شرح رسالة أبي داود لأهل مكة (3)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم

أحسن الله إليك

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس، والأوزاعي حتى جاء الشافعي فتكلم فيها وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل وغيره رضوان الله عليهم، فإذا لم يكن مسند ضد المراسيل، ولم يوجد المسند فالمرسل يحتج به، وليس هو مثل المتصل في القوة، وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء، وإذا كان فيه حديث منكر بينته أنه منكر وليس على نحوه في الباب غيره، وهذه الأحاديث ليس منها في كتاب ابن المبارك ولا في كتاب وكيع إلا الشيء اليسير، وعامته في كتاب هؤلاء مراسيل وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس شيء صالح، وكذلك من مصنفات حماد بن سلمة، وعبد الرزاق وليس ثلث هذه الكتب فيما أحسبه في كتبهم جميعهم، أعني مصنفات مالك بن أنس وحماد بن سلمة، وعبد الرزاق، وقد ألفته نسقاً على ما وقع عندي، فإن ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليس مما خرجته فاعلم أنه حديث واه، إلا أن يكون في كتابي من طريق آخر فإني لم أخرج الطرق، لأنه يكبر على المتعلم، ولا أعرف أحداً جمع على الاستقصاء غيري، وكان الحسن بن علي الخلال قد جمع منه قدر تسعمائة حديث وذكر أن ابن المبارك قال السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو تسعمائة حديث فقيل له: إن أبا يوسف قال هي ألف ومائة قال ابن المبارك: أبو يوسف يأخذ بتلك الهنات من هنا ومن هنا نحو الأحاديث الضعيفة وما كان في كتابي من حديث فيه وهن شديد فقد بينته ومنه ما لا يصح سنده وما لم أذكر فيه شيئا فهو صالح وبعضها أصح من بعض وهذا لو وضعه غيري لقلت أنا فيه أكثر.

يكفي

أحسن الله إليك.

الحمد الله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري ومالك بن أنس، والأوزاعي حتى جاء الشافعي فتكلم فيها وتابعه على ذلك الإمام أحمد بن حنبل.

أولاً المراسيل يختلف في تعريفها فكل ما فيه انقطاع سواء كان في أول الإسناد من مبادئه أو في نهايته أو في أثنائه يسمى مرسل عند قوم، وذلك حينما يقولون أرسله فلان وأسنده فلان، فيطلق بمقابلة المتصل، ويطلق أيضاً على ما سقط منه صحابيه ورفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام، سواء كان هذا التابعي صغيراً أو متوسطاً أو كبيراً وخصه بعضهم بما يرفعه التابعي الكبير إلى النبي عليه الصلاة والسلام:

مرفوع تابع على المشهور *** ومرسل أقيده بالكبير

أو سقط راو منه ذو أقوال *** والأول أكثر...

المقصود أن ما يرفعه التابعي إلى النبي عليه الصلاة والسلام فهو مرسل، وأما الخلاف في حكمه فلا شك أن المرسل يقابل المتصل، والاتصال شرط لصحة الخبر فإذا انقطع سنده من أي موضع على القول الأول أو من آخره من الجهة التي فيها الصحابي فرفعه إلى النبي عليه الصلاة والسلام من لم يلقه ممن ليس بصحابي تابعي سواء كان كبيراً أو صغيراً أو على القول الأخير مرفوع التابعي الكبير، كله فيه سقط من السند تخلف فيه شرط الاتصال فمن يشترط الاتصال يقول بضعف المراسيل.

وإذا نظرنا في صنيع الأئمة الكبار وجدناهم يقبلون المراسيل في القرن الأول والثاني، ولذا نقل ابن عبد البر في مقدمة التمهيد عن الطبري أن التابعين بأسرهم يحتجون بالمراسيل، ونقل ابن عبد البر في مقدمة التمهيد أيضاً أن سعيد بن المسيب لا يقبلها، فهل يرد مثل سعيد الذي لا يقبل المراسيل وهو رأس التابعين عند جمع من أهل العلم يرد على كلام الطبري أو لا يرد عليه؟ الطبري ينقل الاتفاق ينقل الإجماع على أن التابعين يقبلون المراسيل.

نعم.

طالب: ما يرد.

ما يرد لماذا؟

طالب: لأن الطبري إذا حكى الإجماع يقصد به الأكثر.

نعم، الإجماع عند الطبري هو قول الأكثر وتفسيره مملوء مما يدل على هذا تجده يأتي بالخلاف، فيقول اختلف القرأة في كذا فيذكر فقرأ فلان وفلان وفلان وفلان يذكر عدد ثم يذكر من خالفهم واحد مثلاً، ثم يقول: والصواب من ذلك عندنا كذا لإجماع القرأة على ذلك، هو ذكر الخلاف ولكن المخالف واحد عدد يسير في مقابل العدد الكثير، فالإجماع عنده قول الأكثر، فلا يرد عليه سعيد رحمه الله، وإن كان رأس التابعين.

التابعون بأسرهم يقبلون المراسيل، ذكر أيضاً أن ابن عبد البر في مقدمة التمهيد أنه لا يُعرف الخلاف بين أهل العلم في قبول المراسيل إلى رأس المائتين يقصد بذلك إلى مجيء الإمام الشافعي، والشافعي له رأي في المراسيل، لا يردها جزماً ولا يقبلها مطلقاً، بل بشروط، يقبلها بشروط، يقبلها بأربعة شروط منها من هذه الشروط: أن يكون الخبر المرسل له شاهد يزكيه من آية أو مرسل آخر يرويه غير رجال الأول أو حديث مسند أو يفتي به عوام أهل العلم، هذه تجعل المرسل مقبولاً عند الإمام الشافعي.

