الفجر إلا وقد نوى لكي تشمل النية جميع أجزاء النهار، وهذا على اعتبار أن كل يوم من رمضان عبادة مستقلة فعلى هذا يلزمه النية لكل يوم على اعتبار أن رمضان كل يوم منه عبادة مستقلة فيلزمه لكل يوم نية، وإذا قلنا: أن الشهر صيام الشهر عبادة واحدة قلنا: يكفيه أن ينوي مرة واحدة في أول الشهر، وأنه سوف يصوم الشهر كله، ولا يلزمه تجديد النية، ولا شك أن مثل هذا هو المتجه؛ لأنه يستصحب النية، نعم، إن جاء بما ينقض هذه النية لا بد من استئنافها، لا بد من استئنافها.
اختار بعضهم أن ما يشترط فيه التتابع تكفي فيه النية في أوله ما لم يقطعه لعذر فيلزمه أن يستأنف النية.
وعلى هذا فإذا نوى الإنسان أول يوم من رمضان أنه صائم الشهر كله، فإنه يجزئه عن الشهر كله، ما لم يحصل عذر ينقطع به التتابع، كما لو سافر في أثناء رمضان فإنه إذا عاد يجب عليه أن يجدد النية للصوم، إيش معنى النية؟ هل معنى هذا أنه لا بد أن يقف لحظة من اللحظات ويجدد نية، ولا أبداً، مجرد قصد الصيام وأنه صائم غداً، وبعده إلى أن ينتهي الشهر هذه هي النية.
هذا بالنسبة للصوم الواجب، وأما بالنسبة لصيام النفل فتجوز نية صومه من النهار، شريطة أن لا يأكل أو يشرب أو يجامع قبل النية؛ لأنه ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث عائشة -رضي الله عنها-أنه دخل عليها ذات يوم ضحى فقال: ((هل عندكم شيء؟)) فقالت: لا، فقال: ((إني إذن صائم)).
يأتي إلى البيت بعد طلوع الشمس وبدء النهار يسأل عندكم فطور؟ والله ما جهزنا شيء وما عندنا شيء، يقول: صائم، إذا كان نفل لا بأس، هذا ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، دخل على عائشة ذات يوم -عليه الصلاة والسلام- ضحى فقال: ((هل عندكم شيء؟)) فقالت: لا، فقال: ((إني إذن صائم)). [رواه مسلم].
وعلى هذا فمن لم يعلم بدخول الشهر إلا بعد طلوع الفجر يجزئه أو لا يجزئه؟ يجب عليه أن يمسك عن المفطرات بقية اليوم؛ لكونه يوماً من رمضان، لا يجوز للمقيم الصحيح أن يتناول فيه شيء من المفطرات، لكن عليه القضاء؛ لكونه لم يبيت الصيام قبل الفجر.
قد يقول قائل: إن الصيام ترك للمفطرات وليس بعمل، فكيف يدخل في حديث: ((إنما الأعمال بالنيات))؟ فيجاب: أولاً: الترك عمل، الترك عمل، وإن أطلق أهل العلم أن التروك لا تحتاج إلى نية، يقول الشاعر:
لئن قعدنا والنبي يعمل |
| فذاك منا العمل المضلل |
قعدنا يعني تركنا العمل معه -عليه الصلاة والسلام- فذاك منا العمل المضلل.
فالترك مع العزم عليه ونيته، وقصده لا شك أنه عمل، عمل القلب، فسمى تركه للعمل عملاً، إضافة إلى ما ورد من حديث: ((لا صيام لمن لم يبيت النية من الليل)).
هنا مسألة أشار إليها المؤلف يقول: ولو نوى إن كان غدا من رمضان فهو فرضي لم يجزئه، إن كان غدا من رمضان فهو فرضي ما أعلن دخول الشهر في أول الليل، قال: أنا خلاص أنا بنام إن كان من رمضان فأنا بصوم، وإن كان ما هو من رمضان، فاستصحب هذه النية المترددة، فنام إلى الإقامة، إلى إقامة الصلاة، تجزئه هذه النية أو لا؟ هنا يقول: ولو نوى إن كان غدا من رمضان فهو فرضي لم يجزئه.
لماذا؟ لأن النية لا بد أن تكون مجزوماً بها بدون تردد، قصد العبادة لا بد أن يكون مجزوماً به، والتردد في النية يخالف القصد والعزيمة على الفعل، اختار شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى أن صيامه صحيح، لماذا؟ لأن تردده مبني على التردد في ثبوت الشهر، لا على التردد في الصيام، هو ما هو متردد في الصيام، هو عازم على الصوم، هو عازم على الصيام، لكن هل هو متردد في الصيام إن كان من رمضان؟ ليس هناك تردد، لكن التردد مبني على أمر آخر وهو ثبوت الشهر، فإن كان من الشهر فهو عازم على الصوم، فهل الجهة منفكة الآن؟ أو الجهة واحدة؟ هل نستطيع أن نقول: إن الجهة منفكة الآن؟ أو الجهة واحدة؟ هل نستطيع أن نقول: إن الجهة منفكة، فشخص عازم على الصيام، لكن التردد لأمر آخر لا يرجع إلى ذات الصيام، وإنما هو راجع إلى ثبوت الشهر، شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن الجهة منفكة، فكونه يتردد في ثبوت الشهر، غير كونه يجزم على الصيام.
يقول: ومن نوى الإفطار أفطر، ومن نوى الإفطار أفطر.
