تنقيح الأنظار في معرفة علوم الآثار (19)
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف- رحمه الله تعالى- المتصل والموصول" تقدم الكلام في المرفوع والمسند مما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقد يكون المرفوع والمسند بسند متصل أو منقطع فقدم المتصل والموصول، قال: "هما ما اتصل إسناده إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أو إلى واحد من الصحابة" يعني ما يروى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- بسند متصل، أو ما يروى عن الصحابة بسند متصل، "بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تحمله بطريق معتبر من طرق التحمل" يسمى متصلا، مرفوع متصل، موقوف متصل، "وأما أقوال التابعين إذا اتصلت بالأسانيد بهم فلا يسمونها متصلة بل هي تسمى مقطوعة"، ما يضاف إلى التابعي يقال له مقطوع، ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يقال له مرفوع وما يضاف إلى الصحابي يقال له موقوف، ما يضاف إلى من دون الصحابي يقال له مقطوع، فإذا روي عن التابعي بسند متصل هل يقال متصل أو يقال مقطوع؟ لا شك أن الجهة منفكة، من حيث اتصال السند إلى الحسن أو إلى ابن سيرين أو إلى سعيد، اتصال السند يمكن أن يقال متصل، وباعتبار إضافته إلى التابعي يقال مقطوع في مقابل المرفوع والموقوف، فهل نستطيع أن نقول هذا أثر عن سعيد أو عن الحسن أو عن ابن سيرين متصل مقطوع؟ كما نقول متصل مرفوع، متصل موقوف، هل نستطيع أن نقول متصل مقطوع؟ "وأما أقوال التابعين إذا اتصلت الأسانيد بهم فلا يسمونها متصلة بل هي تسمى مقطوعة قال زين الدين" يعني الحافظ العراقي "وإنما يمتنع من هذا مع الإطلاق" يعني ما يقال متصل مقطوع، لكن لو قيل متصل إلى سعيد، متصل إلى الحسن، متصل إلى ابن سيرين هذا لا مانع منه؛ لأنه لا يوجد تنافر في اللفظ، لكن إذا قلنا متصل مقطوع تنافر لفظي هذا "ومن أجل ذلك رأوا ألا يطلق المتصل على المقطوع إلا مع التقييد أما مع الإطلاق فلا للتنافر والتناقض اللفظي" يعني لو قلت جاءني الطويل القصير هذا تنافر، لكن إذا عرف أن هذا الرجل الذي جاءك معروف لدى المخاطَبين بهذا الكلام أنه طويل بالنسبة لعمره مثلا، عمره مائة وقصير بالنسبة لقامته، عمره مائة وطوله متر، الطويل القصير تنافر لفظي لكن الجهة منفكة، يعني يمكن الطويل القصير بالنسبة لمن يعرفه لا يحصل عنده إشكال ولا تناقض باعتبار انفكاك الجهة، أما إذا كان الشخص لا يعرفه فسوف يحصل عنده هذا التنافر، وهذا التناقض ينفر من هذا الكلام ويرده على صاحبه { فَأَنَّهُۥ يُضِلُّهُۥ وَيَهۡدِيهِ } الحج: ٤ هذا فيه تنافر أو ما فيه؟ لكنه مع التقييد، لو لم يأت التقييد لحصل شيء من هذا التنافر يهديه إلى أي شيء؟ إلى عذاب السعير، هذا فيه تقييد وإلا لو قيل فأنه يضله ويهديه فقط لحصل التنافر، وأنت إذا قلت جاءني الطويل في عمره القصير في قامته أو العكس، طويل طوله متران وعمره خمسة عشر سنة قيدت، لا أحد يلومك كلامك صحيح، لكن الكلام في الإطلاق، وهنا "وإنما يُمتنع من هذا مع الإطلاق فأما مع التقييد فجائز شائع في كلامهم كقولهم هذا متصل إلى سعيد بن المسيِّب قال ابن الصلاح وحيث يطلق المتصل يقع على المرفوع والموقوف" يقع على المرفوع والموقوف بأن كان كل واحد من رواته قد تحمله ممن فوقه بطريق معتبَر من طرق التحمل" هو متصل سواء كانت الإضافة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أو الصحابي أو التابعي فمن دونه مع التقييد. الموقوف يقول: "هو ما قصرته على واحد من الصحابة قولا له أو فعلا أو نحوهما ولم يرفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-إذا قصرته على واحد من الصحابة تقول قال عمر، أو فعل عمر، أو قال أبو بكر، أو فعل عثمان، هذا موقوف لكن إذا أضفته إلى جميع الصحابة قال عبد الله بن شقيق لم يكونوا يعني الصحابة يرون شيئا من الأعمال تركه كفر إلا الصلاة هذا موقوف أو مرفوع؟ هو من حيث النسبة موقوف، ومن حيث حقيقة الحال أنهم لن يتفقوا على شيء ليس عندهم فيه شيء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو من هذه الحيثية له حكم الرفع ولذلك قال: "هو ما قصرته على واحد من الصحابة قولا له أو فعلا له أو نحوهما ولم يرفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- سواء اتصل إسناده إليه أو لم يتصل" يعني سواء كان هذا المضاف إلى الصحابي متصلا أو منقطعا يسمى موقوفا "وقال أبو القاسم الفوراني من الفقهاء الخراسانيين" الفقهاء معكم كتب؟
طالب: ..............