ويشترط في المرسل في راويه الذي أرسله أن يكون من كبار التابعين، وأن يكون من الحفظ والضبط والإتقان بحيث إذا شركه أحد من الحفاظ لم يخالفه، وأن يكون إذا سمى من أرسل عنه لم يسمي -كذا في الرسالة-، والرسالة مضبوطة ومتقنة، والشيخ أحمد شاكر من أهل الضبط والإتقان وطبعه اعتمد نسخة الربيع، يعني لا يقال خطأ، وإن كان الأصل الدارج في اللغة عند أهل العلم لم يسم بحرف الياء؛ لأنه يجزم بحرف الياء معتل، والإمام الشافعي إمام حجة في اللغة، لا يستدرك عليه بأقوال غيره وأهل العلم يذكرون اختياراته اللغوية، في كتب المصطلح يقولون: مؤتصل لغة الإمام الشافعي لأنه نص عليها، وأكثر منها في الرسالة وفي الأم يعني بدل ما يقول متصل كما يقول الناس يقول مؤتصل، وأشار ابن الحاجب في شافيته التي في الصرف قال مؤتعد ومؤتسر لغة الإمام الشافعي، فهو إمام حجة، يعني يحتج به، وتذكر أقواله في مصاف الكبار مثل سيبويه والكسائي وغيرهم، فلا يقال لم يسم يأتي يهجم عليها طالب من الطلاب فيكتب لم يسم بدون ياء بكسرة، ويكتب صح، يصوب على الإمام الشافعي. نعم لو تداولها النساخ لقلنا إن هذا خطأ من النساخ، لكن الشيخ أحمد شاكر يطبع من نسخة الربيع مباشرة بخط الربيع يعني ما فيه واسطة، فمثل هذا الرسالة للإمام الشافعي بتحقيق الشيخ أحمد شاكر أنموذج للتحقيق الرائد، يعني من أراد محقق يتلمس عمل الشيخ أحمد شاكر في هذا الكتاب أتقنه وضبطه وحرره.

نعود إلى شروط الإمام الشافعي، هو أن يكون هذا الراوي مرسل، عرفنا من أن يكون من كبار التابعين، وأن يكون إذا شرك أحداً من الحفاظ لم يخالفه إلا بنقص يسير، وأن يكون إذا سمى لم يسمي أحداً مرغوباً في الرواية عنه، يعني لا يروي إلا عن ثقة، لا يرسل إلا عن ثقة، هذه الشروط التي اشترطها الإمام الشافعي، إذا عرفنا هذا وأن الخلاف لا يعرف إلى أن جاء الشافعي فاشترط هذه الشروط، فمن قبل الشافعي كمالك وأبي حنيفة يحتجون بالمراسيل.

ولذا يقول الحافظ العراقي رحمه الله تعالى:

واحتج مالك كذا النعمان *** به وتابعوهما ودانوا

مالك وأبو حنيفة يحتجون بالمراسيل، واحتج مالك كذا النعمان، به وتابعوهما ودانوا، لأنهم قبل الشافعي، عاد جاء الحد الفاصل رأس المائتين الإمام الشافعي، من جاء بعد الشافعي شدد في قبول المراسيل كالإمام أحمد ومن بعده فجعلوها من قسم الضعيف.

هل لتأخر الزمن أثر في قبول المراسيل؟

يعني كما هو التدرج الحاصل الآن المتقدمون يقبلون المراسيل. الشافعي وضع شروط. من جاء بعده جعله من قسم ضعيف وردها، يقول العراقي رحمه وتعالى:

ورده جماهر النقاد *** للجهل بالساقط في الإسناد

وصاحب التمهيد عنهم نقله ** ومسلم صدر الكتاب أصله

لأن مسلم في كتابه يقول ينقل عن لسانه خصمه ويقره، والمرسل في أصل قولنا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجة، وصاحب التمهيد عنهم نقله" عن الجمهور، عن جماهير النقاد، "ومسلم صدر الكتاب أصله" يعني أصل هذا القول وثبته ونقله عن غيره وأقره للجهل بالساقط بالإسناد الحجة ظاهرة في الرد، لكن إذا رأينا التدرج الزمني في القبول والرد رأينا المتقدمين يقبلون المراسيل، والمتأخرين يردون المراسيل.

هل لتأخر الزمن أثر في الرد والقبول، هل لتغير أحوال الناس وكثرة من يرد حديثه أثر في رد المراسيل؟

نعم.

طالب:......

 له أثر.

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك، قد يكون جمعت الروايات أكثر... فعرف بعض المرسلين......

يعني ماذا عن استدلالات الأئمة مالك نجم السنة حينما يستدل بحديث مرسل هل نقول أن بإمكان المالكية من يجتهد منهم ويقف على طرق يعرف أن هذا المرسل أرسل عن ضعيف يرد قول إمامه يتمكن؟ لا، مالك نجم السنن، أنا أريد أن أبين شيء وهو أن تأخر الزمن لا أثر له في الحكم؛ لأن المحذوف صحابي أو تابعي المحذوف حينما يرفع التابعي الخبر إلى النبي عليه الصلاة والسلام خل عن المعنى الدقيق للمرسل، فهل تغير وضع المحذوف مع تغير الزمن؟

طالب: ما تغير.

 نعم، ما تغير وضعه؛ وضع المحذوف، ما تغير وضعه هو هو ممن تقادم العهد بهم.

قد يقول قائل: هل التابعي الذي رفع الحديث إلى النبي عليه الصلاة والسلام الغالب أنه رواه عن صحابي، والصحابة كلهم عدول، فلا يضر عدم ذكرهم، لا تضر الجهالة بهم، ولذا لو قيل حدثني رجل صحب النبي عليه الصلاة السلام، لا كلام لأحد؛ لأن الصحابة كلهم عدول، والتابعي إذا رفع الخبر إلى النبي عليه الصلاة والسلام الذي يغلب على الظن أنه حذف صحابي، لكن وجد من تصرفات التابعين حذف بعض التابعين.

