غرامي صحيح في مصطلح الحديث (1)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه المنظومة التي اختيرت لدرس اليوم ودرس الغد -إن شاء الله تعالى- منظومة مشهورة ومستفيضة عند أهل العلم، لا ترجع شهرتها لذاتها وإنما لإخلاص مؤلفها، وهذه المنظومة ليست من متين العلم، وإنما هي من مُلَحِه؛ ولذا لا يعوَّل عليها في تأسيس طالب علم ولا تدريبه على العلم ولا البداءة بها، وإنما اهتم بها أهل العلم وشرحوها ودرسوها، لا لأنها تفيد طالب العلم في تخصصه في الحديث وعلومه وإنما هي مجرد ألقاب أسماء لبعض أنواع علوم الحديث، فهي بمثابة الفهرس لبعض أنواع علوم الحديث؛ ولذا لا يمكن أن يُربّى عليها طالب علم، وقيمتها الأدبية في ألفاظها وفي تشبيهاتها وفي محسناتها معروفة عند أهل الأدب والبلاغة، أما عند أهل الحديث فلا يعنون بهذا غالبًا؛ ولذا يتميّز نظم العلوم عند العلماء باهتمامهم بما هم بصدده من العناية بالعلم وتوضيحه، أما هذه المنظومة فليس فيها توضيح للعلوم، وإنما هي مجرد ذكر أنواع يأتي سردها وهي أنواع غير مرتبة على طريقة أهل العلم واختيارها لهذه الدورة إنما هو من باب تكميل وتتميم ما يمكن أن يُعنى به في هذا العلم، فهو أمر تكميلي وتحسيني ليس بضروري ولا حاجي، يعني إذا كان طالب العلم يُنصح بأن يبدأ في هذا العلم بالنخبة مثلاً لمتانتها وإمامة مؤلفها في هذا الشأن ولا يُنصح الطالب لاسيما من يريد العناية بهذا العلم والتخصص فيه بالبيقونية مثلاً، والبيقونية أمتن بكثير من هذا المتن، ففيها الأنواع وفيها التعاريف وفيها بعض الأمثلة لكنها في أربعة وثلاثين بيتًا لا تصنع شيئًا، لكن طالب العلم المتفنن أو يسمى في عرف الناس اليوم مثقف قد يُنصح بالبيقونية لكن من باب تتميم القسمة، وكون الإنسان يلبي الرغبات كلها يشرح جميع المتون، ولذلك أول ما شرحنا النخبة، ثم اختصار علوم الحديث، ثم ألفية الحافظ العراقي، ثم بقية المتون، وأخيرًا وبعد إلحاح شرحنا البيقونية، ويأتي شرح هذه القصيدة التي ذكرنا أنها لا يُربى عليها طالب علم لكن مع ذلك اعتنى بها أهل العلم، ولعنايتهم بها نضرب لها بسهم وإن لم يكن وافرًا، وإنما نتكلم على أنواعها بقدر الحاجة، وبسط الموضوعات المذكورة والعناوين المذكورة في هذه المنظومة تُطلب من مضانها، فهذه القصيدة في عشرين بيتًا، وبعض المترجمين يقول هي في ثلاثين بيتًا، ولا أدري هل سقط منها شيء أو هذا وهم ممن ترجم على كل حال أبياتها غير مترابطة ولذا تجد بعض الأبيات ينبغي أن يقدم على الذي قبله أو يُؤخر، وأبياتها عشرون بيتا، ومؤلفها أبو العباس أحمد بن فرْح بإسكان الراء وبعضهم يفتحها ويؤيد الفتح تسمية ابن جماعة شرحه زوال التَّرَح يعني مقتضى المقابلة أن يقال ابن فرَح زوال الترَح والمترجِمون نصوا على أنه بإسكان الراء أحمد بن فرْح بن أحمد بن محمد بن فرْح الإشبيلي المولود سنة أربع وعشرين أو خمس وعشرين وستمائة، تلقّى مبادئ العلوم وهو من بيت معروف بالديانة والصيانة يميل إلى التصوف، أسره العدوّ سنة أربع وأربعين وستمائة، ولما أُرسل بعد ذلك وتيسر له الفرج أقبل على العلم والعمل بدمشق حتى تُوفي سنة تسع وتسعين وستمائة، وهذه المنظومة عُني بها أهل العلم ودوّنوها في مصنفاتهم وتلقوها عن صاحبها بالأسانيد المتصلة فنسبتها إليه لا مراء فيها ولا شك، وعُني بشرحها جمع غفير من أهل العلم، وأقول قيمتها في أسلوبها وما تشتمل عليه من معانٍ بديعية عند من يعنى بهذا الشأن، شرحها الإمام الحافظ أحمد بن محمد بن عبد الهادي الإمام المحدث المعلل المشهور المتوفّى سنة أربع وأربعين وسبعمائة صاحب المحرر، وشرحه مختصر جدًا يقتصر على شرح الأنواع، هذا البيت يشتمل على ثلاث مقدمات، ثم يشرح هذه الثلاث أو أربع مقدمات، أو مقدمتين، أو واحدة، ويكتفي بهذا ولا يعوِّل على ما عدا ذلك، وشرحها ابن جماعة في شرح أو أكثر من شرح حتى قال بعضهم إنه شرحها في ثلاثة شروح مطول ومتوسط ومختصر، وشرح ابن عبد الهادي طُبع أخيرًا وانتخب منه بعض الفوائد التي عُلِّقت على شرح ابن جماعة زوال الترَح المطبوع في أوروبا سنة خمسة وثمانين وثمانمائة وألف، انتُخب من شرح ابن عبد الهادي فوائد وعُلِّقت على شرح ابن جماعة وممن شرحها السفّاريني الحنبلي المعروف باستطراداته إذا تولى شرح شيء كغذاء الألباب في شرح منظومة الآداب، وشرح ثلاثيات المُسند، وشرح عمدة الأحكام، وله كتب تُبِينُ عن اطلاع واسع، وعُني بهذه القصيدة من جميع الوجوه واهتم بما أُلِّفت القصيدة من أجله وهو الغزل، وأضاف أبيات غزلية للمتقدمين والمتأخرين، وشان هذا الشرح بما نقله من بعض المتصوفة المغرقين كابن الفارض وغيره في أبيات ينبغي أن تنزه عنها كتب العلم لاسيما ما يتعلق بحديث المصطفى -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الحديث والعناية به تهدم ما جاء في مثل هذه الأبيات، وممن شرحها الأمير مصري، وهومُتأخر في أواخر في القرن الثالث عشر، وشرحه مطبوع ومتداول ومعروف، هذه الشروح الأربعة هي المطبوعة الآن وهي الموجودة في الأسواق، وما عدا ذلك من المخطوط كثير، فهي محل عناية من قبل أهل العلم وليست من ضرورياته ولا من حاجياته بل هي أمر تكميلي، فإذا شرحت المتون كلها ولم يبق إلا مثل هذا فلا بأس، وهذا المتن سُمِّي بأول جملة منه: (غرامي صحيح)، والغرام هو الحب الملازم لصاحبه، فهو لازم الحب، أو الحب الملازم، أو الحب اللازم، أخذًا من الغريم الذي يلازم غريمه، والدائن الذي يلازم المدين، ولذا جاء في وصف النار ﯭ ﯮ ﯯ    ﯰ ﯱ الفرقان: ٦٥  يعني يلازم المعذَّب ملازمة تامة بحيث لا يستطيع الانفكاك منه، (غرامي صحيح)، لو اقتصرت المسألة على هذا اللفظ لقلنا إن افتتاح المنظومات والشعر يبدأ بمثل هذا، وهذه جادّة مطروقة عند أهل العلم وغيرهم، وهي افتتاح المنظومات والقصائد بالأبيات الغزلية، كما في قصيدة بانت سعاد مثلاً، أو حتى مطلع نونية ابن القيم فيها شيء من هذا، وكثير من المنظومات حتى العلمية فيها افتتاح بالغزل لكنه غزل يسير أما أن تُبنى القصيدة كلها على هذا ثم المتغزَّل به ذكر- نسأل الله السلامة والعافية- فالحقيقة أنني لست منها على ارتياح ولا ثلج أبدًا، ولكن هذا طلب الإخوان ويُلبَّى، وتشرح على ضوء شرح أهل العلم إن شاء الله تعالى، من أهل العلم ممن عاش في القرون الوسطى من يرى انفكاك العلم عن الفنّ؛ ولذا تجد بعض العلماء من المفتين والقضاة  ممَّن عُرف بالعلم والعمل يؤلف في هذه الفنون الماجنة، فابن الوردي مثلا قاضي ومفتي وفقيه من كبار فقهاء الشافعية، وقد ألف في هذا الباب في كتاب ينبغي إتلافه لما فيه من الإسفاف، ويذكر في مقدمته أنه قد يتعجب القارئ من شخص فقيه مفتي عالم من أهل العلم والعمل ويصنف مثل هذا الكتاب، يقول: وما درى هذا أن العلم شيء والأدب شيء آخر، وما أدري من أين جاء هذا الانفكاك، وحياة المسلم ينبغي أن تكون مترابطة بعضها ببعض يسيرها الكتاب والسنة، فهذا الكلام يمكن أن يجري على لسان الأدباء الذين لا علاقة لهم بالعلم، زكي مبارك لما حقق كتاب زهر الآداب للحُصْري قال عاتبًا على المؤلف إنه أهمل جانبًا مهما من جوانب الأدب -يعني المجون- ثم زاد على ذلك فقال: والحياة تفقد حيويتها حينما تكون كُدًا خالصا، فهذا الكلام مقبول من مثل زكي مبارك، لكن من مثل ابن الوردي لا يقبل إطلاقًا، زكي مبارك معروف في حياته الأدبية ولا صلة له بالعلم الشرعي، وحياته  على طريقة بعض المتساهلين من أهل الأدب، يقول: وأذهب إلى أبعد من ذلك فأزعم أن بعض الغيّ رشد. أنا ما أدري هل هو في كامل عقله لما قال هذا الكلام والله المستعان. ولولا أنه قد مات وأفضى إلى ما قدم لذكرنا بعض سيرته التي لا يستغرب منها أن يقول مثل هذا الكلام. (غرامي صحيح) قلنا إن الغرام هو الحب الشديد الملازم لصاحبه، والحب يبدأ بشيء يسير، ثم تروى شجرته بترديده في الذهن وعلى اللسان حتى يصل بالشخص إلى أن يكون عبدًا لغير الله كما إذا وصل إلى حد التتيم وهو التعبد لغير الله. وقلنا: إن عنوان هذه القصيدة  أخذ من أول جملة فيها والله المستعان، ونقرأ نسمع نعم سم.

