شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (31)

بسم الله الرحمن الرحيم

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:

تفــريعات

وَاخْتَلَفُوا إِنْ أَمْسَكَ الأَصْلَ رِضَا
فَبَعْضُ نُظَّارِ الأُصُوْلِ يُبْطِلُهْ
وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ فَإِنْ لَمْ يُعْتَمَدْ
وَاخْتَلَفُوا إنْ سَكَتَ الشَّيْخُ وَلَمْ
وَهْوَ الصَّحِيْحُ كَافِيًا وَقَدْ مَنَعْ
بِهِ (أبُو الْفَتْحِ سُلَيْمُ الرَّازِي)
كَذَا (أبُو نَصْرٍ) وَقال: يُعْمَلُ
وَالْحَاْكِمُ اخْتَارَ الَّذِي قَدْ عَهِدَا
حَدَّثَنِي فِي الْلَفْظِ حَيْثُ انْفَرَدَا
وَالْعَرْضِ إِنْ تَسْمَعْ فَقُلْ أَخْبَرَنَا
وَنَحْوُهُ عَنْ (ابْنِ وَهْبٍ) رُوِيَا
وَالشَّكُ فِي الأَخْذِ أكَانَ وَحْدَهْ
مُحْتَمَلٌ لَكِنْ رأى الْقَطَّانُ
فِي شَيْخِهِ مَا قَالَ وَالْوَحْدَةَ قَدْ
وَقَالَ (أَحْمَدُ): اتَّبِعْ لَفْظًَا وَرَدْ
وَمَنَعَ الإبْدَالَ فِيْمَا صُنِّفَا
بِأَنَّهُ سَوَّى فَفِيْهِ مَا جَرَى
بِأَنَّ ذَا فِيْمَا رَوَى ذُو الطَّلَبِ

 

وَالشَّيْخُ لاَ يَحْفَظُ مَا قَدْ عُرِضَا
وَأَكْثَرُ الْمُحَدِّثْيِنَ  يَقْبَلْهْ
مُمْسِكُهُ فَذَلِكَ السَّمَاعُ رَدّْ
يُقِرَّ لَفْظًا فَرآهُ الْمُعْظَمْ
بَعْضُ أولي الظَّاهِرِ مِنْهُ وَقَطَعْ
ثُمَّ (أبُو إِسْحَاقٍ الشِّيْرَازِيْ)
بِهِ وَألْفَاظُ الأَدَاءِ الأَوَّلُ
عَلَيْهِ أَكْثَرَ الشُّيُوْخِ فِي الأَدَا
وَاجْمَعْ ضَمِيْرَهُ إذا تَعَدَّدَا
أو قَارِئًا (أَخْبَرَنِي) وَاسْتَحْسَنَا
وَلَيْسَ بِالْوَاجِبِ لَكِنْ رَضِيَا
أو مَعْ سِوَاهُ؟ فَاعِتَبارُ الْوَحْدَهْ
اَلْجَمْعَ فِيْمَا أوْ هَمَ الإِْنْسَانُ
اخْتَارَ فِي ذَا الْبَيْهَقِيُّ وَاعْتَمَدْ
لِلشَّيْخِ فِي أَدَائِهِ وَلاَ تَعَدْ
الشَّيْخُ لَكِنْ حَيْثُ رَاوٍ عُرِفَا
فِي النَّقْلِ باِلْمَعْنَى، وَمَعْ ذَا فَيَرَى
بِالْلَفْظِ لاَ مَا وَضَعُوا فِي الْكُتُبِ

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإن الناظم -رحمه الله تعالى- لما تكلم على القسم الأول والثاني من أقسام طرق التحمل الثمانية….. الأول منها الأول والثاني ذكر تفريعات ثمانية تتعلق بالقسمين، يعني يشترك فيها القسمان، فلم يجعلها بعد الأول لتعلقها بالثاني كتعلقها بالأول، فالفرع الأول أشار إليه بقوله:

"واختلفوا" يعني أهل العلم "إن أمسك الأصل رضا" يعني مرضي رضًا مصدر، بمعنى اسم الفاعل أو اسم المفعول؟ بمعنى اسم المفعول، المرضي أصله مرضوين، نعم، اسم مفعول، يعني من ارتضاه أهل التحقيق،

واختلفوا إن أمسك الأصل رضا
ج

 

والشيخ لا يحفظ  ما قد عرضا
ج

هذا الرضا، أو ما قد عرضا عليه، يجوز هذا وهذا "واختلفوا إن أمسك الأصل رضا" بالضبط والثقة والإتقان "والشيخ -حينئذٍ- لا يحفظ ما قد عرضا" يعني الطالب، عليه الذي يقرأ عليه، ويعرض عليه حديثه، ولا هو ممسك أصله بيده، هل يصح السماع أو لا يصح؟ لأن الشيخ لا يخلو كما تقدم في حال العرض لا يخلو إما أن يكون حافظًا ضابطًا متقننًا لحديثه في صدره، هذا لا يحتاج إلى أصل؛ لأنه يحفظ حديثه، لكن إذا كان لا يحفظ حديثه، بل ضبط حديثه ضبط كتاب ودونه وأتقنه وحافظ عليه فلم يخرجه من يده إلا إلى ثقة يؤمن منه التحريف والتغيير، ومع ذلك لا يمسك الأصل بيده، وإنما يكل ذلك إلى طالب رضا ثقة، لا يغفل عن متابعة القراءة، فهو مرضي وموثوق، والناس يتفاوتون في هذا تفاوتًا كبيرًا على ما سيأتي في الفروع اللاحقة لا سيما الخامس.

ما الحكم إذا كان الشيخ لا يحفظ حديثه ولا يمسك هو بأصله وإنما وكل الإمساك -إمساك الأصل- إلى ثقة بجانبه؟ اختلف في ذلك أهل العلم

فبعض نظار الأصول يبطله
جج

 

...................................

