شرح رسالة أبي داود لأهل مكة (5)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه اقتراحات أربعة حول البديل عن رسالة أبي داود؛ لأن المقرر ينتهي في هذا الدرس، هذا يقترح قراءة رسالة الوسيط الصغرى شرح حديث اتق الله حيثما كنت، لشيخ الإسلام، وهذا يقترح مقدمة دراسة الأسانيد وتطبيقات ولو مبدئية سهلة، لأننا نقرأ ونفهم الكثير، ولكن التطبيق تخرج العوائق التي تعوق عن الإكمال، وهذا لماذا الدرس البديل مقدمات وتنبيهات في دراسة الأسانيد وعللها وما شابه ذلك، هذه اقتراح، وهذا اقتراح رابع، يقول: ما رأيكم في مواصلة شرح ابن ماجة في وقت العصر ويضاف الشرح إلى المغرب حتى يتم شرح المقدمة، والسنة في هذه الدورة، وإن أردتم اقتراح أو شرح درس آخر فليكن شرح الحموية.
أولاً: أنا لا أخفيكم أن الدروس الأربعة، لكوني لا أتعود على أكثر من درس في طول السنة، ولم أتعرف في حال الرخاء على مثل هذه الدروس، فلا أكتمكم أني تعبت تعباً شديداً، نعم من المشايخ من يعطي سبعة دروس، ويتلذذ بذلك، لأنه تجاوز مرحلة ابتلاء واختبار وثبات ونحن ما زلنا نعالج ونصارع كل درس يحتاج إلى معالجة، إضافة إلى أن عندي بعض الأعمال التي لا بد من إنجازها قبل السفر، وأن من هذه الدورة أمامي أسفار إلى بدء الدراسة إن شاء الله تعالى بل بعد الدراسة، فيه دورات خارج الرياض بعد الدراسة، فإن أعفيتموني من الدرس الرابع ونمد في شرح ابن ماجة زيادة إلى أن يكون إلى الخامسة والنصف بحيث نأخذ قدر كبير من هذه المقدمة فالأمر إليكم وإن لم تعفوني فننقل درس من دروس الفجر إلى المغرب على كل حال واحد من الإخوان قال لي أننا حضرنا من خارج الرياض بناء على الإعلان اللي فيه أربعة دروس والمسلمون على شروطهم والله أن عندي أشياء تحتاج إلى انجاز قبل السفر والمغرب وأول العشاء مناسب له جدا فإن أعفيت من هذا طيب ونمد درس ابن ماجة زيادة نصف ساعة على شان نأخذ من بعد العصر أكبر قدر مما يمكن أخذه وإلا مائتين وستة وستين حديث ما يمكن أن تؤخذ في أسبوعين وليس من عادتي أن أشرح عشرة أحاديث في درس إلا لأننا نزولاً عند رغبة الإخوان أننا نمر على المقدمة إن أمكن أو على جلها إن لم يمكن الإكمال فنشرح على طريقة نرجوا أن تكون فيها فائدة ولذلكم تورنا لا نتعرض للإسناد إلا في موضع العلة يعني إذا ضعف الإسناد في موضع راوي تكلمنا عليه باختصار وإلا الرواة الثقاة لا نعرج عليهم لأن ميزة هذه المقدمة في متونها وأحسن المؤلف رحمه الله تعالى في تقديمها بين يدي كتابه وهي في السنة والرد على المبتدعة ولزوم السنة والحث عليها فطلبة العلم بأمس الحاجة إليها .
وهذا يسأل يقول: كيف نجمع بين قول: بين لا تنكِ عدواً وأنها تقفأ العين.
نعم لا تنكِ العدو لا تكف عن شره وإن فقأت عينه فيبقى وهو أعور يؤذي المسلمين، المراد بالإنكاء ما يمنعه ويعوقه عن أذى المسلمين.
طالب: .......
نعم هذا خيار، هذا خيار، إن كان الأفضل للإخوان نطرحه غداً في وقته إن شاء الله تعالى.
يقول: ما رأيكم لو يكون هناك ولو درس واحد في تخريج الأحاديث، فنحن محتاجون لهذا جداً.
أولاً: هذا يحتاج إلى مكتبة، ما يصلح في مثل هذا المكان، الدرس درس تخريج عملي يحتاج إلى مكتبة، ويحتاج إلى وسائل إيضاح، فإذا تيسر أن ترتب هذه المكتبة تنظم في مكتبة كبيرة، تضم ألوف من الكتب، فإذا تيسر تنظيمها ولو كان هذا في الدورة القادمة إن شاء الله تعالى، فالأمر إن شاء الله يحقق.
هذه أسئلة مكررة، جاء نظيرها فيما سبق، وبعضها بحروفها من الإنترنت.
هذه تقول: أنها تقدم لخطبتها رجلان دون أن يعلم أحدهما عن خطبة الآخر، الأول صاحب علم مزكى وواعظ ولديه دراسات عليا في الشريعة، وطالب علم مجتهد كما أخبروني لكنه فارسي الأصل، يعني غير عربي الأصل، وآخر ملتزم يسعى للخير محترم وليس صاحب علم كالأول لكنه عربي الأصل، فأيهما أختار؟
على كل حال اتركي الخيار إذا ترددت لولي أمرك، للوالد إن كان موجود فيفاضل بين الاثنين. والله المستعان، وإذا كان أحدهما أميز في دينه وأمانته وخلقه فليحرص عليه.
سم.