وقد يحلف أكثر من واحد من التابعين، فقد يكون الإسناد مشتملاً على تابعي واحد وهذا كثير عن صحابي، وقد يكون مشتملاً على تابعيين، وقد يكون مشتملاً على ثلاثة يعني على نسق في طبقة واحدة، ثلاثة يروي بعضهم عن بعض، وقد يكون مشتملاً على أربعة أو خمسة وهذا قليل أو ستة وهو نادر، يعني ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض على نسق واحد هذا في حديث يتعلق بسورة الإخلاص في فضل سورة الإخلاص، وأنها تعدل ثلث القرآن وهو مخرج عند النسائي، والنسائي يقول: هذا أطول إسناد في الدنيا؛ لأنه في طبقة واحدة ستة من الرواة، وللخطيب البغدادي فيه جزء مطبوع، ستة من التابعين يروي بعضهم، لو أن الأخير منهم السادس حذف الخمسة، فإذا طالت الأسانيد وكثرت لا شك أن الوهن والخلل يتطرق إليها أكثر من احتمال الخلل المتطرق إلى ما قلت أسانيده، ولذا أهل العلم يفضلون العلو على النزول، وهذا الحديث نازل، نازل جداً، فلو حذف الخمسة أو حذف الأربعة أو حذف الثلاثة، احتمال أن يكون فيهم من فيه الكلام، فالتابعي ما دام هذا الاحتمال موجودًا أنه حذف مع الصحابي تابعي والتابعين ليسوا مثل الصحابة كلهم عدول، يحتمل أن يكون ضعيفاً، ويحتمل أن يكون قوياً، ولهذا الاحتمال رده جماهير النقاد للجهل بالساقط بالإسناد.

وأبو داود رحمه الله يقول: وأما المراسيل فقد كان يحتج بها العلماء فيما مضى مثل سفيان الثوري، ووفاته سنة مائة وواحد وستين، ومالك بن أنس ووفاته مائة وتسع وسبعين قبل الشافعي، والأوزاعي ووفاته سنة سبع وخمسين ومائة حتى جاء الشافعي المتوفى سنة أربع ومائتين، فتكلم فيها واشترط لقبولها شروط ذكرناها وتابعه على ذلك أحمد بن حنبل، والإمام أحمد رحمه الله تختلف الرواية عنه في القبول والرد، وعلى كل حال هو يصنف المراسيل من قبيل الضعيف، فإذا قبل الضعيف في بعض المواضع فيصح أن يقال أنه يقبل المراسيل في هذه المواضع، والمعروف عن الإمام أحمد أنه لا يقبل الضعيف في الأحكام، لأنه إذا روى في الأحكام شدد، وإذا روى في الفضائل تساهل، يقبل الضعيف في الفضائل دون الأحكام، وشيخ الإسلام رحمه الله تعالى يرى أن الضعيف المذكور في كلام الإمام أحمد؛ لأن شيخ الإسلام لا يرى العمل بالضعيف مطلقا، ويريد أن يكون كلامه غير مخالف لكلام الإمام أحمد، يقول: إن مراد الإمام أحمد بالضعيف هنا ما قصر عن الصحيح وهو الحسن في عرف المتأخرين، ويقول: إن الحسن لا يعرف قبل الترمذي فالإمام أحمد يريد بالضعيف هذا الحسن الذي قصر عن رتبة الصحيح، وكلام الشيخ رحمه الله تعالى على إمامته وجلالة قدره فيه ما فيه؛ لأن الحسن عرف قبل الترمذي، عرف في طبقة شيوخه وشيوخ شيوخه، وأيضاً حمل كلام الإمام أحمد على الحسن يفهم منه أن الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام إنما يحتج بها في الفضائل، يعني إذا أتينا بكلام الإمام أحمد وأبدلنا كلمة الحسن الضعيف في كلامه أبدلناها بالحسن وقلنا إنه إذا روى في الأحكام شدد، وإذا روى في الفضائل خفف فقبل الحسن، إذًا هو لا يقبل حسن في الأحكام، وهذا لا يعرف عن الإمام رحمه الله؛ فالقبول معروف عنده لا يختلف فيه وإلا لم يسم الحديث حسناً، لكن ما دام في حيز القبول، ولو ينزل عن رتبته على الصحيح فإنه مقبول عنده في الأحكام، وبعض الناس يقول ينقل الاتفاق الفقهاء على العمل بالضعيف، ينقل الاتفاق عن العلماء على العمل بالضعيف حتى في الأحكام، ويقول: إن كتب الفقهاء مشحونة بالأحاديث الضعيفة، لكن يلزم عليه أن بعض الفقهاء يعمل بالموضوعات إذا قلنا بهذا لأن بعض كتب الفقه فيها موضوعات؛ لأنهم لم يتفرغوا لهذا الشأن فلا عبرة بوجود الخبر في كتبهم إنما العبرة بما ينطقون به وينقلونه عن أئمتهم.

النووي رحمه الله تعالى ينقل الاتفاق في مقدمة الأربعين وفي الأذكار اتفاق أهل العلم على العمل بالضعيف في الفضائل مع أن الخلاف معروف ومأثور وهو مقتضى صنيع البخاري ومسلم، وأبو حاتم لا يحتج بالحسن فضلاً عن الضعيف، فهل يقال هناك اتفاق مع وجود هذا خلاف، سئل عن راو فقال: حسن حديث قيل: تحتج به؟ قال: لا، أتحتج به؟ قال: لا، فالمعروف من مذهبه أنه لا يحتج بالحسن فضلاً عن الضعيف، فالخلاف في قبول الضعيف حتى في الفضائل معروف عند أهل العلم.

بعض العلماء يبالغ فيقول: إن المرسل أقوى من المسند، وهذا نسبه ابن عبد البر في مقدمة التمهيد إلى من شذ، ولا شك أنه قول شاذ وعلته واحدة، يقول إن من أسند قد ضمن، ضمن لك أن من حذفه ثقة، لأنه لو لم يكن ثقة لكان غاشاً للأمة والمسألة مفترضة في راو ثقة يرسل، والثقة لا يتصور منه أن يغش من أرسل فقد أسند فقد ضمن، ومن أسند فقد ألقى عليك بالتبعة، يعني ابحث أنت وضمانه خير من بحثك، لكنها حجة وعلة عليلة لا يستند إليها ولا يعول عليها، لكن الذي استقر عليه العمل هو عدم قبول المراسيل.

فإذا لم يكن مسند ضد المراسيل ولم يوجد المسند: أي ما يوجد مسند يخالف هذا المرسل؛ ولا يوجد في الباب مسند غير هذا المرسل فالمرسل يحتج به يعني يحتج بالمرسل إذا لم يجد في الباب غيره، بل يحتج بالضعيف إذا لم يجد في الباب غيره، وهو أيضا مأثور عن الإمام أحمد رواية عن الإمام أحمد أنه يقول يحتج بالضعيف إذا لم يكن في الباب غيره.