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، قال الحافظ الزاهد أبو العباس أحمد بن فرح الإشبيلي الشافعي في قصيدته الموسومة بغرامي صحيح:

غرامي صحيح والرجا فيك معضل

 

وحزني ودمعي مرسل ومسلسل

وصبري عنكم يشهد العقلُ أنه

 

ضعيف ومتروك وذلي أجمل

ولا حسنٌ إلا سماع حديثكم

 

مشافهة يملى عليَّ فأنقل

وأمري موقوف عليك وليس لي

 

على أحد إلا عليك المعوّل

ولو كان مرفوعًا إليك لكنت لي

 

على زعم عذالي ترق وتعدل

وعذل عَذولي منكر لا أسيغه

 

وزور وتدليس يرد ويهمل

أقضي زماني فيك متصل الأسى

 

ومنقطعًا عما به أتوصّل

وها أنا في أكفان هجرك مدرج

 

تكلفني ما لا أطيق فأحمِل

وأجريت دمعي فوق خدي مدبجًا

 

وما هي إلا مهجتي تتحلل

يقول المؤلف رحمه الله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم، البسملة ثابتة في كثير من النسخ وهذا الأصل من شخص عُرف بالعلم والعمل ألا يترك البسملة، فهي ثابتة، افتتح بها اقتداء بالقرآن الكريم وعملاً بالحديث وهو ضعيف «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله فهو أقطع» وضعفه معروفٌ عند أهل العلم، لكن يعملون به في مثل هذه المواطن كاالفضائل، أقول: مثل هذا المؤلف يبدأ بالبسملة، لكن هل تتصورون أن يصل الأمر ببعض المؤلفين أن يكتب في العقيدة كتابًا في خمسة مجلدات ويصدرها بقوله في مقدمته: كانت الكتب التقليدية تبدأ بالبسملة والحمدلة أنا ما أدري ماذا يريد هذا؟ نسأل الله السلامة والعافية، على كل حال المؤلف ابتدأ بالبسملة والكتاب العظيم افتتح بالبسملة، وكتب النبي -عليه الصلاة والسلام- ومراسلاته تفتتح بها والكُتب كما يقرر أهل العلم في حكم الرسائل وليست في حكم الخُطب؛ لأن المؤلِّف  يكتبها ويبعثها لطلاب العلم فهي في حكم الرسائل؛ ولذا يجردها كثير من أهل العلم عن الحمدلة كالبخاري مثلاً ما افتتح كتابه بالحمدلة. يقول المؤلف رحمه الله تعالى وعفا عنا وعنه: غرامي صحيح، غرامي عرفنا معناها ويريد من قوله صحيح الإشارة إلى النوع الأول من أنواع علوم الحديث وهو الصحيح، والصحيح يطلق على الأجسام ويقابلون به السقيم المريض ويقابلون به المكسور من الدراهم، فيقولون: هذه دراهم صحاح وهذه مكسرة، وزيد صحيح وعمرو مريض، ويطلق أيضًا على المعاني من باب الحقيقة العرفية. والصحيح فَعِيْل، وحدّه عند أهل العلم ما توافر فيه الشروط الخمسة: ما رواه عدل ضابط بسند متصل غير معلل ولا شاذ، فلا بد من عدالة الرواة، وتمام الضبط، واتصال الإسناد،  والسلامة من الشذوذ، والسلامة من العلة القادحة؛ ولذا يقول الحافظ العراقي في تعريفه:

فالأول المتصل الإسنادِ

 

بنقل عدل ضابط الفؤادِ

عن مثله من غير ما شذوذِ

 

وعلة قادحة فتوذي

 والوقت قد لا يسمح بشرح وتحليل التعريف من كل وجه لكن نقتصر منه على ما يُسعف به الوقت، فالعدل هو كما يقول أهل العلم: من له ملكة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة، هذا هو العدل، ويكون ذلك بأن يجتنب المحرمات، ويفعل الواجبات، ويترك ما يخل بالمروءات. والضابط: الحافظ الذي يثبت في حفظه أو في كتابه-على القول- بجواز الرواية من الكتاب ما سمعه بحيث يؤديه متى ما أراد أو عند الحاجة إليه كما سمعه. والعدل الضابط اصطلح أهل العلم على أن من جمعت فيه هاتين الصفتين العدالة والضبط يسمى الثقة عند أهل العلم، فالثقة شرط أوركن من أركان الرواية، شرط والا ركن؟ لأن منهم من يقول شرط ومنهم من يقول ركن الاشتراط واضح لكن الركنية وش الفرق بين الشرط والركن؟

طالب: ...............

قبل العبادة طيب والركن.

طالب: ...............

هم يقولون أن الشرط خارج الماهية والركن داخل الماهية.

أجمع جمهور أئمة الأثر

 

والفقه في قبول ناقل الخبر

بأن يكون ضابطًا معدلاً

 

أي يقظًا ولا يكن مغفلاً

لا بد من أن يكون عدلا، لا يرتكب المحرمات ولا يخل بالواجبات، ولا يعني ذلك أنهم يشترطون العصمة لا، قد يحصل منه هفوة ثم يتوب عنها ولا يصر عليها، بسندٍ متصل بأن يكون كل راو من رواته قد تحمله عمن فوقه بطريق معتبر من طرق الرواية، من طرق التحمل الثمان: السماع من لفظ الشيخ، والقراءة على الشيخ، والإجازة، والمناولة، والمكاتبة، والإعلام، والوجادة، والوصية، فإذا كان كل راو من رواته قد تحمله بطريق معتبر صحيح يكون سنده متصلاً.

 غير معلل أو معل كما هو التعبير الصحيح فيما حققه الحافظ العراقي وغيره من المحدثين يقولون معلل، وقد يقولون معلول، قال أهل اللغة كالجوهري وغيره: إن معلول لحن ومعلل مرذول ضعيف فالصواب أن يقال معل بلام واحدة. ولا شاذ بألّا يتفرد به من لا يحتمل تفرده على قول، أو مع المخالفة فيما حققه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

وذو الشذوذ ما يخالف الثقة

 

فيه الملا فالشافعي حققه

فإذا توافرت هذه الشروط صار الحديث صحيحًا مقبولاً بالاتفاق.

..... والرجاء فيك معضل

 

..................

المعضل نوع من أنواع علوم الحديث اختل فيه شرط من شروط القبول وهو الاتصال،

 وهو ما سقط من إسناده راويان فأكثر على التوالي، ويشترطون ألا يكون السقط من مبادئ السند ليفترق بذلك عن المعلق، والمعضل اسم مفعول من الإعضال وهو الشدة في الأمر، هذا أمر معضل أي مستغلق شديد، فبإسقاط الراوي لاثنين من رواته جعل أمره مستغلقًا شديدًا على الناظر فيه؛ لأنه إذا سقط واحد كان الأمر أسهل، ويمكن إدراكه بمعرفة الشيوخ والتلاميذ، يعني إذا رجعت إلى شيوخ من ذُكر وتلاميذ من فوقه أدركت هذا الساقط، لكن إذا كان الساقط اثنين يصعب عليك أن تحصل عليه ولذا سموه إعضال.

والمعضل الساقط منه اثنان

 

فصاعدًا ومن قسم ثاني

حذف الصحابي والنبي معا

 

وقف متنه على من تبع

يعني حديث معروف بسند متصل يذكر فيه جميع الرواة إلى الصحابي ويرفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ثم يأتي من الرواة من يجعله من قول التابعي فيحذف الصحابي ويحذف النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول ابن الصلاح: وهذا باستحقاق اسم الإعضال أولى وعرفنا أن المعضل من الضعيف لاختلال شرط من شروط القبول وهو اتصال السند.


 


.............

 

وحزني ودمعي مرسل ومسلسل

هذا فيه على ما يقال اللف والنشر المرتب، يريدون أن يجعلوا الحزن مرسل والدمع مسلسل، حزني مرسل ودمعي مسلسل، ما معنى اللف والنشر المرتب وغير  المرتب؟ اللف أن يُؤتى بالشيء على سبيل الإجمال ويذكر أكثر من شيءعلى سبيل الإجمال ثم تفصَّل و يذكر ما يتعلق بها تفصيلا إن كان على نفس ترتيب المجملات سمي مرتبًا، وإن اختلَّ الترتيب سُمي غير مرتب، وقد يطلقون عليه اللف والنشر المشوش، وكل منهما من فصيح الكلام،المرتب والمشوش، وجاءت بذلك النصوص، بل أفصح الكلام وهو القرآن جاء فيه اللف والنشر المرتب وغير المرتب فمثال اللف والنشر المرتب ما جاء في سورة هود ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ هود: ١٠٥  ثم بدأ بالأشقياء ﯠ ﯡ ﯢ هود: ١٠٦  ثم ثنّى بالسعداء ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ هود: ١٠٨  على نفس الترتيب للمجملات، وأما غير المرتب فمثاله ما جاء في سورة آل عمران ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ  ﯛﯜ ﯝ ﯞ ﯟ آل عمران: ١٠٦  بدأ بالثاني ما بدأ بالأول، وهم يقولون هذا مرتب لأن الحزن مرسل والدمع مسلسل، الذي يعنينا من هذا لفظ (مرسل) ولفظ (مسلسل) اللذان هما النوعان: الثالث والرابع من أنواع علوم الحديث التي ذكرها الناظم، المرسل اسم مفعول من الإرسال وهو المطلق من غير قيد من قولهم أرسله إذا أطلقه ويختلفون في تعريفه اصطلاحًا لكن الأكثر وهو الذي استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين أنه ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقيّد التابعي بالتابعي الكبير ومنهم من يطلقه بإزاء الانقطاع من أي موضع كان.