يبطل هذا السماع، يبطل هذا الطريق؛ لأن وجود الشيخ حينئذٍ كعدمه، يعني يكفي الطالب إذا كان الطالب ثقة ومرضي وبيده أصل الشيخ فوجود الشيخ مثل عدمه؛ لأن الذي يرد على القارئ هو الطالب لا الشيخ "فبعض نظار الأصول" كإمام الحرمين الجويني والمازري، بل نقله الحاكم عن مالك وأبي حنفية؛ لما عرف من مذهبهما من التشديد في عدم الرواية من الكتاب، وأنهما لا يعتدان إلا بما حفظه الشيخ، ولا يعتدان بضبط الكتاب، هذا مذكور عن مالك وأبي حنفية، طيب، "فبعض نظار الأصول يبطله" ذكورا منهم إمام الحرمين الجويني والمازري، قال:

...................................
ج

 

وأكثر المحدثين يقبله
ج

بل هو الذي عليه عملهم كافة، الذي عليه عمل كافة الشيوخ من أهل الحديث، قد يقول قائل -وقد قيل-: إذا كان القول والخلاف في مثل هذه المسائل المتعلقة بعلم الحديث الخلاف فيها بين أهل الحديث والنظار وأهل الأصول الذين عنايتهم بالكلام، وما يتعلق به أكثر من عنايتهم بالنص، كيف ننصب خلافًا بين أهل الحديث أهل الشأن وبين غيرهم ممن صرح بقوله: إن بضاعته في الحديث مزجاة؟ وعنايته بعلم الكلام وما يتبعه، وتأثير علم الكلام في مؤلفاته ظاهر، بل في عقيدته، كيف ننصب الخلاف بين هؤلاء النظار وبين علماء الحديث؟ ونقل أقوال الأصوليين وهم نظار، وهم في الجملة في الأصل أهل كلام، كثير في كتب المصطلح؛ ولذا ينادي بعض طلاب العلم أهل الغيرة على العقيدة والسنة ينادي بتنظيف كتب علوم الحديث من المسائل الأصولية المتأثرة بعلم الكلام، وأن هؤلاء لا يستحقون أن يذكروا في كتب الحديث الذي معوله على أهله الأئمة، أئمة هذا الشأن، والحافظ العراقي وهو من أهل الحديث أثري.

يقول راجي ربه المقتدرِ
ج

 

عبد الرحيم بن حسين الأثري

هو من أهل الأثر، أهل الحديث، كيف ينصب الخلاف بين النظار وبين أهل الحديث؟ نعم؟

طالب:.........

هي ما هي بمسألة ثبوت خبر أو عدمه، المسألة خلاف بين إمام الحرمين وبين أئمة هذا الشأن مثلًا أو المازري متأثر بعلم الكلام، كلاهما متأثر، وكثيرًا ما تذكر أقوال الغزالي، وبضاعته في الحديث مزجاة، واعتماده على الموضوعات والضعيفة كثير، فكيف يقبل قوله في أصول هذا العلم؟! يعني إذا قبلنا قوله في أصول الفقه فكيف نقبل قوله في أصول الحديث؟! يعني دعوة قائمة، ولها بريق، ولها حظ من النظر في الظاهر، لماذا؟ لأننا إذا قللنا من قيمة من يشتغل بعلم الحديث من المتأخرين ممن فرغ نفسه لعلم الحديث وجعلناهم عالة على المتقدمين من الأئمة، وهم أهل حديث، يعني كثير من طلاب العلم في دعواهم الجديدة يقللون من شأن ابن حجر، وغيره ممن جاء من المتأخرين ممن قعدوا وضبطوا قواعد هذا الفن، وكلامهم صحيح في الجملة؛ لأن ابن حجر وغير ابن حجر ممن جاء متأخرًا عن عصور الرواية عالة على الأئمة، فإذا كان مثل هؤلاء يتكلم فيهم مع اهتمامهم، بل هم حفاظ، حفاظ الحديث في العصور المتأخرة، يقلل من شأنهم، فما بالك بعلماء الكلام الذين لهم حكم عند أئمة هذا الشأن؟! يحكمون عليهم بأحكام شديدة، الشافعي يقول: حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، وأن يطاف بهم في الأسواق، ثم بعد ذلك نأتي إلى كتب علوم الحديث ونذكر أقوالهم ونجعلها في مقابل أقوال أئمة هذا الشأن، الدعوة هذه مقبولة وإلا مردودة؟ أولًا: مبحث السنة قطب وأصل من أصول علم أصول الفقه، وهذا معروف، قد يقول قائل: لماذا يقحمون علوم الحديث في كتبهم أصول الفقه، الأصول التي تستمد منها الأحكام، وتبنى عليها الأحكام هي الكتاب والسنة، فإذا لم يبحثوا السنة فكيف يبحثون؟ لأنه لو قبلت هذه الدعوة وقلنا: ألغوا ما يتعلق بالسنة من كتب الأصول، واتركوا هذا لعلماء الحديث، جاءنا أهل القرآن قالوا: ألغوا ما يتعلق بالكتاب، ماذا يبقى لأصول الفقه؟ ما يبقى إلا القياس وما في معناه، والأصول المختلف فيها، ولا شك أن المعول في الاستنباط على الكتاب والسنة، وعلماء الأصول الذين قعدوا قواعد هذا الفن -فن الأصول- لا شك أن معولهم على الكتاب والسنة، واستنباطهم على الكتاب والسنة، فلا بد أن يدرسوا ما يتعلق بالكتاب والسنة، قد يقول قائل: إنه ما دام هذا شأنهم يذكرونه في كتبهم الأصولية، لكن من له عناية بالحديث أن يدخل أقوالهم مع أن أقوال أئمة هذا الشأن تغني عن أقوالهم، ولسنا بحاجة إلى أقوالهم، نقول: علوم الحديث ما معوله على النقل المحض، وهذا لا مدخل فيه لا للجويني ولا للرازي ولا للغزالي ولا لغيرهم منها ولا للآمدي، نعم، يعني ما معوله على النقل المحض هؤلاء لا قيمة لأقوالهم فيه؛ لأن بضاعتهم مزجاة، وعليهم ملاحظات في العمل والاعتقاد، وفي كثير من الأمور، يعني الآمدي في ترجمته أمور، وإن كان بعضها لا يثبت، مما قيل عنه: إنه لا يعتني بالصلاة مثلًا، وأن الطلاب وضعوا على رجله حبر، وجاءوا بعد أيام ووجدوه كما هو، فدل على أنه لم يتوضأ، لكن هذه الدعوى نفاها كثير ممن ترجم له، المقصود أنه إذا كانت المسألة نقلية محضة فلا علاقة لهؤلاء بها، وإذا كانت المسألة مما يدخلها الرأي والنظر فتذكر أقوالهم؛ لأنهم من أهل النظر، ومن مسائل هذا الفن ما يدخله النظر، وإلا لقلنا: جميع من يأتي بعد المتقدمين لا علاقة له بهذا الفن، لكن كم أتى من المتأخرين وحرر بعض المسائل في هذا الفن، وما زالوا يتتابعون على هذا إلى وقتنا هذا، فدل على أن بعض المسائل لها نصيب وحظ من النظر، يعني المسألة التي ذكرناها بالأمس يعزو ابن الصلاح إلى الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة أنهما يفرقان بين السند المعنعن والمأنن، فيحملان المعنعن على الاتصال والمؤنن على الانقطاع، هل ابن الصلاح اعتمد في ذلك على نقل عنهم من لفظهم أو استنباط؟ استنباط من أحكامهم، وأكثر المسائل التي تدرس إنما هي استنباط من أحكام الأئمة، وذكرنا المثال بالأمس قصة عمار، يعني حينما قال: عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به، والرواية الأخرى عن محمد بن الحنفية أن عمارًا مر به النبي -صلى الله عليه وسلم-، قالوا: عن عمار هذه متصلة، وأن عمارًا هذه منقطعة، والسبب اختلاف الصيغة، هذا فهم ابن الصلاح؛ ولذا قال الحافظ العراقي فيما تقدم:

....................................

 

كذا له ولم يصوب صوبه

هذه مبناها على نظر وإلا على نقل؟ هذه مبناها على نظر، تحتاج إلى نظر، لماذا حكم الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة على الطريق الأول بأنه متصل، وعلى الثاني منقطع؟ حكما على الطريق الأول بالاتصال؛ لأن محمد بن الحنفية تابعي لم يشهد القصة، لكنه يرويها عن صاحبها، وحكم على الطريق الثاني لأن محمد بن الحنفية تابعي لم يشهد القصة فحكى القصة، ما رواها عن صاحبها، ظاهر وإلا ليس بظاهر؟ هل هذا معوله على النقل وإلا على النظر؟ كل من له نظر وإدراك يمكن يذكر قوله في هذا، ما زال المجال مفتوحًا لإعادة النظر في بعض القواعد من خلال أحكام الأئمة والنظر فيها؛ ولذا قال:

فبعض نظار الأصول يبطله
ج

 

وأكثر المحدثين يقبله

لأنه يدخلها النظر، يعني حينما أبطله نظار الأصول قالوا: ما الفائدة من شيخ لا يحفظ حديثه ولا يمسك بأصله؟ والذي يرد على القارئ الطالب ذا الممسك بالكتاب، يقولون: الشيخ هذا يروح يرتاح في البيت، ما له داعي يجلس، هذه مسألة من حيث النظر مقبولة، لكن أيضًا كونك تروي عن شيخ حاضر، حاضر أقل الأحوال يسمع الحديث ويقر القارئ على قراءته، كون اتصال الإسناد بوجود هذا الشيخ الذي يسمع ما يُقرأ من حديثه ويقر القارئ على هذه القراءة أولى من أن يُحكم بالانقطاع في حالة ما إذا غاب الشيخ وأمسك غيره بهذا الأصل، وعلى كل حال وجود الشيخ مؤثر على أي حال وجوده مؤثر، نعم من الشيوخ من وجوده مثل عدمه، عوام لا يفهمون شيئًا إلا أنه احتيج إلى ما عندهم من الرواية؛ لأنها طالت أعمارهم، وعمروا حتى صارت أسانيدهم عالية، الرواية عنهم تسقط راويًا ممن جاء بعدهم، فيستفاد العلو من الرواية عنهم، وفي القرن السابع والسادس من هذا النوع من لا يقرأ ولا يكتب، وأصله موجود ومحفوظ ومقابل على الأصل، وقد يكون أعمى، مع كونه أميًّا قد يكون أعمى، ووصل الحال ببعضهم إلى أنه وصل إلى مرحلة من الشيخوخة والهرم إلى أنه لا يستطيع أن ينطق بنعم أو لا، فأحيانًا يهز أصبعه إشارة إلى لا، وأحيانًا يقول برأسه كذا يعني نعم، مثل هذا ما الذي تفيده الرواية عنه؟ لا تفيد إلا مجرد إبقاء سلسلة الإسناد التي هي خصيصة هذه الأمة، وإلا فوجوده مثل عدمه، والعلو الذي يأتي من طريقه لا قيمة له، فتساهلوا في العصور المتأخرة، أما في عصور الرواية ما يوجد مثل هذا الكلام، في عصور الرواية لما كان المعول على الأسانيد ما يمكن أن يمشي مثل هذا الكلام على الأئمة، بل مجرد ما يحس أهل العلم بتغير فلان خلاص يتوقفون عن الرواية عنه.