شخص صائم دخل بعد صلاة الظهر فطلب الغداء، نعم، فقالت الزوجة: والله ما عندنا شيء، قال: أجل بكمل، يصح صومه وإلا ما يصح؟ نعم؟ يصح وإلا ما يصح؟ ومن نوى الإفطار أفطر، عنده مطلق، سواءً كان في الفرض أو في النفل؛ لأنهم يفرقون بين ما بعد الزوال وما قبل الزوال، نعم، شخص نوى الصيام نفل، فلما صلى الظهر قال: أريد الغداء، قالوا ما فيه، بيفطر، لو وجد شيء أفطر، فنوى الإفطار، أو طلب الغداء فقدم له الغداء، فكأن الغداء ما أعجبه قال: أكمل الصيام بلا هذا الغداء هذا، نعم، هنا عندهم يفطر، ومن نوى الإفطار أفطر، لماذا؟ لأن الصيام يدخل فيه بمجرد النية، فيخرج منه بمجردها، لكن لو شخص توضأ وضوءاً كاملاً فأحس في شيء في بطنه، أو جاء إلى المسجد فقال: أبا أمر الدورة أجدد الوضوء، أنقض الوضوء وأجدده، ثم سمع الإقامة، قال: لا، أنقضه بعد الصلاة الآن يمكن تكبيرة الإحرام، ينتقض وضوءه وإلا لا؟ نوى النقض، نعم، يقولون: الذي يدخل فيه بالفعل ما يخرج منه إلا بفعل.
ومن نوى الإفطار في أثناء النهار أفطر؛ لأنه قطع نية الصيام، فما دام ناويا للصوم فهو صائم، وإذا نوى الإفطار أفطر، أي انحلت نيته ففسد صومه.
نعم.
طالب:...
إيه.
طالب:...
نية الأكل نقض للإفطار؛ لأن الأكل مخالف أو مناقض تماماً للصوم.
طالب:...
كيف؟
طالب:...
لكنه نوى يقطع الصيام، نوى قطع الصيام بالأكل، نوى قطع الصيام بالأكل، نعم.
طالب:...
إيه.
طالب: ....... رمضان ولم يبيت النية، فقال: سأصوم نفل ....... .
يعني هو كيف صام، فكيف نوى في أول النهار؟
طالب:...
إيه.
طالب:......
ويلزمه الإمساك.
طالب:...
لا، لا هو يلزمه، هذا واجب عليه أن يمسك، لو قال: ما دام أنا باقضيه ما هو بصاير عن الفرض، لماذا لا أنويه عن الاثنين مثلاً، أو قضاء، أو نذر أو ما أشبه ذلك؟ إذا ما يصلح لرمضان، ما يصلح لصوم الفريضة، إذن لا يصلح للنفل لأن الوقت محدد ما يستوعب غير رمضان، يعني وقت مضيق بقدر العبادة فلا يستوعب غيره، نعم.
طالب:...
إذا كان مجرد حديث نفس يعني ما تردد ولا شيء.
طالب:...
على كل حال مراتب القصد متفاوتة هناك الهاجس، هذا لا أثر له، نعم، وهناك الخاطر الذي يعرض بسرعة ويزول، هناك حديث النفس يتردد قليلاً يفطر أو ما يفطر، بمعنى أنه لا يمكث ولا يلبث، هذا معفو عنه، معفو عنه، لكن العزم والهم هذا الذي يقع به ما يقع.
على كل حال الفطر في رمضان عمداً من غير عذر على ما تقدم فيما ذكرنا في وجوب الصيام، وأن ترك الصيام خطر عظيم، وقد قيل بكفر تاركه، فالفطر في رمضان عمداً من غير عذر حرام إجماعاً، وكبيرة من كبائر الذنوب، على ما تقدم، صيام رمضان ركن من أركان الإسلام، [روى الإمام أحمد وأصحاب السنن] عن أبي هريرة مرفوعاً: ((من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر كله وإن صامه))، [وعلقه البخاري] وإن كان فيه ضعف، وعليه قضاء ما أفطره عليه قضاء ما أفطره، سواءً كان عن عمد، أو عن غير عمد، سهو، أو نسيان، أو غفلة، على كل حال النسيان له حكم آخر، إذا أفطر متعمداً يختلف حكمه إذا كان بعذر أو بغير عذر، والقضاء لازم له في الحالتين، إن كان بغير عذر مع الإثم، وإن كان بعذر لا إثم عليه من الأعذار التي تقدمت.
يجب عليه القضاء لعموم قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَر}[سورة البقرة: 184]، والآية وإن كانت في حق المعذور فغيره من باب أولى، و أما ما روى الدارقطني عن جابر، ((من أفطر يوما من شهر رمضان في الحضر فليهد بدنة فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا من تمر للمساكين)) [حديث ضعيف].
من رأى شخصاً يأكل في نهار رمضان، يعني يتناول مفطراً، يأكل أو يشرب ناسي، رأى شخص من طلاب العلم أو من العلماء يشرب، خلي المسألة مفترضة في الناسي تماماً، يعني ما يظن به أنه مفطر عمداً ومخالف مخالفة ظاهرة، يجب الإنكار عليه، ولا يقول قائل: إن هذا أطعمه الله وسقاه أتركه حتى يشبع؛ لأن الله أطعمه وسقاه، نعم، فمن رأى مسلماً في نهار رمضان يتناول مفطراً من أكل أو شرب أو غيرهما ناسياً أو متعمداً وجب الإنكار عليه؛ لأن إظهار ذلك في نهار رمضان منكر، ولو كان صاحبه معذوراً في نفس الأمر؛ لئلا يجترئ الناس على إظهار ما حرم الله من مفطرات في نهار الصيام، بدعوى النسيان، يعني لو ترك الناسي نعم، فكيف يترك المتعمد، وإذا كان لا يجوز ترك المتعمد فكيف نفرق بين المتعمد وغيره؟ إذن يجب علينا أن ننبه الجميع، وننكر على الجميع، وإذا كان من أظهر ذلك صادقاً في دعواه أنه ناس فلا قضاء عليه، لقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه)) [متفق عليه]، وهذا معروف خلاف مالك في هذه المسألة أن من أكل وشرب ناسياً أنه يجب عليه القضاء بدون كفارة، ومن أكل أو شرب متعمداً فعليه مع القضاء الكفارة، وهكذا المسافر ليس له أن يظهر تعاطي المفطرات بين المقيمين الذين لا يعرفون حاله، بل عليه أن يستتر بذلك حتى لا يتهم بتعاطيه ما حرم الله عليه، وحتى لا يجرؤ غيره على ذلك، وهكذا الكفار يمنعون من إظهار الأكل والشرب ونحوهما، بين المسلمين سداً لباب التساهل في هذا الأمر، ولأنهم ممنوعون من إظهار شعائر دينهم الباطل بين المسلمين، ووزارة الداخلية في كل عام إذا بقي على رمضان يومين أو ثلاثة تنبه، وأنه يلزم كف تعاطي المفطرات ولو من الكفار.