ويذكر عن أبي حنيفة أنه أقوى من رأي الرجال، ينقله الحنفية عن إمامهم يحتج به وليس هو مثل المتصل في القوة، المرسل ليس مثل المتصل خلافاً لمن زعم أنه يفوقه أو مثله، وليس الضعيف مثل الصحيح في القوة، فعند التعارض لا تردد في ترجيح المتصل، ولا تردد في ترجيح الصحيح.

أهل العلم من حيث التقعيد قواعدهم مضطربة فتجد من يرد المرسل لا يتردد في هذا في التقعيد، ومن يرد الضعيف مطلقاً يفعل هذا لكن عند التطبيق تجده قد يستدل بحديث ضعيف، ويغفل عن قاعدته، وقد يكون مع رده للضعيف وتشديده في التقعيد عند التنظير تجده واسع الخطو، الشيخ أحمد شاكر يشدد في قبول الأحاديث الضعيفة، لكن حق له أن يشدد؟ لماذا؟ لأن ما الحديث الذي يضعف عند الشيخ أحمد شاكر وهو شديد التساهل في توثيق الرواة، وقد وثق جمع فيما حسبت أكثر من عشرين راوي الجماهير على تضعيفهم، ويحكم على إسنادهم بالصحة وفيه ما فيه.

المقصود أن مثل هذا له أن يشدد في القبول؛ لأن الحديث الذي يفلت منه ويصفه بالضعف لا شك أنه لا يمكن قبوله بحال، بينما جمهور أهل العلم إذا قبلوا الضعيف فإنما يشددون في شروط القبول، وإلا تضيع المسألة، وبعض أهل العلم من تشديده لا يكاد يفلت حديث في غير الصحيحين من التضعيف ممن يعاني التفريط التخريج في الأيام المتأخرة، وأحيانا يقول الحديث رواه مسلم وراجع الضعيفة، ليش راجع الضعيفة وقد أخرجه الإمام مسلم؟ لا شك مثل هذا تشتيت فعلى الإنسان أن يتوسط في أموره كلها.

طالب: يا شيخ يحتاج أن يربى الطالب على عدم التعرض للصحيحين؟

أنا أنتقد من يقول الحديث صحيح ثم يقول رواه البخاري ومسلم؛ يعني مهما بلغت درجة إمامة من قاله فإمامة البخاري ومسلم فوقه وأعظم منه، وصيانة الصحيحين وتربية المسلمين على احترام الصحيحين وتعظيم الصحيحين في نفوس الناس أمر لا بد منه؛ لأننا إذا تطاولنا على الصحيحين فما دونهما، يعني سهل يعني نسف السنن سهل، يستدل أحد بحديث سنن أبي داود ويقول له ضعيف، سهل هذا، ولذلك المستشرقون وأتباع المستشرقين أكثر طعونهم في صحيح البخاري؛ لأنه إذا أسقطوا الصحيح فما دونه أسهل فالتطاول عليه أسهل، وإذا أسقطوا من الرواة أبا هريرة فمن دونه أسهل حافظ الأمة، وبإسقاطهم لأبي هريرة تعرفون الحملات التي تشن عليه من قبل المستشرقين ومن قبل أهل البدع، يطعنون في أبي هريرة والطعن فيه قديم من أهل البدع؛ لأنهم بطعنهم فيه يرتاحون من جملة كثيرة من السنن، لكن ما يستطيعون، لا يطعنون في راو مقل من الصحابة؛ لأنهم بدلاً أن يطعنوا في أبي هريرة هو شخص واحد، لا بد أن يطعنوا في ألف راوي، هذا أريح لهم أن يطعنوا في راو، ويرتاحوا من نصف السنة، أو يطعنوا في صحيح البخاري أو في البخاري نفسه ثم بعد ذلك يتطاولون سهل التطاول على ما دونه؛ لأن الذي يعق أباه يسهل عليه أن يقطع رحمه هذا سهل، هل يلام قاطع الرحم إذا كان عاقاً بوالديه، مثل من كان بارًا بوالده يلام على الصلة، فمثل هذه الأمور لا بد من التنبه لها، ويكون الإنسان على حذر من هذه الدعاوى التي تلقى بين حين وآخر.

وتطهير صحيح البخاري، الآن طبع كتاب في مائتي صفحة أو كذا تطهير صحيح البخاري، أو كتاب آخر تحذير الأمة من افتراءات البخاري، وواحد يقول: تصحيح البخاري، وواحد كذا كتب إيش؟ في اكتساح الأخبار الإسرائيلية في صحيح البخاري، والهجمة موجهة إلى البخاري لأنه إذا سقط البخاري خلاص، فما دونه من باب أولى، فصيانة الصحيحين أمر لا بد من تربية العامة والنشأ على هذا أمر لا بد منه.

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك هل يقال أن الحديث الذي أعله الدارقطني وسكت عنه....

ما سكت أجاب ولكن الجواب قد يكون فيه ضعف، استدراكات الدارقطني تولى الرد عليه بالنسبة لصحيح مسلم النووي، وبالنسبة لصحيح البخاري ابن حجر وغير ابن حجر من الشراح، لكن قد يكون الاستدراك فيه قوة والرد ضعيف، يعني ما وفق الذي رد لإدراك المحز فنسف الرد، وإلا فالغالب أن الصواب مع الإمامين.

أذان....

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد.

ثم قال رحمه الله تعالى: وليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء لكنه رحمه الله تعالى خرّج لبعض من وصف بالترك، لمن قيل فيه من قبل بعض الأئمة متروك، خرج لبعض هذا النوع، ويقول ليس في كتاب السنن الذي صنفته عن رجل متروك الحديث شيء.