أحسن الله إليك
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف رحمه الله تعالى:
وإن من الأحاديث في كتاب السنن ما ليس بمتصل وهو مرسل ومدلس، وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل وهو مثل الحسن عن جابر والحسن عن أبي هريرة، والحكم عن مقسم عن ابن عباس وليس بمتصل، وسماع الحكم من مقسم أربعة أحاديث. وأما أبو إسحاق عن الحارث عن علي فلم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس فيها مسند واحد، وأما ما في كتاب السنن من هذا النحو فقليل، ولعل ليس للحارث الأعور في كتاب السنن إلا حديث واحد، فإنما كتبته بأخرة، وربما كان في الحديث ما لم يثبت صحة الحديث منه إذا كان يخفى ذلك علي فربما تركت الحديث إذا لم أفقه وربما كتبته وبينته وربما لم أقف عليه وربما أتوقف عن مثل هذا؛ لأنه ضرر على العامة أن يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث؛ لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا وعدد كتب هذه السنن ثمانية عشر جزءا مع المراسيل منها جزء واحد مراسيل، وما روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من المراسيل منها ما لا يصح ومنها ما هو مسند عند غيره وهو متصل صحيح، ولعل الذي في كتابي من الأحاديث قدر أربعة آلاف وثمانمائة حديث ونحو ستمائة حديث من المراسيل فمن أحب أن يميز هذه الأحاديث مع الألفاظ فربما يجيء حديث من طريق وهو عند العامة من طريق الأئمة الذين هم مشهورون غير أنه ربما طلبت اللفظة التي تكون لها معان كثيرة، وممن عرفت نقل من جميع هذه الكتب فربما يجيء الإسناد فيعلم من حديث غيره أنه غير متصل ولا يتبينه السامع إلا بأن يعلم الأحاديث وتكون له معرفة فيقف عليه مثل ما يروى عن ابن جريج قال أخبرت عن الزهري ويرويه البرساني عن ابن جريج عن الزهري، فالذي يسمع يظن أنه متصل ولا يصح بتة، وإنما تركنا ذلك لأن أصل الحديث غير متصل ولا يصح، وهو حديث معلول ومثل هذا كثير والذي لا يعلم يقول قد ترك حديثاً صحيحاً من هذا وجاء بحديث معلول، وإنما لم أصنف في كتاب للسنن إلا الأحكام ولم أصنف كتب الزهد وفضائل الأعمال وغيرها، فهذه الأربعة آلاف والثمانمائة كلها في الأحكام، فأما أحاديث كثيرة صحاح في الزهد والفضائل وغيرها فلم أخرجها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: وإن من الأحاديث في كتابي السنن ما ليس بمتصل: يعني ما في سنده انقطاع سواء كان الانقطاع ظاهرا أو خفيًّا، سواء كان الانقطاع فيه ظاهرًا كسقوط بعض رواته وإرسالاً فيه أو إعضال وهذا يوجد في السنن لكنه قليل أو يكون الانقطاع خفياً كالمراسيل الخفية والتدليس وهذا موجود وهو فيما يظهر أكثر من الأول من روايات المدلسين أظهر من الأول.
يقول هو مرسل ومدلس: مرسل: يعني فيه انقطاع ظاهر أو إرسال خفي، ومدلس: وهذا من الانقطاع الخفي؛ لأن أهل العلم يقسمون السقط من الإسناد إلى قسمين سقط ظاهر وسقط خفي.
فالسقط الظاهر يشمل التعليق وهو الحذف من مبادئ السند من جهة المصنف، ويشمل الانقطاع من أثناء السند بواحد أو بأكثر من واحد لا على التوالي، كما أنه يشمل الإعضال وهو سقوط أو إسقاط راويين فصاعداً على التوالي، ويشمل الإرسال بمعناه الخاص الذي هو ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وأما الانقطاع والسقط الخفي فيشمل المرسل الخفي وهو رواية المعاصري عن من لم يلقه بصيغة موهمة، والتدليس وهو رواية من لقي لكنه لم يسمع، أو سمع منه فروى عنه ما لم يسمعه منه، إما أن يكون لقيه ولم يسمع منه أو سمع منه بعض الأحاديث وروى عنه أحاديث أو حديث لم يسمعه منه وهذا تدليس، وهذه كلها موجودة في كتابه، لكن الغالب الأكثر الأحاديث متصلة الأسانيد.
وهو يخرج مثل هذه التي فيها مثل هذا الانقطاع بناء على ما تقدم من مذهبه وأنه يخرج الضعيف إذا لم يوجد في الباب غيره ولذا يقول، وهو إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث لم يجد أحاديث صحاح في هذا الباب الذي ترجم به عند عامة الرواة فاضطر أن يخرج ما ليس بصحيح من الضعيف المرسل والمدلس. إذا لم توجد الصحاح عند عامة أهل الحديث على معنى أنه متصل يعني لم يوجد أحاديث صحيحة متصلة فإنه لا يخلي الباب من حديث يدل على ما ترجم به عله أن يوجد له طرق تضم إلى هذا الطريق الذي ذكره فيستفاد به فذكره ولو كان مرسلاً أحسن من حذفه وإهماله؛ لأنه قد يضاف إليه، قد يقف غير الإمام أبي داود على طرق أخرى تنضاف إلى هذا الطريق التي أثبتها أبو داود فيرتقي بها الحديث، وإلا فالأصل أن الإمام إذا ترجم بحكم شرعي أنه لا يذكر تحت هذا الحكم إلا ما يثبت به ذلك الحكم، هذا الأصل، ولذا قدمت السنن على المسانيد لماذا؟ لأن مؤلف السنن يترجم بحكم شرعي، فتجده ينتقي من مروياته أقوى ما عنده، وأما صاحب المسند فإنه يترجم ترجمة الصحابي فيذكر اسم الصحابي مسند أبي بكر مسند عمر مسند عثمان إلى آخره فتجده يروي تحت هذه الترجمة ما وقع له منه، من روايات هذا الصحابي بغض النظر عن قوتها وضعفها، فالسنن مقدمة على المسانيد من هذه الحيثية ولذا يقول الناظم رحمها الله تعالى:
ودونها -أي دون السنن- في رتبة ما جعلا *** عن المسانيد فيدعى الجفلا
تدعى الأحاديث على العموم بالجملة من مرويات هذا الراوي، لكنه إذا ترجم بحكم شرعي لا يسعه إلا أن ينتقي لكي يثبت هذا الحكم الشرعي الذي ادعاه، فتجده يحرص على أن يثبت تحت هذه الترجمة أقوى ما يجد.