.....................................
واختاره الشيخ......................

 

وأكثر المحدثين يقبله
....................................

والمراد بالشيخ

كـ(قال) أو أطلقت لفظ الشيخ ما
 
ج

 

أريد إلا ابن الصلاح مبهما

أي ابن الصلاح، والخلاف الذي ذكره عن نظار الأصول ضعفه الحافظ السِّلَفي، وبعضهم لم يعتد به،

واختاره الشيخ فإن لم يعتمد

 

...................................

هذا الطالب الممسك بأن كان غير رِضا أو غير مرضٍ.

.......................فإن لم يعتمد

 

ممسكه فذلك السماع رد

أي مردود ولا يعتد به، إذا كان الممسك غير رضا، والشيخ لا يحفظ حديثه، فقد يسقط حديثًا، يسقط جملة من حديث، يحصل تصحيف، وهذا الطالب غير رضا، طيب غير رضا لماذا يجيء يمسك كتاب علم ويستمع وينصب نفسه لهذا الأمر؟ قد يكون أجيرًا لإمساك الأصل، فإذا كان غير رضا فإنه لا يؤمن أن يسكت عن الرد على القارئ إذا أخطأ؛ لأن همه هذا الأجر، ويريد أن يمشي الأمور بسرعة.

"فإن لم يعتمد *** ممسكه" فلم يكن ثقة "فذلك السماع رد" يعني مردود لا يعتد به، والفرع الثاني...

طالب:........

نعم، معروف، معروف حتى عن مالك، هو منقول عن مالك.

طالب:........

نعم، ينصب الخلاف بين كل من له مدخل في هذا الفن، يعني في مسائل النقل المحض ما لهم علاقة، فيما يدخله النظر يقبل قوله، يقبل قوله فيما يدخله النظر، يعني ما تسمع من شيوخ معاصرين حرروا بعض المسائل ودرسوها وأبدعوا فيها؛ لأن للنظر مدخل فيها هل نلغي هذه الأمور؟ ما نلغي، لا سيما في المسائل التي تقدم فيها الخلاف، الباب مفتوح، أما في المسائل المتفق عليها، المجمع عليها ما فيه إشكال، لا مدخل لأحد.

التفريع الثاني أشار إليه أو ذكره بقوله:

واختلفوا إن سكت الشيخ ولم
وهو الصحيح كافيًا وقد منع
جج 

 

يقر لفظًا فرآه المعظم
بعض أولي الظاهر منه وقطع
 
ج

...إلى آخره، العرض، القراءة على الشيخ يقول القارئ: حدثك فلان عن فلان عن فلان عن فلان؟ حدثك؟ يسأله إذا كان المقروء عليه الشيخ تحمل بطريق السماع، أو يقول: أخبرك فلان إذا كان تحمل الشيخ بطريق العرض، مقتضى ذلك ما دام يسأله مقتضاه أن يقول: نعم، حدثك فلان؟ يقول: نعم، لكن إن سكت؟ هل ننسب لساكت قول؟ أو نقول: إنه ما دام من الأئمة ونصب نفسه وجاء لمجلس التحديث، ما الذي جاء به للمجلس؟ الناس يقرؤون وسكت! يقال: ما ينسب لساكت قول؟! كما ذُكر عن الإمام مالك، قرئ عليه فقال له بعض من حضر: لماذا لا تقول: نعم؟ قال: ما الذي جاء بي إلى هذا المكان إلا لتقرؤوا عليّ؟ فهذه المسألة أيضًا خلافية بين أهل العلم، والخلاف فيها ضعيف، "واختلفوا إن سكت الشيخ" يعني العلماء من المحدثين وغيرهم اختلفوا إن سكت الشيخ المتيقظ العارف بعد قول الطالب القارئ: أخبرك فلان؟ اختلفوا إن سكت الشيخ ولم يقر لفظًا، يعني ما قال: نعم، أو أومأ بإشارة مفهمه برأسه: أي نعم، ما نطق صراحة، ولا أشار إشارة مفهمه تقوم مقام نعم.

"ولم *** يقر لفظًا فرآه المعظم" من المحدثين والفقهاء "وهو الصحيح" فرآه المعظم كافيًا، وهو الصحيح، يكفي في صحة السماع؛ لأنه لا يصح من إمام ذي دين متصدٍّ لإقراء السنة أن يُقر على خطأ في مثل هذا، ويقال: حدثك؟ ويسكت، لا يمكن أن يتصور مثل هذا "وهو الصحيح كافيًا" في صحة السماع "وقد منع *** بعض أولي الظاهر منه" منع منه بعض أولي الظاهر أي الاكتفاء بسكوت الشيخ في الرواية فاشترط النطق بـ(نعم).

...........................وقد منع
به أبو الفتح.......................
 
ج

 

بعض أولي الظاهر منه وقطع
...................................
 

قطع بالمنع مطلقًا أبو الفتح "سليم الرازي" الشافعي، من أئمة الشافعية "ثم -بعده الشيخ- أبو إسحاقٍ" بالصرف للضرورة "الشيرازي" هذان وافقا بعض الظاهرية في المنع، وهو لائق بمذهب هؤلاء الذين لا يعملون إلا بالمنطوق، وأما ما يفهم من الأحوال والقرائن ما يعملون بها؛ لأن مذهبهم مذهب الظاهر، لا بد أن ينطق يقول: نعم، لكن ماذا عن البعض الآخر من أولي الظاهر؟ وافقوا المعظم في تجويز الرواية بالعرض من غير تصريح بـ(نعم) "وقطع *** به أبو الفتح" يعني بالمنع مطلقًا "سُليم الرازي" ثم بعده الشيخ أبو إسحاق الشيرازي.