والعبارة نقل مكانها من قبل ابن مندة فيما حكاه عن أبي داود أنه قال: ما ذكرت في كتابي حديثاً أجمع الناس على تركه وهذه أضيق دائرة؛ لأن هؤلاء المتروكين الذي خرج لهم الإمام أبو داود في سننه لم يجمع الناس على تركهم وإن قيل في كل واحد منهم متروك، ويترك حديث الراوي إذا اتهم بالكذب، فحديثه متروك ومن هذا النوع بعض من خرج لهم أبو داود لكنهم قلة.

طالب: ولعله عنده يا شيخ.

 يعني هذا رأيه أنه لا يصل إلى حد أن يبلغ متروك.

وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر وليس على نحوه في الباب غيره: إذًا ما الفائدة من راويته وهو لا يحتج به؟ ليبين الإمام أبو داود أن هذه الترجمة الذي ذكر بها هذا الحديث لا يوجد ما يدل عليها في الصحيح والحسن والضعيف، الضعيف خفيف الضعف، وإنما لا يوجد فيها إلا حديث منكر، وتبعاً لذلك هذا الحكم يبقى أو ينفى؟

طالب: ينفى.

يعني هل من لازم الحكم أن يكون دليله الصريح صحيح؟ أو قد يثبت الحكم بالحديث بغير حديث مثلاً، بقياس أو بقاعدة عامة تتناوله بعمومها.

طالب: يثبت بغير دليل.

 أو بما يسمى بحشد الأدلة والإجلاب عليها، قد يكون مثلاً الاستدلال بهذا الحديث بمفرده لا ينهض على ثبوت الخبر، لكن يثبت هذا الخبر ويذكر ما يشهد له من القواعد العامة، ومن يتبناه من الصحابة والتابعين، ومن أفتى بموجبه من أهل العلم.

ولذلك سيأتينا في المصطلح أن من أهل العلم من يقول إن فتوى العالم على مقتضى حديث تصحيح وقبول للحديث إذا لم يكن في الباب غيره وعدم احتجاجه بالخبر تضعيف له، وسيأتي ما في هذه المسألة إن شاء الله تعالى في درس الألفية.

وإذا كان فيه حديث منكر بينت أنه منكر وليس على نحوه في الباب غيره: هذا البيان هل بين الإمام أبو داود في كل حديث منكر أنه منكر؟، أو على ما يراه هو تبعاً لوجهة نظره وحكمه على هذا الحديث؟ إن كان منكر عنده بين أنه منكر، وإن لم يكن منكراً عنده لم يبين ولو كان منكرا عند غيره، ويأتي ما في قوله: وما كان فيه وهن شديد بينته، وأنه التزم البيان لكن من اطلع على السنن يوجب فيه أحاديث ضعيفة شديدة الضعف لم يبينها، وفيه أحاديث منكرة لم يبينها، فإما أن يقال: أن البيان لا يلزم أن يكون في الكتاب نفسه بل قد يكون فيما سئل عنه، فإنهم يسألون عن رواة وعن أحاديث ويبينون من مثل أسئلة الآجري عن أبي داود شيء من هذا، هل نقول إن البيان خاص بهذا الكتاب يردف كل حديث، هذا الأصل فيه أن يردف كل حديث منكر يبين أنه منكر الواقع يرد ذلك، في أحاديث منكرة وفيه أحاديث شديدة الضعف ما بينها.

وهذه الأحاديث ليس منها في كتاب ابن المبارك: قد يكون بيان الإمام رحمه الله لهذه الأحاديث بالنكارة قد يكون ببيانه في حكم راويها، قد يكون بيانه الذي أشار إليه حينما يبين حكم الراوي، إذا قال منكر الحديث فكأنه قال: هذا الحديث منكر؛ لأنه من راوية هذا الراوي الذي حكم عليه بأنه منكر الحديث، وقد يكون في سؤالات العلماء عنه، وقد يكون فيما نقل عنه بالسند في كتب ألفها غيره المقصود أن البيان أعم من أن يكون في الكتاب نفسها.

يقول: وهذه الأحاديث، يعني التي في السنن ليس منها في كتاب ابن المبارك ولا في كتاب وكيع إلا الشيء اليسير: وعامته في كتاب هؤلاء مراسيل، ليس مما في السنن في كتاب ابن المبارك، ولا في كتاب وكيع إلا الشيء اليسير: يعني في مصنفات ابن المبارك الشاملة للزهد وغيره لأن ابن المبارك اشتهر له وطبع له كتاب الزهد، وأيضا وكيع له كتاب الزهد، فإن نظرنا إلى كتابي الزهد لهذين الإمامين ليس فيهما من سنن أبي داود إلا الشيء اليسير بالنسبة إلى سنن أبي داود إلا الشيء اليسير، والكلام صحيح، لكن مجموع مؤلفات الإمامين فيهما أحاديث كثيرة، وإن كانت نظرة الإمام أبي داود رحمه الله إلى العموم فيما يظهر هو الظاهر؛ لأنه لا يمكن أن يقارن كتاب في الأحكام أربعة آلاف وثمانمائة حديث في الأحكام ليس منها في الزهد إلا الشيء اليسير أن يقارن كتاب متخصص في الزهد، بل لو عكست القضية لكان أولى، ليس في كتاب أبي داود من كتاب ابن المبارك أو وكيع إلا الشيء اليسير إذا قارنا بما يتفقان فيه وهو الزهد، أما إن نظرنا إلى العموم وهو ما يرويه وكيع، وما يرويه ابن المبارك فكتاب أبي داود أعظم مما يروونه. رحمة الله على الجميع.

وعامته في كتاب هؤلاء مراسيل؛ عامة ما يروونه في كتبهم مراسيل؛ لأنهم في الزمن الذي تقبل فيه المراسيل قبل وجود الإمام الشافعي الذي اشترط لقبول المراسيل شروط، وللإمام أبي داود كتاب خاص في المراسيل ومطبوع ومتداول مراراً، مطبوع مراراً ومتناول بين طلاب العلم.

وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس، يعني في قسم الأحكام منه من الموطأ في قسم الأحكام، يعني غير قسم الفضائل وغير قسم المغازي وغير قسم الجامع، وغيره من الكتب كتب الموطأ وأبوابه التي لا علاقة لها بالأحكام.

 وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس شيء صالح: يعني هو يقارن كتابه بكتاب مالك فيما يتفقان فيه وهو السنن والأحكام، ولعله يقارن بين كتابه وكتاب وكيع وابن المبارك فيما يتفقان فيه وهو الزهد أو على جهة العموم كما ذكرنا.

وفي كتاب السنن من موطأ مالك بن أنس شيء صالح: يعني قدر كافي ومفيد لطالب العلم لكنه لا يقتصر عليه، شيء صالح.

 وكذلك من مصنفات حماد بن سلمة وعبد الرزاق فيها أيضا أحاديث لا توجد عند غيرهما وليس ثلث هذه الكتب: يعني الكتب التراجم الكبيرة التي أودعها في كتابه، كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة، كتاب... مجموع هذه يقال لها كتب، وإن كانت مندرجة تحت كتاب أسماه السنن.

وليس ثلث هذه الكتب فيما أحسبه في كتب جميعهم: ثلث هذه الكتب يعني ما في كتابه ثلثه إذا نظرنا إلى كتاب أربعة آلاف وثمانمائة حديث ثلث الأربعة آلاف وثمانمائة كم؟

طالب:......

هذا الربع.

طالب:ألف وستمائة.

ألف وستمائة، يعني لا يوجد في كتب هؤلاء الذين ذكرهم ألف وستمائة حديث، قد يكون عبد الرزاق أكبر من سنن أبي داود مصنف عبد الرزاق أكبر، مطبوع في عشرة مجلدات والحادي عشر لجامع معمر فيما يرويه عبد الرزاق عنه، أكبر من سنن أبي داود، كيف يقول ما فيه ولا الثلث؟ مصنف عبد الرزاق ومصنف ابن أبي شيبة مملوءة بالآثار، أما الأحاديث المرفوعة فهي أقل.

 وليس ثلث هذه الكتب فيما أحسبه في كتب جميعهم أعني مصنفات مالك بن أنس وحماد بن سلمة وعبد الرزاق.

 ثم قال: وقد ألفته نسقاً على ما وقع عندي يعني ألفته وبالغت في تحريره وتنظيمه وتأليف بين أبواب المتناسبة على نسق واحد، يورد الأبواب على نسق يتحد فيها أو يتفق فيها، أو يناسب الباب الأول الثاني والعكس، لكن ترتيب أبي داود لسننه ترتيب غريب، تجده أخر أبواب العبادات عن كثير من أبواب المعاملات بخلاف ترتيب البخاري ومسلم والنسائي والترمذي ثم فرغوا من العبادات بدءوا بالمعاملات.

قدم كتاب النكاح مثلاً على الحج، يقول: ألفته على نسق.

 ألفته نسقًا على ما وقع عندي: هذا اجتهاده.

 فإن ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليس مما خرجته فاعلم أنه حديثٌ واهنٌ: يعني شديد الضعف، وهذا الكلام لا شك أن فيه نظر يصفو من السنن قدر زائد على ما أورده في سننه قدر زائد كبير فضلاً عن غيرهما، وفي الصحيحين أحاديث لا توجد في سنن أبي داود، في الصحيحين فكيف يقال: إن هذه الأحاديث التي لا توجد عند أبي داود واهية، بل هي في أعلى درجات الصحيح وأصح مما خرجه أبو داود في سننه، أعني ما في الصحيحين مما لا يوجد في سنن أبي داود، ويصفو من كتب السنة ودواوينها شيء كثير، ولعل هذا على حد علمه واجتهاده ومبالغته في الجمع.

فإن ذكر لك عن النبي صلى الله عليه وسلم سنة ليست مما خرجته فاعلم أنه حديث واهن إلا أن يكون في كتاب من طريق آخر: يعني قد يوجد في غير كتابي هذا الحديث من طرق، أو في كتب السنة كلها يوردون هذا الحديث كل من طريقه لكن تجد في كتابي ما يغني عنه مما أخرجه من طريق آخر.

 فإني لم أخرج الطرق لأنه يكبر على المتعلم: صحيح لو خرج الطرق بهذه الأحاديث الأربعة آلاف وثمانمائة لبلغت، لو افترضنا أن لكل حديث عشر طرق، أو عشرين طريق، في بعضها مائة طريق، وقد تصل إلا مائة ألف طريق، ولا شك أن مثل هذا يكبر حجمه على المتعلم.

 ولا أعرف أحداً جمع الاستقصاء غيري: هذا يقوله أبو داود مع علمه بصحيح البخاري، ومع علمه بمسند الإمام أحمد شيخه الإمام أحمد، ومع علمه بما جمعه الأئمة مما هو أكبر من مصنفه.

 ولا أعرف أحدًا جمع على سبيل طريق الاستقصاء غيري: ولعله يقصد في ذلك أحاديث الأحكام، أحاديث الأحكام نعم جمع فيها ما يغني طالب العلم في أحاديث الأحكام.

وكان الحسن بن علي الخلال قد جمع منه قدر تسعمائة حديث، وذكر أن ابن المبارك قال: السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو تسعمائة حديث، يعني نظير ما قالوا في آيات الأحكام أنها خمسمائة.

وكثير من الأحكام من الآيات التي تفوق هذا العدد أضعاف يستنبط منها أحكام وآداب، لكن هم يريدون أصول الأحكام.

طالب: تأصيل للحديث موضوع يا شيخ؟

نعم.

طالب: اللفظة هذه تأصيل للحديث الموضوع.

وذكر أن ابن المبارك قال السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو تسعمائة حديث، ولا شك أنها أكثر بكثير، يعني إذا نظرنا إلى المنتقى وفي أحاديث الأحكام أكثر من أربعة آلاف حديث وفي سننه أربعة آلاف وثمانمائة حديث، وهنا يقول تسعمائة فإن أريد بذلك الأصول التي يستدل بها على غيرها من الأحكام ويمكن أن يستنبط منها أحكام يستغنى بها عن غيرها ولو على سبيل الإيغال في الدقة في الاستنباط ممكن، يعني يعنى طالب العلم بتسمية حديث ويعددها ويستنبط منها ويذكر جميع ما قيل فيها، يحصل له خير كثير، لكن لا يمكن من أراد أن يستدل لكل مسألة بدليل صريح صحيح فيها لا يمكن أن يستغني بتسعمائة حديث.