وهو مثل الحسن عن جابر، الحسن البصري عن جابر، والحسن عن أبي هريرة ولم يثبت سماع الحسن لا عن جابر ولا عن أبي هريرة لكن المعاصرة موجودة، فكون الحسن يروي عن جابر أو يروي عن أبي هريرة هذا اسمه إرسال خفي؛ لأن المعاصرة موجودة وليس هذا من التدليس لأنه لم يلق جابر ولا أبا هريرة؛ مع أنه في مناسبة من المناسبات قال: حدثني أبو هريرة، فأبو حاتم أثبت سماع الحسن من أبي هريرة بهذا؛ لأنه قال: حدثني أبو هريرة، والتدليس يشترط فيه أن لا يصرح الراوي بالتحديث، فيصرح وهو لم يلقه خرج عن دائرة التدليس صار كذب صريح، والحسن رحمه الله تعالى يفعل مثل هذا إلا أنه يتأول يعني حدث أهل المدينة وأنا فيها أو حدث أهل البصرة حدثنا عتبة بن عدوان وهو بالبصرة مثلا، يستعمل مثل هذا رحمه الله تعالى على إمامته وجلالته ولذا لم يخرجه أهل العلم عن دائرة التوثيق بل هو إمام من أئمة المسلمين، ومع ذلك يستعمل مثل هذه الأمور، ولو تركها لكان أفضل وأولى لكن الكمال لمن؟ لله جل وعلا، والعصمة لأنبيائه، فيحصل مثل هذا يعني لو لم يحصل بالنسبة للحسن مثل هذه الأمور لفتن الناس به، هذه من نعم الله جل وعلا أن يحصل من مثل هذا مثل هذه الهنات لئلا يفتن الناس به، غير المعصوم إذا أبدع وتعلق الناس به لا بد أن يحصل له شيء يحول دون الناس وبين أن يفتنوا به، والأمثلة كثيرة، وقصة عمر رضي الله تعالى عنه مع خالد بن الوليد حينما عزله عن قيادة الجيوش لا لشيء في خالد إلا لخشية أن يتعلق الناس به، ونحن نرى من شيوخنا أنه بعضهم يقرب من الكمال ثم بعد ذلك يحصل له ما يحصل، وهذه من نعم الله جل وعلا على الشخص نفسه أن يقع منه هذه الأمور لئلا يفتن ويفتتن به، وأيضاً هو نعمة للأتباع، فمثل هذه الأمور تقع لمثل هؤلاء العظام كالحسن وغيره، وإلا قد يقول قائل: كيف يوصف الحسن بأنه مدلس، سفيان الثوري مدلس، فمثل هؤلاء أئمة جبال فلو لم يحصل منهم مثل هذه الأمور لافتتن الناس به، يعني ما يقرأ في سيرة الحسن، ويسمع كلام الحسن ويسمع عن زهده وعبادته وعلمه، وكلامه الذي يشبه كلام النبوة إذا جاء من يدعي فيه بالنبوة بل قد يزاد في ذلك والله المستعان.
والحسن عن أبي هريرة: ذكرنا في الدرس، درس الألفية ما يسمونه بشبه الإقرار من الواضع أنه اختلف اثنان في سماع الحسن من أبي هريرة فقال حدثنا فلان عن فلان عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال سمع الحسن من أبي هريرة، من أثبت سماع الحسن من أبي هريرة اعتمد على قوله، حدثنا أبو هريرة والذين لا يثبتون يقولون إنه حدث أهل المدينة وهو فيها، فقوله حدثنا للمجموع حدث أهل البلد الذي هو فيه.
والحكم عن مقسم: الحكم بن عتيبة عن مقسم عن ابن عباس وليس بمتصل، وسماع الحكم من مقسم أربعة أحاديث: يعني ما سوى هذه الأربعة يحكم عليها بالانقطاع، ما عدا الأربعة الأحاديث يحكم عليها بالانقطاع، لكن ماذا عن ما يرويه ابن عباس رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة السلام، مع أنه قيل لم يسمع من النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا أربعة أحاديث فهل نقول في الباقي أنه لم يسمعها من النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ هو إن صرح بالسماع فلا إشكال، وإن لم يصرح فالاحتمال قائم، لكنها من مراسيل الصحابة.
ذكرنا فيما سبق أن الحافظ ابن حجر يقول: تتبعت مرويات ابن عباس فوجدت فيها أربعين بدلاً من أربعة أربعين ما بين حسن وصحيح يصرح فيها بالسماع عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا شك أنه أليق إن لم يكن أكثر؛ لأنه ابن عم النبي -عليه الصلاة والسلام- ملازم له، وقريب منه، ونام عنده؛ لأن خالته ميمونة بنت الحارث تحت النبي -عليه الصلاة والسلام-، فلا يبعد أن يسمع أكثر من ذلك.
وأما أبو إسحاق السبيعي عن الحارث الأعور عن علي رضي الله عنه فلم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلا أربعة أحاديث ومعروف أن الحارث الأعور مشهور بالتشيع، بل عنده شيء من الغلو، ومطعون فيه وروايته غير مقبولة، لا سيما إذا كانت عن علي رضي الله عنه، لا سيما إذا كان الموضوع في فضائل أهل البيت فالحارث مضعف عند عامة أهل العلم، وقد ألف في ترجمته من قبل بعض المبتدعة: الباحث عن علل الطعن في الحارث"، وقدح في الأئمة الكبار من أجل الحارث المؤلف قدح في البخاري وغير البخاري من أجل الحارث، والمؤلف لا يسلم من شوب التشيع، وأما التصوف الغالي فهو موجود، وهذه رسالة للغماري المغربي دافع فيها واستمات في الدفاع عن الحارث الأعور، وقدح في الأئمة العظام الجبال من أئمة الإسلام من أجله، وهو لا يسلم من تشيع إن لم أقل الرفض، كلهم من أجل تصحيح حديث: ((أنا مدينة العلم وعلي بابها)) كله من أجل هذا فيدافع عن رجل مضعف عند عامة أهل العلم، ويطعن في... لا شك أن هذا خذلان ومؤلفاته تعج بالتصوف المغرق الغالي.
ذكرنا في مناسبات أن له رسالة اسمها: "إحياء المقبور في مشروعية بناء المشاهد والمساجد على القبور" وقفت بخطه على كتاب شيخ الإسلام رحمه الله: "تلخيص كتاب الاستغاثة للرد على البكري"، مكتوب على الكتاب لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية هذا كلام صحيح، ماسح الإسلام وكاتب الكفار، نسأل الله السلامة والعافية، وقرر في كتابه إحياء المقبور من أنواع الشرك ما قرر ورمى الدعوة السلفية على يد الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب بشتى الاتهامات، وقال: إنهم أساؤوا وفعلوا تركوا حينما هدموا القباب والمشاهد على قبور الصحابة والتابعين في مكة والمدينة، وقال: أما بلادهم يعني نجد فليس فيها ولله الحمد والمنة لا عالم ولا زاهد ولا عابد ولا أحد يستحق أن يبنى عليه بناية أو مشهد، نسأل الله العافية، ثم أطال في السب والشتم لمن يسميهم القرنيين يعني نسبة إلى نجد قرن الشيطان، فالمقصود أن رسالته في الدفاع عن الحارث وطعنه في الأئمة علامة الخذلان.
طالب: اسم الرسالة يا شيخ؟
أي؟
طالب: رسالته....
في إيش؟
طالب: في الحارث
"الباحث عن علل الطعن في الحارث".