مرفوع تابع على المشهور

 

فمرسل أو قيده بالكبير

أو سقط راو منه ذو أقوال

 

.............

فالمرسل ما سقط  فيه الراوي ورفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والتابعي حينما رفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يحتمل أن يكون قد حذف الصحابي فقط، فالتابعي يرويه عن صحابي وحذفه لكن من يضمن لنا هذا؟ لاحتمال أن يكون هذا التابعي يرويه عن تابعي آخر فحذفه مع الصحابي أو عن تابعي عن تابعي عن صحابي فيكون حذف اثنين من التابعين مع الصحابي، وقد يرويه عن ثلاثة من التابعين وقد يرويه عن أربعة، وقد يرويه عن خمسة من التابعين عن الصحابي ويحذف الخمسة ويبقى واحد، ويصح أن يطلق عليه مرسل لأنه ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن حيث الوجود وجد ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض لكنه نادر، وهو في حديث متعلق بفضل سورة الإخلاص،    وعند النسائي و أحمد في المسند وغيرهما ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض وهو أطول إسناد في الدنيا كما يقول الإمام النسائي رحمه الله، ويوجد خمسة من التابعين يروي بعضهم عن بعض، ويوجد أربعة من التابعين وهذا كثير، ويوجد ثلاثة وهو أكثر، وأما رواية الاثنين من التابعين بعضهم عن بعض فهذا كثير جدًا، إذا كان التابعي يحتمل أن يكون قد رواه عن تابعي آخر وحذفه، فلو كان المحذوف الصحابي فقط فلا إشكال؛ لأن الصحابة كلهم عدول ذُكروا أو حذفوا؛ ولذا لو قال: عن رجل صحب النبي -عليه الصلاة والسلام- انتهى الإشكال ولم يلزمنا البحث عن اسم هذا الرجل مادام ثبتت صحبته، لكن لاحتمال أن يكون المحذوف تابعي، والتابعون فيهم الثقة وغير الثقة؛ ولذا كان رأي الجمهور رد المراسيل، نعم في أول الأمر وفي الصدر الأول كانت المراسيل مقبولة؛ ولذا ذكر ابن عبد البر وقبله ابن جرير الطبري أن التابعين بأسرهم يحتجون بالمراسيل، ولم يُعرف رد المراسيل إلى رأس المائتين، حتى جاء الإمام الشافعي- رحمه الله- فاشترط شروطا لقبوله، والإمام أحمد يعدُّه من الضعيف إن لم يكن معروفا، ويحتج به مالك وأبو حنيفة وأتباعهم.

واحتج مالك كذا النعمان

 

به وتابعوهما ودانوا

ورده جماهر النقاد

 

للجهل بالساقط في الإسناد

وصاحب التمهيد عنهم نقله

 

ومسلم صدر الكتاب أصّله

والمرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالحديث مردود كما يقول الإمام مسلم، والطبري نقل اتفاق التابعين على أنهم يقبلون المراسيل، بل نقل إجماع التابعين بأسرهم على أنهم يقبلون المراسيل وأنه لا يعرف رده حتى جاء الإمام الشافعي على رأس المائتين، ويُذكر عن سعيد بن المسيِّب أنه يرد المرسل ولا يقبل من تابعي رواية حتى يسنده إلى الصحابي فهل يستدرك بسعيد على الإمام الطبري؟ ونقول الإجماع الذي ذكره الطبري منقوض؟

طالب: ...............

يستدرك به فيقال الإجماع منقوض،  وفيه جواب عن قول الطبري.

طالب: ...............

فكونه قول الأكثر نعم، فالإجماع عند الطبري هو قول الأكثر؛ ولذا كثيرا مايذكر في تفسيره الخلاف في معنى آية، أو في قراءة، فيذكر قول الأكثر، ثم يقول: وخالف في هذا فلان وفلان، والصواب في ذلك عندنا الأول لإجماع القَرَأة على ذلك، فكيف يكون إجماع القرأة وأنت قد ذكرت مخالف؟! ، فالإجماع عنده قول الأكثر، وهذا مستفيض عنده في كتبه يستعمله.

 فالمرسل من قسم الضعيف عند الأكثر على ما بيّنا في احتمال أن يكون الساقط منه غير الصحابي مع الصحابي تابعي أو أكثر، والشافعي رحمه الله تعالى يقبل المراسيل بشروط: أن يكون المرسِل من التابعين الكبار، وأن يكون ممن لا يسمي إذا سمى إلا ثقة، وأن يكون هذا المرسِل إذا شارك أحدًا من الحفاظ لم يخالفه، وأن يكون للخبر المرسَل شاهد يزكيه من مسند أو مرسل آخر يرويه غير رجال الأول، أو يفتي به عامة أهل العلم، يعني يقبله أهل العلم ويتلقونه بالقبول، فهذا يقبله الشافعي، ومثل ما ذكرنا: مالك وأبو حنيفة يقبلون المراسيل ويحتجون بها  وتابعهم على ذلك أتباعهم. ومسلسل من التسلسل وهو التتابع، وهو اتفاق الرواة وتتابعهم على صفة قولية أو فعلية أو وصف، فمثال الصفة القولية  ماجاء في حديث «يا معاذ إني أحبك» ثم قال معاذ للراوي عنه: إني أحبك، ثم قال للراوي عنه: إني أحبك إلى يومنا هذا، ومازال يتسلسل ومن أشهر المسلسلات: الحديث المسلسل بالأولية «الراحمون يرحمهم الرحمن» كل راوي من رواته إلى يومنا هذا وهو يقول: وهو أول حديث سمعته، فهو مسلسل بالأولية لكن انقطع تسلسله عند سفيان، وذكره بعضهم بالتسلسل التام ولا يصح، والتسلسل بالأفعال كالتبسم عند التحديث، وكقبض اللحية، وكونه يقوم إذا أراد أن يُحدِّث، فهذا تتابع على أفعال، وقد يتسلسل بالأسماء كأن يكون جميع الرواة محمدين لكن هل يمكن أن يوجد حديث مسلسل بالمحمدين إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؟  هل يوجد صحابي اسمه محمد؟

طالب: محمد بن أبي بكر.

 محمد بن أبي بكر ما سمع من النبي -عليه الصلاة والسلام-.

وليست له رواية والخلاف في صحبته معروف؛ لأنه ما أدرك من حياة النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا ثلاثة أشهر وسيرته أيضًا لا تؤهله لأن يكون صحابيًا.

طالب: محمد بن مسلمة.

وغيره، هل يوجد صحابي اسمه أحمد؟ على كل حال قد يتسلسل بأسماء الرواة وقد يتسلسل بوصف من أوصافهم كالفقهاء مثلاً، أو يتسلسل بصيغ الأداء، كأن يكون كل راوٍ من رواته يقول سمعت فلانا يقول، والغالب على المسلسلات الضعف؛ ولذا ما صنف في ذلك تجدون فيه العجائب.

طالب: .............

لا أصل له. يقول:

وصبري عنكم يشهد العقلُ أنه

 

ضعيف ........

وصبري عنكم يشهد العقل أنه

 

ضعيف ومتروك وذلي أجمع

يهمني من هذا البيت النوع الخامس الذي ذكره، وهو الضعيف  والسادس وهو المتروك.

والضعيف عرّفه ابن الصلاح بأنه: ما لم تجتمع فيه صفات الحديث الصحيح ولا صفات الحديث الحسن، والحافظ العراقي رحمه الله تعالى يقول: لا نحتاج إلى ذكر الصحيح في الحد لأنه إذا لم تتوافر فيه شروط الحسن فمن باب أولى ألا تتوافر فيه شروط الصحيح، يعني أن ما قَصُر عن رتبة الحسن فهو عن رتبة الصحيح أقصر، وهذا الكلام ينبني على ما بين الألفاظ الثلاثة من النِّسب: الصحيح والحسن والضعيف هل بينها تباين والا تداخل؟ إذا قلنا إنها متباينة لا بد أن نذكر الصحيح لأنه قد لا تتوافر فيه شروط الحسن لكن تتوافر فيه شروط الصحيح، فعلى هذا لا بد من ذكر الصحيح في الحد، وإذا قلنا إنها متداخلة بمعنى أنه لا يمكن أن يصل إلى درجة الصحيح حتى يمر بالحسن، وبالمثال يتضح المقال، يعني هل بين هذه الكلمات: صحيح وحسن وضعيف مثل ما بين: اسم وفعل وحرف؟ هذه متباينة، وكل واحد له حقيقته؛ ولذا إذا عرّفوا الحرف قالوا إنه ما لا يقبل علامات الاسم ولا علامات الفعل، لا يكتفون بالفعل ولا يكتفون بالاسم؛ لأن بينها تباين، لكن لو قلنا بالتداخل وأنه لا يمكن أن يصل الصحة حتى يتجاوز الحسن مثل الشباب والكهولة والشيخوخة هل تستطيع أن تُعرِّف الشاب بأنه ما لم يصل إلى حد الشيخوخة والكهولة أو تكتفي بالكهولة؟ وإذا لم يصل إلى حد الكهولة فهو عن حد الشيخوخة أقصر؟ هذا إذا قلنا بالتداخل الكلام كثر في هذه المسألة لكن الحافظ العراقي يرى أنه لا داعي لذكر الصحيح.

