تسمية بيوت النبي -صلى الله عليه وسلم- بأسماء أزواجه من بعده مع كونه لا يُورَث

السؤال
المعروف عن العلماء أن النبي –صلى الله عليه وسلم– لا يُورَث، والمعروف تاريخيًّا أن النبي –صلى الله عليه وسلم– هو الذي بنى بيوته التي فيها أزواجه، فلِم بقيتْ زوجاته –صلى الله عليه وسلم– في هذه البيوت، وسُميتْ بأسمائهن، فيُقال: بيت زينب –رضي الله عنها-، وحجرة عائشة -رضي الله عنها ورضي عن أزواجه جميعًا-؟
الجواب

الله -جلَّ وعلا- يقول لنساء نبيه –عليه الصلاة والسلام-: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:33] فأضاف البيوت إليهن، كما أضافها –أعني البيوت- إلى النبي –عليه الصلاة والسلام- فقال: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ} [الأحزاب: 53] فهذه إضافة، وتلك إضافة، وكلاهما في القرآن، وترجم الإمام البخاري –رحمه الله- (باب: ما جاء في بيوت أزواج النبي –صلى الله عليه وسلم–، وما نُسب من البيوت إليهنَّ) [4/81].

 في (شرح ابن بطال على صحيح البخاري): (قال الطبري: فإن قال قائل: إن كان لم يُورث –صلى الله عليه وسلم – لقوله: «مَا تَرَكْنَا صدقة»، فكيف سكن أزواجه بعد وفاته في مساكنه إن كُنَّ لم يرثنه إذن؟ وكيف لم يُخرَجن عنها؟ فالجواب في ذلك: أن طائفةً من العلماء قالت: إن النبي –صلى الله عليه وسلم– إنما جعل لكل امرأةٍ منهن كانت ساكنةً في مسكنٍ مسكنَها الذي كانت تسكنه في حياته -كأنه وهبهن هذه البيوت-، فملكت ذلك في حياته، -ولا يصدق على هذا أنه إرث، وإنما هو عطية وهبة-، فتُوفِّي الرسول –صلى الله عليه وسلم – يوم تُوفِّي وذلك لها، -يعني الواحدة من أزواجه عليه الصلاة والسلام-، ولو كان صار لهنَّ ذلك من جهة الميراث لم يكن لهنَّ منه إلا الثُّمن، ثم كان ذلك الثُّمن أيضًا مُشاعًا في جميع المساكن لجميعهنَّ. وفي ترك منازعة العباس وفاطمة إياهنَّ في ذلك، وترك منازعة بعضهنَّ بعضًا، فيه دليلٌ واضح على أن الأمر في ذلك كما ذكرنا)، يعني أنهنَّ ملكنَه واستمررنَ في سُكنى هذه البيوت بعده –عليه الصلاة والسلام- من باب الهبة والعطية، لا من باب الإرث، والله أعلم.