طالب: الحائض في بيتها؟
تأكل سراً، سراً نعم ما تظهر.
طالب:.....
لا شك أن المرأة عذرها غير عذر الرجل، يعني عذر المرأة أظهر من عذر الرجل، لكن لا يعدم من يتلبس أو من يتعذر بمثل عذرها من النساء، ولو كن غير صادقات، فعلى هذا تمنع من الأكل إلا عند من يعلم عذرها، يعلم عذرها كأمها وأختها يعرفون أنها معذورة فلا مانع.
ما يفسد الصوم نعم.
باب ما يفسد الصوم ويوجب الكفارة.
من أكل، أو شرب، أو استعطى، أو احتقن، أو اكتحل بما يصل إلى حلقه، أو أدخل إلى جوفه شيئاً، من أي موضع كان غير إحليله، أو استقاء، أو ستمنى، أو باشر فأمنى أو أمذى، أو كرر النظر فأنزل، أو حجم، أو احتجم، وظهر دم عامداً ذاكراً لصومه فسد لا ناسياً أو مكرهاً، أو طار إلى حلقه ذباب، أو غبار، أو فكر فأنزلن أو احتلم، أو أصبح في فيه طعام فلفظه، أو اغتسل، أو تمضمض، أو استنشق، أو زاد على الثلاث ، أو بالغ فدخل الماء حلقه لم يفسد، ومن أكل شاكاً في طلوع فجر صح صومه، لا إن أكل شاكاً في غروب الشمس، أو معتقدا أنه ليل فبان نهاراً.
الذي يفسد الصوم الأكل والشرب والجماع وما في حكمها فيفسد الصوم بالأكل والشرب والجماع عمداً بالإجماع باتفاق أهل العلم، وقد أشار الله -سبحانه وتعالى- إلى أصول هذه الأشياء التي ذكرها المؤلف في قوله عز وجل: {فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} [سورة البقرة:187]، فالآن باشروهن، وكلوا واشربوا، إلى الغاية المحددة حتى يتبين لكم الخيط، يعني حتى يطلع الفجر، مفهومه أنه إذا طلع وجاءت الغاية أنه لا يجوز لكم أن تباشروهن، ولا أن تأكلوا، ولا أن تشربوا، فهذه أصول المفطرات، فالأكل إدخال الشيء إلى المعدة عن طريق الفم نافعاً كان أو ضاراً، يعني مغذياً أو غير مغذياً يعني لو أكل تراب أو أكل حصى سمي آكل ما دام من طريق الفم، والشرب إدخال السائل إلى المعدة من طريق الفم نافعاً كان أو ضاراً، فالمدخل المعتاد أكل وشرب، إن كان سائل فشرب، وإن كان غيره فأكل، من غير نظر إلى وصف آخر، النفع والضر تغذية وغيرها، لا، على حد سواء، هذا في المدخل المعتاد.
لكن لو دخل إلى جوفه أو إلى بدنه من غير المدخل المعتاد هذا محل الكلام.
الحق العلماء بالفم كل منفذ إلى المعدة كالأنف مثلاً، بدليل قول النبي -عليه الصلاة والسلام- للقيط بن صبرة: ((وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً)) فدل على أن الأنف منفذ كالفم، وهذا يدل على أن الصائم لا يبالغ في الاستنشاق؛ لأن المبالغة في الاستنشاق سبب لوصول الماء إلى المعدة، واستثناء الصائم يدل على أن الأنف منفذ فدل على أن كل ما وصل إلى المعدة عن طريق الأنف فإنه مفطر، ولذا قال: من أكل أو شرب أو استعط أو احتقن، وإذا كان هذا في الاستنشاق فالمبالغة في المضمضة منهي عنها بالنسبة للصائم من باب أولى؛ لأن الأنف صار مدخلاً بالإلحاق، وإلا المدخل الحقيقي هو الفم، المدخل الحقيقي إلى الجوف هو الفم، وألحق به الأنف كما جاء في الحديث إلحاقا، وإلا فليس بمنفذ أصلي، والحديث يدل على أنه منفذ، فإذا منع الاستنشاق والمبالغة فيه بالنسبة للصائم فلأن تمنع المضمضة أو المبالغة فيها، المبالغة في المضمضة من باب أولى؛ لأن هذا هو المنفذ الحقيقي، فعلى الصائم ألا يبالغ في الاستنشاق، ولا يبالغ في المضمضة، ولقائل أن يقول: المبالغة في المضمضة تختلف عن المبالغة في الاستنشاق، لماذا؟ لأنه في المبالغة في الاستنشاق لا يستطيع السيطرة على هذا المنفذ، بينما المبالغة في المضمضة مع إمكان السيطرة، فالسيطرة على الفم ممكنة بخلاف السيطرة على الأنف، ولذا جاء النهي عن المبالغة في الاستنشاق دون المبالغة في المضمضة، وعلى كل حال على المسلم أن يحتاط لدينه.
يلحق بالاستنشاق الاستعاط لتقول: أو استعط، والاستعاط ما يصل إلى الجوف عن طريق الأنف، هذا ملحق بالاستنشاق.