عن الحارث عن علي فلم يسمع أبو إسحاق من الحارث إلا أربعة أحاديث ليس فيها مسند واحد، يعني كلها فيها انقطاع، وأما ما في كتاب السنن، ليس فيها مسند يحتمل أن يكون المراد به ما يقابل المرسل، وذلك مثل ما يقولون أسنده فلان وأرسله فلان، ويحتمل أن يريد فيها المرفوع، يعني ليس فيها حديث مرفوع واحد، وهذا يحتاج إلى مراجعات ما للحارث في سنن أبي داود، ولم يتيسر لي مراجعة ذلك، إن راجعها أحد جزاه الله خيراً.
يقول: وأما ما في كتاب السنن من هذا النحو فقليل، على العدة الذي ذكرها قليلة بالنسبة لأحاديث الكتاب، والكتاب من أنظف كتب السنن يعني بعد الصحيحين في الأسانيد والمتون، ولذا يجعل ثالث الكتب الستة، هو ثالث الكتب الستة بعد الصحيحين، وأحاديثه ماثلة ما فيها الضعيف ليس بكثير.
وليس للحارث الأعور في كتاب السنن إلا حديث واحد، فإنما كتبته بأخرة: يعني في وقت متأخر، كأنه ذكر الترجمة وبيض لها ومكث مدة طويلة يبحث عن حديث مناسب لهذه الترجمة فما وجده إلا من طريق الحارث، واضطر أن يكتبه، لئلا يترك الترجمة بدون دليل.
قال: وربما كان في الحديث ما تثبت صحة الحديث منه، وربما كان في الحديث ما تثبت صحة الحديث منه إذا كان يخفى ذلك علي، فربما تركت الحديث إذا لم أفقهه، وربما كتبته وبينته وربما لم أقف عليه، وربما أتوقف عن مثل هذا، وربما أقف عن مثل هذا يقول ربما كان في الحديث ما تثبت صحة الحديث منه إذا كان يخفى ذلك علي فربما تركت الحديث إذا لم أفقه، يقول: عندي ربما كان في الحديث ما تثبت صحة الحديث منه يعني عند غيره، قد يكون صحيحا عند غيره، وإذا كان يخفى ذلك علي يعني وجه الصحة وعلته ظاهرة عندي ربما تركت الحديث إذا لم أفقه وجه التصحيح، وربما كتبته وبينته؛ لأن فيه وهن شديد لا بد أن يبينه على ما تقدم، وربما لم أقف عليه لم يقف على العلة فيتركه وربما أتوقف عن مثل هذا، فهذه الاحتمالات كلها موجودة في كتابه فقد يذكر ما فيه علة ظاهرة عنده فيبينها، ربما يذكر حديثًا لم يفقه علته فلا يبينها وربما تركه بالكلية، يقول: وربما أتوقف عن مثل هذا، يعني عن مثل علة أبينها أو يكون مصححًا عند غيري ومعل عندي، وربما يكون أيضا الاحتمال الثالث العكس؛ لأنه ضرر على العامة أن يكشف لهم كل ما كان من هذا الباب فيما مضى من عيوب الحديث، يعني العامة لا يدركون إذا أورد حديثًا ضعيفًا وبينت وجه الضعف، العامي ما يدريه، قد يقول العامي ليش تذكر الحديث ما دام ضعيفً، هذا قيل لأئمة وخطباء يذكر الحديث، ثم يقول: وهذا حديث ضعيف يا أخي ليش تذكر حديثًا ضعيفًا مادام فيه علة؟ ليش يذكر العامة ما يدركون ما وراء صنيع الأئمة أنه قد يوجد له ما يرقيه، قد يُذكر الحديث الضعيف ويبين علته لأن لا يغتر به الناس، قد يكون مشهورًا على ألسنة الناس ولا يعرفون أنه ضعيف فيُذكر فتبين علته. يقول: لأنه ضرر على العامة أن يذكر لهم كل ما كان من هذا الباب في ما مضى من عيوب الحديث؛ لأن علم العامة يقصر عن مثل هذا، لا شك أن علم العامة يقصر عن مثل هذا، ولا بد أن يحدث الناس بما يعرفون، هل تريدون أن يكذب الله ورسوله، فالعامة يعاملون على حسب عقولهم وما أنت بمحدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان فتنة لهم، يفتتنون بمثل هذه الأمور؛ ولذا تُحجب بعض النصوص عن بعض العامة، وقلنا: إن بعض الخاصة قد تُحجب عنهم بعض النصوص، وأُنكر على ابن عمر تحديث الحجاج بحديث العُرنيين لماذا؟ لأن حديث العرنيين فيه نكاية بالعُرنيين فيه قطع، وفيه سمل أعين، وفيه ترك حرارة الشمس، يستسقون فلا يسقون والحجاج ما يحتاج إلى من يزيده ويدفعه، فمثل هذا الحديث قد يستدل به الحجاج ويزيد في ظلمه؛ لأنه سمع هذا من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فمثل لا يلقى على الحجاج، لكن مثل هذا يلقى على شخص حاكم مثلا أو قاضي يتراخى في عقاب المجرمين ولا يحكم عليهم بما يناسب جرائمهم حتى يؤتى بالمجرم صاحب السوابق يحكم عليه بعشر جلدات، عشرين جلدة يبين له حديث العرنيين وأن مثل هؤلاء لا هوادة معهم والحدود ما شرعت إلا لتنفذ والله المستعان. يقول: وعدد كتب هذه السنن ثمانية عشر جزءًا مع المراسيل؛ منها جزء واحد مراسيل مضى وتقدم وكرر كتب يقول كتبي أو كتب هذه السنن وفسرناها على أنها الكتب التي يحتوي عليها هذه السنة كتاب الطهارة، كتاب الصلاة، كتاب الزكاة على هذا مشينا، وهذا واضح أن السنن يشتمل على كتب.
