كتاب "بلوغ المرام من أدلة الأحكام" للحافظ ابن حجر العسقلاني (852هـ) من أشهر كتب أحاديث الأحكام. وقد اشتمل على ألف وخمسمائة وتسعة وستين حديثا، وهو كتاب عظيم القدر، طبع بمصر وفي الهند وغيرهما. وأقبل عليه العلماء وطلاب العلم، فلا نجد حلقة من حلقات العلم إلا وكتاب بلوغ المرام في رأس قائمة الدروس. كما اعتنى به العلماء قديما وحديثا عناية عظيمة، فشرحوه شروحا كثيرة حتى استفاد منه في كل عصر الجم الغفير. ومن شروح هذا الكتاب:
1. "الإلمام بتخريج أحاديث منظومة بلوغ المرام" لمحمد بن يحيى زبارة الصنعاني وهو مطبوع مع نظم الصنعاني.
2. "البدر التمام" – للشيخ الحسين بن محمد المغربي الصنعاني
3. "توضيح الأحكام من بلوغ المرام" للشيخ عبد الله بن عبد الرحمن البسام.
4. "سبل السلام" للشيخ محمد بن اسماعيل الصنعاني، اختصره من –البدر التمام-
5. "فتح العلام" للشيخ محمد صديق حسن، وهو نسخة من سبل السلام، تمتاز عنها بزيادات يسيرة أو حذف بعض المذاهب المذكورة بالأصل كمذهب الهادوية، وقد طبع بمصر عدة طبعات.
6. "فقه الإسلام شرح بلوغ المرام من جمع أدلة الأحكام" للشيخ عبد القادر شيبة الحمد.
7. "منظومة بلوغ المرام" للشيخ محمد إسماعيل الصنعاني، نظم فيه جل ما حواه بلوغ المرام من الأحاديث.
8. منحة العلاَّم شرح بلوغ المرام للشيخ الدكتور عبد الله الفوزان.
فهذه الشروح والحواشي عن –بلوغ المرام– تنبئ عن اهتمام علماء المسلمين بهذا الكتاب القيم وفي نفس الوقت تشير إلى قيمته وفائدته.
الحافظ ابن حجر أشهر من أن يُعرَّف به، وقد توسع في ترجمته عدد من العلماء والباحثين وهذه ترجمة موجزة له فهو: أحمد بن علي بن محمد، أبو الفضل، شهاب الدين، الكناني الشافعي المصري الحافظ الإمام المعروف بابن حجر العسقلاني، وابن حجر نسبة إلى أحد أجداده كان يلقب بذلك - على الأرجح - ، ويقال له : العسقلاني؛ لأن أجداده من عسقلان.
ولد الحافظ ابن حجر في شعبان سنة 773 ه، ومات أبوه وله من العمر أربع سنوات، وكانت أمه قد ماتت قبل ذلك أيضاً، ونشأ في رعاية وصيه زكي الدين الخُرُّوبي (ت 787 هـ) أحد كبار التجار في مصر، وأكمل حفظ القرآن الكريم وله تسع سنين، وحفظ مجموعة من المتون في فنون شتى وهو صغير، ثم تدرج في طلب العلم، فاهتم أولاً بالأدب والتاريخ، ثم حُبِّب إليه علمُ الحديث.
وأخذ العلم عن أئمة كبار مثل : زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العِرَاقي (ت 806 هـ ) ، وسِراج الدِّين أبو حَفص عمر بن رَسلان البُلقيني (ت 805 هـ )، وسِراج الدِّين عمر بن علي بن أحمد المعروف بابن المُلَقِّن (804 ه)، واشتغل بالتصنيف فأكثر منه جداً، وقد زادت مؤلفاته على مائة وخمسين مصنفاً، ومن أشهرها: «فتح الباري شرح صحيح البخاري»، و«تهذيب التهذيب»، و«تقريب التهذيب» ، و«لسان الميزان»، و«الإصابة في تمييز الصحابة» ، و «الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة» ، و «نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر»، وشرحها، وغير ذلك .
وعُرف بأسلوبه العلمي الرصين، وقدرته على تلخيص المعلومات ونقدها، ومع جودة كتبه، فقد كان يقول كما ذكر تلميذه السخاوي (ت 902 هـ): «لست راضياً عن شيء من تصانيفي؛ لأني عملتها في ابتداء الأمر، ثم لم يتهيأ لي مَنْ يُحرِّرُها معي، سوى: «شرح البخاري»، و«مقدمته»، و«المشتبه»، و«التهذيب»، و«لسان الميزان»، وأما سائر المجموعات فهي كثيرة العَدَد واهية العُدَد، ضعيفةُ القُوى، ظامئة الرُّوى
وكانت وفاته في ذي الحجة سنة 852 ه، وازدحم الناس في الصلاة عليه وتشييعه، رحمه اللَّه رحمة واسعة.