يقول الإمام البخاري -رحمه الله- تعالى في صحيحه: باب قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء)). ولم يميز بين الصائم وغيره، وقال الحسن: لا بأس بالسعوط للصائم إن لم يصل إلى حلقه ويكتحل.
الإمام البخاري حينما يترجم بقوله: باب قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إذا توضأ فليستنشق بمنخره الماء)). ولم يميز بين الصائم وغيره.
إشارة إلى أن الحديث حديث لقيط لم يثبت على شرطه -رحمه الله-، فأمرنا بالاستنشاق من غير تفريق بين حال الصيام وبين حال الإفطار، لكن حديث لقيط بن صبرة ما دام صالح للاحتجاج يقضي على مثل هذا العموم، ويخص بصائم، وقال الحسن: لا بأس بالسعوط للصائم إن لم يصل إلى حلقه، بهذا القيد، فيكون السعوط للصائم مع عدم الوصول إلى الحلق مثل الاستنشاق من غير مبالغة، لا بأس به، ويكتحل.
ولعل مراد الحسن -رحمه الله- أن لا يبالغ في الاستعاط؛ لأنه قيد الجواز بعدم وصوله إلى حلقه، ويدخل في كلامه استعاط ما لا جرم له، بل مجرد رائحة مثلاً، مجرد رائحة، يعني للصائم أن يتطيب ويتبخر، لكن لا يترك الدخان يصل إلى جوفه؛ لأنه له جرم.
أو اكتحل بما يصل إلى حلقه، على ما سيأتي في الكحل، وأما السواك نتابع الآن كلام البخاري -رحمه الله- متواصل، السواك مشروع للصائم في كل وقت، وإن قال أنه يكره السواك للصائم بعد الزوال، عندهم في المذهب كراهية السواك يعني كالشافعية الاستياك بعد الزوال لصائم مكروه عندهم؛ لأنه يزيل الرائحة التي هي أطيب عند الله من ريح المسك، لكن الصواب أن السواك مشروع للصائم في كل وقت، لعموم الأدلة، ((عند كل صلاة))، ((عند كل وضوء)) ويدخل في ذلك ما بعد الزوال كما أنه يدخل ما قبل الزوال.
يقول الإمام البخاري -رحمه الله- تعالى: باب السواك الرطب واليابس للصائم:
ويذكر عن عامر بن ربيعة قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يستاك وهو صائم ما لا أحصي ولا أعد.
يذكر عن عامر بن ربيعة، هذا تعليق بصيغة التمريض، والتعليق عند البخاري إما أن يصدر بصيغة الجزم قال فلان أو ذكر فلان، وإما أن يصدر بصيغة التمريض كما هنا، يذكر عن عامر بن ربيعة، وهذه الصيغة بمجردها لا تدل على ضعف، فقد علق أحاديث بصيغة التمريض وهي صحيحة.
قال: ((رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يستاك وهو صائم ما لا أحصي ولا أعد)). وقال أبو هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء))، يرد بهذا -رحمه الله- على من يفرق ويمنع الصائم من الاستياك بعد الزوال.
يروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يخص الصائم من غيره.
وأما حديث: ((إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه في العشي إلا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة)) [رواه الطبراني والدارقطني]. هذا حديث ضعيف لا يثبت به حكم، فعلى هذا يستحب للصائم كغيره السواك في كل وقت، وما ذكر من كونه يزيل الخلوف الذي هو أطيب عند الله من ريح المسك، كلام لا معنى له؛ لأن هذه الرائحة إنما تنبع من المعدة لا من الأسنان، ولا حرج في استعمال معجون الأسنان للصائم مع التحفظ عن ابتلاع شيء منه، كالسواك، السواك له أحياناً طعم، فالمعجون مثله، وعلى كل حال على الإنسان أن يحتاط فالأولى أن لا يستعمل المعجون، لكن إن احتاج إليه فلا مانع شريطة أن يحتاط لصيامه، يتحفظ عن ابتلاع شيء منه، أما مجرد تنظيف الأسنان بهذه المادة فحكمها حكم السواك.
والكحل يقول: أو اكتحل بما يصل إلى حلقه، أو أدخل إلى جوفه شيئاً من أي موضع كان غير إحليله، أو استقاء... إلى آخره.
الكحل سبق نقل البخاري عن الحسن: أن الصائم يكتحل، وقال البخاري أيضاً: ولم ير أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأساً. لماذا؟ لأن العين ليست منفذ، فلا يصل إلى الجوف ما يوضع في العين.
يقول شيخ الإسلام - رحمه الله تعالى - في حقيقة الصيام، رسالة في حقيقة الصيام: "وأما الكحل وأما الكحل، والحقنة، وما يقطر في إحليله، ومداواة المأمومة، والجائفة، -من أنواع الشجاج- فهذا مما تنازع فيه أهل العلم فمنهم من لم يفطر بشيء من ذلك، ومنهم من فطر بالجميع، والأظهر أنه لا يفطر بشيء من ذلك، فإن الصيام من دين الإسلام الذي يحتاج إلى معرفته الخاص والعام، فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله على الصائم لكان هذا مما يجب بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة وبلغوه الأمة، كما بلغوا سائر شرعه، وأما الحديث المروي في الكحل فضعيف، ومثل الكحل قطرة العين والأذن فإنهما لا تفطران الصائم، لكن قد يقول قائل: إذا اكتحلت أو قطرت في عيني، أو قطرت في أذني، قد أجد الطعم في الحلق، نعم قد يجد الطعم، إن وجد الطعم في حلقه فالقضاء في حقه أحوط، أحوط، الحقنة وهي إدخال الدواء عن طريق الدبر، أشار إليها شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى - في قوله: "وأما الكحل وأما الكحل، والحقنة، وما يقطر في إحليله... إلى آخره"، هو لا يرى أنه يفطر بشيء من ذلك.