ننظر علامات الترقيم النقطتان أين هما؟
طالب: ..............
الفوراني، ما الطبعة التي معك؟
طالب: ..............
لا، أبو القاسم الفوراني هذا موجود عند ابن الصلاح وغيره، ما النسخة التي معك؟
طالب: ..............
ارفعه لكي أراه نعم لا، دار الكتب العلمية ما هي.. "قال أبو القاسم الفوراني من الخراسانيين النقطتان وُضعتا بعد قوله الفقهاء يقولون الأثر والأصل أن يقول: قال أبو القاسم الفوراني من الخراسانيين نقطتين الفقهاء يقولون الأثر ما روي عن الصحابة كأنه قال من الخراسانيين الفقهاء، يعني من فقهاء خراسان، "الأثر ما روي عن الصحابة هذا رأي الفقهاء"، وقيّده بعضهم بالشافعية، "الأثر ما روي عن الصحابة وقال زين الدين" يعني الحافظ العراقي "هذا مع الإطلاق وأما مع التقييد فيجوز في حق التابعين فيقولون هذا موقوف على ابن المسيب وفي كلام ابن الصلاح ما يقتضي أنه يجوز التقييد في غير التابعين أيضا فيقال هذا موقوف على الشافعي ونحوه" يختلفون في إطلاق الحديث والأثر والخبر، فمنهم من يرى أن الحديث خاص بالمرفوع والأثر بالموقوف والخبر أعم من ذلك، ومنهم من يقول أن الأثر يطلق على المرفوع والموقوف وكتب الآثار شاهدة بذلك، فيها الأحاديث المرفوعة والموقوفة، وإذا انتسب شخص إلى الأثر هل يقصد بذلك الانتساب إلى الآثار المرفوعة أو الموقوفة أو إلى الجميع؟ إذا قيل فلان الأثري.
يقول راجي ربه المقتدر |
|
عبد الرحيم بن الحسين الأثر |
الذي يعتني بالآثار هل همه الآثار الموقوفة أو المرفوعة؟ الأصل المرفوعة والموقوفة تبعا لها، الخبر أعم من ذلك، يعني يقال لمن يشتغل بالتواريخ مثلا إخباري؛ لأنه يهتم بالأخبار ومن الأخبار الأخبار المرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والموقوفة على الصحابة والتابعين ومن دونهم، كلها أخبار، "وفي كلام ابن الصلاح ما يقتضي أنه يجوز التقييد في غير التابعين أيضا" فيقال هذا موقوف على الشافعي ونحوه ثم إن الآثار نوعان أحدهما يعني ما يقوله الصحابة رضوان الله عليهم الأثر ما روي عن الصحابي كما قال أبو القاسم الفوراني "ثم إن الآثار نوعان منها ما لا يقال من قبيل الرأي ولا يدخله اجتهاد" قال "فذكر الإمامان أبو طالب والمنصور بالله عليهما السلام" لأنه فيه شوب زيدية وهؤلاء من أئمتهم "عليهما السلام أنه إن كان للاجتهاد فيه وجه صحيح أو فاسد فموقوف" يعني إن كان يمكن أن يقال بالرأي أو يستنبط من دليل فهذا موقوف "وإلا فمرفوع" يعني إذا لم يكن للاجتهاد فيه مجال فإنه مرفوع قال: "وهو قول أبي الحسين البصري" في كتابه المعتمد في أصول الفقه وهو من أئمة المعتزلة كما هو معروف "وهو قول أبي الحسين البصري والشيخ الحسن الرصاص" وهو من شيوخ الزيدية وله كتاب في أحكام القرآن "حكى ذلك المنصور بالله وصاحب الجوهرة وزاد المنصور بالله حكايته عن قاضي القضاة" أولا اللفظ فيه المحظور الشرعي عن التسمي بقاضي القضاة ونحوه، الأمر الثاني أن المحقق قال قاضي القضاة هو عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار بن الهمداني الاسترابادي أبو الحسن عبد الجبار وهو من رؤوس المعتزلة تولى القضاء بالري، هل اشتهر بقاضي القضاة؟ إنما المشتهر بقاضي القضاة وأقضى القضاة الماوردي كما هو معلوم، فيُرَاجع الشرح توضيح الأفكار، ينظر ما المراد بقاضي القضاة، "واحتج المنصور بالله على ذلك بأنه مقتضى وجوب تحسين الظن بالصحابة" إذا كان قول الصحابي مما لا مجال فيه للاجتهاد والرأي من الأخبار عن الأمور المغيبة أو فيه أجر ثابت معيّن محدد هذا لا يمكن أن يقال من جهة الرأي، هذا لا بد أن يكون عندهم فيه شيء مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- شريطة ألا يكون الصحابي قد عُرف بالتلقي عن أهل الكتاب، إذا عرف بالتلقي عن أهل الكتاب فعندهم أمور غيبية جاءت بها كتبهم فلا يكون مرفوعا حينئذ، "وذكر جماعة من العلماء منهم ابن عبد البر أنه في حكم المرفوع قالوا مثل قول ابن مسعود من أتى ساحرا أو عرافا فقد كفر بما أنزل على محمد" يعني ابن مسعود لا يمكن أن يقول هذا الكلام من تلقاء نفسه، "ترجم عليه الحاكم في علوم الحديث في باب معرفة المسانيد التي لا يُذكر سندها قلت وهذا المثال مما يظن أنه لا مدخل للرأي فيه وليس مما يُقطع به" لماذا؟ لأن هذا قد يدرك بالرأي، ذهب إلى كاهن كفر بما أنزل على محمد لماذا؟ لأنه تواطأ مع الساحر على الكفر، الساحر والكاهن إنما يستعملون ما يستعملون ويتقربون إلى الشياطين بالكفر، بالشرك الأكبر وإعانتهم وموافقتهم على ذلك كفر، فقد يقال هذا بالرأي فليس من المقطوع به أنه مما لا يقال بالرأي، "قلت وهذا المثال مما يظن أنه لا مدخل فيه للرأي وليس مما يقطع به" ليس مما يجزم به أنه ليس للرأي فيه مجال "وقد يؤخذ عن الصحابة ما يقطع به عن النبي -صلى الله عليه وسلم- مثل ما روى الأمير الحسين في الشفاء" شفاء الأوام في أحاديث الأحكام للتمييز بين الحلال والحرام وهذا مطبوع وللشوكاني حاشية عليه مطبوعة أيضا يقول "عن علي عليه السلام أن الحيض ينقطع عن الحبلى لأنه جُعل رزقا للجنين وإنما جعل هذا كالمرفوع حملا للصحابي على السلامة" الحيض ينقطع عن الحبلى لماذا؟ لأنه جعل رزقا للجنين، معلوم أن الجنين يتغذى بهذا فإذا حملت المرأة انقطع عنها الحيض إلا لعارض يأتيها الدم لعارض وحينئذ لا يكون حيضا، لكن هل الدلالة على أن الحائض الحامل أو الحبلى لا تحيض؛ لأنه رزق للجنين أو الدلالة على أنها لا تحيض؛ لأن الشرع جعل العلامة على برء الرحم أو براءة الرحم من الحمل هو الحيض؟ إذ لو كانت تحيض لما كان الحيض دليلا على براءة الرحم من الحمل، أيهما أوضح في الدلالة على عدم حيض الحبلى لأنه غذاء للجنين أو لأن الشارع جعل الحيض دلالة على براءة الرحم من الحمل أيهما أوضح؟
طالب: .............