وكذا أبو نصر ابن الصباغ، وقال: إنه يعمل به، أي بالمروي، يعمل به، كيف يعمل به؟ يعمل بالمروي، والتفريق بين العمل والرواية قول معروف عند أهل العلم، كما سيأتي في الإجازة والمناولة أنها يُعمل بها ولا يروى بها، فكان هذا من هذا النوع، الآن المعظم من أهل الحديث ومن الفقهاء يرون الرواية على هذه الصورة، ويعارضهم بعض أولي الظاهر، وجمع من أهل العلم لا يعتدون بقول أهل الظاهر، ونص النووي في شرحه على صحيح مسلم، في الجزء الرابع عشر صفحة (29) بأنه لا يعتد بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، وخالفه آخرون وقالوا: إن أهل الظاهر لهم عناية بالنصوص عناية فائقة تفوق كثير من المتفقه، تفوق عناية كثير من المتفقه، فلماذا لا يعتد بقولهم؟ ولكل وجه؛ لأن بعض المسائل معولها على نص، فهؤلاء لا شك أن أهل الظاهر من أهل العناية بالنص فيقبل قولهم، وأما إذا كان مستند المسألة على اجتهاد أو قياس فإن أهل الظاهر لا مدخل لهم في مثل هذا، وكذا أبو نصر وابن الصباغ، ولكنه قال: إنه يعمل به -أي بالمروي- وإن لم تصح الرواية به؛ لأن التفريق بين المروي والرواية، العمل بالمروي ونقله كرواية متصلة منك إلى المحدث من يروي هذا فيه فرق، أنت الآن تعمل بحديث تجده في الكتب، إذا صح، وجدت حديثًا في صحيح البخاري تعمل به، لكن ترويه؟ ما ترويه إلا إذا كان لك به إسناد، وتقدم قول ابن خير.

قلت: ولابن خير امتناعُ
 

 

نقل سوى مرويه إجماعُ
ج

نقل الإجماع على أنك لا تروي إذا لم تكن لك به رواية، ولا تنقل من الكتب، بل زاد على ذلك قال: ولا تعمل إلا إذا كانت لك به رواية، لكن هذا لا شك أنه تضييق، والإجماع على خلافه قائم، نقله ابن برهان وغيره، وألفاظ الأداء لمن سمع أو قرأ كذلك، وأراد رواية ما قرأ أو سمع الأول يعني الأول يعني قرأ على الشيخ لفظ الأداء المناسب له هو الأول، الذي ذكره بقوله -في درس الأمس-:

وجودوا فيه قرأت أو قُرِي
 
ج

 

...................................

وإذا كان الرواية بطريق السماع سمعت، والألفاظ التي تقدم الكلام فيها، والتفريع الثالث في التفريق بين الصيغ بالإفراد والجمع، يعني متى يقول: حدثنا؟ ومتى يقول: حدثني؟ ومتى يقول: أخبرنا؟ ومتى يقول: أخبرني؟ ومتى يقول: سمعنا؟ ومتى يقول: سمعت؟ أنبأنا أنبأني؟ الصيغ تختلف بين الإفراد والجمع، ذكره بقوله:

والحاكم اختار الذي قد عهدا
حدثني في اللفظ حيث انفرادا
ج 

 

عليه أكثر الشيوخ في الأدا
واجمعْ ضميره إذا تعددا
ج

الحاكم اختار الأمر الذي قد عهد عليه أكثر الشيوخ، يعني من شيوخه، وأئمة عصره في صيغ الأداء وهي أن يقول: حدثني فلان بالإفراد في اللفظ حيث انفردا بأن لم يكن معه وقت السماع غيره، واجمعْ أيها الطالب في حال الأداء في الصيغة، اجمع ضميره فقل: حدثنا إذا تعددا بأن كان معك وقت السماع غيرك، فمن سمع وحده يقول: سمعت، ويقول: حدثني بالإفراد، ومن سمع ومعه غيره يقول: حدثنا فلان، هذا إذا كان على ذكرٍ من الواقع يعرف أنه لم يحضر عند الشيخ إلا هو يقول: حدثني، وفي الصورة الثانية: حدثنا إذا كان يعرف أنه قد حضر معه عند الشيخ جماعة، فيقول: حدثنا.

حدثني في اللفظ حيث انفرادا
ج 

 

واجمعْ ضميره إذا تعددا
ج

والعرض يعني الأول في طريق السماع في الطريق الأول، في القسم الأول.

والعرض إن تسمع فقل: أخبرنا
ج

 

أو قارئًا أخبرني...................
ج

يعني في طريق العرض إن تسمع بقراءة غيرك فقل: أخبرنا بالجمع، يعني إذا كان التحمل بطريق العرض، والحضور مجموعة تقول: أخبرنا بالجمع، أو إن تكن قارئًا وليس معك أحدًا تقرأ على الشيخ، تعرض على الشيخ، فقل: أخبرني بالإفراد "واستحسنا" يقول ابن الصلاح في هذا يعني ما نقله الحاكم عن الشيوخ عن شيوخه وأئمة عصره من التفريق بين صيغ الأداء في حال العرض والسماع من جهة، والإفراد والجمع من جهة أخرى استحسنه ابن الصلاح، وقال: إنه حسن رائق.

ونحوه عن ابن وهب رويا

 

...................................
ج

ونحوه عن عبد الله بن وهب، والذي ذكرنا أنه أول من أوجد هذا التفريق بين صيغ الأداء بمصر، ونحوه عن عبد الله بن وهب رويا.