نحو تسعمائة حديث فقيل له إن أبا يوسف قال هي ألف ومائة: قال ابن المبارك: أبو يوسف يأخذ بتلك الهنات: يعني التي فيها كلام لأهل العلم من هنا ومن هنا نحو الأحاديث الضعيفة، يعني قد يخرج عن دائرة المقبول إلى الأحاديث الضعيفة، وإذا خرج الإنسان إلى دائرة القبول وأوغل في ذلك وصلت الأحاديث عنده إلى ألوف مؤلفة، وعلى كل حال هذا على حسب علمه واطلاعه واجتهاده، وهذا من باب الإغراء بكتابه ليفاد منه من قبل طلبة العلم فيكون له أجر من استفاد منه إلى يوم القيامة.

وما كان في كتابه من حديث فيه وهن شديد فقد بينته: هذا إن إن شاء الله في الدرس القادم.

اللهم صل على محمد.

طالب: قوله: الاستقصاء ذكر المحقق تحت نسأل الله المغفرة.

إيه لكن كأنه فهم من كلامه أنه معجب، والعجب آفة لا شك أنه آفة:

والعجب فاحذره إن العجب مجترف *** أعمال صاحبه في سيله العرم

وهذا يشم منها رائحة عجب، لكن لا يظن بهذا الإمام وأمثاله أنهم يصلون إلى درجة الإعجاب الممنوع.

طالب: بالنسبة ..... ترتيب الحديث .....

يعني يحبذ القراءة لكن ما يقرأه على الطريقة التي يقرأ بها القرآن الكريم لا يشبه كلام البشر بكلام الله، بأحكام التجويد من المدود والغنة وغيرها، لا، لكن إذا حبره وحسنه ونشط السامع بهذا الصوت الجميل، ما يلام، ما فيه إشكال إن شاء الله.

طالب: يا شيخ أحسن الله إليك، الرسالة حقت الشيخ اللي موجودة هنا اللي هي تحقيق أحمد شاكر.

 

إيه موجود إيه، مجلد كبير، مطبعة الحلبي..... 

"
الأمر بإعادة الصلاة لمن صلى في رحله ثم أتى إلى المسجد والناس يصلون هل هو للوجوب أو للاستحباب؟

هو للاستحباب؛ لأنه صرح في الحديث: ((فإنها لك نافلة)) والنافلة مستحبة.
الأمر الثاني أنه إذا أداها بشروطها وأركانها وواجباتها خرج من عهدة الواجب بيقين ثم تكون الإعادة بعد ذلك نفلاً؛ إذ لم يوجب الله جل وعلا في يوم صلاة في وقت واحد مرتين.

يقول: أسأل عن كتاب كرامات الأولياء لمحمد بن أحمد المشافع الجيلي هل طبع ولو طبع فما هي أكثر طبعاته؟

أنا لا أعرف هذا الكتاب، وطبع في طبقات الأولياء وفي كراماتهم كتب جلها غلو وفي كثير من المواضيع منها الشرك الأكبر وادعاء أن مثل هؤلاء الأولياء يتصرفون في الكون وطبقات الشعراني وغيرها شاهدة على هذا.

هذا من الجزائر يقول: ظهر عندنا مقال بعنوان نصيحة أخوية لأحد الدعاة من عندكم يقرر فيه أنه يجوز التنازل عن أصول الدين لمصلحة الدعوة، وأيضاً يقرر فيه أنه إذا قيل أن تارك جنس العمل مؤمن ناقص الإيمان لا يقال عنه أنه قد وافق المرجئة فيما توجيهكم؟

أولاً: التنازل عن أصول الدين لا يملكها لا زيد ولا عمرو، الدين ليس ملكًا لأحد يستطيع أن يتنازل عنه فإن تنازل عن شيء منه تنازل عن واجب أثم وأنزلق في ذلك وإن تسامح وارتكب محظورا فالأمر كذلك وإن تساهل في مستحب فالأمر أسهل، وإن تساهل في ركن من أركان الإسلام فالأمر أشد وأعظم وليس له أن يتنازل، هذا بالنسبة لنفسه يتحمل المسئولية أما أن يجعل الناس يتنازلون إذا تنازلوا عن واجب أو ارتكبوا محظورًا فعليه إثمهم.
يقول: أيضًا يقرر فيه أنه إذا قيل تارك جنس العمل مؤمن ناقص الإيمان لا يقال عنه إنه قد وافق المرجئة، إذاً ما الفرق بين مذاهب الأئمة الثلاثة وبين مذهب أبي حنيفة؟
شيخ الإسلام ابن تيمية قرر في الإيمان له أن جنس العمل شرط في صحة الإيمان، جنس العمل لا مفرداته، جنسه شرط، ولذلك يجعلون تعريف الإيمان المعرف بأجزائه وأركانه أنه قول واعتقاد وعمل ولو قلنا بإن جنس العمل ليس بشرط أو أن تارك جنس العمل لا يخرج عن دائرة الإيمان، ما كان لاشتراط العمل عند سلف هذه الأمة والتأكيد عليه ما صار له قيمة.
طالب: يا شيخ الله يحفظك سؤاله الأول الذي ذكر هذه الآن صارت ظاهرة، يقول...
التنازل عن أصول الدين؟
طالب: من أجل الدعوة.
لا، لا، الدعوة إذا لم تكن على المنهج السليم على ما كان عليه النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، لكن يدعو إلى إيش؟ {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (108) سورة يوسف، الذي لا يتبع الرسول على هذه السبيل عليه الصلاة والسلام لا يدع يا أخي.
طالب: ولذلك هم هذه مبرراتهم.
لا لا أبدًا. وقد تقتضي مصلحة الدعوة التنازل عن شيء بالنسبة لأناس معينين من باب التأليف حتى يتمكن الإيمان من قلوبهم هذا له وجه، أما أن يتنازل على أصول الدين ويدعو على غير سبيل النبي عليه الصلاة والسلام وسبيل المؤمنين هذا لا وجه له البتة.
طالب: أحسن الله إليك، الاستدلال بأن العمل شرط في الإيمان، بقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ آمِنُواْ} (136) سورة النساء، فطلبهم بآمنوا، وخاطبهم بمطالبة...
على كل حال هذا قول عامة أهل السنة، أن العمل لا بد منه، وجعلوه ركن وجزء من تعريف الإيمان والذي يقول هذا الكلام لا يستطيع أن يحرر الفرق بين مذهب الأئمة الثلاثة ومذهب أبي حنيفة الموصوف بإرجاء الفقهاء.