الحنقة إدخال الدواء عن طريق الدبر فيها خلاف الذي أشار إليه شيخ الإسلام سابقاً، واختار أنها لا تفطر؛ لأنها لا يطلق عليها اسم الأكل والشرب لا لغة، ولا عرفاً، وليس هناك دليل في الكتاب والسنة أن مناط الحكم وصول الشيء إلى الجوف، ولو كان لقلنا: كل ما وصل إلى الجوف من أي منفذ كان فإنه يفطر، لكن الكتاب والسنة دلاَّ على شيء معين وهو الأكل والشرب.
وعلى كل حال كلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى - فيه قوة، وأدلته قوية، لكن الأحوط أن لا يحتقن الإنسان في نهار رمضان إلا في حال الضرورة القصوى، خروجاً من خلاف من قال بفطره، لا شك أن الدبر منفذ يصل إلى الجوف، لكنه ليس بأكل ولا شرب، ولا في معنى الأكل والشرب، مثل الحقنة، الإبر في الوريد والعضل إذا لم تكن مغذية فإنها لا تفطر الصائم؛ لأنها ليست بأكل ولا في معناه، لكن لو كانت مغذية صارت في معنى الأكل وإن لم تكن أكلاً، لكن تأخيرها إلى الليل أحوط، وأما الإبر المغذية فإنها تفطر الصائم لماذا؟ لأنها بمعنى الكل، والعبرة بالمعاني.
يقول: أو استقاء، وينه؟
طالب: أو استقاء استمنى
نعم أو استقاء استمنى أو باشر فأمنى.
القيء لا يخلو الصائم إما أن يستدعي القيء ويقيء عمد، أو يغلبه القيء ويذرعه، فإن ذرعه القيء وغلبه فلا يفطر، وإن استقاء عمداً فقد ورد في حديث أي هريرة في المسند والسنن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((من استقاء فليقض، ومن ذرعه القيء فلا قضاء عليه))، وهو حديث فيه ضعف، يقول الإمام البخاري -رحمه الله-:" لا أراه محفوظاً"، لا أراه محفوظاً، وأكثر العلماء على أن تعمد القيء يفسد الصيام، فعلى هذا لا ينبغي تعمده.
في صحيح البخاري: باب الحجامة والقيء للصائم، وقال لي يحيى بن صالح: حدثنا معاوية بن سلام، حدثنا يحيى، عن عمر بن الحكم بن ثوبان، سمع أبا هريرة -رضي الله عنه- قال: ((إذا قاء فلا يفطر إنما يخرج ولا يولج)). ويذكر عن أبي هريرة أنه يفطر والأول أصح.
في الصحيح في باب الحجامة والقيء للصائم، يقول الإمام البخاري: وقال لي يحيى بن صالح: قال لي متصل وإلا معلق؟ قال لي؟ متصل، لكن بعضهم يقول: إن هذه الصيغة يستعملها البخاري فيما تحمله بطريق المذاكرة لا بطريق التحديث، ولكن هذا القائل لا حجة له ولا دليل معه.
وقال لي يحيى بن صالح: حدثنا معاوية بن سلام حدثنا يحيى عن عمر بن الحكم بن ثوبان سمع أبا هريرة -رضي الله عنه-:(( إذا قاء فلا يفطر إنما يخرج ولا يولج)). ويذكر عن أبي هريرة أنه يفطر، والأول أصح، الأصح أنه إيش؟ لا يفطر.
وقال ابن عباس وعكرمة:" الفطر مما دخل وليس مما خرج". الفطر مما دخل وليس مما خرج.
هذه القاعدة المأثورة عن هؤلاء الذين ذكرهم الإمام البخاري -رحمه الله- تعالى أغلبية وليست كلية، بدليل أن الجماع لا يندرج فيها، نعم يفرقون بين الفطر والوضوء، يقولون: الفطر مما دخل، والوضوء مما خرج، الجماع ينقض هذه القاعدة وأكل لحم الجزور ينقض الشق الثاني من القاعدة، فهذه القاعدة لا شك أن البخاري - رحمه الله - نقلها عن ابن عباس وعكرمة، وعن أبي هريرة أيضاً، لكن هي قاعدة أغلبية وليست كلية.
يقول: أو احتجم، أو حجم أو احتجم
روى الإمام أحمد وغيره من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه-، نعم.
طالب:...
لعله هذا يأتي مع الجماع، يأتي مع الجماع.
روى الإمام أحمد وغيره من حديث شداد بن أوس -رضي الله عنه- قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) والحاجم من حجم غيره، والمحجوم من فعلت به الحجامة، والحجامة المراد بها إخراج الدم من المحجوم سواءً قل الدم أم كثر، وسواءً كانت في الرأس أو في الكتفين أو في أي مكان من البدن.
وحديث شداد بن أوس صححه الإمام أحمد والبخاري وشيخ الإسلام ابن تيمية وجمع من الحفاظ، وضعفه آخرون، وقال بموجبه جمع من الفقهاء، وقالوا: إن هذا من باب التعبد.
وروى الإمام البخاري في صحيحه أن أنس -رضي الله عنه- سئل: أكنتم تكرهون الحجامة للصائم؟ قال:" لا، إلا من أجل الضعف".
وأوضح شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الحكمة من ذلك فقال: "أما المحجوم أما المحجوم فالحكمة هو أنه إذا خرج منه الدم أصاب بدنه الضعف الذي يحتاج معه إلى غذاء لترتد عليه قوته؛ لأنه لو بقي إلى آخر النهار على هذا الضعف فربما يؤثر على صحته في المستقبل، فكان من الحكمة أن يكون مفطراً"، فعلى هذا لا تجوز الحجامة للصائم في الفرض إلا عند الضرورة، يعني أفطر يعني صار مآله إلى الفطر؛ لأنه يضعف، يضعف فيصير مآله إلى الفطر، وليس معناه فطراً حقيقياً.