................عن ابن وهب رويا

 

وليس بالواجب لكن رضيا
ج

ليس ما تقدم من التفصيل بالواجب، بمعنى أنه يأثم إذا قال: حدثنا وهو بمفرده، أو قال: حدثني ومعه جماعة، أو قال: أخبرني في حال السماع، أو قال: حدثني في حال العرض، هذا مجرد استحسان؛ لكنه ليس بالواجب،

...................................

 

وليس بالواجب لكن رضيا
ج

التفصيل الذي تقدم ليس بالواجب عندهم، لكنه رضيَ استحب عند كافة أهل العلم لأنه هو الذين يبين الواقع، هذا إذا كان الراوي على ذكرٍ من الواقع ما نسي، لكن إن نسي مع طول العهد، نسي وشك، هل كان بمفرده أو كان معه أحد؟ وهل كانت روايته عن هذا الشيخ بطريق السماع أو بطريق العرض؟ ماذا يصنع؟

والشك في الأخذ أكان وحده
 
ج

 

أو مع سواه؟ فاعتبار الوحده

إذا وقع الشك في حال الأخذ والتحمل من لفظ الشيخ أكان وحده؟ ومقتضاه أن يقول: حدثني، أو مع سواه، أو كان مع سواه فيأتي بالجمع فالمعتبر الوحدة، فيأتي به مفردًا الضمير، لماذا؟ لأن وجوده مجزوم به، ووجود من عداه مشكوك فيه، فيأتي بالمتيقن ويطرح المشكوك فيه، فاعتبار الوحدة محتمل، لماذا؟ لأن وجوده مجزوم به، ووجود من عداه مشكوك فيه، فيأتي بالمتيقن ويطرح الشك "لكن رأى القطانُ -الإمام يحيى بن سعيد- الجمع فيما أوهم الإنسانُ" قلنا: وجه الإفراد أنه يجزم بوجوده ويشك في وجود غيره، فيأتي بالمجزوم به ويطرح الشك "لكن رأى القطانُ يحيى بن سعيد "الجمع" يعني فيقول: حدثنا أو أخبرنا "فيما" أي في حالة ما إذا "أوهم" أي وهم وشك "الإنسان"، في شيخه يعني في لفظ شيخه، ما الذي قال: حدثنا أو حدثني رأي القطان الجمع، لماذا؟ وجه الإفراد عرفناه، لكن وجه الجمع نعم؟ الجمع أقل وإلا أعلى؟ الجمع يدل على أن الشيخ حدثك أو قرأت عليه أو قرئ عليه وأنت حاضر، والشيخ كلامه موجه إلى المجموع، وإذا قلت: حدثني أو أخبرني بلفظك هذا جزمت بأنك أنت المقصود بالتحديث على وجه الخصوص، وهذه أقوى، إذا قلت: حدثني أو أخبرني لا شك أن هذه الصيغة أقوى من أن تقول: حدثنا أو أخبرنا، يعني لما تجلس أنت والشيخ بمفردكما ولا يوجد ثالث لا شك أن هذه عناية من الشيخ فائقة تجعلك تهتم وتحضر القلب؛ لأنك بمرأى من الشيخ بخلاف ما لو كان معك فئام من الناس بإمكانك أن تتغافل في حال السماع، وكونك تفرد الضمير لتقول للناس: إنني بمفردي بين يدي الشيخ، وأنا محل عناية من الشيخ، والشيخ قصدني بالتحديث، بخلاف ما لو قلت: حدثنا أو أخبرنا، فإنك تخبر أنك من ضمن مجموعة تسمع والشيخ يحدث، وهذا الوجه ظاهر، يعني وجود الإنسان بمفرده عند الشيخ يكون حضور قلبه مثلما إذا كان مع فئام من الناس؟ لا، يختلف، ونحن ننظر الطلاب في الجموع نجد منهم من يلتفت، ومنهم من ينعس، ومنهم ينسخ على ما سيأتي، ومنهم من هو محضر القلب، ومنهم من هو سارح، فليس تحديث الجمع مثل تحديث المفرد.

...................لكن رأى القطانُ
في شيخه ما قال والوحدة قد
ج 

 

الجمع فيما أوهم الإنسانُ
اختار في ذا البيهقي واعتمد
ج

لما حكى قول القطان البيهقي حكى قول القطان وأنه يختار الجمع، البيهقي اختار الوحدة، والوحدة قد، الوحدة مفعول مقدم، قد اختار في هذا الفرع البيهقي، بعد حكاية قول القطان، واعتمد ما اختاره الحاكم، وما حكاه عن شيوخه وأئمة عصره، يعني وافق الحاكم على هذا وإلا فالبيهقي قبل وإلا بعد؟ يعني بينهما عشرين سنة، لا وين؟ كثير، الحاكم أربعمائة وخمسة، والبيهقي خمسة وثمانين، يعني بينهما ثمانين سنة، الحاكم قبل، المقصود أنه يوافق الحاكم على هذا، وقد اطلع على قول القطان، وكأنه ما رأى العلة التي أبداها وجيهة لترجيح قوله، ولا شك أنه علة قوية ومتينة أيضًا، علة قوية ومتينة.

الفرع أو التفريع الرابع: في التقيد بلفظ الشيخ، "وقال أحمد" الإمام أحمد بن حنبل: "اتبع لفظًا ورد" اتبع أيها المحدث لفظًا ورد "للشيخ في أدائه ولا تعد" يعني لا تتعد لفظ الشيخ "وقال أحمد: اتبع لفظ ورد *** للشيخ في أدائه" لك، وفي تحديثه إياك ولا تعد، وكان الإمام أحمد يعتني بالفروق بين ألفاظ الشيوخ، ويفرق بين حدثنا وأخبرنا، والأمثلة في مسنده كثيرة، وإن كانت الأمثلة في صحيح مسلم أكثر وأظهر، وهذه طريقة الإمام مسلم التفريق بدقة بين صيغ الأداء، وهي موجودة أيضًا عند الإمام أحمد.