أما الضعيف فهو ما لم يبلغ

 

مرتبة الحسن ......

لأنه إذا لم يبلغ مرتبة الحسن فكيف يتصور أن يصل إلى مرتبة الصحة؟ لكن هذا ينبني على قولنا أنه بينها تداخل، وهي متداخلة من وجه متباينة من وجه، فلقول العراقي أصل، ولقول ابن الصلاح أصل، فهي متباينة من وجه متداخلة من وجه، لكن كيف نقرر التباين والتداخل؟ التداخل في الشروط الأربعة؟ في شرط الضبط؟ لا، إذا تصورنا أن القسمة الرباعية صحيح لذاته، صحيح لغيره، حسن لذاته، حسن لغيره، قررنا ما بين الصحيح والحسن من النِّسَب فالصحيح لذاته هل يلتقي مع الحسن لغيره.

طالب: على هذا ما يلتقي.

تباين.

طالب: ما يلتقي.

لكن الصحيح لغيره مع الحسن لذاته تداخل، فلكل منهما وجه؛ ولذا الحافظ ابن حجر خرج من هذا الإشكال بكلام مقنع، وعرّف الضعيف بأنه: ما لم تتوافر فيه شروط القبول، فارتاح، شروط القبول التي هي شروط الصحيح وشروط الحسن هذا هو الضعيف، وأقسامه كثيرة، وأسباب الضعف اختلال شرط من شروط القبول، فإذا لم تتوافر شروط القبول حُكم على الخبر بأنه ضعيف، فإذا  كان في رواته من ليس بعدل أو ليس بضابط أو في سنده انقطاع أو فيه شذوذ ومخالفة أو علة قادحة حُكم بضعفه وأقسامه كثيرة جدًا، أما من حيث التنظير والتقسيم العقلي فلا نهاية لها، فأقسام الضعيف أوصلها بعضهم إلى أكثر من خمسمائة قِسم، وهذه قسمة عقلية وبسطها على هذه الطريقة لا طائل تحته، وأشار إلى أصل هذا البسط الحافظ العراقي في ألفيته ووضحها في شرحه عليها واعتنى بعضهم بتصنيفها بل بأكثر من مُصنف في بيان أقسام الضعيف لكن لا طائل تحته، يكفينا ما سماه أهل العلم باسم خاص أن نُعنى به، وما عدا ذلك فلا داعي لتتبعه؛ لأنه إن كان المراد معرفة حقائق هذه الأقسام  فما ثَمّ إلا الأقسام التي ثبتت تسميتها عند أهل العلم، وإن كان المراد من ذلك هو مجرد معرفة كم يصل العدد فهذه حقيقة مرة ينبغي أن تصرف الجهود إلى غيرها؛ لأنها لا طائل تحتها. (ضعيف ومتروك)، الضعيف يطلقونه على الضعف الخفيف وإن كان في الأصل يشمل الجميع؛ ولذا إذا قالوا في هذا الحديث أنه ضعيف واكتفوا بهذا ولم يقولوا ضعيف جدًا أو مطروح أو متروك أو موضوع أو لا أصل له في الغالب أنه يقبل الانجبار، فيكون ضعفه غير شديد، لكن المتروك ضعفه شديد، ويترك الحديث إذا كان راويه متهمًا بالكذب أو جاء الراوي الضعيف بما يخالف القواعد المقررة في الشرع فيترك حديثه ويطرح، والمتروك ضعفه شديد وجوده مثل عدمه لا يعتنى به؛ ولذا لا يقبل الانجبار ولو جاء من مائة طريق، وهو اسم مفعول من الترك، والترك إنما يكون فيما لا فائدة فيه والحديث المتروك لا فائدة فيه، ويقال لعنقود العنب إذا أخذ ما عليه من عنب يقال له تريك، والبيضة إذا فسد ما فيها أو أُكلت ولم يبق إلا القشر يقال تريكة، على كل حال المتروك المرغوب عنه الذي لا فائدة فيه يقول:

..........

 

...........وذلي أجمل

ولا حسن إلا سماع حديثكم

 

.............

ولا حسن هذا النوع السابع الذي ذكره المؤلف وقلنا في البداية أن هذه المنظومة لم يُعتن فيها بالترتيب المعتبر عند أهل العلم؛ ولذا قدّم المرسل والمسلسل والمتروك على الحسن، والحسن هو ثاني الأقسام.

وأهل هذا الشأن قسموا السنن

 

إلى ضعيف وصحيح وحسن

قُدم الضعيف من أجل الوزن وإلا فالأصل الصحيح والحسن والضعيف.


 


ولا حسن إلا سماع حديثكم

 

................

الحسن في منزلة متوسطة بين الصحيح والضعيف متأرجحة بينهما ولذا صعب تعريفه وحده عند أهل العلم حتى قال الذهبي وغيره إنه لا مطمع في تمييزه؛ لأن الصحيح له حد واضح والضعيف له حد واضح، والحسن في المنزلة بينهما؛ لأن وقوعه في هذه المنزلة إذا افترضنا أن عندنا واحد ومائة، وبينهما خمسين فهذه منزلة بين المنزلتين العليا والدنيا، لكن مَن يضبط لنا من أهل العلم أنه في الخمسين؟ لأن الرجال وأوصافهم وأخبارهم ليست معدة في قوالب بحيث لا تزيد ولا تنقص يعني المصنع يصنع ألوف مؤلفة من السيارات، ما تجد فرق بين هذه السيارات ويصنع ملايين من هذه الأكواب أو هذه الظروف ما تجد فرق، لكن الأمور المعنوية المبنية على أوصاف متفاوتة بين البشر يعني لا تكاد تجد اثنين بينهما اتفاق من كل وجه؛ ولذا يختلف أهل العلم في بيان منازلهم هذا يتساهل ويلحقه بالصحيح، وهذا يتشدد فيرده إلى الضعيف، وهذا يتوسط فيه؛ ولذا لما كان متأرجحًا بين هذا وهذا قد ينشط العالم لبحثه والبحث عما يقويه فيلحقه بالصحيح، وقد يكسل، وهذا راجع إلى الحاكم نفسه، وهناك أمور وأوصاف ترجع إلى المحكوم عليه؛ ولذا لا يجد طالب العلم إشكالا في من اتُّفق على توثيقه ولا في من اتفق على تضعيفه، لكن الإشكال فيمن اختلف العلماء في توثيقه وتضعيفه هذا الذي يحتاج إلى مزيد عناية، وهو الذي يُشكل على طلاب العلم، وتبعًا لذلك مرويه مشكل جدًا حتى قال بعضهم إنه لا مطمع في تمييزه، وعلى كل حال عرّف بتعريفات كثيرة ولعلنا نسير على كلام الحافظ العراقي لأنه يمكن ضبطه عندكم، يقول الحافظ العراقي في الحسن:

والحسن المعروف مخرجاً وقد

 

اشتهرت رجاله بذاك حد

حمدٌ ...........

 

.........

هذا تعريف الخطابي حمد بن محمد البستي الخطابي في معالم السنن، قسم الأحاديث إلى ثلاثة أقسام وقال: الحسن ما عُرف مخرجه واشتهر رجاله.

لكن قوله:(عرف مخرجه) لا يفيدنا شيء غير مجرد معرفة مخرجه، لكن قد يعرف مخرجه وهو ضعيف، وقد يعرف مخرجه وهو صحيح، فليس في هذا ما يُميز الحسن عن الصحيح والضعيف، وقوله: (اشتهرت رجاله) اشتهروا بماذا؟ اشتهروا بالضبط والحفظ والإتقان إذًا صحيح، اشتهروا بالضعف إذًا ضعيف، على كل حال هذا التعريف ليس على طريقة الحدود التي من شرطها أن تكون جامعة مانعة، منهم من يقول إن بقية كلامه داخل في الحد: (وهو الذي يقبله أكثر العلماء ويستعمله عامة الفقهاء) إذا أدخلنا هذا في الحد وهو الذي يقبله أكثر العلماء فالصحيح يقبله جميع العلماء والضعيف لا يقبله أحد، إذًا يصلح أن يكون قيد مخرج للصحيح والضعيف، فإذا قلنا إن هذا تابع للحد قلنا نعم يخرج الصحيح، لكنه ليس على طريقة التعاريف، إنما هو ذكر للحكم، وذكر الحكم في الحد مردود عند أهل العلم؛ لأن الحد يتم بواسطته التصور فإذا احتجنا إلى الحكم لتمام التصور صار تصورنا ناقصًا، والحكم على الشيء فرع عن تصوره ولذا قالوا:

وعندهم من جملة المردود

 

أن تذكر الأحكام في الحدود

على كل حال هو ليس على طريقة التعاريف.

وقال الترمذي ما سلم

 

من الشذوذ مع راوي ما اتهم

بكذب ولم يكن فردا ورد

 

قلت وقد حسّن بعض ما انفرد

وقال الترمذي ما سلم

 

من الشذوذ ..........

يعني ليس بشاذ ومن باب أولى ألا يكون منكرًا.

....... ما سلم

 

من الشذوذ مع راو ما اتهم

بكذب ...........

 

.................

ما اتهم بالكذب لكن هل يكفي في راوي الحديث الحسن ألا يكون متهما بالكذب؟ لا يكفي ألا يكون متهمًا بالكذب، فقد يكون متهما بما هو دون الكذب ويكون ضعيفًا، وكأنه يريد بنفي التهمة بالكذب الضعف الشديد ولذا قال: ولم يكن فردًا ورد، يعني يطلب لمثل هذا الحديث الذي سلم من الشذوذ وراويه ضعيف لكن ضعفه غير شديد أن يروى من غير وجه، وكأنه يشير بهذا إلى النوع الذي اصطلح المتأخرون على تسميته الحسن لغيره، لكن يُشكل على هذا كونه حسّن بعض الأحاديث التي لا تثبت إلا من طريق واحد.