كتاب السنن يشتمل على كتب؛ كتاب البخاري يشتمل على سبع وتسعين كتابًا، وهكذا بقية الكتب، فكتابه يشتمل كتبًا، لكنه يريد بالكتب هنا الأجزاء يعني كأنه كتب في ثمانية عشر جزءًا، كل جزء من هذه يسمى كتاب يعني بعض الناس يقول: أنا اشتريت سنن أبي داود خمسة كتب، سنن أبي داود واحد ليش خمسة كتب؟ وهو يقصد بذلك خمسة مجلدات وهذا متداول عند المبتدئين من الطلاب، وعند بعض العامة ما شاء الله هذا كتاب فتاوى شيخ الإسلام سبع وثلاثين كتابًا، يقولون مثل هذا وقد يوغل بعضهم في جهل مثل هذه الأمور وخفاء مثل هذه الأمور يسمي الكتاب دفترًا، بعض العامة الذين لا علم لهم يسمونه دفترًا، ومن طلبة العلم من يسمي هذا كتاب ويشهد له كلام أبي داود، وعدد كتب هذه السنن ثمانية عشر جزءًا، عدد كتب يعني ثمانية عشر كتابًا وإلا فالأصل أن السنن كتاب واحد، ويشتمل على مجموعة من الكتب مع المراسيل منها جزء واحد مراسيل، وهذا مطبوع مستقل طُبع مرارًا، قال: وما روي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من المراسيل منها ما لا يصح؛ لأن الأصل في المراسيل الضعف كما قرر هو سابقا وهو قول جمهور العلماء. منها ما لا يصح، ومنها ما هو مسند عند غيري وهو متصل صحيح يعني جاء من طرق أخرى عند غيره مسندة يعني عنده تُرك راو من الرواة؛ لأنه يطلق الإرسال على ما هو أعم مما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فتجده موصول عند غيره فيه انقطاع وُصل عند غيره، أو ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيُذكر صحابيه عند غيره. منها ما هو مسند عند غيري وما هو متصل صحيح، يقول: ولعل عدد الذي في كتابي من الأحاديث قدر أربعة آلاف وثمانمائة حديث، وإذا راجعنا المطبوع من السنن وجدناه خمسة آلاف ومئتين وخمسة وسبعين حديثًا، يعني أكثر مما قال بأربعمئة وخمس وسبعين حديث دون المراسيل، والمراسيل نحو ستمائة حديثًا من المراسيل، فقوله: أربعة آلاف وثمانمائة حديث، لعله لم يذكر المراسيل التي في السنن ما ذكر إلا المسندة المتصلة أو الاختلاف في العدة وارد لا سيما عند المتقدمين، عند المتقدمين البون شاسع؛ أحمد بن سلمة يقول: صحيح مسلم اثنا عشر ألف حديث، وغيره يقول: ثمانية آلاف، وبعضهم يقول: سبعة آلاف، ومسند الإمام أحمد أربعين ألف حديث، وإذا عد وُجد ثلاثين ألف حديث. المتقدمون لا يعنون بالعدد بدقة لا يعنون بدقة الأعداد؛ لأنه بدل من أن يعد الأحاديث واحدا واحدا، يحفظ مئة حديث وصارت العدة بدقة، همة المتأخرين وعنايتهم بها أكثر من تحفظ الأحاديث، ولا شك أن المتقدمين همتهم وعنايتهم أعظم من همم المتأخرين، تجد المتأخرين يهتم بالمظهر ويُعنى بالإخراج والعدد بدقة، وكيف يبدأ من أول السطر ومن آخره.
المتقدمون لا يهمهم هذا إنما يهمهم أن يذكر العلم ويوجد العلم ويُحفظ العلم، وذكرنا في مناسبات أن شخصا من اليمن أشكل عليه القراءة في تفسير الجلالين دون وضوء لماذا؟ لأن العلماء يقولون: حكم الغالب إذا كان الغالب غير القرآن فتقرأ بدون الوضوء، إذا كان الغالب القرآن لا بد من الوضوء، فأخذ يعد حروف القرآن وحروف التفسير فيقول إلى المدثر العدد واحد التفسير والقرآن العدد الواحد، ثم من المزمل إلى آخر القرآن زاد التفسير قليلا، فانحلت المشكلة عنده. من يفعل هذا من الأئمة المتقدمين؟ هل يهتمون بمثل هذا؟ نعم لنا اهتمامات ولنا عنايات بأمور لا تخطر على بال المتقدمين، بل لا تخطر على بال شيوخنا الذين أدركناهم، تجد بعض الأمور التي يزين بها الكلام وينسق وينمق بها لا يهتمون به، يهتمون بما هو أعظم منها؛ ولذلك حرم كثير من طلاب العلم بهذه الطريقة، تجده يمضي الوقت وهو يعدد ويحسب ويزيد وينقص ويجمع ويطرح، ولو اشتغل بالمضمون بدل هذه الساعة التي أمضاها في مثل هذا يحفظ، وهذا لمن أراد أن يضيع وقتا على نسخة واحدة، أما من كان همته مثل هذا من أجل أن يطبع من هذه الأعداد عشرة آلاف نسخة مثلا، وإذا نفدت طبع مثلها فهذه خدمة يستفيد منها طلاب العلم، وكم أفاد طلاب العلم من ترقيم محمد فؤاد عبدالباقي لصحيح البخاري وذكر أطرافه مفيدة، لكن هل المتقدمون بحاجة إلى مثل هذه الأعداد والأطراف، هم يحفظونها ما يحتاجون إلى أعداد ولا إحالات ولا على لاحق ولا على سابق، فينبغي أن يكون طالب العلم مهتما بالغايات لا بالوسائل.
طالب: أحسن الله إليك. ما يحمل على الروايات اختلاف العدد اللي عندنا يعني لو خمس ست روايات؟
نعم الكتاب مروي بروايات متعددة كرواية اللؤلؤي وابن العبد وابن داسة وغيرهم، ثلاث أو ست روايات، المقصود أن الروايات متفاوتة كما أن روايات الصحيح متفاوتة، فرواية حماد بن شاكر -كما قال أهل العلم- تنقص عن رواية غيره ثلاثمائة حديث، فلعل هذا منها وأيضا مسألة العدد؛ قد يعد عندنا طريق من الطرق يعد حديثًا وهم لا يعدون مثل هذا حديثًا على الكل حال الخطب، سهل يعني كونه يقول: قدر يعني تقريبا ما قال عدد الأحاديث أربعة آلاف وثمانمائة، يقول: قدر أربعة آلاف وثمانمئة، لكن إذا أراد التقريب ما قال أربعة آلاف وثمانمائة في الغالب، إنما يقول خمسة آلاف تقريبا؛ لأن التقريب لا يكون بالتحديد، ما نقول مثلا: وعدد رواة كذا وعدد أحاديث كذا ثلاث وسبعين حديثا تقريبا هي بالتحديد ثلاث وسبعين أو أكثر من ثلاث وسبعين، إذا أردت أن تقول: تقريبا أو أكثر قف على عقد، قل: أكثر من سبعين أقل من ثمانين، تزيد على السبعين تقرب من خمسة آلاف كما هنا، وعلى كل حال هذا إمام وهذه عدته لكتابه، ولا يحاسب عليها، يعني لو وجد حديث نقول: امسحوا هذا، هذا ما هو من الكتاب؛ لأنه زايد على ما عده الإمام، نقول: السنن أربعة آلاف بإقرار صاحبها، أربعة آلاف وثمانمائة، فما يزيد عنها ليس من السنن؟! لا، لما ذكرنا من أنهم لا يعنون بالأعداد.