وأما الحكمة بالنسبة للحاجم فقال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله-: "إن الحاجم عادة يمص قارورة الحجامة وإذا مصها فإنه سوف يصعد الدم إلى فمه، وربما وصل إلى حلقه، ونزل إلى جوفه وهو لا يشعر وهذا هو الغالب".
إذا الحجامة سواءً كانت من الحاجم أو المحجوم ليست مفطرة لذاتها، وإنما هي مظنة للتفطير، وإنما هي مظنة للتفطير وليست مفطرة.
جمهور العلماء ذهبوا إلى أن الحجامة لا تفطر الصائم، لما روى البخاري وغيره عن ابن عباس -رضي الله عنهما-: ((أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو صائم))، الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى - يرى أن حديث ابن عباس ناسخ لحديث شداد ابن أوس السابق: ((أفطر الحاجم والمحجوم)).
الشيخ -رحمه الله- الشيخ عبد العزيز - رحمة الله عليه - يرى أن الحجامة تفطر الصائم على الصحيح من قولي العلماء وحديث شداد بن أوس، حديث شداد بن أوس مصحح من قبل جمع من أهل العلم، وفي التصحيح بأنه يفطر، لكن إذا حمل على أنه مظنة على أن الحجامة سواءً كانت من الفاعل أو المفعول به مظنة للفطر، هذاك يؤول أمره المحجوم يؤول أمره إلى الفطر؛ لأنه يضعف، ثم يفطر، والحاجم قد يصل إلى جوفه شيء من دم الحجامة فيفطر، فهي مظنة للفطر فجعلت مكان فوضعت موضع المئنة، حكمها كالنوم، نعم، كالنوم بالنسبة للوضوء، النوم ليس بناقض بذاته، لكنه مظنة للنقض.
أوضح شيخ الإسلام -رحمه الله- تعالى الحكمة من ذلك فخلاصته أن المحجوم يضعف، فيؤول أمره إلى الفطر، والحاجم يصل إلى جوفه بسبب مص القارورة شيء من الدم فيفطر، وعلى كل حال فالخلاف في الحجامة قوي؛ لأن الحديثين ثابتان، سواءً كان حديث ابن عباس الذي فيه أن النبي -عليه الصلاة والسلام-أفطر وهو صائم، وحديث شداد ابن أوس الذي فيه: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) أيضاً ثابت عند جمع من أهل العلم، وإن كان حديث ابن عباس أقوى، وعند المعارضة يرجح عليه حديث ابن عباس، لكن مع صحة حديث شداد وثبوته فالأحوط للإنسان أن لا يحتجم وهو صائم، بل يحتجم في الليل إن احتاج إلى ذلك.
وذكر البخاري عن ابن عمر -رضي الله عنهما - أنه كان يحتجم وهو صائم، ثم تركه، فكان يحتجم بالليل واحتجم أبو موسى ليلاً.
وأبعد من زعم أن سبب حديث شداد بن أوس: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) من أجل أنهما كانا يغتابان الناس، قال ابن خزيمة: "جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه -صلى الله عليه وسلم- إنما قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنهما كانا يغتابان، قال: فإذا قيل: فالغيبة تفطر الصائم؟ قال: لا" يعني يقول: الحاجم والمحجوم يفطران، لماذا؟ لأنهما كانا يغتابان الناس، طيب الغيبة تفطر؟ يقول: لا، إذا كان الأصل لا يفطر فكيف بالفرع؟!
وهذا من أدب المناظرة، أن لا تحتج على أحد بشيء، لا يذعن لك بأصله، تثبت له شيء بقياس فرع على أصل وهو لا يعترف بالأصل فتقع في مثل هذا، نعم.
يعني لو قال قائل من المالكية، وهم لا يقولون بذلك، لكن للتنظير- لو قال قائل من المالكية: الجمار الذي سبق أن رمي بها لا تجزئ؛ لأنها مستعملة كالماء المستعمل، نقول: مذهبك أيها المالكي الأصل لا يعترف به، الماء المستعمل عنده طهور، عند مالك، فكيف تقيس فرع على أصل ليس بثابت عندك، وعلى هذا ينبغي أن لا يطرح أيضاً هذا في المناظرة، لو أن حنبلياً أو شافعياً قال للمالكي: يا أخي الجمار المستعملة لا يجوز استعمالها قياساً على الماء، يقول لك: أنا لا أوافقك في الأصل فضلاً عن الفرع، فمثل هذا فيما ذكره الإمام ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- يقول: "جاء بعضهم بأعجوبة فزعم أنه - صلى الله عليه وسلم- إنما قال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لأنهما كانا يغتابان الناس، قال: فإذا قيل: فالغيبة تفطر الصائم؟ قال: لا" وعلى كل حال فالقول بالنسخ له وجه، يعني مثل ما قال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى - لا سيما مع ما ورد من حديث أبي سعيد، قال: ((أرخص النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحجامة للصائم))، وإسناده صحيح، فوجب الأخذ به؛ لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، [والحديث مخرج في النسائي وابن خزيمة والدارقطني، قال ابن حجر: ورجاله ثقات].
عرفنا أن رأي الشيخ - رحمه الله تعالى - الشيخ عبد العزيز أن الحجامة إيش؟ تفطر الصائم على الصحيح من قولي العلماء، هذا كلامه -رحمه الله-.
يقول -رحمه الله-: "يقاس على الحجامة ما كان بمعناها مما يفعله الإنسان باختياره، فيخرج منه دم كثير يؤثر على البدن ضعفاً فإنه يفسد الصوم كالحجامة؛ لأن الشريعة الإسلامية لا تفرق بين الشيئين المتماثلين، كما أنها لا تجمع بين الشيئين المتفرقين".