ومنع الإبدال فيما صنفا
بأنه سوى ففيه ما جرى
بأن ذا فيما روى ذو الطلب
جج 

 

الشيخ لكن حيث راوٍ عرفا
في النقل بالمعنى ومع ذا فيرى
بالفظ لا ما وضعوا في الكتب
 
جج

الآن الإمام أحمد يقول: تقيد واتبع لفظ الشيخ، قال لك الشيخ: حدثنا، قل: حدثنا، قال لك: الشيخ أخبرنا، قل: أخبرنا، وهذه طريقة مسلم، وأشرنا إليها فيما سبق، "ومنع الإبدال فيما صنفا" يعني وكذا، أو ولذا منع الإبدال فيما صنفا، الإبدال إبدال حدثنا بأخبرنا، فيما صنفا يعني في الكتب المصنفة المدونة، يعني تأتي لنسخ كتاب من كتب السنة، وتقول: البخاري ما يرى التفريق بين حدثنا وأخبرنا، فأي لفظ يكفي، إن كان المؤلف كتب أخبرنا قل: حدثنا، ما المانع؟ ما فيه فرق {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [(4) سورة الزلزلة] التحديث والإخبار ما بينهما فرق، وبينا ما بينهما من فرق دقيق في درس الأمس، لكن يقول لك: إمام الصنعة البخاري ما يرى فرق، فلماذا نثقل الكتاب قال: الأول حدثنا، وقال فلان: أخبرنا؛ لنفرق بين صيغتين لا أثر للتفريق، الكتب المصنفة لا يجوز التعرض لها بالتغيير البتة، حتى على القول بجواز الرواية بالمعنى وهو الذي عليه الجمهور، وذكره ابن الصلاح وغيره، لكن ابن الصلاح اشترط ألا يكون هذا التغيير بالمعنى في المصنفات؛ لأن الأصل الرواية باللفظ، والرواية باللفظ في المصنفات ممكنة وإلا متعذرة؟ أما بالرواية اللفظية تنقل حديثًا عن فلان وإلا عن فلان إذا كنت متأهلاً تجوز روايتك بهذا المعنى، وإذا كان هذا الشخص ممن لا يرى الفرق بين التحديث والإخبار انقل عنه حيثما شئت، لكن إذا كان في كتاب مصنف، البخاري، تقول: البخاري ما يرى فرق بين التحديث والإخبار، ثم تأتي إلى صحيحه وتغير في هذه الصيغ باعتبار أنه لا يرى، وتقول: الأمر فيه سعة؟! لا، الأمر فيه ضيق؛ لأن هذا تحريف في الكتب وتصرف، وهو خلاف الأمانة، بل تبقى الكتب كما هي، وبعض الناس يسبق قلمه فيكتب لفظ بدل لفظ، فيقول: ما دام المعنى واحد، لماذا أغير؟ أو يزوغ نظره من كلمة إلى كلمة من حدثنا إلى أخبرنا فيكتبها، ويقول: لماذا أطمس وأسود الكتاب والمعنى واحد؟ لا اطمس وسود الكتاب، لا يجوز التصرف في كتب الناس.

"ومنع الإبدال فيما صنفا" إبدال حدثنا بــ أخبرنا أو العكس، وكذلك رواية المتون بالمعنى في المصنفات لا تجوز بحال "ومنع الإبدال فيما صنفا*** الشيخ" يعني ابن الصلاح، قالوا: لاحتمال أن يكون الراوي ممن يرى التفريق بينهما، فكأنه قَوّله ما لم يقل، وأيضًا التبديل والرواية بالمعنى إنما جوزت لتعذر اللفظ في كثير من الأحيان، ولو اشترط اللفظ لتعطلت رواية كثير من الأحاديث؛ لأن من يأتي بالألفاظ كم سمع ندرة من الناس، لكن من يتذكر المعنى ويسوق المعنى بشرطه المعروف عند أهل العلم على ما سيأتي في الرواية في المعنى، لا شك أن هذا يوجد في الناس بكثيرة.

...................................
بأنه سوى ففيه ما جرى
جج 

 

.............. لكن حيث راوٍ عرفا
في النقل بالمعنى ومع ذا فيرى
 
جج

لكن حيث راوٍ عرفا بأنه سوّى بينهما، يعني بين التحديث والإخبار ولا يرى فرقًا، تنقل عن البخاري أنه قال: حدثنا فلان من قوله، وأنت تعرف أن البخاري ما يفرق بين حدثنا، لا تتعد إلى شيخ الشيخ، لو تجد في صحيح البخاري حدثنا الحميدي من قوله، حدثنا الحميدي بكذا، فتقول: قال البخاري: أخبرنا الحميدي بكذا،

"لكن حيث راوٍ عرفا *** بأنه سوى" يعني بينهما "ففيه ما جرى *** في النقل بالمعنى" فإن كان مشافهة وهذا لا يرى التفريق انقل، ما فيه إشكال؛ لأن المعنى واحد عند هذا الإمام، لكن حيث يوجد في مصنفه يأتي ما اشترطه ابن الصلاح أن الرواية بالمعنى جائزة ما لم تكن في مصنف؛ لأن الرواية باللفظ غير متعذرة.

"لكن حيث راوٍ عرفا" بالبناء للمفعول "بأنه سوى" بينهما "ففيه ما جرى" يعني يجري في مثل هذا خاصة ما جرى من الخلاف في النقل بالمعنى، يعني ابن سيرين لا يرى الرواية بالمعنى مطلقًا، والجمهور يرون الرواية بالمعنى ففيه هذا الخلاف "في النقل بالمعنى ومع ذا" أي إجراء هذا الخلاف فيرى ابن الصلاح بأن ذا أي الخلاف "فيما روى ذو الطلبِ" يعني مما تحمله باللفظ، بالمشافهة، ينقل من كلام الشيخ "لا ما وضعوا في الكتبِ".

