بلوغ المرام - كتاب الصلاة (32)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله تعالى-:
ابن الثانية مجرورة؛ لأنها تابعة لما قبلها.
سم يا شيخ.
أحمد بنُ علي بنِ حجر؛ لأنها وصف لما قبلها، تابع لما قبلها، نعم.
قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -رحمه الله تعالى-:
"وعن عمار بن ياسر -رضي الله عنهما- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه)) رواه مسلم"
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن عمار بن ياسر -رضي الله تعالى عنهما- قال: "سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه))" طول الصلاة الطول الذي لا يدخل في حيز الفتنة، يعني فتن المصلين عن صلاتهم، التي جاء التحذير منها في حديث معاذ: ((أفتان أنت يا معاذ؟)) الطول الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا شك أن طول صلاة الرجل وإتقان الصلاة والإتيان بجميع ما يطلب لها من أركان وواجبات وسنن بطمأنينة تامة، بقراءة مرتلة، لا شك أن هذا دليل على أن الرجل فقيه، الذي يأتي بجميع ما شرع في الصلاة، ومن لازم الإتيان بجميع ما شرع وأداء الصلاة على الوجه المأمور به بإقامتها، وكلنا نعرف معنى إقامة الصلاة ليس المراد أداؤها والإتيان بها على أي وجهٍ، لا، ولذا جاءت النصوص كلها بإقامة الصلاة، إقامتها جعلها قويمة ومستقيمة على مراد الله -جل وعلا- ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-، ومن لازم ذلك أنها إذا أديت على هذا الوجه دلت على أن هذا الإمام فقيه يعرف فقه صلاة، وقد ضبط جميع ما يتعلق بصلاته بخلاف من نقر الصلاة من نقر الصلاة لا يخلو إما إن يكون جاهلاً أو معانداً، وهو على كلا الحالين ليس بفقيه.
طول الصلاة النسبي، طول الصلاة النسبي، النبي -عليه الصلاة والسلام- نهى عن الإطالة التي تفتن بعض المصلين وتصرفهم عن صلاتهم، لكنه مع ذلك قرأ بطوال المفصل، قرأ بـ(قاف) واقتربت والطور والصافات والجمعة والمنافقون، قرأ أيضاً بالأعراف في المغرب على ما تقدم، المقصود أن من يطبق ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في صلاته، لا شك أن هذا هو الفقيه، وقد قدمه أكثر العلماء على الأقرأ عندهم يقدم الأفقه على الأقرأ، وعند الحنفية والمالكية والشافعية يقدم الأفقه على الأقرأ، مع أن النص جاء صريح حديث أبي مسعود: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) يقولون: لأن الإمام قد يعرض له في صلاته ما يحتاج معه إلى فقه، وأما القراءة فيكفي منها القدر الواجب، فقد يكون الإنسان حافظ للقرآن لكن يخفى عليه كثير من فقه الصلاة، فجعلوا الأقرأ هو الأولى، معروف عند الحنابلة ومن يقول بقولهم من فقهاء الحديث أن الأقرأ هو الأولى مطلقاً للنص عليه، للنص عليه، الجمهور يجيبون عن الحديث بأنه جاء على الغالب من حال الصحابة -رضوان الله عليهم-، وهو أن الأفقه هو الأقرأ، الأفقه هو الأقرأ، فجاء لبيان الواقع وليس الأمر كذلك، إذ لو كان الأمر كذلك لما احتيج إلى قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلموهم بالسنة)) وأحكام الصلاة جلها في السنة، وليس في القرآن منها إلا الأمر بها، المقصود أن هذا الذي هو بالفعل أقرأ هو الأولى بالإمامة، لكن ينبغي أن يكون الأقرأ يعني حث للقراء أن يعنوا بفقه الصلاة، ما دام أتيحت لهم هذا الفرصة وفضلوا على غيرهم نعم فإنه لا يليق بهم أن يؤموا الناس وهم لا يفقهون أحكام الصلاة، فتقديم الأقرأ متضمن للحث على فقه الصلاة.
((إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه)) يعني علامة من فقهه، علامة من فقهه، قد يتكايس بعض الناس ويريد أن يطبق هذا الحديث فيقول: طول صلاة الرجل في الجمعة يقرأ في الأولى البقرة وفي الثانية آل عمران بعد أن خطب دقيقة أو دقيقتين؛ ليكون داخل دخول أولياً في هذا الحديث، لكن هل هذا مقبول؟ الطول والقصر نسبي، الطول والقصر نسبي، فإذا خطب الخطبة المجزئة المشتملة على أركان الخطبة، وما يجب فيها وحققت الهدف الشرعي من شرعيتها بأخصر عبارة، وأوضح بيان، بحيث لا يحتاج معه إلى استفسار في الوقت المناسب، هذه خطبة قصيرة، بحيث لا يزيد على ما تحتاجه المعاني من الألفاظ، ولا شك أن إدراك المعاني والتعبير عنها بأخصر عبارة وأقصر أسلوب مفهوم واضح هذا علامة على فقه الرجل، علامة على بلاغته وفصاحته، وأما طول الصلاة فلا شك أنه نسبي، وقد جاء التحذير من التطويل الممل، وجاء في بيان صلاته -عليه الصلاة والسلام- بعض السور التي كان يقرأها.
((مئنة من فقهه)) علامة من فقهه، علامة من فقهه؛ لأن بعض الناس يتصور أن الحكم عليه إنما يتم بجودة أسلوبه وفصاحته واستعماله الغريب من الألفاظ بعض الناس يتصور هذا، أن الناس بيقولون له: هذا أسلوبه راقي، نقول: لا يا أخي هون على نفسك هذا مسألة شرعية، مسألة شرعية شرعت لتحقق هدف لهداية الناس وإرشادهم ودلالتهم، وبيان ما يخفى عليهم، فخاطبهم على قدر عقولهم، ولا تملهم بحيث..، سمعنا من يخطب ساعة، لكن ما النتيجة؟ نصف الناس نيام، هل هذا فقيه؟ هل هذا يراعي الأحوال؟ هذا لا يراعي الأحوال، ومراعاة الحال أمر لا بد منه، ولذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتخولهم بالموعظة، لا يكثر عليهم، ولا يثقل عليهم، يتخولهم بالموعظة، وجاء في الحديث: ((وإن من البيان لسحراً)) وهو من تمام الحديث: ((فأطيلوا الصلاة، واقصروا الخطبة، وإن من البيان لسحراً)) وإن من البيان لسحراً، والبيان معروف، البيان الذي هو تمام الإيضاح مع جزالة الأسلوب، وخلوه عن القدر الزائد عن المطلوب بدون إطناب ولا إيجاز مخل، والتعبير عن المراد بقدر الحاجة بيان، وهو من ضرب من ضروب السحر؛ لأنه يؤثر في السامع كتأثير السحر، البيان يؤثر في السامع كتأثير السحر، وهل هذه الجملة مدح للبيان أو ذم للبيان؟ نعم مدح وإلا ذم؟
طالب........
نعم، إذا استعمل هذا البيان في بيان الحق، ودحض الباطل فهو مدح، والعكس بالعكس، إذا تضمن هذا البيان تحريف النصوص وتأويل النصوص، والخروج من التكاليف بالتأويلات الباطلة، لا شك أنه ذم، والله المستعان.
النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي بالجمعة والمنافقون، وهل هذا تطويل أو اختصار في صلاة الجمعة؟ نعم؟
طالب........
نعم هذا نسبي، لا شك أن الجمعة والمنافقون أطول من سبح والغاشية، التي كان يصلي بهما -عليه الصلاة والسلام- في الجمعة والعيدين أطول، فهو طول نسبي، ولا يزال في دائرة التخفيف الذي أمر به النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه في مقابل سورة البقرة التي قرأ بها معاذ، نعم.
قال -رحمه الله-: "وعن أم هشام بنت حارثة -رضي الله عنها- قالت: "ما أخذت (ق) والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس" رواه مسلم"
يقول: "وعن أم هشام بنت حارثة -رضي الله عنها- قالت: "ما أخذت (ق) والقرآن المجيد" يعني ما أخذت السورة كاملة، ليس المراد بها ما ذكر فقط، وإنما هذه كناية عن السورة بكاملها، وجاء في أول الحديث: "كان تنورنا وتنور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واحداً سنتين أو سنة وبعض السنة، وما أخذت (ق) والقرآن المجيد إلا عن لسان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل جمعة إذا خطب الناس" لأن في سؤال من الأسئلة يقول: هل تجوز الخطبة بـ(قاف) فقط؟ يصعد المنبر ويقرأ سورة (ق) وينزل؟ نقول: هذه ليست خطبة؛ لأنها إنما أخذت (ق) والقرآن المجيد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأها كل جمعة على المنبر إذا خطب الناس، يعني ضمن الخطبة تصير، تكون في ضمن الخطبة، ولا تكون هي الخطبة.
النبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من قراءة هذه السورة إذا خطب الناس في الجمعة، وذلكم لما اشتملت عليه، لما اشتملت عليه هذه السورة من المعاني العظيمة، فيها أمور لو تأملها المسلم لأفاد منها؛ ولذا جاء في أخرها {فَذَكِّرْ} كيف؟ {بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(45) سورة ق] {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [(45) سورة ق] فالتذكير ينبغي أن يكون بالقرآن وكفى بالقرآن واعظاً، ومع الأسف تجد أن بعض الناس إذا كان هناك درس وإلا محاضرة يعتنون بالدرس والمحاضرة ويجلبون عليه بكل ما أتوا من استنفار، ثم إذا جاءت الصلاة لم يحضر لها قلب، لا من الطالب ولا من غيره؛ لأن العناية والهمة منصبة إلى هذا الدرس، لا يا أخي نقول: ينبغي أن يعنى بالفريضة قبل كل شيء التي هي الصلاة وتؤدى على الوجه المشروع، وتطال فيها القراءة طول نسبي، لا سيما إذا كثر الناس بصوت جميل يؤثر في الناس، وهذا التذكير بالقرآن، وهذا هو التذكير بالقرآن، بعض الناس يتضايق إذا أطال في الصلاة، وهو ينتظر درس، لا يا أخي هذه أهم من الدرس.
فهذه السورة لا شك أن فيها موضوعات تهم المسلم، تهم المسلم فيها أمور، يعني ولو تدبرها طالب العلم لخرج منها بالمعاني العظيمة واستعراض هذه السورة، وما فيها من معاني يحتاج إلى دروس لا يكفي درس أو درسين، وكلكم يحفظ هذه السورة -ولله الحمد-، وهي من أعظم سور القرآن، فعلى الخطباء أن يعنوا بها، وأن يكثروا من قراءتها على الناس بطريقة أو على الوجه المأمور به من الترتيل وإدخالها إلى القلوب بتحسين الصوت والتغني بها؛ لأن القرآن يزين بالقرآن ((زينوا القرآن بأصواتكم)) ((وليس منا من لم يتغن بالقرآن)) والتأثير أولاً وأخراً للقرآن المؤدى بالصوت الجميل، وليس التأثير للصوت أبداً، بدليل أن هذا الصوت لو قرأ به شيء غير القرآن ما أثر هذا التأثير، لكن التأثير للقرآن المؤدى بهذا الصوت، ولا شك أن السامع يتأثر بالقرآن لا سيما إذا أدي على ما أمر به من ترتيل وتدبر وتخشع واستحضار قلب، والله المستعان، نعم.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة)) رواه أحمد بإسناد لا بأس به، وهو يفسر وهو يفسر...
ها؟ كمل.
"وهو يفسر حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- في الصحيحين مرفوعاً: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت))"
نعم حديث ابن عباس في المسند يقول الحافظ: إسناده لا بأس به، لكن الإسناد ضعيف؛ لأن فيه مجالد بن سعيد وضعفه الأئمة، فالخبر ضعيف، لكن له شاهد، له شاهد، لكنه مرسل، وحديث ابن عباس متصل، لكنه ضعيف، فيه مجالد بن سعيد ضعفه الأئمة، وورد من مرسل حماد رواه جمع، فهل يعتضد الضعيف بالمرسل؟ أو بعبارة أخرى يعتضد المرسل بالضعيف؟ ضعف مجالد وإن ضعفه الجمهور قواه بعضهم، فيكون ضعفه منجبراً، يقبل الانجبار، يقبل الانجبار فهل ينجبر بمرسل؟ ينجبر بمرسل؟ نعم نص الحافظ ابن حجر وغيره على أن المرسل يجبر وينجبر به، والشافعي -رحمه الله تعالى- في فيما يتقوى به المرسل يقول: يتقوى بالمرفوع، يتقوى بمرسل أخر رجاله غير من أرسل الخبر الأول، فلعل الحافظ لحظ هذا، وقال: بإسناد لا بأس به، لو أسقط كلمة بإسناد؛ لأن الإسناد ضعيف، لو أسقط قوله: بإسناد، لو قال: رواه أحمد وهو لا بأس به، حديث لا بأس به باعتبار المجموع لا باعتبار المفرد كانت العبارة أدق، أما ما رواه أحمد عن ابن عباس من طريق مجالد ضعيف، فإن كان الحافظ لحظ ما يتقوى به... المرسل فحكمه صحيح، لكنه ليس بدقيق، أما إسناده بمفرده فيه بأس، ما يقال: لا بأس به؛ لأن فيه مجالد وهو ضعيف، على كل حال الحديث يشهد له الحديث حديث أبي هريرة الذي يليه وهو في الصحيحين "يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا)) فهو كالحمار يحمل أسفاراً، كيف كالحمار؟ ما وجه الشبه بين من جاء إلى صلاة الجمعة تعب في الحضور إليها، اغتسل لها، وقد يكون قد بكر، نعم ثم بعد ذلك تكلم والإمام يخطب؟ ما وجه الشبه بينه وبين الحمار؟ نعم؟ عدم الانتفاع، هذا لا ينتفع بحضور الجمعة، وهذا لا ينتفع بما على ظهره من الأسفار، هذا وجه الشبه، عدم الانتفاع في كل، يعني:
كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ |
|
والماء فوق ظهورها محمولُ |
الذي لا يتنتفع بما حمل كالحمار، ولذا شبه الله -جل وعلا- من؟ نعم؟
طالب........
نعم؟ نعم {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ} [(5) سورة الجمعة] وهو اليهود {ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [(5) سورة الجمعة] فما معنى لم يحملوها؟
طالب........
نعم لم يعملوا بها، وأما حملها حملوها، بمعنى أنهم نظروا فيها، واعتنوا بها، ولكن لم يعملوا بما فيها، بدليل أن الحمار يحمل ولا يتم التشبيه إلا إذا كانوا حملوها ثم لم يعملوا بها؛ لأن الحمل إنما المراد منه العمل، فالذي يحمل شيئاً من العلم وهو لا يعمل به مثلهم، الذي لا يعمل بعلمه كمثل الحمار يحمل أسفاراً، ويش الفائدة؟ الذي لا ينتفع بعلمه، وما يحمله بعض الفساق من العلم هو في الحقيقة ليس بعلم؛ لأن العلم ما نفع، وهذا العلم الذي لا تترتب عليه أثاره ليس بعلم، وإنما الثمرة العظمى من العلم العمل، أما كون الإنسان يعرف الحكم حلال حرام ثم لا يعمل، هذا جاهل {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ} [(17) سورة النساء] لإيش؟ {لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ} [(17) سورة النساء] يعملون السوء بجهالة، يعني هل نقول: إنه إذا زنا الشخص وهو عارف أن الزنا حرام تقبل توبته وإلا ما تقبل؟ إذا سرق وهو عارف أن السرقة حرام تقبل وإلا ما تقبل؟ إذاً ما فائدة قوله: بجهالة؟ نعم كل من عصى فهو جاهل، كل من عصى فهو جاهل، إذاً من عنده شيء من العلم ولم يعمل به هو جاهل لأنه عاصي، ولذا جاء في الحديث المختلف فيه: ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)) يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل اسفاراً، الأسفار: جمع سفر، والسفر الكتاب حمار يحمل كتب ماذا يستفيد؟ لا يستفيد ولا ينتفع، وهذا الذي حضر الجمعة وتكلم والإمام يخطب لم يستفد، لم يستفد، لم يستفد الأثر المرتب على الجمعة، وإلا فجمعته صحيحة ومسقطه للطلب، بمعنى أنه لا يأمر بإعادتها، لكن الثواب المرتب على الجمعة لا يحصل له ((والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة)) ليست له جمعة، أيهما أشد الذي تكلم أو الذي نهاه عن المنكر؟ نعم، الذي تكلم كمثل الحمار يحمل أسفاراً، والذي قال له: أنصت ليست له جمعة، وفي حديث أبي هريرة عند الشيخين: ((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة)) تأمره بالمعروف، تكفه وتنهاه عن المنكر ((والإمام يخطب فقد لغوت)) نعم فأيهما أشد؟ الثاني أشد؛ لأنه باشر الكلام وتسبب في كلام الثاني، فاجتمع له الأمران المباشرة والتسبب، نعم.
طالب........