التبرع بالدم الكثير الذي يؤدي إلى ضعف البدن يفطر كالحجامة، هذا عند الشيخ، وأما الذين يقولون بأن الحجامة لا تفطر فعندهم هذا من باب أولى.
وقال: "لا حرج على الصائم في تحليل الدم عند الحاجة إلى ذلك، ولا يفسد الصوم بذلك، أما التبرع بالدم فالأحوط تأجيله إلى ما بعد الإفطار؛ لأنه في الغالب يكون كثيراً فيشبه الحجامة.
إذا طار إلى حلق الصائم ذباب أو غبار، يقول:
وإن طار إلى حلقه ذباب، أو غبار، أو فكر فأنزل، أو احتلم، أو أصبح فيه طعام فلفظه، أو اغتسل، أو تمضمض، أو استنشق، أو زاد على ثلاث أو بالغ فدخل الماء حلقه لم يفسد صومه.
إذا طار إلى حلق الصائم ذباب أو غبار فإنه لا يفطر؛ لأنه بغير قصد، لكن إن أمكنه إخراجه كما لو طار إلى أقصى الفم فإنه يمكنه إخراجه فعليه أن يخرجه بقدر استطاعته فإن فرط فتركه يذهب مع قدرته على إخراجه يفطر وإلا ما يفطر؟ يفطر، وأما لو ذهب إلى الحلق فإنه لا يمكنه أن يخرجه إلا مع تعمد القيء لذا فإنه يعفى عنه، ومثله الغبار.
البخاخ في الأنف، عند الضرورة قالوا: لا بأس به؛ لأنه ليس له هناك جرم يذهب إلى الجوف، هو مجرد يساعد على فتح الشرايين، وليس له جرم ينزل، لكن إن كان له جرم، يوجد له طعم أو جرم يصل إلى الجوف فإنه يفطر، وإن أمكن تأجيله إلى الليل فهو أحوط، وإن لم يمكن ذلك فلا حرج، يعني لا سيما عند الحاجة والضرورة إليه، بعض الناس ينكتم لا بد أن يوضع له شيء من البخار، قال الله -سبحانه وتعالى-: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [سورة الأنعام:119]، ومع كون الأنف منفذ ونهينا عن المبالغة في الاستنشاق إلا أن البخاخ يختلف عن الماء؛ لأن البخاخ لا جرم له في الغالب، إن وجد هناك أدوية وأشياء لها جرم تنزل مع هذا البخار فإنه يفطر.
تغيير الدم بالنسبة لمريض الكلى، - نسأل الله العافية والسلامة - وهو صائم قالوا: يفطر الصائم، ويلزمه القضاء، بسبب ما يزود به من الدم النقي، وما يضاف إليه إن وجد، طريقة الغسيل يخرجون الدم، نعم، ويصفى وينقى ويضاف إليه غيره، فإن وجد مثل هذا فإنه يفطر.
وأما الجماع في نهار رمضان، وما يلحق به من الاستمناء، والمذي، وما أشبه ذلك كل هذا يأتي إن شاء الله غداً.
طالب:...
نعم، من أكل شاكاً في، نعم.
طالب:...
آخر مسألة: "من أكل شاكاً في طلوع فجر" نعم، قالوا: "صح صومه" لماذا؟ لأن الأصل بقاء الليل، نعم وإذا أكل شاكاً في غروب الشمس، نعم، بطل صومه لماذا؟ لأن الأصل بقاء النهار.
هذه المسألة، من أكل شاكاً في طلوع الفجر يصح الصيام؛ لأن الأصل بقاء الليل، من أكل شاكاً في غروب الشمس فإنه فإن، صومه لا يصح، ودليل ذلك حديث أسماء بنت أبي بكر- رضي الله عنه-ما قالت: ((أفطرنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم- يوم غيم ثم طلعت الشمس، ثم طلعت الشمس قيل له قيل لهشام راوي الحديث فأمروا بالقضاء؟ قال بُدٌّ من قضاء؟ يعني لا بد من القضاء مع أن الروايات اختلفت في ذلك جاء في بعضها أنهم لم يؤمروا بقضاء وعلى كل حال الأصل بقاء النهار وقضاء مثل هذا اليوم أحوط قضاء مثل هذا اليوم أحوط.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
"نعلم أن هناك من الأحكام الشرعية ما شُرِع لعلة ارتفعت هذه العلة وبقي الحكم فقولهم العلة الحكم يدور مع علته وجودا وعدما أولا هذا في العلل المنصوصة لا العلل المستنبطة والعلة المنصوصة في مثل هذا هي السفر، وكانت العلة في أول الأمر وجود الخوف للترخص في قصر الصلاة وجود {إِنْ خِفْتُمْ} [سورة البقرة:229] فارتفعت هذه العلة وبقي القصر صدقة تصدق الله بها، فالعلة التي يدور معها الحكم وجودًا وعدمًا هي علة المنصوصة وأما العلل المستنبطة تبقى مجرد اجتهاد ممن استنبطها ولا يدور معها الحكم، وهناك من الأحكام الشرعية ما ثبت لعلة وارتفعت العلة وبقي الحكم الرمل في الطواف ما فيه أحد يقول إن المسلمين يقدمون وقد وهنتهم الحمى ومع ذلكم بقي حكم الرمل سنة ومثله قصر الصلاة في السفر كانت العلة الخوف ارتفعت العلة وبقي الحكم.