هذه أوضح، هذه مستندة إلى نص وتلك مستندة إلى قد تكون عادة قد تكون توارث، يعني الناس توارثوا واستدلوا على انقطاعه في حال الحمل على أنه غذاء للجنين، "وإنما جعل هذا كالمرفوع حملا للصحابي على السلامة ولأن الظن يقضي برجحان رفعه وخالف ابن حزم وشنع في ذلك وشنع في ذلك وقال يحتمل أنه عن أهل الكتاب فقد صح «حدثوا عن أهل الكتاب ولا حرج» النوع الثاني ما يحتمل أنه قيل عن الرأي والاجتهاد ففيه قولان للشافعي الجديد منهما أنهما ليس بحجة" يعني قول الصحابي هل هو حجة أو ليس بحجة مسألة خلافية بين أهل العلم إذا لم يوجد مخالف للصحابي فهذا لا إشكال في حجيته، وإذا وُجد مخالف له من الصحابة فهذا لا إشكال في عدم حجيته، المسألة فيما إذا لم يوافَق ولم يخالَف، "الجديد منهما أنه ليس بحجة ذكره في الإرشاد والذي تقتضيه الأدلة أنه ليس بحجة وليس بذلك سنة صحيحة فأما ما روي من قوله -عليه الصلاة والسلام- «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم» هو حديث ضعيف متفق على ضعفه قال ابن كثير الشافعي وقال رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه قال ابن معين هو كذاب وقال السعدي ليس بثقة" مَن السعدي؟ "وقال السعدي ليس بثقة؛ لأننا لا نعدم من مبتدئي الطلبة من يمكن أن يقول هو الشيخ عبد الرحمن السعدي، يمكن يقال ويمكن يجرؤ على الكتاب من يترجم للشيخ هنا، كم قرنا بين المؤلف وبين الشيخ؟ المؤلف ابن الوزير توفي متى؟ سنة ثمانمائة..
طالب: .............
كم؟
طالب: .............
نعم، أكثر من خمسة قرون، نعم ثمانمائة وأربعين؛ لأنه وُجدت بعض التصرفات المشابهة لهذا التصرف، يعني يوجد من يجرؤ على الكتب، شخص يحقق كتابا له صلة بالبخاري وفي حديث أبي موسى «في آخر الزمان يكثر الهرج » هذا في البخاري، قال أبو موسى في البخاري أيضا والهرج بلسان الحبشة القتل، ترجم لأبي الموسى المديني في القرن السادس، ويوجد من هذا النوع أشياء كثيرة مضحكة وأشياء مقاربة لكنها ليست بصحيحة، لكن يوجد مثلا قبل بسنوات يسيرة يعني يمكن الإنسان أن يتجاوز عن مثل هذا الخطأ وهو خطأ بلا شك، شخص ترجم لشيخ الإسلام نقل لقول شيخ الإسلام من تفسير القرطبي لماذا؟ لأن القرطبي قال ولقد سمعت شيخنا أبا العباس مرارا يقول، يعني مثلما يقول ابن القيم يقصد شيخ الإسلام، قال هذا قول شيخ الإسلام والقرطبي قبل شيخ الإسلام كما هو معلوم، السعدي هو الجوزجاني، "ليس بثقة وقال البخاري تركوه وقال أبو حاتم حديثه متروك وقال أبو زرعة واه وقال أبو داود ضعيف وأبوه ضعيف أيضا وقد روي هذا الحديث من غير طريق ولا يصح شيء منها ذكر ذلك كله ابن كثير الشافعي في سننه على أحاديث المنتهى" سننه على أحاديث المنتهى ماهي سننه؟! ماالذي عندك؟
طالب: .............
ذكر ذلك ابن كثير في كلامه على أحاديث المنهى؟! نعم له تخريج أحاديث المنتهى، منتهى ابن الحاجب الأصلي، "وأما ابن عبد البر فاحتج به في التمهيد وسكت عنه فلعله رأى مجموع تلك الطرق يقوي متن الحديث أو عرف ذلك من الشواهد ما يقوي معناه" ولكن الحديث ضعيف باتفاق الحفاظ.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
طالب: .............
يعني مسكوت عنه يعني ما وافقه غيره من الصحابة ولا ظهر أحد يخالفه
طالب: .............
إذا خُولف ليس بحجة بالاتفاق، وإذا وافقوه فهو حجة؛ لأنه يكون بمثابة الإجماع.
"