يقول: ما قولكم في كتاب: في ظلال القرآن، هل تنصحوننا بقراءته مع العلم أننا نقرأ كتب سلفنا الصالح كتفسير ابن كثير وغيرهم.

ألزم كتب السلف الصالح النقية التي لا خلط فيها، وأما الكتب التي تشتمل على شيء من البدع كتفسير الزمخشري أو تفسير الرازي أو في ظلال القرآن وغيرها من كتب المتقدمين والمتأخرين قد يوجد فيها فوائد، لا ينكر أن في تفسير الزمخشري فوائد من الناحية اللغوية والبلاغية والبيانية لكن فيه السم، واعتزالياته استخرجت بالمناقيش، وأيضا تفسير الرازي ضرره عظيم وبالغ على الأمة منظر للبدعة ويورد من الشبهات ما يجعل القلوب تشربها، ثم بعد ذلك يضعف في الرد عليها، وقل مثل هذا في التفاسير المشتملة على البدعة، وهذا الكتاب أيضاً المذكور فيه شيء من البدع وفيه شيء ممن يخالف سلف الأمة، فعلى طالب العلم أن يلزم كتب أهل العلم الموثقين المحققين للتوحيد.

يقول: أرض المحيط الهندي البريطانية ما المقصود بإرضاع الكبير؟ الكبير المراد من تجاوز السنتين، لأن جمهور أهل العلم لا يرون للرضاع أثر إلا في الحولين فإذا تجاوز ذلك ما حكم مرضعيه؟

جمهور أهل العلم على أنه لا يحرم إذا أكمل السنتين هذا قول الجمهور ما كان في الحولين فهو يحرم وما عدا ذلك فلا، في قصة سالم مولى أبي حذيفة لما احتيج له أذن النبي عليه الصلاة والسلام أن يرضع وهو كبير، لكن عامة أهل العلم على أن هذه قضية عين خاصة لا تتعدى إلى غيره، ومذهب عائشة رضي الله عنها الأخذ بعمومه، وأن ما جاز له يجوز لغيره، وشيخ الإسلام يربط ذلك بالحاجة، فمن دعته الحاجة إلى مثل ذلك فليفعل يعني كالحاجة إلى سالم مولى أبي حذيفة، لكن عامة أهل العلم على خلاف هذا القول.

يقول: يسأل سؤالي عن طبعة تفسير القرطبي الجديدة عن دار عالم الكتب هل هي المصرية؟

لا، ليست المصرية، عالم الكتب ليست دار الكتب المصرية؛ لأن دار الكتب المصرية انتهت يعني من أربعين سنة أو أكثر من أربعين سنة لا وجود لها، يعني خلفها دار الكتب المصرية خلفت الأميرية ببولاق يعني حلت محلها، ودار الكتب انقرضت وألغيت حل محلها سموها فيما بعد دار الكتب والوثائق القومية ثم بعد ذلك الهيئة العامة للكتاب حلت محلها، وطبعات دار الكتب المصرية طبعات متقنة ومحررة وفيها لجان علمية تصحح، وأيضا الكتاب هذا على وجه الخصوص مخدوم خدمة بالغة وفيه الإحالات على ما تقدم وما يلحق.
يقول هل هي المصرية؟
لا ليست هي المصرية.
يقول: لأنهم يذكرون الإحالات وإن لم أحصل على المصرية.
إن لم تحصل على المصرية فهذه تكفيك إن شاء الله تعالى.

يقول: ذكرتم في يوم درسنا في سنن ابن ماجة أن الأحاديث التي في خارج الصحيحين أكثر من التي في الصحيحين وكذلك الأحكام، سؤالي: كيف يوجه كلام الإمام مسلم في قوله لو كتب أهل الحديث مائتي سنة لم يخرجوا عن كتابي؟

كل يقول هذا، وليس معنى هذا أنه يعجب بكتابه العجب المذموم ولكن من أجل الإغراء بكتابه، يغري طلاب العلم بكتابه ليثبت له أجر من يستفيد به، وهذه يصنعها كثير من أهل العلم لا للإعجاب بكتبهم وآرائهم يفعلها ابن قيم كثيرًا في مبحث التوبة مثلاً من مدارك السالكين قال : فاظفر بهذا فإنك لن تجده في مصنف آخر البتة، هل نقول إن ابن القيم أعجبه ما كتب وأراد أن يمن به على الناس.
طالب: مقدمة الزاد.
المقصود كتبه فيها كثير من هذا، لكن يريد بذلك أن يغري طالب العلم بالعناية بهذه المباحث ليستفيد منها ثم بعد ذلك يثبت له أجرها.

هذا يسأل ويقول: حديث: الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة؟

هذا إن كان يقصد حديث: ((الأئمة من قريش))، هذا حديث صحيح مخرج في الصحيح وغيره، الأئمة من قريش هذا لا إشكال فيه، وأما باللفظ الذي ذكره بخصوص القضاء في الأنصار والأذان في الحبشة. أخرجه أبو داود لا أعلم درجتة الآن لكن: ((الأئمة من قريش)) حديث صحيح مستفيض ومصحح ومخرج في الصحيح وغيره.
يقول: علام ما يدل عليه من السائل؟
كيف من السائل؟ أما دلالته فهي ظاهرة وهي أن الخلافة لا تخرج عن قريش في حال الاختيار؛ لأنه لو رشحت الأمة ترشح من قريش؛ لأن الأئمة لا بد أن يكونوا من قريش، أما في حال الإجبار والغلبة والقهر فلو تولى عبد حبشي لا بد من السمع والطاعة، فأيًا كان من أي جنس كان، يجب السمع له والطاعة وتثبت ولايته ولا يجوز الخروج عليه.