أما بالنسبة للأول فلا وجه لكلامه، والثاني على ما ارتكبه من محظور إلا أنه ينتابه أمران: مأمور ومحظور؛ لأن الأول عصى وارتكب محظوراً بالكلام حال الخطبة، وقد جاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا منكر، فكونه قال له: أنصت نهاه عن هذا المنكر، بل أمره بالمعروف وهو الإنصات امتثل أمر، لكنه مع ذلك كله وقد أمر بالمعروف لغا وليس له جمعة، فكيف بمن تكلم بغير فائدة ولا مصلحة؟ نعم كيف بمن يتكلم بغير فائدة ولا مصلحة ابتداء؟ إذا كان من ينكر المنكر ويأمر بالمعروف هذا وضعه فكيف بمن يتكلم كلام ابتداء لا حاجة إليه؟ ثم هل النهي عن الكلام حال الخطبة لكل من سمع الخطبة لأنه قال: ((والإمام يخطب))؟ يعني حال خطبة الإمام لا يجوز الكلام، فمعنى هذا أنه قبل أن يبدأ بالخطبة أو إذا جلس بين الخطبتين أو إذا فرغت الخطبة قبل الصلاة يجوز له أن يتكلم، يجوز له أن يتكلم؛ لأنه قال: ((والإمام يخطب)) والإمام يخطب مفاده أنه إذا كان الإمام لا يخطب فإن الكلام يجوز.
مسألة وهي: هل لزوم الإنصات لمن كان داخل المسجد أو لكل من سمع الخطبة؟ بمعنى أنك لو جئت والإمام يخطب ووجدت شخص يبيع عند باب المسجد، ثم قلت له: إن البيع والشراء بعد أذان الجمعة الثاني حرام البيع باطل يجوز لك وإلا ما يجوز؟ أو أن هذا خاص بمن يستمع الخطبة؟ تصور أنت هذا الشخص الذي قبل أن يدخل المسجد وجد شخص يبيع عند باب المسجد بعد دخول الإمام؛ لأن هذا له توابع؛ لأن لو قلنا: بمنع هذا لقلنا: بمنع من في البيوت من المعذورين والإمام يخطب يسمعون الخطبة نقول: ما يجوز أن يتكلموا والإمام يخطب؟ أو نقول: هذا خاص بمن دخل وقصد الجمعة وجاء لاستماعها؟ يعني لو أنت عند الباب تسمع واحد..، تسمع الإمام يخطب وواحد يبيع تقول له: حرام البيع هذا الوقت، يحرم عليك أن تبيع هذا الوقت؟ نعم؟
طالب........
قبل أن تدخل المسجد، يعني إلى الآن ما ثبتت الأحكام، بدليل أنه بإمكانك أن تصل إلى هذا المسجد ثم تقول: والله الإمام الآن دخل في مسجد يتأخر أروح مسجد ثاني ممكن قبل أن تدخل أنت بالخيار، لكن إذا دخلت لا يجوز لك أن تخرج، يعني لو منعنا من ينكر المنكر لو وجد مثلاً شباب يلعبون والإمام يخطب فقال لهم: صلوا يجوز وإلا ما يجوز قبل أن يدخل المسجد؟ بخلاف ما لو اطلع عليهم من النافذة وقال: صلوا، هذه مسألة ثانية وهو داخل المسجد هذا مثل من يقول: أنصت، لكن خارج المسجد ما باشر الصلاة وأسباب الصلاة، وإذا قلنا: بمنع مثل هذا فما الفرق بينه وبين من يسمع الخطبة من المعذورين؟ وين اللي بيجاوبون؟ ها؟ إيش الحكم؟
طالب........
وجد شباب يلعبون كرة عند باب المسجد والإمام يخطب قال: صلوا يجوز وإلا ما يجوز؟
قبل أن يدخل؟
قبل أن يدخل إيه.
طالب........
يجوز له ذلك؛ لأنه إلى الآن ما بعد ترتبت عليه الأحكام والآثار إلى الآن، بدليل أنه لو رجع إلى مسجد آخر توقع أن مسجد أخر ما بعد دخل الإمام ورجع ما يلزمه سماع هذه الخطبة، مسائل تتداعى {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ} [(204) سورة الأعراف] مررت من عند مسجد وأنت تمشي على رجليك، أنت مصلي في مسجد ثاني، ومررت من عند مسجد والإمام يقرأ بالمبكر وتسمع القرآن وباقٍ عليك شيء من أذكارك هل نقول: استمع لهذا القرآن أو أكمل أذكارك وأنت ماشي؟ يعني هل أنت مطالب بالاستماع لهذا القرآن الذي يقرأه هذا الإمام؟ إذا دخلت مع باب المسجد خلاص لزمتك أحكامه.
طالب........
إذا وصلت إلى المصلين، إذا وصلت إلى المصلين فأنت دخلت المسجد حكماً.
طالب........
المقصود أنك ما دام وصلت إلى حيز موضع الصلاة فأنت تبع الإمام، أنت مطالب بما يطالب به المستمع.
((إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب)) يعني حال الخطبة ((فقد لغوت)) جاء في بعض الأخبار: ((من لغا فلا جمعة له)) من لغا فلا جمعة له، وجاء في بعض الحديث حديث ابن عمر عند أبي داود وابن خزيمة: ((من لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهراً)) كانت له ظهراً، يعني هي مجزئة ومسقطة للطلب لا يؤمر بإعادتها، لكن الأجر الزائد على صلاة الظهر لا يثبت له، وعلى كل حال الكلام والإمام يخطب حرام، القول الراجح عند أهل العلم، وإن قال بعضهم بكراهته لكن هذه النصوص تدل على أنه حرام، نعم.
"وعن جابر قال: دخل رجل..."
لحظة لحظة.
طالب........
أيه؟ هذا حديث أبي هريرة؟
طالب........
((قال لصاحبه: أنصت)) فثبت في حقه هذا كغيره من الذنوب، ارتكب محرم لا شك، لكن إذا تاب وندم وعزم ألا يعود فباب التوبة مفتوح.
طالب........
وين؟ نعم لكن كفارتها التوبة، نعم.
"وعن جابر قال: دخل رجل يوم الجمعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال: ((صليت؟)) قال: لا قال: ((قم فصل ركعتين)) متفق عليه"
في الحديثين السابقين منع الكلام والإمام يخطب، وهذا الحديث فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سأله: فقال له: هل صليت؟ قال: لا، تكلم قال: لا، قال: ((قم فصل ركعتين)) فدل على أن الكلام من الخطيب ومع الخطيب مستثنى من الكلام الممنوع، فإذا كلم الخطيب يعني كلام من الخطيب إلى أحد المستمعين أو العكس لا بأس به، والذي دخل والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب وشكا له الجذب فستسقى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لامه ولا ثرب عليه، فدل على أن محادثة الخطيب لا شيء فيها، إذا كانت فيما ينفع، إذا كانت فيما ينفع، أما إذا كانت في كلام لاغي لا قيمة له، أو كلام يثير إشكالات، أو فيه ضرر على أحد مثل هذا هو ممنوع من الأصل ففي الخطبة من باب أولى، أما إذا كان كلام ينتفع به المتكلم أو ينتفع به الحاضرون هذا لا بأس به، وهذه الأدلة تدل عليه.
"عن جابر -رضي الله عنه- قال: دخل رجل يوم الجمعة والنبي -عليه الصلاة والسلام- يخطب، فقال: ((صليت؟))" النبي -عليه الصلاة والسلام- يراه لما دخل، والنبي يخطب فجلس، قال: "فقال: ((صليت؟)) قال لا: ((قم فصل ركعتين))" وهذا فيه أدب، أدب التوجيه والإرشاد؛ لأنك لو رأيت داخلاً وقلت له: قم فصل، أولاً: المباشرة بالأمر فيها ما فيها، ثقيلة على النفس، لكن إذا استفهمت هل صليت ركعتين؟ يعين الآن دخلت إلى قلبه احتمال أن يقول لك: نعم صليت ركعتين في فناء المسجد، داخل السور، وهي تحية المسجد، أو يكون مثلاً جار لشخص في فرجه بينك وبين جارك صلى واحد الركعتين في الصف الثاني ثم تقدم إلى هذه الفرجة تقول له: قم صل ركعتين! ويش با يقول لك؟ بيقول لك: صليت، لكن لو جئت بأسلوب: هل صليت ركعتين؟ ما في أثر على نفسه، وهكذا ينبغي أن يكون الأدب في الحوار والمناقشة، يعني لو سمعت كلام منقول عن أحد من المشايخ فتوى تراها خطأ أنت تروح للشيخ وتقول: خطأ، أخطأت يا شيخ والصواب كذا، أو تقول: ما حكم كذا أولاً، فإذا أجاب بما نقل عنك مما لا تراه، تقول: ألم يدل الدليل على كذا؟ ألم يقل عامة أهل العلم بكذا؟ يعني بأسلوب مناسب لأنه أدعى للقبول؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم دخل هذا الرجل قال له: ((صليت؟)) يعني المراد تحية المسجد "قال: لا، قال: ((قم فصل ركعتين)) متفق عليه" وهذا من ضمن الأوامر التي جاءت بتأكد تحية المسجد، ومنها: ((إذا دخل أحكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) وهي سنة مؤكدة عند جماهير أهل العلم، وأوجبها بعضهم لثبوت الأمر ((قم فصل ركعتين)) ((فلا يجلس حتى يصلي ركعتين)) قيل بوجوبها، لكن هناك الصوارف التي صرفت، وقد سبق بحثها المسألة، المقصود أن عند جماهير أهل العلم سنة، قد يقول قائل: من أدلة وجوبها هذا الحديث كيف؟ غير مسألة ((قم فصل ركعتين)) لأن له صارف؟ نعم؟
طالب......