..............

 

قلت وقد حسن بعض ما انفرد

يعني هو نفسه يقول: هذا حديث حسن غريب وهو يشترط لتسمية الحديث حسنًا أن يروى من غير وجه، كلام الترمذي إلى حد ما يمكن تنزيله على الحسن لغيره، ونزّله عليه ابن الصلاح ونزل كلام الخطابي على الحسن لذاته.

وقيل ما ضعف قريب محتمل

 

............

هذا تعريف ابن الجوزي: الحديث الذي ضعفه قريب محتمل، لكن إلى أي حد يمكن أن يحتمل الضعف؟ هل في تعريفه ما يدل على بيان الحد الفاصل الذي يحتمل فيه من الضعف ما بين ولذا يقول الحافظ العراقي:

.........

 

وما بكل ذا حد حصل


 


يعني كل التعاريف الذي ذكرناها ما حصل بها حد ولا تعريف جامع مانع  وقال: إذا قال الحافظ العراقي قال بدون ذكر للفاعل يريد بذلك ابن الصلاح.

وقال بان لي بإمعان النظر

 

أن له قسمين كل قد ذكر

قسمًا وزاد كونهما عُللا

 

ولا بنكر أو شذوذ شملا

هذا الكلام كله يؤكد أن تعريف الحسن صعب وتمييزه من غيره فيه صعوبة، لكن تستروح النفس أن الحديث الحسن: ما يرويه الراوي المتوسط بين من وثّقه الأئمة وبين من ضعفوه، أو الحديث الذي يتوسط في أمره بين ما يصححه الأئمة أو يضعفونه، ويبقى أنه في مرتبة متأرجحة حتى يأتي من يتساهل فيحكم عليه بالصحة، أو يشدد فيحكم عليه بالضعف، ابن حجر وغيره ممن اعتمد قواعد مطردة من المتأخرين جعلوا الحديث الحسن على قسمين: حسن لذاته وهو الصحيح إلا أنه خف ضبط راويه، فتشترط فيه شروط الصحيح عدالة الرواة والسلامة من الشذوذ والعلة واتصال السند، لكن الضبط ينقص قليلاً عن ضبط راوي الصحيح، لكن راوي الصحيح ولنأخذ على سبيل المثال صحيح البخاري أو مسلم رواتهم جازوا القنطرة ومروياتهم صحيحة، فهل هم على مرتبة واحدة؟ ليسوا على مرتبة واحدة ولا يقول بهذا أحد بل رجال الصحيح على مراتب، منهم من هو في أعلى درجات الصحيح ومنهم من هو دون ذلك وهو في حيّز الصحيح، فإذا قلنا إنه خف عن جميع مراتب رجال الصحيح والمسألة مردها إلى غلبة الظن في ثبوت الخبر، فإذا كان يغلب على الظن ثبوت الخبر دخل في دائرة القبول فإذا قوي الظن وصل إلى درجة الصحيح، ضعُف قليلاً فهو الحسن، إذا لم يغلب على الظن ثبوت الخبر نزل إلى درجة الضعيف وبهذا نعرف أن هذا العلم وإن تطاول عليه من تطاول من طلاب العلم المبتدئين وصاروا يدرسون الأسانيد ويحكمون على الأحاديث ويوهِّمون أهل العلم أنهم ليسوا على الجادة، فهذا مثال واحد يبين أن دون ذلك خرط القتاد، تجد شاب يقول ضعّفه أحمد وابن معين وأبو حاتم والدارقطني وهو في نقدي صحيح، الأئمة الكبار أحكامهم بعد استقراء تام وتتبع وإحاطة بالمرويات، فإذا حكموا على حديث من الأحاديث في باب من الأبواب يكون حكمهم هذا بعد   تصور واستقراء تام لجميع ما ورد في الباب، أما أنت يا مسكين كيف تحكم وأنت ما تحفظ؟ بعض الطلاب لو تسأله عن الأربعين وجدته ما حفظ الأربعين، ومع ذلك يتصدى وينبري للتصحيح والتضعيف ويذكر فلان أخطأ وفلان كذا، مجالس صغار طلاب العلم الآن معمورة بمثل هذا، سواء الكلام في أهل الحديث أو في غيرهم من أهل العلم، وهذا التطاول لا شك أنه سبيل إلى الحرمان من العلم والعمل، والإنسان إذا لم يعرف قدر نفسه لم يعرف كيف يتعامل معها، فلا بد أن يعرف الإنسان قدر نفسه، تقارن نفسك بمن يحفظ سبعمائة ألف حديث! هذا يكفيه شم الحديث، مجرد ما يسمع كلمة من الحديث يعرف هل تثبت أو لا تثبت؟ هل يمكن أن ينطق النبي -عليه الصلاة والسلام- بمثل هذه الكلمة أو لا يمكن؟ فعلى طالب العلم أن يُعنى بهذا وأن يتأدب مع أهل العلم، وقل هذا في جميع الفنون، تجد طالب علم يتطاول على الأئمة الكبار الفقهاء، ولما انتشرت موضة الثورة على التقليد قبل ربع قرن أو أكثر نال الناس من الأئمة ومن مؤلفاتهم ومن مصنفاتهم، شاب صغير يقول: ماذا تحفظون في هذه المسألة ؟ قال أحفظ قول الإمام الشافعي. قال: دعونا من التقليد، قال الثاني: أحفظ قول الشيخ ابن باز، وقال الثالث: أحفظ قول الشيخ الألباني، قال نعم على العين والرأس، أين ذهب هل خرج عن ربقة التقليد؟    لا يمكن، وادعاء الاجتهاد المطلق لا يمكن، ولو قيل باستحالته ما بعُد، نعم العلم وما يطلب من الإنسان لن يخرج عن دائرة قول الله جل وعلا ﯷ ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ الإسراء: ٨٥     لكن لو تصورنا شخصا يجتهد في استنباط الأحكام من الأحاديث، ودعونا نفترض هذا في شخص موفَّق وعنايته بالسنة مشهورة كالشيخ ابن باز مثلاً، أو الشيخ الألباني- رحم الله الجميع- هل نتصور أن الشيخ ابن باز مجتهد مطلق في كل مسألة مسألة؟ لا يمكن، الشيخ يحرص على أن يكون له مستند من كتاب أو سنة وهذا معروف، وهذا ديدنه من منذ أن بدأ بالعلم والتعليم، لكن هل يتصور أن الشيخ يجتهد في كل مسألة؟ ويتسع وقته لهذا؟! أعطونا الأحاديث جاهزة مصححة ومحكوم عليها تجاوزنا هذه المرحلة، عندنا المسألة والأحاديث أمامنا ما تحتاج إلى حكم، نفترض هذا، لكن هذا لا يمكن، كم في دواوين الإسلام من حديث تجاوز هذه المرحلة؟! فهل يمكن أن يقال: إن هذه الأحاديث تحتاج إلى مجتهد يحكم عليها كلها لايقلد أحد في أحكامه على الأحاديث، ثم يتجاوز الحكم على الأحاديث إلى الحكم على الرواة كل راو بعينه، هذا الذي افترضنا فيه أنه مجتهد مطلق حكم على جميع الرواة بما أداه إليه اجتهاده بعد النظر التام في جميع أقوال أهل العلم ثم تجاوز هذه المرحلة فحكم على جميع الأحاديث بهذه الطريقة ثم ثبتت عنده الأحاديث التي يريد الاستنباط منها فاستنبط من جميع هذه الأحاديث، فهل هناك عمر يستوعب هذا؟! يعني لو تصورنا الشيخ رحمة الله عليه يصحح ويضعف لكن عمدته على المتأخرين هاتوا التقريب ردوا التقريب لكن لو محّص بنفسه كل ما قيل هات راوٍ من الرواة هات مثلاً عشرين ألف راوي في الكتب الستة والمسند والكتب المتداولة وكل راوٍ من هؤلاء الرواة خذ نصفهم مثلاً ممن اتفق على تصحيحها أو توثيقها أو تضعيفها هؤلاء ارتحنا منهم، لكن عشرة آلاف راوي في كل راوي تبلغ الأقوال إلى عشرين أحيانًا، متى يتسنى لك أن تنظر في هذه الأقوال وأنت تريد أن تنظر أيضًا في هذه الأقوال من خلال صُحف هؤلاء الذين تكلموا في هذا الراوي من خلال خبرة ومعرفة هؤلاء،  يعني من خلال معرفته شخصيًا يعرفون أنه فلان بن فلان يصلي معهم في المسجد الفلاني هذا إذا كانوا ممن أدركوه أو رأوه أو من خلال عرض جميع مروياته على روايات الثقات، فأنا لا أقول هذا من باب التيئيس وإنما من باب أن يُشمر طالب العلم ولا يتراخى في طلب العلم؛ لأن الطريق شاق ولو كان العلم سهل وتحصيله يستطاع براحة الجسم لكان كل الناس علماء لما يُرى من رفع درجات ومنازل العلماء في الدنيا والآخرة، ، لكن دون ذلك الصعوبات، الله جل وعلا استشهد العلماء على أعظم مشهود به وهو الوحدانية، فلا يستطاع العلم براحة الجسم، وإذا علم الله جل وعلا صدق النية من الشخص أعانه ووفقه وسدده لكن عليه أن يسلك الجادّة وأن يأخذ العلم عن أهله ومظانه والجادّة المعروفة عند أهل العلم بالرفق واللين والتدريج لأن الشدة لا تأتي بشيء، فالذي جرنا إلى هذا الكلام صعوبة حصول تعريف جامع مانع للحديث الحسن، يعني هل معنى قول الذهب وغيره أننا على يأس تام من تعريف للحديث الحسن أو لا مطمع في تمييزه عن غيره أننا نلغي هذا الاصطلاح؟ لا، لا نلغيه لكن من أكثر ضبط القواعد عند المتأخرين وأتقنها وقارنها بإطلاقات المتقدمين مع كثرة المِران من التخريج وجمع الطرق ودراسة الأسانيد يصل إلى بغيته -إن شاء الله تعالى- وتتكون لديه ملكة لأن يحكم على الأحاديث بالقرائن على طريقة المتقدمين، وإلا لو عرضت مثلا حديثا على القواعد التي قررها المتأخرون ووصلت في نتيجتك إلى أن هذا الحديث بهذا الإسناد أو من خلال الأسانيد التي جمعتها صحيح وقال أبو حاتم لا يثبت فماذا ستفعل أنت؟! تقول بلى يثبت؟! أو قال الإمام أحمد ضعيف أو قال الدارقطني منكر ماذا ستقول أنت؟! لا بد أن تبحث عن علة؛ لأنهم لا يحكمون عن هوى ولا تتصور في نفسك أنك اطلعت على طرق متباينة وسالمة من القوادح وهم لم يطلعوا عليها، وليس في هذا سد لباب الاجتهاد عند المتأخرين، وإنما هو حد من استرسال بعض طلاب العلم الذين امتلأت المكتبات بمؤلفاتهم، أحد طلابنا ما وصل الثلاثين والمطبوع من مؤلفاته أكثر من أربعين ويُصدر قريبًا مجموعة، وتحت الدراسة وقيد التحقيق مجموعة، ويعلن عنها، نعم لا يمنع أن يؤلف طالب العلم ولا يمنع أن يختصر ولا يمنع أن يخرج ويدرس لكن تكون مشاريعه عنده، لا يسرع ويبادر في إخراجها بل عليه أن تكون مركونة عنده ويراجعها وقد يبدو له خلال سنة أو سنتين أو ثلاث أو عشر ما يجعله يغيِّر رأيه في كثير من الأحكام، وهذا مر بنا ومر بغيرنا أننا استروحنا إلى تضعيف قول، ثم بعد ذلك وجدناه راجحًا، والأمثلة على هذا كثيرة، فطالب العلم مادام طالب ويتابع الطلب فهذا لا شك يرجى له خير- إن شاء الله- ويصل إلى الغاية والهدف الذي من أجله فرّغ نفسه.