طالب: ورواية ابن العبد نصوا على أنها أقلها، لعلها في أول الروايات، ثم بعد ذلك زاده في أماليه.
على كل حال مثل ما ذكر أهل العلم في الروايات، وأنها تتفاوت في الأعداد وتتفاوت في طول الأحاديث بزيادة جمل ونقصها في ضبط بعض الألفاظ في تغيير لفظ بلفظ، الإمام لا يزال يروى عنه الكتاب ويزيد وينقص فيه ونحو ستمائة حديث من المراسيل، يقول: فمن أحب أن يميز هذه الأحاديث مع الألفاظ فربما يجيء حديث من طريق وهو عند العامة من طريق الأئمة، فمن أحب أن يميز هذه الأحاديث مع الألفاظ فربما يجيء حديث من طريق وهو عند العامة من طريق الأئمة الذين هم مشهورون، غير أنه ربما طلبت اللفظة التي تكون لها معان كثيرة، وممن عرفت نُقل من جميع هذه الكتب، أو نَقل من جميع هذه الكتب نقل، وممن عرفت، يعني من أهل ممن نقل من جميع هذه الكتب التي حواها كتاب السنن واستفادوا منها ورووا عنه، فمن أحب أن يميز هذه الأحاديث مع الألفاظ فربما يجيء حديث من طريق وهو عند العامة من طريق الأئمة الذين هم مشهورون يعني في الطبقة العليا في الدرجة العليا من الصحة، يعني جاء عن طريق أئمة غير أنه ربما طلبت اللفظة التي تكون لها معان كثيرة، يعني يأتي عن طريق الأئمة هذا الحديث جاء عن طريق الأئمة لا يزال يرويه إمام عن إمام، لكن المعاني فيه أقل وهو موجود عند من هم دونهم في الدرجة، لكنه يشتمل على شيء من المعاني أكثر، فأحرص على تحصيل المعاني الكثيرة وإن فوت نظافة الأسانيد الأكثر أكثر نظافة. يعني كما تقدم من أنه قد يؤثر العلوّ على قوة الإسناد على ما تقدم.
طالب: هل يفهم من هذا أن الإمام أبا داود يثبت زيادة الثقة مطلقا؟
تصرفاته تدل على شيء من هذا لكن الإطلاق فيه ما فيه؛ لأن هذا ليست قاعدة مطردة عندهم؛ لأنه يقول: ربما، وربما للتقليل كما هو معروف، وربما يجيء حديث من طريق وهو عند العامة من طريق الأئمة الذين هم مشهورون، غير أنه ربما طلبت اللفظة التي تكون لها معان كثيرة وممن عرفت نقل من جميع هذه الكتب يعني استفاد من كتابه -وهو صحيح- كثير من الأئمة حتى من جاء بعدهم ممن يروي الأحاديث وله عناية بالرواية، وله عناية أيضا بالرواية بأسانيده، هو من يروي الأحاديث عن طريقه، كالحاكم والبيهقي والبغوي في شرح السنة وغيرهم روايات كثيرة من طريق أبي داود، ويستفاد من هذه الرواية لهذه الكتب وإن كانت متأخرة، والأصل موجود تصحيح ما في الأصل؛ لأن الحديث إذا تداوله الأئمة يحرر أحيانا تجد في جميع الطبعات غلطًا أو لفظة يشكل عليك معناها، ترجع إلى نفس الباب من سنن البيهقي فتجده أورد الحديث من طريق أبي داود وصحح لفظه، فإذا كان اللفظ تداوله أئمة لا شك أن مثل هذا يحرص عليه فربما يجيء الإسناد فيعلم من حديث غيره أنه غير متصل ولا يتبينه السامع إلا بأن يعلم الأحاديث، يعني يجمع الطرق، طرق هذا الخبر فيتبين له السقط من السند أو عدمه، وتكون له بها معرفة فيقف عليه، يكون لديه خبرة ودربة يستطيع بها أن يميز بين ما هو متصل وبين ما هو منقطع، وإن كان ظاهره الاتصال يقول مثل ما يروى عن ابن جريج قال: أُخبرت عن الزهري، هذا انقطاع ظاهر؛ لأن الصيغة في بنائها للمجهول تدل على وجود مخبر هذا بالنسبة للكتب الستة، وأما صحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان دونها ابن خزيمة ومستدرك الحاكم، منهم من يجعلها فوق السنن يعني منهم من يضيفها إلى الصحاح، لكنها دونها لأنه اشترط فيها الصحة، لكن من اشترط لم يوف بشرطه أو تساهل في الشرط، أو تساهل في تطبيقه.