نعم هو مأمور بالاستماع والإنصات كونه يخل بهذا الاستماع وهذا الإنصات المأمور به على جهة الوجوب بأمر مستحب أو بأمر واجب؟ لا يكون إلا بأمر واجب؛ لأن الواجب لا يعارض إلا بواجب، لكن يبقى أن عامة أهل العلم على استحباب هاتين الركعتين، والصوارف كثيرة، منهم من يرى أنه إذا دخل والإمام يخطب أنه لا يصلي ركعتين، لا يصلي ركعتين، وهذا منقول عن مالك والليث وأبي حنيفة والثوري وغيرهم لا يصلي ركعتين لأنه منشغل بواجب، فكيف يقطع الانشغال بواجب بمستحب؟ لكن مادام ثبت الأمر بهما، مادام الأمر ثبت بهما فلا كلام لأحد، فلا كلام لأحد، يجيب بعضهم بأنه إنما أمر بصلاة الركعتين لكي ينتبه له الناس ويتفطنوا له؛ لأنه بحاجة إلى مساعدة، بحاجة إلى صدقة، فالنبي –عليه الصلاة والسلام- أمره أن يصلي هاتين الركعتين ليراه الناس فيعطفوا عليه ويتصدقوا عليه، ينظرون إلى حاله وأنه بحاجة ماسة إلى الصدقة فيتصدقوا عليه، لكن هذا كلام ليس بشيء؛ لأن الأمر بالركعتين، لكن لا يمنع أن يقول له: قف، وإلا تقدم قليلاً يراه الناس بمجرد المخاطبة، مجرد ما يوجه إليه الخطاب بيلتفتوا له الناس، ما يحتاج إلى أن يصلي ركعتين، لو كانت الركعتين لا تشرعان لمعارضتهما الواجب، لكن هذا دليل على أن هاتين الركعتين ركعتي تحية المسجد تشرعان والأمام يخطب.
طالب........
((اجلس فقد آذيت)) إيه.
طالب.......
إيه الثاني يمكن أنهم شافوا مصلين وراءه، نعم هذا رجل يتخطى الناس، يتخطى الرقاب فقال له -عليه الصلاة والسلام-: ((اجلس فقد آذيت)) وكل من يتخطى يؤمر بالجلوس، لكن الأمر بالجلوس لا يعارض الأمر بالركعتين، احتمال أنه رآه صلى الركعتين، أو المراد به الكف عن تخطي الرقاب، ولا يلزم منه حقيقة الجلوس.
طالب.......
لا، لا، لا يتكلم إلا الإمام أو مع الإمام، إذا دخل والإمام يخطب في المسجد الحرام مثلاً، وهو قاصد لصلاة الجمعة مع الإمام، هل له أن يطوف ويصلي ركعتي الطواف أو هو مأمور بالاستماع والمستثنى من ذلك تحية المسجد فقط؟ تحية البيت الطواف وتحية المسجد الركعتان هل له أن يطوف ويستصحب حديث: ((يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار)) يقول: أنا بأطوف هذه ساعة والإمام يخطب، أو نقول: ما استثني إلا تحية المسجد الواردة في النص؟ النص الخاص وإلا النصوص العامة بالإمكان أن يرد غيرها بالنصوص العامة، لكن معروف أن الخاص مقدم على العام، أية ساعة شاء من ليل أو نهار، هل يعارض عموم هذا الحديث بخصوص الأمر بالإنصات؟ يعني إذا كان مجرد مس الحصى ((من مس الحصى فقد لغا)) هل يعارض مثل هذا بالطواف والإمام يخطب أو نقول: يلزمه أن يصلي ركعتين ويجلس إن أراد الطواف فبعد ذلك في غير هذا الوقت؟ نعم؟ نعم يصلي ركعتين ويجلس، يصلي ركعتين ويجلس.
شخص دخل يقول: أنا مسافر أبا أدي العمرة وأصلي الظهر والعصر جمع والإمام يخطب، لا يريد حضور الجمعة، يقول: أنا أبا طوف وأسعى والإمام يخطب وأصلي الظهر والعصر جمع وأرجع له ذلك وإلا ليس له ذلك؟ نعم له ذلك؟
طالب........
لكن حضرها نعم إذا حضرها لزمته، يعني لو جاء مسافر وجلس بين الناس، الناس يستمعون الخطبة وهو يسولف وإلا معه كتاب يقرأ وإلا قرآن وإلا شيء، طيب ما هو مأمور بالإنصات؟ يقول: لا أنا مسافر أنا ما علي جمعة ولا أنا مصلي معكم، إذا صليت الجمعة با أصليها ركعتين ظهر على شان أجمع العصر، لو صلى جمعة ما صاغ له الجمع، ويبي يستغل وقت الخطبة بقراءة وإلا بذكر وإلا قراءة قرآن وإلا..، أو اثنين بعد جالسين يسولفون والإمام يخطب نعم يلزمهم الاستماع وإلا ما يلزمهم؟ يقولون: إحنا مسافرين بس نبغي نصلي مع الإمام هو يصلي جمعة وإحنا ننوي ظهر وبعد ذلك نصلي ركعتي العصر ونسافر، ماجينا نصلي الجمعة نعم، يلزمهم، نعم يلزمهم؛ لأنهم يشغلون الناس، ومن دخل في سور المسجد فله حكم المصلين، نعم.
"وعن ابن عباس..."
طيب لحظة، هذا الداخل الذي لم يصل ركعتين أمره النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يصلي ركعتين، لكن هل النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل صلى ركعتين وإلا ما صلى؟ نعم ما صلى، رقي المنبر، نعم فالأمام لا يصلي ركعتين، الإمام إنما ينشغل بما هو بصدده من الخطبة، هل يأخذ هذا الحكم..؟ يعني الإمام إذا أراد الصلاة دخول الجمعة يصعد المنبر ويسلم على المؤمنين، وينتظر المؤذن فيؤدي الخطبة، ثم ينزل للصلاة، هل يقال مثل هذا لمعلم مدرس مثلاً عنده درس بعد العصر صلى في الطريق أو بعد الظهر أو أي وقت أو بعد الصبح صلى في الطريق أدركته الصلاة وهو في الطريق ثم جاء وجلس على الكرسي مباشرة هل نقول: هذا له حكم الخطيب أو نقول: يصلي ركعتين ثم يحضر الدرس؟ هاه؟ يعني كونه يجلس على كرسي ويعلم الناس ما هو مثل الخطبة، خاص يعني ما تسقط ركعة التحية إلا عن الخطيب، واضح وإلا ما هو بواضح؟ نعم.
"وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين" رواه مسلم"
وله عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] و {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [(1) سورة الغاشية].
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين" أو والمنافقون؟ يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين أو والمنافقون؟
طالب.......
نعم الذي في المصحف، العنوان سورة المنافقون، نعم "إن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان" وهذا يدل على الاستمرار "يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة وسورة المنافقون" يعني في الركعة الأولى الجمعة والمنافقون في الركعة الثانية أيهما أطول؟ نعم؟
طالب........
نعم؟ أيهما أطول؟
طالب........
لا، لا، ما هي بأطول، ما تزيد سطر المنافقون؟ نعم أظنها تزيد سطر، نعم؟ أطول بحدود سطر يمكن واحد، أطول بشيء يسير، وعلى هذا ما جاء في تطويل الركعة الأولى أطول من الثانية، نعم.
طالب........
يكون مخصوص بمثل هذا، يكون هو الأصل تطويل الأولى تكون أطول من الثانية، لكن في مثل هذا الموضع يستثنى نعم لأنه ثابت بالنص عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، تبقى القاعدة في الصلاة أن الركعة الأولى أطول من الثانية، لكن إذا قرأ هاتين السورتين نعم لا مانع، أيضاً سبح والغشية هما متقاربتان مثل ما معنى، لكن أيهما أطول؟ عندكم مصحف؟ أطول بشيء يسير، هذا لا تخالف فيه القاعدة، تكون القاعدة: أن الركعة الأولى أطول، فإذا حصل شيء منصوص عليه كما هنا.