يعني وما حكم الخطوط التي في المساجد؟ الحكم واحد وما حكم الخطوط التي توضع في المساجد من أجل استقامة الصفوف؟ هذه دعت إليها الحاجة أقول دعت إليها الحاجة ولا مفسدة دعت إليها الحاجة ولا مفسدة، قد يقول قائل كانت الحاجة داعية في عصره -عليه الصلاة والسلام- فلم توجَد فهي داخلة في حيِّز البدع فيما قرره أهل العلم، نقول الوضع يختلف تماما كانت الاتصالات كالمجتمع صغير جدًا في عصره -عليه الصلاة والسلام- ويرون الشمس ويرون الفجر طلوعًا وغيابًا أما الآن من يرى الصبح ومن يرى طلوع الشمس ومن يرى غروب الشمس؟ لا بد من شيء ينبه الناس على ذلك وهذا مصلحة محضة ولا مفسدة فيه بوجه من الوجوه، والشرع جاء بتحصيل المصالح أما بالنسبة للخط المحاذي للحجر لا شك أنه ترتب عليه بعض المفاسد وهو يحقق مصلحة إذ كثير من الناس لا يستطيع تحقيق المحاذاة ولا يتمكن منها ولا يعرف كيف يحاذي فهذا من باب التيسير على الناس، وقد سأل سائل جادّ أنه ابتدأ الطواف يقول أسوق السؤال بلفظه لتعرفون مدى الجهل الذي حاق بالناس، ابتدأ الطواف من رجل إسماعيل رجل إسماعيل؟! شوف عاد الجهل المركَّب الجهل المركَّب من رجل إسماعيل! وين رجل إسماعيل هذي؟! هل هو المقام أو الحجر أو وش يصير؟! يعني مثل من سأل مدرس سأل الطلاب أول من أسلم من الموالي فقال عائشة بنت خويلد!! ابتدأ الطواف من رجل إسماعيل الناس يحتاجون إلى من يرشدهم إلى مثل هذه الأمور، نعم ترتب عليه ازدحام ترتب عليه أمور رتب عليه أحكام لكن لعل هذه المفاسد مغمورة في سبيل تحصيل المصلحة والطواف ركن، ركن من أركان المناسك سواء في الحج أو العمرة، أما بالنسبة للمدافع التي تطلق عند وقت اللزوم ووقت الإفطار فهذا مصلحة محضة والناس بحاجة إليها مثل ما قلنا أن الناس لا يعرفون متى تغيب الشمس ومتى يطلع الفجر هم بحاجة إلى من ينبههم.
طالب: ........
الكلام على بداية السحور وما كل يسمع الأذان، ترى ما كل يسمع الأذان في من خلال هذا الصخب وهذه الضوضاء وهذه ما كل الناس يسمعون الأذان، وهذا مجرب يعني من يسمع الأذان يعني في نجد المساجد كثيرة ولله الحمد لكن في غيرها.
طالب: ........
هذا رأيه رضي الله عنه هذا رأيه رضي الله عنه مادام ملزَم بالقضاء فلا يجوز الجمع بين البدل والمبدل لكن عموم قوله تعالى {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَفليصمه} [سورة البقرة:185] يلزمه بالإمساك.
لا يجوز التعرُّض للحية بشيء بل يجب أن تبقى كما هي وهذا من اجتهادات ابن عمر التي خالف فيها الثابت عنه -عليه الصلاة والسلام- والعبرة بما رُفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فعنه يؤخذ الشرع.
يُنصَح طالب العلم بالاعتصام بالكتاب والسنة والجد والاجتهاد والحرص على ما ينفع من علم وعمل.
على كل حال هو قول من أقوال أهل العلم، والراجح ثبوت العدل لمن لم يطق الصيام.
لا، ليس مرد الاختلاف إلى صعوبة الاتصال وبلوغ الأخبار، مرد الاختلاف إلى أنه هل تلزم رؤية الهلال في بلد ما جميع من يلزمه الصيام فيجب عليه الصوم أو أن لأهل كل بلد رؤيتهم، ولا شك أن الهلال يُرى في بلد ولا يرى في آخر هذا شيء متفق عليه بل هو من الأمور المحسوسة، فليس مرد القول باختلاف المطالع هو عدم بلوغ الأخبار بلوغ الأخبار لا أثر له.
يعني تأخرت الرؤية عندنا في الرياض مثلا وسافر إلى بلد آخر تقدمت رؤيتهم فأفطروا قبلنا مثلا هو عليه أن يصوم مع الناس ويفطر مع الناس لكن إن صام تسعة وعشرين يوما كفاه وإن نقص صيامه لزمه قضاء يوم لأن الشهر لا ينقص عن تسعة وعشرين.
لا يلزمه القضاء لا يلزمه القضاء.
طالب: ........
هم يطردون المسألة في من ليس بأهل ثم صار أهلا إذا طهرت الحائض أو بلغ الصبي أو أسلم الكافر في أثناء النهار يلزمه الإمساك ويلزمه القضاء هم يطردون هذا.
طالب: ........
كيف؟
طالب: ........
حتى الكافر لأنه صيام نصف يوم ما هو بشرعي.
طالب: ........
صيام نصف يوم ليس بشرعي حنا قلنا يلزمه صيام هذا اليوم؛ لأنه أسلم في هذا اليوم وصار مكلَّفًا بالصيام وصيام نصف يوم ليس بشرعي وبالنسبة للصبي.. كيف؟
طالب: ........
تسأل عن المسألة على ما قاله المؤلف والا تسأل عن حكم..
طالب: ........
لا، الراجح بالنسبة للصبي لا يلزمه القضاء لأنه أُمِر أو جاء بما أُمِر به اتقى الله وامتثل ما أُمِرَ به وجاء بالعبادة على وجهها وصيامه صحيح في حال الصِّبى فليكن صحيحا في حال التكليف هذا بالنسبة للصبي وأما الحائض فلا شك أنها تقضي قولا واحدا تقضي هذا اليوم والكافر إذا أسلم لا شك أن صيام نصف يوم ليس بشرعي هذا معروف الصبي أمسك من أول النهار ويختلف وضعه عن الكافر.
إذا كانت تشهد أنه رأته في الليلة الماضية فيلزمهم قضاء ذلك اليوم وإذا كانت تشهد أنها رأته في النهار فهو الليلة المقبلة ولا إشكال في هذا ما فيه فرق.