يقول -رحمه الله-: مثل ما يروى عن ابن جريج قال أُخبرت عن الزهري، ويرويه البرساني عن ابن جريج عن الزهري، فالذي يسمع يظن أنه متصل ولا يصح بتة حينما يقول: أُخبرت عن الزهري ببناء الفعل للمجهول وإذا قال هكذا فلا بد أن يوجد مخبر يخبره عن الزهري، ثم يرويه، مَن يرويه بحذف هذه الصيغة فيتلبس على الناس ويخفى عليهم الأمر، فيقول البُرساني عن ابن جريج عن الزهري فالواقف عليه الذي يسمع كما قال الإمام، فالذي يسمع يظن أنه متصل ولا يصح بتة، بتة: يعني مطلقا وأكثر ما يقال في مثل هذا: ألبتة بهمزة القطع، فإنما تركناه لذلك؛ لأنه غير الصيغة فترتب على ذلك إيهام الاتصال فإنما تركناه لذلك هذا؛ لأن أصل الحديث غير متصل ولا يصح وهو حديث معلول، ومثل هذا كثير، لكن مثل هذا لا سيما وأن البُرساني مُوَثَّق عند بعضهم فمثل هذا قوله، مثل هذا كثير يشكك في مثل هذا الراوي أنه إذا كان يفعل مثل هذا الفعل أنه أن فعله ضرب من التدليس وهو إلى تدليس التسوية أقرب؛ لأنه لم يسقط شيخه، ابن جريج ذُكر إنما المُسقَط ما بين ابن جريج والزهري، وهذا هو في الغالب صنيع من يدلس تدليس التسوية، وهو شر أنواع التدليس، يقول والذي لا يعلم يقول وقد ترك حديثا صحيحا من هذا؛ لأني تركته لعلة هو لا يدريها ولا يشعر بها، فإذا نظر في الإسناد البُرساني عن ابن جريج عن الزهري قال: صحيح، ولماذا تركت الحديث الصحيح يا أبا داود؟ يقول: أنا أعرف علة لم تدركها أنت وهي أن الصيغة كانت أُخبرت عن الزهري فجاء، البُرساني فسواها وجوّد الإسناد بأن أظهر الأجواد وحُذف المجهول الذي تضمنه أخبرت، فهذا أشبه ما يكون بتدليس التسوية، قال: والذي لا يقول قد ترك حديثا صحيحا من هذا وجاء بحديث معلول؛ لأن كتابه يتضمن أحاديث معلولة، لكنه يبين علتها وقد لا يبين على ما تقدم: ثم قال -رحمه الله-: وإنما لم أصنف لكتاب السنن إلا الأحكام ولم أصنف كتب زهد وفضائل الأعمال وغيرها. كتاب السنن لأبي داود كتاب متخصص في أحاديث الأحكام بدأ من الطهارة، فلم يشتمل على العقائد ولا على تفسير، لا على الإيمان ولا على التوحيد ولا على الاعتصام ولا على التفسير ولا على المغازي ولا سير ولا فضائل ولا شيء، إنما اشتمل على أحاديث الأحكام وختمه بكتاب السنة نظير ما فعل ابن ماجه في مقدمة كتابه، والأبواب متقاربة ختمه بكتاب السنة، وختمه أيضا بكتاب الأدب؛ لأن كثيرًا من الآداب أحكام فيها أوامر ونواهي، ولم أصنف في كتاب السنة للأحكام يعني يستثنى من ذلك ما ذكرنا من كتاب السنة، وأيضا من كتاب الأدب قال: ولم أصنف كتب الزهد وفضائل الأعمال وغيرها، يعني كما صنف غيري ممن تقدم ذكرهم كوكيع وسفيان وغيرهما، وأيضا البخاري له يد، صحيحه اشتمل على هذه الكتب، صحيح مسلم أيضا فيه أبواب من أبواب الدين لم تذكر في سنن أبي داود، وجامع الترمذي كذلك مما تستحق هذه الكتب الثلاثة -صحيح البخاري ومسلم وجامع الترمذي- أن تسمى جوامع؛ لأنها جمعت جميع أبواب الدين بخلاف سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه فهي سنن؛ لأنه تخصص في أحاديث الأحكام قد يذكر غيرها لكنه نادر وتبع ليس على سبيل الاستقلال، فهذه الأربعة الآلاف والثمانمائة كلها في الأحكام ولعله في العدة التي ذكرها لا يدخل فيها كتاب السنة ولا كتاب الأدب فتقرب العدة مما ذكره رحمه الله، يعني إذا استثنينا كتاب السنة وكتاب الأدب تقرب العدة من أربعة آلاف وثمانمائة حديث، فيكون إدخاله لكتاب السنة وكتاب الأدب في كتاب متخصص في أحاديث الأحكام لم يدخل في الكتاب وإنما هو إلحاق، يعني كالذيل للكتاب لا من الأصل، فهذه الأربعة الآلاف والثمانمائة كلها في الأحكام فأما أحاديث كثيرة صحاح في الزهد والفضائل وغيرها فلم أخرجها، فذكر مثل هذا. وقد تقدم له قريب من هذا الكلام حينما تكلم عن سفيان ووكيع وغيرهما فلم أخرجها.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته يعني ختم الرسالة بما افتتحها به وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تمام العبارة أن يقول وأصحابه وآله وأصحابه. نعم قد يُذكر في نسخ ثانية فيها من الاختلاف ما فيها خاتمة هذه النسخة الطبعة الثانية، قال: والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتخبين وأزواجه أمهات المؤمنين وسلم تسليما كثيرا، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا يبعد أن يكون هذا من تصرف النساخ يعني الزيادة والنقص في مثل هذا في المقدمات والخواتم يعني قبل كلام المؤلف وبعده أن يكون من تصرف النساخ، وبهذا نكون قد أتممنا الكلام في هذا الكتاب، والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد.
سؤال: يقول: كيف نجمع بين الآيات التي جاء فيها الجدال في قوله سبحانه: ﮋ ﭖ ﭗ ﭘ ﮊ وجادلهم بالتي هي أحسن، وبين الأحاديث التي فيها ذم الجدال؟
الأحاديث التي فيها ذكر الجدال النافع التي تترتب عليه نتائجه من رجوع المجادَل إلى حظيرة الصواب سواء كان زوجة أو كان عدوًّا خصمًا إذا جُودل بالتي هي أحسن واستفاد هذا جدال شرعي ومطلوب، بينما الجدال الذي لا نتيجة له الجدال الذي يسمونه بأساليب المتأخرين: الجدال العقيم الذي لا فائدة من ورائه أو يكون جدالا لإظهار ما عند الإنسان من علم، وإظهار ما عند الخصم من عجز، هذا كله مذموم.
سؤال: يقول: توفي رجل وزوجته بمدينة الرياض وهي في الحداد، ولزوجها بيت في منطقة أخرى ويريد أولادها أن يأخذوها معهم في الإجازة الصيفية، فهل يجوز لها الخروج من بيتها؟
إذا كان بقاؤها في بيتها فيه ضرر عليها، أو ضرر ومشقة على أولادها فلا مانع من الانتقال مرة واحدة لا بأس به إن شاء الله تعالى، ولا تكون كل أسبوع أو كل شهر في بلد أو في بيت؛ لأن الأصل القرار.
سؤال: يقول: مر بنا في درس العصر أحاديث ضعيفة ورأيتك تستخرج منها فوائد، فهل يصح هذا، مع أنها ضعيفة؟ أرشدونا.
أما في درس العصر فذكرنا بعض الأحاديث الضعيفة مما يشده الروايات الأخرى وأهل العلم هذه طريقتهم؛ يبينون الضعف ويستخرجون ويستنبطون من الأحاديث لا اعتمادا على هذا الحديث الضعيف، وإنما لما يوجد ومما يُشهد له في الباب، أو مما يشهد له فيما لو وجد فيما بعد وصح الخبر تكون الفوائد جاهزة، أما العمل بالحديث الضعيف فلا بمفرده.