الغاشية أطول لأنها ثمانية أسطر، وهذه إحدى عشر سطر، نعم لكن لو أراد شخص أن يقرأ في الركعة الأولى الانفطار وفي الثانية المطففين نقول: على السنة وإلا لا؟ يقول لك: الرسول -عليه الصلاة والسلام- قرأ الغاشية في الركعة الثانية وهي أطول من سبح، نقول: لا، قاعدة الصلاة أن الركعة الأولى أطول من الثانية، وما عدا ذلك يقتصر فيه على الوارد، واضح يا الإخوان وإلا ما هو بواضح؟ نعم فما عدا ذلك يقتصر فيه على الوارد وإلا فقاعدة الصلاة أن الركعة الأولى أطول من الثانية، وسبب التخصيص بهاتين السورتين..، أما بالنسبة لسورة الجمعة مناسبتها ليوم الجمعة ولصلاة الجمعة ظاهرة، نعم {إِذَا نُودِي لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا} [(9) سورة الجمعة] فيها الأمر بالسعي إليها، وبيان بعض أوصافه -عليه الصلاة والسلام- وأنه يتلو عليهم الآيات ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة.
على كل حال وفي الركعة الثانية يقرأ سورة المنافقون؛ لأن المنافقين يحضرون يحرصون على حضور صلاة الجمعة؛ لأنها مرة في الأسبوع ويجتمع الناس ويأخذ بعضهم أخبار بعض، نعم فيحرصون على حضورها، فلما فيها من ذكر أوصافهم وتوبيخهم نعم؛ لأنهم يحرصون عليها أكثر من غيرها.
يقول: "وله" أي لمسلم "عن النعمان بن بشير -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ في العيدين وفي الجمعة بـ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [(1) سورة الأعلى] و{هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ} [(1) سورة الغاشية]" وعرفنا أن سورة الغاشية أطول من سبح، نعم لكن هذا على خلاف الأصل، وما ثبت بدليل خاص فهو أصل، نعم فهو أصل برأسه، فيقرأ -عليه الصلاة والسلام- في العيدين في عيد الفطر وعيد الأضحى وفي صلاة الجمعة بهاتين السورتين، وفيهما من التذكير بأحوال الآخرة والوعد والوعيد ما يناسب قراءتهما في هذه المجامع العظيمة في العيدين وفي الجمعة، وجاء في العيد أنه كان -عليه الصلاة والسلام- يقرأ بـ(ق) و(اقتربت) لما اشتملتا عليه من ذلك، فأحياناً يقرأ بـ(سبح) والغاشية، وأحياناً يقرأ بـ(ق) واقتربت، وأحياناً يقرأ بالجمعة والمنافقون في الجمعة، وهذا يدل على أن (كان) ليست للاستمرار المطلق، وإنما تدل على التكرار، أما كونها للاستمرار بحيث لا يختلف الأمر فجاء ما يخالف هذا، نعم.
"وعن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- قال: "صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- العيد ثم رخص في الجمعة فقال: ((من شاء أن يصلي فليصل)) رواه الخمسة إلا الترمذي وصححه ابن خزيمة".
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "عن زيد بن أرقم -رضي الله تعالى عنه- قال: "صلى النبي -صلى الله عليه وسلم- العيد -يعني في يوم الجمعة- ثم رخص في الجمعة" قال للمصلين: ((من شاء أن يصلي فليصل)) من شاء أن يصلي الجمعة معنا فليصل، وأما هو -عليه الصلاة والسلام- فقد صلى الجمعة، فالإمام ومن تقوم بهم الجمعة يلزمهم أن يصلوا الجمعة، وأما غيرهم فحضور الجمعة رخصة؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- رخص، والرخصة عند أهل العلم: ما ثبت على خلاف دليل شرعي، ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح، لمعارض راجح هذه هي الرخصة، فالأصل أن المسلم مطالب بحضور الجمعة الدليل دل على ذلك، وتتأكد الجمعة وهي من الفرائض المؤكدة في حق المسلم، وجاء فيها ما جاء: ((لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو لختمن الله على قلوبهم)) هذا وعيد شديد، لكن الترخيص مع هذا الوعيد الشديد بالنسبة لمن حضر العيد، لا شك أنه خلاف هذا الأصل فهو رخصة، وجاء أيضاً التصريح بكونه رخصة، فقال: "رخص في الجمعة، فقال: ((من شاء أن يصلي فليصل)) يصلي جمعة، لكن هل الترخيص في الجمعة ترخيص بها وبما يقوم مقامها؟ يعني الجمعة لها بديل وإلا ما لها بديل؟ لها بديل، فهل الجمعة المرخص بها يعدل عنها إلى بدلها، عندنا مسألتان الأولى: هل الجمعة بدل عن الظهر؟ أو الظهر بديل عن الجمعة؟ الجمعة بديل عن الظهر أو الظهر بديل عن الجمعة لمن فاتته الجمعة؟ وماذا نستفيد من هذا الكلام؟ إذا قلنا: الأصل الجمعة والظهر بدل منها، فإذا عفي عن الأصل عفي عن البدل، وإذا قلنا: إن الأصل الظهر والجمعة بدل منها فقد يعفى عن البدل ولا يعفى عن الأصل، أدركنا الفرق وإلا ما أدركنا؟ الآن إذا وافق يوم الجمعة يوم العيد صلت العيد، النبي -صلى الله عليه وسلم- رخص لك أن لا تحضر الجمعة تصلي ظهر وإلا ما تصلي ظهر؟ نعم تصلي الظهر في قول جماهير العلم.
يذكر عن ابن الزبير -رضي الله عنه- أنه صلى العيد ولم يصل بعدها إلا العصر، صلى العيد ولم يصل بعدها إلا العصر، لكن عامة أهل العلم على خلافه، عامة أهل العلم على خلافه، فإذا عفي عن الجمعة باعتبارها أشق حضورها والاستعداد لها أشق من صلاة الظهر فتظهر الرخصة، نعم تظهر الرخصة من الأشق إلى الأخف، ما تظهر رخصة؟ نعم، لو قال يوم الخميس مثلاً: سامحناكم ما تصلوا ظهر صلوا جمعة رخصنا لكم يعقل؟ لأن هذا فيه مزيد من المشقة والتكليف، لكن العكس لما يرخص من الجمعة إلى الظهر يبين وجه الرخصة، وليس معنى الترخيص في هذا الحديث الترخيص إلى غير بدل.
"صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- العيد ثم رخص في الجمعة" لأن المقصود حصل، المقصود وعظ الناس وتوجيههم وإرشادهم بخطبة الجمعة وحصل بخطبة العيد، فقال: ((من شاء أن يصلي فليصل)) ((من شاء أن يصلي فليصل)) عندنا ترك الجمعة صلاة الظهر في يوم العيد رخصة وفعل صلاة الجمعة في يوم العيد عزيمة؛ لأنه هو الأصل، أيهما أفضل العزيمة أو الرخصة؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى الجمعة مع كونه صلى العيد أيهما أفضل العزيمة أو الرخصة؟
طالب.......
الرسول -عليه الصلاة والسلام- صلى الجمعة هل نقول: هذا أفضل بالنسبة للإمام ومن يقيم الجمعة والأعياد أو عموم الناس أيضاً فعله -عليه الصلاة والسلام- وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأكمل، فنقول: حضور الجمعة أفضل من قبول الرخصة وصلاة الظهر؟ أو نقول: كسائر الرخصة المسلم الأفضل في حقه أن يفعل الأرفق به ويقبل رخصة الله -جل وعلا-؟ إذا تصورنا مثلاً أنه سهران، وكل عاد سبب السهر عنده يختلف عن الآخر شخص أحيا ليلة العيد ممن يعمل بالضعيف وأحيا ليلة العيد صلاة، وجاء في الخبر: ((من أحيا ليلة العيدين لم يمت قبله يوم تموت القلوب)) الحديث ضعيف، لكن عمل بهذا على قول الجمهور، وسهر الليل كله، وصلى يا الله صلى العيد، وصلى ونام، هل نقول: الأفضل في حقك تقوم وتستعد لصلاة الجمعة وتروح تصلي أو تصلي ظهر وتقبل رخصة الله؟ نعم؟
نعم نقول: الأرفق بالمسلم هو الأفضل في حقه، الأرفق به هو الأفضل في حقه ((من شاء أن يصلي فليصل)) "رواه الخمسة" الخمسة من هم؟ نعم؟ الإمام أحمد وأصحاب السنن: أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه إلا الترمذي فإنه لم يروه "وصححه ابن خزيمة" وصححه أيضاً على بن المديني والحاكم، وعلى كل حال الحديث صحيح له طرقه أيضاً، له شواهد ترقيه إلى درجة الصحيح لغيره، نعم.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً)) رواه مسلم"
الرواتب الثابتة في أيام الأسبوع ثنتا عشرة ركعة: أربع قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الصبح ثنتا عشرة ركعة، فماذا عن الجمعة؟ هل حكمها حكم الظهر يصلي قبلها أربعاً وبعدها ركعتين؟ هنا يقول: ((إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً)) وثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته، ركعتين في بيته، فمن أهل العلم من يقول: إنه يُصلى بعد الجمعة ست ركعات، هذه الأربع وما كان يصليها النبي -عليه الصلاة والسلام- في بيته ركعتين يكون المجموع ست، وابن القيم -رحمه الله تعالى- نقل عن شيخه ابن تيمية أنه إن صلى في المسجد صلى أربعاً، وإن صلى في بيته صلى ركعتين للتوفيق بين النصوص، النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي ركعتين في بيته، وأمر هنا بأن يصلى بعدها أربعاً، فتحمل هذه على حال وهذه على حال وهذا فعل ابن عمر، كان إذا صلى في المسجد صلى أربعاً، وإذا صلى في بيته صلى ركعتين، وبهذا تتحد النصوص وتتفق، وصلاة البيت أفضل من صلاة المسجد إلا المكتوبة ((صلاة الرجل في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة)) فهل الركعتان في البيت أجرهما كأجر الأربع في المسجد أو أعظم أو أقل؟ نعم؟ أو نقول: هذا اختلاف تنوع يصلي أحياناً في المسجد أربع ويصلي أحياناً في البيت ركعتين، ويطبق هذا الحديث وهذا الحديث، ويكون حينئذٍ أفضل في حقه، يعني مرة يصلي في المسجد أربع ومرة في البيت ركعتين ويمتثل هذا وهذا، والتنوع مقصود، ولا شك أن صلاة النوافل في البيت أفضل، لكن لو قال: أنا أصلي أربع في البيت هو مأمور بصلاة أربع؟ مأمور بصلاة أربع ((إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعاً)) وفي بيته ليجمع بين هذا الأمر وبين كون صلاة البيت أفضل؟
طالب........
