جاء في الحديث «فيقال: أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة» [أحمد: 21393]، وكذلك قوله تعالى في آخر سورة الفرقان: {إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} [الفرقان: ٧٠]، فهل هذه الحسنات المُبّدَلة تضاعف -الحسنة بعشر أمثالها- أم لا؟ من أهل العلم من يرى أن هذه الحسنات المُبّدَلة عن سيئات مضاعفة كذلك -الحسنة بعشر أمثالها-، وإلى هذا يميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، ومنهم من يرى أنها لا تضاعف لأنه قال في الحديث هنا: «أعطوه مكان كل سيئة عملها حسنة» يعني واحدة، والبدل له حكم المبدل، فشيخ الإسلام –رحمه الله- ومن قال بقوله اعتمدوا ونظروا إلى سعة رحمة الله -جل وعلا- وعظيم منّه وعطائه، ومن رأى أنها لا تضاعف قال بأن عدله -جل وعلا - يقتضي أن تكون هذه الحسنة المبدلة بحسنة واحدة، إذ كيف يستوي من كان مشغولاً طول عمره بطاعة الله -عز وجل-، ومن كان مسرفاً عاصياً مفرطاً ؟!
وهذا هو الموافق لعدل الله -جل وعلا- وهو أن السيئة المبدلة بحسنة واحدة، والنصوص الشرعية تدل على التفريق بين من كان مستمراً على الطاعة ناشئاً فيها وبين غيره، كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يعجب ربك لشاب ليست له صبوة» [أحمد: 17371]، فهذا المقتضي لرحمة الله وعدله، وإن كان فضله وكرمه سبحانه لا يحده حد.