 

 نعوِّد إلى كلام الناظم رحمه الله تعالى يقول:

ولا حسن إلا سماع حديثكم

 

............

إلا سماع رقم ثمانية.

..... إلا سماع حديثكم

 

مشافهة يملى علي فأنقل

هذا طريق من طرق التحمل بل هو أقوى طرق التحمل، السماع من لفظ الشيخ لكن المؤلِّف هل يريد سماع لفظ شيخ أو يريد سماع محبوب، نحن ما يهمنا مراده هو، لكن هو ألّفها على فنون الحديث وعلومه والعلماء تلقوها على هذا الأساس، فلا يهمنا ما في نفسه، فالسماع من لفظ الشيخ أعلى طرق التحمل، يليه القراءة على الشيخ الذي هو العرض، يلي ذلك الإجازة عند أهل العلم المقرونة بالمناولة، ثم الإجازة المجردة، ثم المكاتبة، ثم الإعلام، والوصية، والوِجادة،

والسماع من لفظ الشيخ والقراءة على الشيخ طريقان من طرق التحمل المُجمع على صحة التلقي بها على خلاف بينهم في المفاضلة بينهما، والجمهور على أن السماع من لفظ الشيخ أقوى من القراءة على الشيخ الذي هو العرض هذا قول الجمهور؛ لأن السماع هو الأصل في الرواية، الأصل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يحدث والصحابة يسمعون من لفظه، والرواية بطريق السماع مجمع على قبول ما يروى بواسطتها، الشيخ يحدث والطالب يسمع، وأعلى أنواع هذا القسم ما كان بطريق الإملاء، الشيخ معه كتابه أو يملي من حفظه والطلبة معهم أقلامهم وأوراقهم يكتبون، قالوا هذا أعلى أنواع السماع لما فيه من تحرز الشيخ والطالب، يعني إذا صار الشيخ يحدث والطلاب يحفظون قد لا يهتم بقدر ما يهتم إذا كان يملي عليهم إملاءً؛ لأنه إذا أخطأ الطالب في حفظه فالناس يلومون الطالب ويقولون الطالب أخطأ، لكن إذا كان الشيخ يملي إملاءً ونُقل بالقلم والعادة أن من يملي يترسل في إملائه وقد يردد الكلام حتى يكتب عنه، بينما الذي يحدث لا يترسل، فالسماع من لفظ الشيخ هو الأعلى وهو الأصل في الرواية يقول:

ولا حسن إلا سماع حديثكم

 

مشافهة يملى علي فأنقل

مشافهة يعني بدون واسطة، يلي ذلك العرض الذي هو القراءة على الشيخ، الطالب يقرأ والشيخ يستمع، وهذه أيضًا حصل فيها خلافٌ من أفرادٍ أُطلق عليه بأنه شذوذ، فالقول بعدم قبول الرواية بطريق العرض قول شاذ، ثم حصل الإجماع على صحة الرواية بها، ومثل ما قلنا السماع أفضل منه عند الجمهور وبعض العلماء يفضّلون العرض على السماع، والإمام مالك عنده سواء، قرأ عليك الشيخ أو قرأت عليه لا فرق عنده، بل يُنكر على من لا يتحمل إلا بطريق السماع، ولا يُعرف أنه حدث بالموطأ إنما يُقرأ عليه، منهم من فضّل العرض على السماع لماذا؟ لأن التحمل عن الشيخ بطريق السماع يعتريه ما يعتريه، فالشيخ قد يخطئ، قد ينسى، قد يسبق لسانه إلى شيء ثم لا يجد من ينبهه إلى هذا الخطأ، أمامه طلاب منهم من لم يسمع الخبر ألبتة، ومنهم من سمعه ويهاب الشيخ أن ينبهه، لكن إذا كان الطالب هو الذي يقرأ والشيخ يستمع ويُصغي إلى قراءته إذا أخطأ الطالب فإن الشيخ لن يتردد في الرد عليه، والمسألة مُفترضة في أهل الحديث الذين بهم حفظت السنة وإلا الواقع يشهد أن الشيخ قد يكسل أحيانًا، وأحيانًا يهاب الطالب، يقدر الطالب، ويحترم الطالب، وأحيانًا يلاحظ أمور تربوية في الدرس فيترك الطالب دون رد، لكن المسألة مفترضة في العلماء الذين حفظ الله بهم الدين، علماء الرواية لن يترددوا في الرد على الطالب؛ لأن المسألة ديانة، لكن هب أن طالبًا يقرأ على شيخ وأخطأ في خطأ نحْوي مثلاً نصب الفاعل أو رفع المفعول، فالأمر سهل،أو أخطأ في ضبط رجل ونُبه أكثر من مرة ثم في هذه المرة الشيخ ما نشط ملّ؛ ولذا لا يُعتمد على الضبط لاسيما في أسماء الرجال على مجرد أنها قرئت على فلان وما عدّل. في قراءة بعض الكبار على الشيخ عبد العزيز- رحمه الله- وأنا أعرف أنه يعتني بالرد نجد بعض الأسماء اللي ما تخفى على الشيخ لكنه في مقابل هذا الشيخ الكبير قد يتصوّر الشيخ أنه لو رد عليه كل شيء وعنده طلاب صغار ما يقدرون الناس أقدارهم قد يقعون في هذا الشيخ، يعني يتغاضى عن بعض الأمور، فلا يقال إن ضبط هذه الكلمة كذا لأنها قرئت على الشيخ وما عدّل ، و نحن جربنا بعض الكبار من الطلاب إذا صاروا يقرؤون يصعب أن الإنسان يرد كل شيء، ملاحظة لهذا الشيخ، وأيضًا تربية لهؤلاء الصغار، والله المستعان. وبعض الناس ما تعود القراءة فيكثر منه الخطأ فإن أردت أن ترد كل شيء صار كل الدرس ردود، وصار كله تلقين، وإن كان كبيرًا فالإملاء هو أعلى درجات التلقي بطريق السماع، والسماع هو الأعلى عند الجماهير ومنهم من فضّل العرض على السماع، أما الطريق الثالث من طرق التحمل فهو الإجازة، وما تعرّض لها المؤلف لكنها مهمة، فالإجازة طريق من طرق التحمل احتيج إليها وهي لا تعرف في الصدر الأول، لا تعرف عند الصحابة والتابعين وتابعيهم، وإنما احتيج إليها لما ضُبطت الكتب ودُوِّنت الأحاديث في الكتب وضبطت وأتقنت فصار السماع والعرض صعب جدًا، يعني يأتي طالب إلى شيخ ويريد أن يسمع الكتب الستة، الكتب الستة كم تحتاج إلى وقت؟! تحتاج إلى وقت طويل، فلو قال أنا لا أجيز إلا السماع أو القراءة اقرأ، ثم لما مضى شهرٌ أوشهرين وانتهى مجلد من صحيح البخاري جاء طالب فقال أقرأ عليك الكتب الستة! ماذا ستفعل بهذا ؟ تقول لا والله ما عندي استعداد، هو يريد أن يقرأ الكتب الستة، وإذا بدأ مع هذا فاته ما فاته فتضطر أن تجعل له وقت إضافي يسمع فيه أو يقرأ فيه ما فاته، ثم يأتي ثلاث بعد شهرين أو ثلاثة، يأتي رابع بعد ما ينتهي البخاري فحصلت معاناة شديدة باستمرار الرواية على هذه الطريقة والأحاديث ضُبطت في الكتب وأُتقنت ودُوِّنت ما عليها خطر، فرأى أهل العلم استحسانًا أنه يكتفى بالإذن بالرواية، أنت لو جئت تريد أن تقرأ علي صحيح البخاري،هذا هو صحيح البخاري،  اقرأ واروِ عني صحيح البخاري، فهي الإذن الإجمالي بالرواية عن الشيخ، يقول: اقرأ عني الكتب، اروِ عني الكتب الستة، والسبب هو الضرورة إلى مثل هذا، وإلا ما يعرف في لغة العرب أنك تقول أروي عن فلان وأنت ما سمعت ولا قرأت، ولا يُعرف أيضًا في السنة أن أن تقول أروي عن فلان وأنت ما سمعت ولا قرأت، يعني نظير هذا من يقول يا أخي أنت ثقة ولا يحتاج أن أذهب معك إلى كل موقع إذا رأيت شيء أثبت شهادتي معك، فقد أذنت لك أن تثبت شهادتي معك؛ ولذا من يمنع الرواية بالإجازة يرى أنها ضرب من الكذب يقول: من قال لغيره أذنت لك أن تروي عني ما لم تسمعه مني فقد أذنت لك أن تكذب عليّ، كأنه قال اكذب علي، كيف تروي عن شخص ما سمعته ولا قرأت عليه؟ هو أقرك على قراءتك لكن الضرورة جعلت أهل العلم يجيزون الرواية بالإجازة.