ما في، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- يصلي ركعتين في بيته، إلا أنه مأمور بأربع كيف يأمر بأربع ويصلي ركعتين؟ حمل هذا على حال وهذا على حال، وفعل ابن عمر يفسر، إذا صلى في المسجد صلى أربعاً وإذا صلى في بيته صلى ركعتين، الجمع ودفع التعارض بين النصوص يسلك فيه مسالك قد لا تكون من القوة بحيث تكون مقنعة، إنما لرفع الخلاف لا بد من ارتكاب بعض هذه الأمور؛ لرفع الاختلاف وللتوفيق بين النصوص والجمع بينها لا بد من ارتكاب بعض هذه التصرفات، وقد ارتكب كثير من أهل العلم في كثير من المواضع أقل من هذا للتوفيق بين النصوص لدفع التعارض، لكن لو قال: أنا با أمتثل الأمر ((فليصل أربع ركعات)) با أصلي أربع ركعات، وأجزم بالدليل الصحيح أن صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في المسجد إلا المكتوبة.
ماذا نقول لهذا الذي يريد أن يتمثل هذا الأمر، النبي -عليه الصلاة والسلام- أمر أن يصلي أربع ركعات بعد الجمعة، وذكر أن الصلاة في البيت أفضل إلا المكتوبة، نعم فيقول: أنا أريد أن أمتثل الأمر، وأعرف أن الصلاة في البيت أفضل أصلي في البيت، هل هذا أكمل؟ أو نقول: صل أربعاً في المسجد أو ركعتين في البيت لا تزد على ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو أن الزيادة مقبولة مطلقاً لو صلى عشر بعد الجمعة في المسجد أو في البيت ويش المانع؟ لأن الإكثار من التعبد ليس ببدعة، فيكون المأمور به هو الأصل، وما زاد على ذلك يكون نفل مطلق، نعم لو أرد أن يصلي عشر ركعات بعد الجمعة في المسجد أو في بيته فيما يمنع؟ هل هناك ما يمنع؟ أقول: إذا زاد على ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- إن نوى به النفل المطلق الوارد في مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)) فلا يوجد ما يمنع منه، لكن إذا تصور أنه يفعل ما هو أفضل من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- نقول: لا، ما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، أنت افعل ما فعله -عليه الصلاة والسلام-، ثم زد عليه ما شئت من باب التنفل المطلق، لا بأس، نعم.
"وعن السائب بن يزيد أن معاوية قال له: إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بذلك ألا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج" روه مسلم"
الحديث وإن كان سياقه سياق الخاص بالجمعة؛ لأن معاوية قال للسائب: "إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تكلم أو تخرج" فهل هذا خاص بالجمعة أو استناداً إلى الحديث العام؟ كأنه لحظ على السائب أنه سلم من صلاة الجمعة ثم قام فصلى بعدها صلاة أخرى نافلة، فأنكر عليه فعله مستدلاً بالحديث العام، وأن ما فعله فرد من أفراد العام يدخل فيه إذا وصل الجمعة بصلاة أخرى أو وصل الظهر بصلاة أخرى أو وصل العصر أو المغرب، وصل المغرب أو العشاء بصلاة أخرى فقد خالف "فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرنا بذلك" يعني أمرنا بأن لا نوصل صلاة بصلاة حتى نتكلم أو نخرج، لا بد من فاصل يفصل بالأذكار أو بالانتقال من مكانه خارج المسجد أو في ناحية من المسجد، المقصود أنه لا يصل الفريضة بغيرها، وإذا فصلها بالأذكار وتم أذكاره، وقام يصلي لم يصل الصلاة بأخرى، تم الفصل بهذا، مسألة التحول من مكان إلى آخر، صلى الفريضة بمكان فهل يشر ع له أن ينتقل ويتحول إلى مكان ثاني أو يصلي النافلة في مكانه؟ نعم؟ في مكانه، لماذا؟
طالب:......
نعم أهل العلم يستحبون التحول للنافلة من مكان الفريضة لتكثر المواضع التي يؤدي فيها العبادات، وتشهد له يوم القيامة "ونكتب آثارهم" نعم "ونكتب آثارهم" فهذه الآثار التي هي مواضع السجود من الأرض يستحب أهل العلم أن ينتقل من مكانه الذي صلى فيه الفريضة فيتنفل في غيره.
وذكر الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة بصيغة التمريض قال: يذكر عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: "لا يتطوع الإمام في مكانه ولم يصح" لا يتطوع الإمام في مكانه ولم يصح، فهذا حديث ضعيف، نص الإمام البخاري -رحمه الله- على عدم صحته، فلم يرد في ذلك ما يدل على التحول، يعني ما ورد شيء مرفوع، لكنه مع ذلك إذا نظر إلى أنه بانتقاله من مكان إلى أخر يكثر الأماكن التي عبد الله -جل وعلا- فيها، وعلى كلام أهل العلم تشهد له يوم القيامة، وهي آثاره، آثار عبادته وآثار طاعته فلا بأس -إن شاء الله تعالى-.
هذا النص يا شيخ الأمر بالخروج في الحديث.
إيش فيه؟
هو نوع تحول من المكان أو يخرج حتى تكلم أو تخرج؟
إيه لكن ما هو بنص في التحول، المهم أنه لئلا يصل من أجل أن لا يصل صلاته بصلاة لا لذات البقعة بدليل التكلم؛ لأنه لو تكلم وصلى في مكانه أدى الغرض فهي جزء المدعى، نعم.
نعم هذا الحديث مخرج عند أبي داود من حديث أبي هريرة: "أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر عن يمينه أو عن شماله" هذا الحديث مروي بسنن أبي داود، لكن ما خرج؟ من عنده السبل؟ السبل طبعة الحلاق؟ معك؟ ويش يقول؟ هذا ذكره الشارح ها يا محمد؟ ما أنت معنا؟ أخر حديث اللي نشرحه؟
طالب........
لا انتهينا، شوف المعلق ويش قال؟ قبل، الذي قبله لم يضعفه أبو داود علق عليه وإلا لا؟ هات أريحك -إن شاء الله- أخرجه أبو داود خمسة وهو حديث صحيح.
طالب........
هذا اللي إحنا نبيه، ذا الحديث ذا، دعنا من كلام البخاري، انتهينا من كلام البخاري "أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر عن يمنيه أو عن شماله في الصلاة" يعني السبحة ولم يضعفه أبو داود، القاعدة أن أبا داود إذا سكت عن الحديث لم يتعقبه فهو حسن، هذا الذي قرره ابن الصلاح وغيره، وهو يقول: "وما سكت عنه فهو صالح" يعني صالح والصلاحية هنا أعم من أن تكون للاحتجاج أو للاستشهاد، فيدخل فيها الصحيح والحسن الذي هو صالح للاحتجاج، ويدخل فيها الضعيف المنجبر الذي يصلح للاستشهاد والإعتضاد، على كل حال هذا حديث المخرج يقول: حديث صحيح وأنا لا أعرف درجته الآن، فهو لا بأس يدل على الانتقال يتقدم ويتأخر، نعم.
"عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته، ثم يصلي معه غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)) رواه مسلم"
نعم هذا الحديث يقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((من اغتسل ثم أتى الجمعة)) والغسل للجمعة تقدم الكلام فيه، وما جاء في تأكده واستحبابه، وإن قال بعضهم بوجوبه، المقصود أنه من السنن المؤكدة ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له)) اغتسل ثم أتى الجمعة، وجاء الحث على الإتيان إليها ماشياً، والرجوع منها كذلك ماشياً، فإذا اغتسل وأتى الجمعة فصلى ما قدر له الذي كتب له ركعتان فأكثر، ركعتان أو أربع أو ست أو ثمان أو عشر ما كتب له وما قدر له، فإذا صلى ركعتين وجلس هذا صلى ما كتب له، إذا صلى أربع وجلس هذا صلى ما كتب له وهكذا، لكن اللفظ يفهم منه الحث على الصلاة الحث على الصلاة؛ لأن الصلاة مؤثرة في المغفرة نعم؛ لأنها من المؤثرات في هذه المغفرة والإكثار منها أفضل من الإقلال، فيفهم منه أنه كلما أكثر من الصلاة في هذا الوقت أنه أفضل ((من اغتسل ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له)) وإلا فالحديث ليس فيه حد للركعات التي تصلى في هذا الوقت ((ثم أنصت)) لم يتكلم ابتداءً، ولم ينكر على من تكلم ((حتى يفرغ الإمام من خطبته)) دل على أنه لا مانع من الكلام بين الخطبة والصلاة ((حتى يفرغ... من خطبته ثم يصلي معه)) يعني الجمعة ((غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى، وفضل ثلاثة أيام)) وفضل ثلاثة أيام، يعني عشرة أيام، وجاء في الحديث الصحيح أيضاً: ((الجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، والصلوات الخمس)) وجاء أيضاً: ((العمرة إلى العمرة كفارات لما بينهن ما لم تغش كبيرة)) وفي راوية: ((ما اجتنبت الكبائر)) فالغفران للذنوب الصغائر هنا، سواء من الجمعة إلى الجمعة أو غفران عشرة أيام كما هنا في حديث الباب، أو الصلوات الخمس إلى الصلوات الخمس، يعني من الصلاة إلى الصلاة، والعمرة إلى العمرة، رمضان إلى رمضان كلها مكفرات، ما لم تغش كبيرة، فالكبائر لا يكفرها مثل هذه الأعمال، بل لا بد لها من توبة، لا بد لها من توبة، قد يقول قائل: إنه إذا لم يغش كبيرة ما هو بحاجة إلى هذه الأعمال؟ يتصور أن يقال: إن مجرد اجتناب الكبائر كفيل بتكفير الصغائر وغفرانها {إِن تَجْتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [(31) سورة النساء] فإذا اجتنبت الكبيرة كفرت الصغيرة، فماذا بقي للصلوات الخمس والجمعة ورمضان والعمرة؟ ماذا بقي لها؟ أو يقال: كلها مكفرات؟ ولا يمكن أن يوصف بأنه اجتنب الكبائر حتى يؤدي هذه الأعمال؟ نعم؛ لأنه إذا لم يؤدِ هذه الأعمال المكفرات نعم لا يوصف بأنه اجتنب الكبائر، يعني ترك الجمعة ترك الصلوات الخمس أو ترك صيام رمضان هذه هي الكبائر، لكن بما يحصل التكفير إذا كان يصوم رمضان ويعتمر ويصلي الجمعة ويصلي الصلوات الخمس ويجتنب الكبائر ما الذي كفر سيئاته الصغائر؟ نعم؟
طالب........
كيف؟ الحج؟ إيش فيه؟ ((رجع من ذنوبه)) لا ما يشمل، لا ما يشمل، الكبائر عند جمهور أهل العلم لا بد لها من توبة، لا بد لها توبة الكبائر، لكن هذه النصوص لو مثلاً شخص كفرت عنه الصغائر، لكن قوله: ((ما لم تغش كبيرة)) نعم ما اجتنبت الكبائر هل معنى هذا أنه إذا ارتكب كبيرة وصغائر هذه الأعمال الجليلة تكفر الصغائر وتبقى الكبائر؟ أو أن تكفير هذا الأعمال الصالحة للصغائر مشروط باجتناب الكبائر؟ واضح وإلا ما هو بواضح؟ نفترض المسألة في شخص يصلي الصلوات الخمس ويعتمر ويصوم رمضان، ويصلي الجمعة يحافظ عليها بهذه الطريقة المشروحة، ويسرق ويزني وعنده صغائر، نقول: هذه الأعمال الجليلة الأعمال العظيمة تكفر الصغائر وتبقى الكبائر؟ نعم؟ باقية حتى يتوب منها، أو نقول: إن هذه الأعمال لا تكفر الصغائر حتى يجتنب الكبائر، ما لم تغش كبيرة، ما اجتنبت الكبائر؟ نعم؟
طالب........
إنها ما تكفر شيء إذا كان مرتكب للكبائر الصغائر والكبائر كلها عليه، نعم تبقى الكبائر عليه، طيب افترض وإن كان هذا لا يتصور افترض أن شخص يزاول كبيرة من الكبائر أو بعض الكبائر، وهو مجتنب لجميع الصغائر، وفعل هذه الأعمال، هذا أولاً: ما يمكن أن يتصور؛ لأنه لا يمكن أن يصل إلى الكبيرة إلا بواسطة صغيرة وسيلة إليها، لكن لو افترضنا هذا، لو تصورنا هذا هل نقول: إن هذه الأعمال تخفف الكبائر؟ نعم؟ أو تبقى الكبائر على الأصل لا يمحوها إلا التوبة؟ نعم؟ تخفف الكبائر، نعم؟
طالب........
في إيش؟
طالب........
طيب؟ ها؟
طالب........
إيه لكن عندنا أكثر..، عندنا مكفرات كثيرة، مكفرات كثيرة، عندنا هذا الحديث: ((غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيام)) نقول: هذا الوعد من الله -جل وعلا- لا شك أنه يحث المسلم على العمل، ولا يعني هذا أنه يسترسل في ارتكاب الصغائر؛ لأنه يعمل هذه الأعمال، بل عليه أن يعمل الأعمال الصالحة، ويجتنب السيئات بقدر الإمكان، إذا وقعت منه كفرت، ولذلك لا يقول قائل: إن هذا الشخص الذي اغتسل وأتى الجمعة وصلى ما قدر له وفعل وترك ثم غفر له ما بينه وبين هذه الجمعة وفضل ثلاثة أيام، طيب جاءت الجمعة الثانية وفضل ثلاثة أيام يصير عنده رصيد، الآن عنده رصيد ستة أيام زائدة، نعم طيب وجاءت جمعة ثالثة صار عنده رصيد تسعة أيام، سنة خمسين جمعة كم عنده رصيد هذا؟ هل نقول: إن هذا لأنه عنده من الرصيد له أن يفعل ما يشاء من الصغائر؟ ليس له ذلك، إنما هو المقصود الحث على فعل هذه الأعمال الصالحة على الوجه المأمور به مع اجتناب ما أمر باجتنابه، وما نهي عن ارتكابه، ومسألة الحساب كونها زادت نقصت، زادت ثلاثة أيام هذا كله في كتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وأنت اعمل الخير واترك الشر، افعل الواجبات وجميع ما أمرت به، واجتنب جميع ما نهيت عنه، وحسابك عند الله -جل وعلا- لن يضيع منه شيء، نعم.
"وعنه -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ذكر يوم الجمعة، فقال: ((فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله -عز وجل- شيئاً إلا أعطاه إياه)) وأشار بيده يقللها" متفق عليه, وفي راوية لمسلم: ((وهي ساعة خفيفة)).
نعم كمل كمل.
"وعن أبي بردة عن أبيه سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة)) رواه مسلم، ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة.
وفي حديث عبد الله بن سلام عند بن ماجه، وجابر عند أبي داود والنسائي: ((أنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس)) وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً أمليتها في شرح البخاري".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وعنه" يعني عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذكر يوم الجمعة" ذكر يوم الجمعة، ذكره يعني ذكر فضله ومزيته على سائر الأيام، وأنه أفضل أيام الأسبوع، "فقال: ((فيه ساعة)) هذه مما يميزه ويفضله، وفيه ساعة ساعة: مقدار من الزمان لا تتحدد بالساعة الفلكية المعروفة، التي هي جزء من أربعة وعشرين جزء من اليوم تعادل ستين دقيقة، لا إنما يقولون: ساعة لجزء من الوقت سواء كانت ساعة أو أكثر أو أقل، فيه ساعة في ساعات الجمعة من راح في الساعة الأولى، من راح في الساعة الثانية، من راح في الساعة الثالثة، الساعات في الصيف الساعة الواحدة من هذه الساعات ساعة وزيادة، ساعة وربع، وفي الشتاء أقل، على كل حال الساعة في النصوص ليس المراد بها الستين دقيقة المعروفة الآن.
((فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله -عز وجل- شيئاً إلا أعطاه -الله- إياه)) ((لا يوافقها)) يصادقها ((عبد مسلم)) عبد فاعل، ومسلم وصف ((وهو قائم)) جملة إعرابها حال وإلا صفة؟ الجمل بعد المعارف أحوال، وبعد النكرات صفات، اللي معنا نكرة وإلا معرفة؟ نعم، إذاً الجملة صفة وإلا حال؟
طالب: حال.
حال؟ الجمل بعد المعارف أحوال وبعد النكرات صفات، والذي معنا نكرة وإلا معرفة؟ نكرة، وين معرفة؟
طالب........
إيه ((عبد مسلم)) إيش صار؟
طالب........
تعرف بالوصف؟ هو تعرف بالوصف؟
طالب........
ما أضيف يا أخي وصف عبدٌ مسلمٌ، ما قال: عبدُ مسلمٍ، بعدين الإضافة إلى النكرة ما تفيد، عبدٌ مسلمٌ وصف بكونه مسلم، وما زالت في حيز العموم فهي نكرة، ما تعرفت بالوصف ((وهو قائم)) نعم هي تحددت وإن لم تتعرف، يعني لما وصف العبد بكونه مسلم، قلّ الشيوع، أما عبد مغرق في العموم، لكن لما وصف بكونه مسلم قل شيوعها في بابها، فجاز وصفها وجاز بيان هيئتها، ولذا جوزوا أن يكون ((وهو قائم)) حال، وإن كان الفاعل نكرة جوزوا ذلك، والأصل على القاعدة أن يكون صفة، قالوا: والواو لتأكيد لصوق الصفة، وأما إن قلنا: إنها حال الجملة حال فالواو واو الحال مفروغ منها ((وهو قائم يصلي)) قائم ويصلي حال بعد حال، ويسأل الله حال أيضاً بعد حال، وهو قائم يصلي طيب صادفه وهو ساجد ما هو بقائم يدخل وإلا ما يدخل؟ لماذا يقول: قائم؟ نعم؟
طالب........
نعم من باب إطلاق الجزء على الكل، يراد بها وهو يصلي، على أي حال من أحوال صلاته ((يسأل الله -عز وجل-)) أيضاً حال ((شيئاً إلا أعطاه إياه)) إلا أعطاه إياه هذه ساعة الاستجابة، وإجابة الدعاء في هذه الساعة لا شك أنه من تلمس الأسباب، لا يقول قائل: أنا قائم أصلي في هذه الساعة التي جاءت بها النصوص وما استجيب دعائي، هذا سبب لكن قد يكون عندك مانع من قبول الدعاء، فتش نفسك قد يكون عندك مانع من قبول الدعاء، فاحرص على حصول الأسباب وانتفاء الموانع، وكونه سبب لا يعني أنه يترتب عليه أثره قد يتخلف الأثر، يتخلف المسبب لأمر قد يكون أعظم من إجابة الدعاء، وجاء في الحديث أنه: ((إما أن يجاب دعاؤه، أو يدخر له في القيامة، أو يدفع عنه من الشر ما هو أعظم منه)) فهذا سبب، لئلا يقول قائل: أنا جلست تعرضت لهذه الساعة فما استجيب لي ((إلا أعطاه إياه)) وأشار بيده يقللها" قليلة هكذا، شويه يعني، يقللها، "وفي رواية لمسلم: ((وهي ساعة خفيفة))" ساعة خفيفة قد يقول القائل: الساعة ساعة لا ثقيلة ولا خفيفة، نقول: نعم ليس المراد بالساعة الستين دقيقة كما قررنا؛ لأنها تقبل الزيادة والنقص، هي مجرد مقدار من الزمان يزيد وينقص، لا شك أن يوم الجمعة له مزية وله فضل، وفيه هذه الساعة التي تميزه على غيره، فعلى الإنسان أن يتحرى هذه الساعة، وأن يبذل الأسباب لقبول دعائه، وأن يحرص أشد الحرص أن تنتفي الموانع، ومن أعظم ذلك التخليط في المطعم والمشرب ((وذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب)) نعم عنده أسباب مسافر ودعوة المسافر لا ترد، أشعث أغبر أقرب إلى الخضوع وانكسار القلب نعم، ومع ذلك يمد يده يا رب يا رب ما يستجاب، لماذا؟ لأن مطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لمثل هذا، الموانع موجودة وإن بذلت الأسباب، فلا بد من انتفاء الموانع.
"وعن أبي بردة عن أبيه" وأبوه أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس -رضي الله عنهما-... نعم؟
طالب........
ويش هو؟ ويش فيها؟ الحديث الذي يليه وش...؟ هذا عندنا حديث "وعن أبي بردة عن أبيه -يعني أبا موسى الأشعري -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة))" هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة، وهذا يرويه أبو موسى عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في صحيح مسلم مرفوع، ورجح الدارقطني أنه من قول أبي بردة، من قول أبي بردة، وفي مسلم: "عن أبي بردة عن أبيه سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وهذا لا شك أن الخلاف وقع بين الإمام مسلم والدارقطني، لكن الصواب مع مسلم -رحمه الله تعالى-، ولذا رجح كثير من أهل العلم هذا الوقت لساعة الاستجابة، حتى قال القرطبي: إنه نص في موضع الاختلاف، فلا يلتفت إلى غيره، وقال النووي: هو الصحيح، بل الصواب؛ لأنه ثابت في مسلم، ومرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، إذاً هو أصح ما يعتمد عليه، لكن جاء في حديث عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- عند ابن ماجه وهو أيضاً صحيح، لكن ما يعارض ما جاء في سنن ابن ماجه بما جاء في صحيح مسلم، ولو كانت مما اختلف فيه؛ لأن مسلم تلقته الأمة بالقبول.
"وفي حديث عبد الله بن سلام -رضي الله عنه- عند ابن ماجه، وجابر -رضي الله عنه- عند أبي داود والنسائي" وهو أيضاً صحيح معتضد بما قبله "أنها ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس" ما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، قد يقول قائل: كيف هذا صحيح وذاك صحيح؟ هذا يؤيد قول من يقول: إنها متنقلة مثل ليلة القدر، أحياناً تكون في هذا الوقت، وأحياناً تكون في ذلك الوقت، أحياناً تكون من بين دخول الإمام صعوده على المنبر إلى أن تقام الصلاة، وأحياناً تكون من بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس، ولا شك أن عصر الجمعة له مزية بهذا الحديث، الحديث صحيح لا إشكال فيه، له مزية فينبغي أن يغتنم بالدعاء عل الله -جل وعلا- أن يوفق العبد لمصادفة هذه الساعة فيستجيب دعاءه، وإذا كان الإنسان مأمور بالدعاء {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [(60) سورة غافر] فليحرص على الدعاء لنفسه ولوالديه ولمن له حق عليه ولأمته أيضاً لا سيما في مثل هذه الظروف التي الأمة بحاجة ماسة إلى الدعاء، والأمة الآن تعيش في وضع لا تحسد عليه، فهي بحاجة إلى الدعاء، وأن الله -جل وعلا- يرفع ما نزل بها، وأن يعيدها إلى حظيرة التدين والاستقامة والالتزام بعد هذا الانصراف.
يقول ابن حجر: "وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً" وقد اختلف فيها على أكثر من أربعين قولاً كيف ساعة من اثني عشر ساعة يكون الخلاف فيها أكثر من أربعين قولاً طيب الأقوال في ليلة القدر وتحديدها حول خمسين قول، طيب هذه الأقوال كيف تتشعب إلى هذه الكثرة وفي مدد محدودة؟ نعم تتشعب لأن قول ثم قول ثم ثالث ثم رابع ثم مركب من الأول والثاني ثم مركب من الثالث والرابع ثم وهكذا تتشعب الأقوال، وعلى كل حال أقواها ما ذكر، إما من صعود الإمام على المنبر إلى الفراغ من الصلاة، أو من صلاة العصر إلى غروب الشمس، فليحرص المسلم ولا سيما طالب العلم على اغتنام هذين الوقتين، يقول: "أمليتها في شرح البخاري" ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، ومعروف أن ابن حجر -رحمه الله تعالى- أملأ كتابه إملاءً، أملأ كتابه إملاءً، وكان يستفيد من طلابه النابهين يحضرون له بعض المسائل فينظر فيها نظراً دقيقاً، ويراجع أصولها ويسبكها ويصوغها بعبارته، ثم يمليها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.
هذا الكلام انتهى، يعني أفتى أهل العلم وانتهوا منه، قتل المعاهد النصوص صحيحة صريحة في تحريمه، ((من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة)) يقول: لحاجتي الماسة إليه......... المصلحة، نسأل الله السلامة والعافية، نسأل الله العافية، استغفر الله، استغفر الله.