سؤال: يقول: ما قولكم في دراسة الفقه، هل هو على التدرج الذي قرره ابن قدامة وغيره من الأصغر إلى الأكبر، أو القراءة المبعثرة والبحث؛ بحيث أنه لا يلزم إلا الدليل كما يقول البعض؟
لا لا بد أن يتفقه على الجادة وعلى طريقة أهل العلم، فيبدأ بكتاب مختصر، ثم إذا فهمه ينتقل إلى ما بعده على الطريقة المعروفة عند أهل العلم.
سؤال: بالنسبة لجهاز الجوال بالكاميرا هل هو جائز مطلقا، أو محرم مطلقا، أم فيه تفصيل، خاصة وأننا نرى بعض أهل الاستقامة يحمله ويستعمله أفتونا؟
الأصل أن هذا الجهاز آلة واستعماله في المباح يجعله آلة مباحة، واستعماله في المحرم والتصوير حرام يجعله آلة محرمة، فلا يجوز اقتناؤه لمن يستعمله فيما حرم الله -جل وعلا- علما بأن من يشتريه ويستعمله في أول الأمر فيما أحل الله يقول: فيه خدمات لا توجد في الأجهزة الأخرى، ومع ذلك يسهل عليه ارتكاب المعصية، المعصية بين يديه يعرض نفسه لهذه الفتنة، وضربنا مثال أن كثير من الإخوان يشتري هذا الجهاز وليس في نيته أن يصور، ثم بعد ذلك يعجبه منظر إما ابن له صغير أو بنت تبدأ في خطواتها الأولى تمشي فيعجبه ذلك فيصور أول ما يقف الولد أو البنت يعجبه، يعجبه منظرًا في بيته، فيه أطفال يلعبون أو كذا يسهل عليه الأمر، ثم يقول: نصور ونمسح الآن الإثم ثبت، ثم بعد ذلك يرتكب ما ارتكبه غيره من أن هذه حاجة وضرورة ولا يمكن الاستغناء عنها والأمور يسهل ويرقق بعضها بعضا.
سؤال: يقول: أنا أصلي غالبا في جامع الراجحي لفضل الجنائز مع أني أسكن في النسيم متجاوزا المساجد كلها، وأحيانا أتبعها إلى المقبرة، ولدي بعض الإشكالات هل تجاوزي للمساجد فيه شيء؟
ليس فيه شيء؛ لأنك تجاوزتها لغرض صحيح.
سؤال: هناك شخص يرسل لعدد كبير من الناس عن طريق الجوال بعدد الجنائز وهم يحضرون بناء على الرسائل، وبعضهم إن لم يُرسل إليه لم يحضر.
على كل إذا علموا أن فيه جنازة وأتوا من أجلها أثيبوا وأجروا، وإذا صلوا حصل لهم الأجر المرتب على ذلك، فالذي يصلي على الجنائز مأجور، والذي يخبره بذلك أيضا مأجور إن شاء الله تعالى.
سؤال: مع ما ورد في الجنائز من أجر كبير لم أشاهد أحدا من العلماء مع العدد الكبير للجنائز، ففي اليوم الواحد أحيانا خمس وعشرين جنازة، فهل هو زهد في الأجر، أم أن الاشتغال بالعلم والقرآن لا يعدلهما شيء؟
يعني قل مثل هذا المضاعفات العظيمة في المسجدين لا سيما المكي صلاة واحدة بمائة ألف صلاة، يعني تعدل من العمر خمس وخمسين سنة، لماذا زهد الصحابة في هذه الأجور وانتقلوا إلى الأقطار والأمصار؟ إنما انتقلوا منها لتحصيل ما هو أعظم من النفع المتعدي من تعليم الناس ونشر الدين والدعوة إليه والله المستعان، فإذا كان الإنسان مشغولاً بدرس فلا شك أن مثل هذا أفضل من حضور جنازة.
هي صلاة نعم، السنّة باعتبار أن البيت أفضل لا إلا عند من يقول: إن المسجد جميع الحرم فتضاعف حتى السنة في البيوت، وإلا الصلاة في البيت أفضل من الصلاة في المسجد.
سؤال: هل صحيح أن الصوم يوم القيامة لا يؤخذ منه شيء، يعني لا يدخل في المقاصة للخصوم يوم القيامة؛ لقوله تعالى في الحديث القدسي: «الصوم لي وأنا أجزي به»؟
قال هذا جمع من أهل العلم، واختصاص الله جل وعلا به أنه ليس للخصوم منه شيء، لكن في حديث المفلس قال -عليه الصلاة والسلام-: أتدرون من المفلس؟ قالوا الذي ليس له درهم ولا متاع. قال: لا، المفلس من يأت بأعمال -في رواية مثل الجبال من صلاة وصيام وحج وغيرها من النوافل، فقوله من صيام يدله على أنه يدخل في المقاصة؛ لأنها أعمال أمثال الجبال بما فيها الصيام، ثم في المقاصة يؤخذ من حسناته فيُعطى من ظلمه بماله أو عرضه أو بولده أو ما أشبه ذلك، يؤخذ من هذه الأعمال التي ذكر منها الصيام، فالصيام يدخل في المقاصة على هذا.
سؤال: يقول: ما رأيك فيمن يقول: الضرب ليس من الطرق التربوية، ويقول الرسول -عليه الصلاة والسلام- لم يضرب بيده أحدا إلا الجهاد، وإذا قيل له قول الرسول -عليه الصلاة والسلام-: اضربوهم عليها لعشر، قال: هذا في المنكر وليس في التأديب؟
لا نقول هذا في التأديب؛ لأن تارك الصلاة وعمره عشر لم يرتكب منكرًا؛ لأنه لم يجر عليه قلم التكليف، وإنما هو في الأديب. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"أولاً: هذا يحتاج إلى مكتبة، ما يصلح في مثل هذا المكان، الدرس درس تخريج عملي يحتاج إلى مكتبة، ويحتاج إلى وسائل إيضاح، فإذا تيسر أن ترتب هذه المكتبة تنظم في مكتبة كبيرة، تضم ألوف من الكتب، فإذا تيسر تنظيمها ولو كان هذا في الدورة القادمة إن شاء الله تعالى، فالأمر إن شاء الله يحقق.
نعم لا تنكِ العدو لا تكف عن شره وإن فقأت عينه فيبقى وهو أعور يؤذي المسلمين، المراد بالإنكاء ما يمنعه ويعوقه عن أذى المسلمين.
على كل حال اتركي الخيار إذا ترددت لولي أمرك، للوالد إن كان موجود فيفاضل بين الاثنين. والله المستعان، وإذا كان أحدهما أميز في دنيه وأمانته وخلقه فليحرص عليه.