طالب: .................

كتب محددة لكن هم توسعوا الآن، فإذا قلت: هذا صحيح البخاري اروه عني، فهذه مناولة مقرونة بالإجازة من أعلى الأنواع، لكن أنت تريد أن تروي عني فماذا تقول: تروي العنوان أوتروي مفرداته؟ تقول: أذن لي فلان بقراءة أو أجازني فلان برواية صحيح البخاري؟ ما مفاد الرواية؟ مفاد الرواية أن تنقل عنه هذا الحديث لكن هذا الحديث أنت سمعته منه؟ ما سمعته منه، هل قرأته عليه وأقرك؟ ما قرأته، إنما هو إذن إجمالي برواية الكتاب وأجازوه من أجل الضرورة، الإمام أحمد يقول: لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة. نقول: الرحلة أمرها سهل لكن الإشكال فيمن يقول: من أجاز لغيره أن يروي عنه ما لم يسمعه منه فكأنه أجاز له أن يكذب عليه، ولولا الحاجة الماسة لاستمرار الرواية بالأسانيد التي هي خصيصة هذه الأمة ما جازت الإجازة، لكن أجازوها للحاجة. والإجازة تكون بمعلوم لمعلوم: أجزتك يا فلان بن فلان بن فلان بكتاب كذا، محددة من معلوم لمعلوم بمعلوم، أو بالكتب الفلانية الكتب الستة أو السبعة أو إلى آخره أو العشرة ثم تذكر هذه الكتب، توسعوا في الإجازة فصاروا يجيزون بإطلاق، الإجازات العامة، والإجازة على الإجازة، والإجازة للمعدوم، فصار يقول أحدهم: أجزت من قال لا إله إلا الله، أو أجزت أهل الإقليم الفلاني، أو أجزت أهل عصري، أو أجزت من يولد لفلان، أو تبعًا له أجزت لفلان ومن يولد لفلان، توسع غير مرضي، إذا كانت الإجازة في أصلها ضعيفة فتزداد ضعفًا بهذا التوسع. والمناولة إن كانت مقرونة بالإجازة فهي أقوى من الإجازة المجردة وإن خلت عن إذن وإجازة فهي باطلة.

وإن خلت عن إذن المناولة

 

قيل تصح والأصح باطلة

...........

 

قيل تصح والأصح باطلة

والرواية بالمكاتبة صحيحة، كتب الصحابة وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- بالكتابة «اكتبوا لأبي شاه»، والصحابة كتبوا إلى بعضهم وإلى التابعين، وكتب من بعدهم إلى من بعدهم إلى أن وصل إلى شيوخ الأئمة، ففي البخاري كتب إليهم محمد بن بشار، فالرواية بالمكاتبة صحيحة لا إشكال ومخرجة في الصحيحين وغيرهما، وهناك الرواية بالوصية، الوصية إذا ظهرت عليه أمارات الموت ودنا أجله قال: كتبي أعطوها فلان، منهم من أجاز الرواية بمجرد هذه الوصية، ومنهم من يقول: إنّه لا فرق بين الوصية بالكتب أو شراء الكتب، يعني هل  هناك فرق بين كونك تملك هذه الكتب من صاحبها بوصية أو بإرث أبو ببيع، هل لهذا أثر في الرواية؟ ولذا المعتمد عند أهل العلم أنها لا تصح الرواية بها. والإعلام: مجرد إعلام الشيخ الطالب بأن هذا من مرويه، وهذا يروي، يا فلان أنا أروي صحيح البخاري هل يسوغ لك أن ترويه عني لأني أخبرتك أني أروي صحيح البخاري؟ لا يسوغ، ومنهم من أجاز، نفر يسير قالوا تصح الرواية بمجرد الإعلام؛ لأنه لو لم يرد بهذا الرواية ما صار بهذا الإعلام فائدة، لكن المعتمد عند أهل العلم أن الرواية لا تصح لا بالوصية ولا بالإعلام. وأما الوجادة آخر الأقسام فهي: أن يجد بخط شيخه الذي لا يشك فيه حديثا أو أحاديث فيرويها عنه بالوجادة، فإن قال: وجدت بخط فلان فهذا لا إشكال فيه، كثيرًا ما يقول عبد الله بن أحمد في المسند وجدت بخط أبي، وإن قال حدثني فلان أو أخبرني فلان فهي منقطعة، ويقول أهل العلم فيها شوب اتصال؛ لأنك تجد بخط شيخك أو تجد بخط شيخ شيخك وأنت لا تشك أن هذا خطه، أو تجد بخط شخص قبلك بقرون، أهل الخبرة بالمخطوطات قد يحلف على أن هذا خط شيخ الإسلام وهو في القرن الخامس عشر، هذا فيه اتصال؟ ليس فيه اتصال، لكن إذا كان من شيوخه ولا يشك في خطه يقولون فيه شوب اتصال، لكن إذا كان بينهم مفاوز وليس من شيوخه بل ولا من شيوخ شيوخ شيوخه وبينهم قرون، نحن نعرف شيخ الإسلام ونحلف أن هذا خط شيخ الإسلام، لا يمنع أن نقول وقفنا بخط شيخ الإسلام أو بخط ابن حجر أو بخط الذهبي أو غيرهم من أهل العلم، فنروي كيفما وجدنا ونبين الواقع،   كثيرًا ما يوجد حواشي على الكتب ومقابلات هذه يُذكر أنها وجدت بكذا وبعض النساخ الجهّال يدخلون بعض الحواشي في صلب الكتب ويحصل في هذا إشكال كبير، لكن اشتراط أكثر من أصل يحل هذه المشكلة، ولا يكفي أصل واحد يُحدّث منه أو يطبع منه، على كل حال طرق التحمل معروفة عند أهل العلم وبسطها أكثر من هذا لا يحتمله الوقت.

..........

 

مشافهة يملى عليّ فأنقل

وأمري موقوف ......

 

.............

ويأتي في البيت الذي بعده مرفوع.

وأمري موقوف عليك وليس لي

 

على أحد إلا عليك المعوّل

هذا إذا كان كما صرّح في آخر المنظومة أنه يقصد شخص اسمه إبراهيم.

......... وليس لي

 

على أحد إلا عليك المعوّل

هذا غلوّ وإفراط -نسأل الله السلامة والعافية- إفراط لا يُقرّ وإن وُصف المؤلف بأنه عالم وأنه عامل وأنه مخلص لا، ما يمكن.

يقول هل شيوع الغزل في عصر الإمام ابن فرح كان داعيًا له أن يسهل العلم للناس من هذا الباب؟