"بأن ذا فيما روى" بأن ذا يعني هذا الخلاف "فيما روى ذو الطلبِ" بما تحمله باللفظ يعني مشافهة من شيخه "لا ما وضعوا" لا يجري الخلاف فيما وضعوا، يعني أصحاب التصانيف في مصنفاتهم في كتبهم؛ لأن ابن الصلاح استثنى المصنفات، فإنه لا يجري فيها الخلاف في الرواية بالمعنى، والله أعلم.

 

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
هذه تقول: هل يمكن إعادة تلخيص الأقوال الثلاثة في كيفية صيغ الأداء لمن تحمل بالعرض؟

أولًا: كما ذكر الناظم -رحمه الله تعالى- الأجود والأسلم أن يأتي بصيغة تبين المراد، توضح الحال بدقة، قرأت على فلان، أو قرئ على فلان وأنا أسمع، قرأت على فلان، أو قرئ عليه وأنا أسمع، أما إطلاق حدثنا وأخبرنا فمن أهل العلم من يجوز ذلك بناء على أنها طريقة مجمع على صحة التحمل بها، فلا فرق بينها وبين السماع من لفظ الشيخ، إلا أنهم يتوقفون في إطلاق سمعت، ومنهم من يقول: لا يطلق حدثنا وأخبرنا إلا مقيدًا، حدثنا قراءة، أخبرنا قراءة عليه، أو فيما قرئ عليه وأنا أسمع، ومنهم من يفرق بين التحديث والإخبار، فيجعل التحديث خاصًّا بما تحمل بطريق السماع من لفظ الشيخ، والإخبار بما تحمل بطريق العرض والقراءة على الشيخ، وهو الذي استقر عليه الاصطلاح، وسيأتي في درس اليوم ودرس الغد -إن شاء الله تعالى- بيان مزيد وتفصيل لصيغ الأداء -إن شاء الله تعالى-.

وهذا أيضًا يقول: كثيرًا ما نقرأ في تراجم السلف والخلف حرصهم على مذاكرة العلم والحفظ في جوف الليل، والسهر من أجله، فكيف يرى أن هذا فعل حسن يمدح عليه

وهذا أيضًا يقول: كثيرًا ما نقرأ في تراجم السلف والخلف حرصهم على مذاكرة العلم والحفظ في جوف الليل، والسهر من أجله، فكيف يرى أن هذا فعل حسن يمدح عليه، وهو في الظاهر يخالف قول الله تعالى: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا} [(10-11) سورة النبأ]؛ لأن نتيجة سهر الليل النوم في النهار المعد للمعاش؟
لا شك أن مجاراة السنة الإلهية في كون الليل لباسًا، ومقتضاه النوم والراحة فيه للاستعداد لاستقبال النهار الذي هو وقت المعاش، هذا هو الأولى، لكن خلافه ثبت بالسنة ما يدل عليه، وترجم الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: باب السمر في العلم، والسمر هو السهر، وتتابع خيار الأمة على ذلك، وإن كان التوجيه إلى أن أفضل القيام قيام داود -عليه السلام-، ينام نصف الليل ثم يقوم ثلثه، ثم ينام السدس، وحينئذٍ لا يحتاج إلى نوم بالنهار إلا القيلولة، لكن لو حصل أن الإنسان سهر بالليل وتعب بالنهار ونام، سهر بالليل على خير، إما في قيام، أو في تعلم أو تعليم، أو تأليف، كل هذا جادة مسلوكة عند أهل العلم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- سهر للعبادة، لا سيما في الأوقات الفاضلة، فإذا دخلت العشر شد مئزره، وأسهر ليله، وفي بعض الروايات: "طوى فراشه" فدل على أن مخالفة السنة الإلهية لمصلحة راجحة عمل شرعي لا إشكال فيه، فإذا كان الإنسان يستفيد من ليله أكثر من فائدته من نهاره والوقت هو الوقت، لكن إذا رجحت فائدة الليل بالنسبة للعلم والتعليم والعبادة فلا شك أن استغلال الليل أفضل؛ لأن المسالة مسألة تحقيق مصلحة، تحقيق فضل جاءت به الشريعة، فكل ما يعين على تحقيق هذا الهدف فهو شرعي، كل ما يعين على تحقيق هذا الهدف شرعي، فلا يقال: إن السهر من أجل طلب العلم أو السهر للعبادة أو السهر للتأليف لا إشكال فيه، والنبي -عليه الصلاة والسلام- سهر من أجل العبادة، وأحيا الليل، والعلم أفضل من نوافل العبادة، فإذا سهر الإنسان من أجله كان مأجورًا مشكورًا، وأما إذا سهر بالقيل والقال، وأضاع الليل بدون فائدة، وترتب على ذلك ضياع الأوقات بالليل والنهار، هذا الذي يلام عليه، ويذم عليه، أما إذا خالف هذه السنة الإلهية من أجل تحقيق مصلحة راجحة فلا إشكال في مثل هذا، ليس فيه أدنى إشكال، نعم لو سهر بالليل، وترتب على سهره النوم بالنهار، الذي يعوق دون تحصيل معاشه الذي أمر بطلبه تحقيقًا للهدف الذي من أجله خلق، وهو العبودية لله -جل وعلا-، ولا تقوم هذه العبودية إلا بامتثال: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} [(77) سورة القصص] فإذا ترتب على ذلك نسيان هذا النصيب الذي أمر به، وضياع نفسه وكونه يعيش عالة يتكفف الناس، وكذلك من ولي أمرهم من النساء والذرية يكون حينئذٍ في حيز الذم.