هل الغاية تبرر الوسيلة؟! افترض أن عندك أناس لا يشهدون الصلاة وأنت بحاجة إلى أن تفيدهم فتأتي بوسيلة ممنوعة شرعًا لتحببهم إلى الصلاة أو التديُّن أو ما أشبه ذلك، يعني يصل الأمر إلى أن نرتكب المحرم من أجل الغاية والهدف النبيل؟! لا نرتكب المحرم، يا أخي لا ترتكب محرم من أجل غيرك لأن أهم ما عليك خلاص نفسك، ودعوتك لغيرك من أجل خلاص نفسك، فكيف تسعى لخلاص غيرك بما فيه هلاكك؟! هذا ما يصلح يا أخي أبدًا، إذا تساهل الناس في بعض الوسائل المحدثة لأن مفسدتها مغمورة مثلاً في سبيل المصلحة، أهل العلم تسامحوا في شيء من هذا، مكبر الصوت الآن كونه يستعمل في أخص العبادات وهي الصلاة يعني ألا يكون في النفس منه شيء؟! هذه الخطوط التي في السجاد ألا ينطبق عليها تعريف البدعة عند أهل العلم؟! لكن قل بدعة خفيفة جدًا مفسدتها مغمورة في جانب ما تحققه من مصلحة كبيرة، لكن إذا زادت البدعة ونحن نريد أن نحقق مصلحة فهذا لا يكون أبدًا لاسيما في العبادات الخاصة المحضة لا بد أن يكون لها أصل ومستند شرعي، من شيوخنا من مات وهو لم يستعمل المكبر يصلي بالناس صلاة العيد والاستسقاء وما يُسمع منه شيء، ورافض أن يصلي بالمكبر، يعني هل هذا إفراط هل تشديد هل هذا عنت؟ أبدًا يا أخي هو له وجهة نظر، لكن جمهور أهل العلم تواطؤوا على ذلك وحصل الآن شبه اتفاق على أن مثل هذا مصلحته راجحة ومفسدته مغمورة في سبيل المصلحة فتتجاوز؛ لأن الشرع جاء للموازنة بين المصالح والمفاسد فتتجاوز مثل هذه، لكن ينبغي إذا كان هذا الأمر على خلاف الأصل أن يقتصر منه على قدر الحاجة، فمثلا مسجد صفين أو ثلاثة يمكن أبلغ المصلين بصوتي، ومع ذلك أحضر مكبرات بمئات الألوف مثل مكبرات الحرم المكي!! يوجد في بعض المساجد الآن مؤثرات ومرددات للصوت كأن الإمام يقرأ عشر مرات لأجل ماذا؟ لأجل أن يقال فلان حسن الصوت؟! لا ما يكفي هذا، هذا لا يسوغ لك أن ترتكب هذه المحدثات، لكن ما يسمع صوتك الحمد لله، أهل العلم أفتوا بهذا وتتابعوا عليه ورأوا أنه يحقق مصلحة، وقل مثل هذا في الخطوط التي على السجاد تنظم الصفوف، واعتدال الصفوف مطلوب واستقامتها وإقامتها من تمام الصلاة والمفسدة مغمورة، وإلا فالحد الذي حده أهل العلم للبدع قد ينطبق عليها، لكن إذا زادت المفسدة عن تحقق مصلحة  نقول لا يا أخي الأصل العدم؛ ولذا كان الخلاف الكبير في الخط الذي يحاذي الحجر الأسود، فإذا طبقنا عليه تعريف البدعة انطبق، لكن إن قلنا إنه يحقق مصلحة كبيرة لأن كثيرا من الحجاج جاهل، وبعضهم يكبر إذا حاذا المقام، وبعضهم يكبر إذا حاذى الحجر، فهذا يحقق مصلحة لكن هناك مفاسد الآن ظهرت آثارها، يوجِد مشقة كبيرة على الطائفين، وناس يعتمد الصلاة عليه، وناس يعتقدون فيه اعتقادات، وهو بلاط جديد وما له سنوات ويعتقدون فيه ويتمسحون فيه ويظنون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وطئ عليه هذا لا شك أنه ترتب عليه مفسدة؛ ولذا الآن هم بمحل إعادة النظر فيه وإقامة ما يقوم مقامه مما لا يترتب عليه مفسدة، على كل حال ما عند الله لا ينال بسخطه، يعني كوننا نُقرب العلم بطريقة مثل هذه الطريقة أبدًا لا، ونعود ونكرر إلى أن اختيار مثل هذا الكتاب اقتراح من بعض الإخوان، قالوا ما بقي من المتون المشهورة إلا هذا قلنا لابأس، ومع ذلك نبين الواقع أنه ليس من المتون المتينة التي يمكن أن يُربى عليها طالب علم، هو أشبه ما يكون بفهرس لأصغر كتب المصطلح؛ لأنه كم فيه من نوع؟ ليس فيه إلا أقل من نصف الأنواع.

وأمري موقوف عليك وليس لي

 

على أحد إلا عليك المعوّل

هذا كلام شنيع، المعوّل على الله -جل وعلا- الذي بيده أزمة الأمور كلها. والموقوف هو:      ما يروى عن التابعين من قول الصحابي أو فعله، أويقال: الموقوف ما يروى عن الصحابي من قوله أو فعله.

ولو كان مرفوعًا إليك لكنت لي

 

على زعم عذالي ترق وتعدل

لو كان مرفوعًا يشير إلى المرفوع وهو النوع العاشر الذي ذكره وهو ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير أو وصف.

طالب: .................

هو لو لم يذكر في آخرها ما يشير إلى أنه يقصد شخص اسمه إبراهيم لقلنا أنه على طريقة الصوفية وأنهم يسترسلون في حب الله -جل وعلا- إلى حد يصل بهم إلى العشق والغرام والهيام كما وصل إلى سلطان العاشقين كما يقولون ابن الفارض وغيره وهذا مذموم بلا شك، لكن كون هذا البيت يصرف لغير الله جل وعلا هذا لا يقبل أبدًا ولو كان مرفوعًا.

طالب: .................

وأمري موقوف عليك وليس لي

 

على أحد .........

نكرة في سياق النفي تعم كل أحد، لا ما هو مقبول، هذا أسلوب غير مقبول إطلاقًا.

(ولو كان مرفوعًا) المرفوع ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من قول أو فعل أو تقرير أو وصف وما يضاف إلى الصحابي يسمونه الموقوف وما يضاف إلى التابعي يقال له المقطوع. والمقطوع غير المنقطع عند أهل العلم.

ولو كان مرفوعًا إليك لكنت لي

 

على زعم عذالي ترق وتعدل

وعذل عذولي منكرٌ لا أسيغه

 

وزورٌ وتدليس يرد ويهمل

وعذل عذولي منكر لا أسيغه

 

...............

المنكر يطلق ويراد به ما يخالف فيه الضعيف الثقات، فإذا خالف الضعيف الثقات قالوا هذا منكر، ويخالف الشاذ في كون الشاذ مخالفة الثقة، وهذا الذي استقر عليه الاصطلاح عند المتأخرين، ويطلق المنكر ويراد به تفرّد من لا يُحتمل تفرده، ومنهم من يطلقه بإزاء الشاذ.

وإجراء تفصيل لدى الشذوذ مر

 

فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر


 


طالب: المنكر الفرد ..........

المنكر الفرد كذا البرديجي

 

أطلق والصواب في التخريج

إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر

 

فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر

على كل حال المنكر أشد من الشاذ، وضعفه شديد إلا أنه إذا أطلق بإزاء التفرد وقد يوجد في إطلاقات الأئمة الكبار المتقدمين إطلاقه بإزاء التفرد ولو كان من ثقة.

...... منكر لا أسيغه

 

................

لا أقبله.

........

 

وزور وتدليس ......

هذا النوع الثاني عشر.

.........

 

.... وتدليس يرد ويهمل

التدليس تغطية العيب وإظهار الشيء على وجه لا عيب فيه، فتدليس السلع إخفاء عيبها وإظهارها للمشتري على وجه لا يحس به، وقل مثل هذا في تدليس الحديث يظهر الحديث على أنه لا عيب فيه وهو في الحقيقة معيب.

 

أقول التدليس إظهار الشيء على وجه لا عيب فيه وإخفاء عيبه، والتدليس لا يبين حتى نبين الصور التي يمكن حصولها بين الراوي ومن يروي عنه، فالصورة الأولى: أن  يكون الراوي قد سمع عمن روى عنهم، الصورة الثانية: أن يكون قد لقي من روى عنهم، الصورة الثالثة: أن يكون قد عاصر من روى عنهم الصورة الرابعة: ألا تثبت المعاصرة، فإذا روى الراوي عن شيخ سمع منه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة هذا تدليس اتفاقًا، وإذا روى الراوي عمن لقيه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة فهذا أيضًا تدليس عند الجماهير، وإذا روى الراوي عمن عاصره ما لم يسمعه منه فهذه ليست من التدليس وإنما هي الإرسال الخفي وإن جعلها ابن الصلاح والعراقي من التدليس، الصورة الرابعة: رواية الراوي عمن لم يعاصره بصيغة موهمة هذه ليست بتدليس ولا إرسال خفي بل هي انقطاع ظاهر وإن شذ بعضهم فجعلها من التدليس لإيهام الصيغة، أقول: إذا عرفنا حال الراوي مع من يروي عنه فإن كان ممن سمعه أو لقيه فروى عنه ما لم يسمعه منه بصيغة موهمة هذا هو التدليس، وإذا كان ممن عاصره ولم يثبت لقاؤه له مع الإمكان فروى عنه بصيغة موهمة ما لم يسمعه منه هذا إرسال خفي ولا يعد من التدليس وإن عده ابن الصلاح والعراقي وجمع من أهل العلم، وإذا كان ما بين الراوي والمروي عنه من النسب أو من الأوصاف بحيث لم يدرِك عصره فإن هذا انقطاع ظاهر ليس من التدليس ولا من الإرسال وإن عدّه بعضهم تدليس لإيهام الصيغة، الصيغ الموهمة مثل: عن، وقال، وذكر، وما أشبه ذلك تدليس، وقد يأتي بأن يسقط الراوي من حدثه ويروي عن شيخ شيخه بصيغة موهمة وقد لقي ذلك الشيخ، هذا تدليس إسقاط، ويسميه بعضهم تدليس إسناد، والتدليس كله في الإسناد لكن من باب التقسيم يقسمونه إلى تدليس إسناد، وتدليس شيوخ، من تدليس الإسناد أن يسقط أو يذكر عكس الإسقاط يذكر في الإسناد من لم يحدّثه معطوفًا على من حدثه حدثني زيد وعمرو قال حدثنا فلان، زيد حدثه بالفعل لكن عمرو ما حدثه ويضمر في نفسه وعمرو لم يحدثْني، وهناك تدليس يسمى تدليس القطع، يقول: حدثني ويسكت ثم يقول: فلان بن فلان، هناك تدليس تسوية بأن يأتي إلى ضعيف بين ثقتين سمع أحدهما الآخر فيسقطه، وهذا شر أنواع التدليس كما يقرر أهل العلم، وهناك تدليس الشيوخ؛ بأن يصف شيخه أو يسميه أو ينسبه باسم أو كنية أو لقب أو نسبة إلى شيء لم يُعرف به كما لو قال: حدثني أبو صالح بن هلال، من يعرف أن هذا هو الإمام أحمد أبو صالح بن هلال، يكنيه بابنه صالح، وصالح أكبر من عبد الله كما هو معروف، وهلال جده أو جد أبيه فهذا تدليس شيوخ، هناك تدليس بلدان كأن يقول حدثني فلان بقرطبة يوهم بذلك أنه سافر إلى الأندلس والتقى بفلان بقرطبة وروى عنه وهو بقرطبة حي من أحياء الرياض مثلاً، أو بإشبيليا أو ببغداد أو بالرصافة أو بصنعاء هذه أحياء توجد في المدن التي يعيش فيها الشخص، فهو يذكر هذه الأحياء يدلس فيها على السامع ويوهمه أنه سافر إلى تلك البلدان وأخذ عن أهلها.

وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"